أجوبة المسائل العلوية (يحتوي على 162 أسئلة و أجوبة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي)

هوية الکتاب

تأليف: المرجع الديني الأعلى اية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي

الطبعة الأولى /1424ه_ 2003م

ناشر: مركز الرسول الأعظم ص للتحقيق والنشر /بيروت _ لبنان ص.ب: 6080 شوران

كلمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآل بيته الطيبين الطاهرين.. وبعد:

الكتاب الذي بين يدي القارئ العزيز يحتوي على أسئلة عامة للسائل الأخ (علي) الذي لم نحصل على اسمه الكامل، وكان قد طرحها على سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) بتاريخ (17/ذي القعدة/1390ه_ الموافق ل_ 13/1/1971م)، وقد أجاب عليها سماحته بأجوبة مقنعة وافية، مع رعاية الاختصار، مما يدل على غزارة علمه واطلاعه الواسع في العلوم المختلفة.

وهكذا يجب أن يكون شأن علمائنا الأعلام العاملين.. فالإسلام عموماً، والفقه الشيعي خصوصاً، أثرى وأغنى من أي قانون يمكن أن يضعه البشر لأنفسهم.. وقد بقي الفقه الشيعي مفتوح الأبواب أمام كل أنواع الأسئلة والإشكالات وحتى الافتراضية منها، أو تلك التي يبدو أنها مستحيلة، ليجيب عنها ويضع النقاط على الحروف، ويقول كلمته الفصل التي هي كلمة الإسلام المحمدي.

ومنذ زمن طويل كان الفكر الشيعي ينظر ويفتي في مسائل مثل الصلاة على سطح القمر، أو تبديل أعضاء الإنسان بأعضاء من غيره، أو..، أو..، بينما كانت فيه هذه الأفكار محرَّمة عند بعض الناس، ومستحيلة استحالة قطعية عند غيرهم.

وحين كان البعض يفتي بتكفير الناس، ويأمر بقتل مخالفيه، بل ويشتغل بالفتك والقتل والإفساد، كان مراجع الشيعة يفتون بوجوب الوحدة والأخوة والشورى والسلام واللاعنف، ونشر الرحمة والعدل الإسلاميين.

.. ومن رواد هؤلاء المراجع العظام سماحة الإمام المؤلف آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته).. وليس هذا الأمر بغريب على سماحته.. فهو ابن الشجرة المحمدية الباسقة التي *أصلها

ثابت وفرعها في السماء*(1)، وهو قريب العهد بجده الإمام الشيرازي المجدد رحمة الله عليه الذي فجَّر ثورة التنباك الشهيرة، فتفجرت بذلك ثورة وصحوة إسلامية عارمة وقفت سداً منيعاً بوجه محاولات الاستعمار المستمرة للسيطرة على بلاد المسلمين.

كما أن سماحته قريب العهد أيضاً بأبيه سماحة آية الله العظمى السيد مهدي الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه الذي استلم المرجعية الدينية لفترة طويلة التف حوله فيها الناس من كل حدب وصوب.

ولهذا فإن سماحة الإمام المؤلف (أعلى الله مقامه) كان لا يتوانى في إجابة سائليه، وكان لا يدخر جهداً ما دام بإمكانه أن يقدم خدمة للعلم والدين، ولذلك نراه يجيب عن أسئلة الناس بما يمليه عليه علمه وتبحره في علوم محمد صلي الله عليه و اله وآل محمد عليهم السلام، حتى أصبح لديه من هذه الأجوبة عشرات الكتب والمؤلفات.

وقد تم فعلاً نشر عدد كبير منها مما فيه الفائدة لعامة الناس، ومما يحتوي على أسئلة مهمة طالما تتردد على ألسنتهم، وكان سماحته يتصدى لها ويزيل عنها غبار الشكوك أو الجهل.

ونظراً لتشعب الأسئلة واحتوائها على مضامين علمية دقيقة وذات فائدة عامة رأينا أن من المناسب إدراج بعض التوضيحات والتعليقات إتماما للفائدة ولكي لا يضطر القارئ الكريم إلى الرجوع إلى مصادر البحث.

وقد أفرزناها بهذه العلامة (*) بعد جواب الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته) مباشرة.

هذا وقد اقتضت بعض الإجابات أن نورد أحاديث وتوضيحات وتعليقات بشكل مطول، بينما اقتضت غيرها من الإجابات توضيحات أقل، وفي كلها توخَّينا أن لا نخرج عن الموضوع الذي أراده الإمام الشيرازي من خلال أجوبته.

نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعاً للاستفادة من المعارف الإسلامية وعلوم آل محمد صلي الله عليه و اله ومما ورد في هذا الكتاب

القيم، وأن يوفقنا جميعاً في سبيل إعلاء كلمته إنه سميع مجيب.

مركز الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله للتحقيق والنشر

بيروت - لبنان

طلب الاستفتاء

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة آية الله المرجع الديني الإمام المجاهد الحاج السيد محمد الحسيني الشيرازي(دام ظله). أرجو الإجابة على هذه الأسئلة، ودمتم مؤيدين بنصر الله، محفوظين بعنايته.

ولدكم المخلص علي(2)

كربلاء المقدسة - العراق

الثلاثاء 16/ذو القعدة/1390ه_

12/كانون الثاني/1971م

الجواب الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله لكم دوام العز والسعادة والإقبال بمحمد وآله الأطهار عليهم السلام.

كربلاء المقدسة

17/ذو القعدة/1390ه_

محمد الشيرازي

1هل هناك أعضاء زائدة؟

س1: هناك في جسم الإنسان أعضاء، كالزائدة الدودية، والثديين عند الرجل، وبعض الغدد التي لم يستفد منها الإنسان، بل قد تكون مضرة إلى درجة قد تودي بحياته أحيانا، وبما أن الله سبحانه لم يخلق الكون الشاسع البديع بما فيه، عبثاً بل لحكمة معينة، فما تفسيرنا لوجود هذه الأعضاء التي ليست لها أي فائدة في جسم الإنسان؟ كما أثبتها العلم الحديث؟!

ج1: بالعكس، فقد أثبت العلم الحديث فعلاً فوائد هذه الأمور، ومن هنا ردّ علماء الغرب على دارون في آرائه.

* لاحظ العلماء حديثاً أن (للزائدة الدودية) عملاً مفيداً تقدمه للجسم وهو أنها تقوم باختزان الأوساخ والمواد الزائدة التي لا يحتاجها الجسم، فتحفظ بذلك بقية أعضاء الجسم من التعفن والتفسخ، إذ لو بقيت هذه الأوساخ داخل الشرايين لأضرت بها وعفنتها، ولكن الخالق تعالى جعل هذه الزائدة لتعمل كحاوية لأوساخ البدن، وغالبا ما تبقى هذه الزائدة وتعمل بوظيفتها دون أي إشكال، إلا أنها أحيانا وعند بعض الناس إذا امتلأت تماما أو تعفنت بحيث لا يصلح بقاؤها داخل الجسم، عند ذلك ينذر الجسم ويعلن عن الخطر بواسطة علامات وإشارات خاصة تظهر على بدن الإنسان، مثل ارتفاع حرارة الجسم والشعور بألم في الجانب الأيمن من البطن يرافقه أحيانا استفراغ شديد مما يستوجب استئصالها.

* وكذلك اللوزتان: كان يزعم البعض بعدم فائدتهما وأنهما والزائدة الدودية بقايا لأدوار سابقة في حيوانية الإنسان!! لا لزوم لها في الجسم، فكان البعض في إنكلترا يستأصل اللوزتين من الأطفال، ولكنهم وبعد مرور زمن انتبهوا إلى خطأهم عندما لاحظوا في هؤلاء الأطفال ضعف مقاومتهم أمام الأمراض

التي تتعرض لها الحنجرة ومجرى التنفس، فكانوا يصابون بها أكثر من غيرهم، والمعروف الآن أن للوزتين دوراً هاماً في تنقية الدم فإنهما يحافظان على صحة الجسم وسلامته بتصفية السائل الليمفاوي من السموم والأجسام الغريبة الضارة وبعض الجراثيم.

* وأما الغدد في الجسم فلكل منها وظيفة خاصة تقوم بها لخدمة الجسم عن طريق إفراز مواد معيّنة، نذكر منها:

* الغدة اللعابية: التي بإفرازها اللعاب تساعد على الهضم وترطيب داخل الفم واللسان.

* الغدة العرقية: التي تفرز العرق وتساعد بذلك الكليتين في طرح الفضلات والماء وتخليص الجسم من سمومه ومائه الزائد، كما تساعد على تبريد الجسم وتنظيم حرارته.

* غدة المبيض: التي يتكون فيها البيض المعدُّ للتناسل.

* الغدة الدمعية: التي مهمتها الدفاع عن العين وتنظيفها من الأوساخ والجراثيم.

وهكذا بقية الغدد لكل منها حكمة وفائدة وهدف(3).

* تشارلز دارون: (1809-1882م)، عالم بالطبيعة، إنكليزي الأصل، صاحب نظرية التطور، أو النظرية المعروفة بالداروينية، وهو من إنكلترا، له كتاب (أصل الأنواع) نشره عام (1859م) تمسك فيه بنظريته المشؤومة التي مردّها إلى الصدفة في وجود الأشياء وإنكار فكرة الخلق، فهو يرى أن الأنواع ينشأ بعضها عن بعض، فنوع الإنسان منحدر عن الأنواع الحيوانية (القردة العليا) ولكنه تطور عبر الأزمان ووصل إلى ما هو عليه الآن، إلا أن نظريته هذه جوبهت باعتراضات شديدة وهوجمت في صلبها، وردّت من قبل علماء كثيرين من يوم بروزها إلى عصرنا الحاضر، ومنع تدريسها وتداولها في مدارس ولايات كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها تفسد العقول وتتعارض مع تعاليم الدين والفطرة، ومن الطريف أنه حتى الملحدين والمنكرين لوجود الله تعالى لم يقبلوا فكرة الصدفة في الخلق، منهم:

سير فريد هيل الذي نشر كتابا عام (1881م) باسم (التطور من الفضاء) ساعده في ذلك أستاذ

هندي يدرس الرياضيات في جامعة كارويف، وهما يعترفان في ذلك الكتاب بأنهما ملحدان ولا ينتميان لأي دين أو عقيدة وأنهما يعالجان أمور الفضاء وحركات الكواكب بأسلوب علمي بحت من زاوية عقلانية خالصة لا تخضع ولا تتأثر بأي موقف ديني، والكتاب يتناول بالبحث الدقيق الفكرة التي سادت في بعض الكتابات التطورية عن ظهور الحياة تلقائيا من الوحل الأولي نتيجة لبعض الظروف والتغييرات البيئية، ولكن (هو يل) يرى بعد حسابات رياضية معقدة وطويلة ودقيقة أنه لا تكاد توجد فرصة لظهور الحياة عن طريق التوالد التلقائي من هذا الطين، وبالتالي فإن الحياة لا يمكن أن تكون قد نشأت عن طريق الصدفة البحتة وأنه لابد من وجود عقل مدبر يفكر ويبدع لهدف معين(4).

2هل الأنبياء عليهم السلام معصومون؟

س2: هل إن الأنبياء عليهم السلام معصومون؟، وإن كانوا معصومين فلماذا أنزل الله تعالى آدم عليه السلام من الجنة لعصيانه؟(5)، ولماذا سجن الله سبحانه وتعالى يونس عليه السلام في بطن الحوت نتيجة لذنبه(6)، وكذلك باقي الأنبياء عليهم السلام، وإذا كانوا معصومين فما هو تفسيرنا لقوله تعالى لنبيه محمد صلي الله عليه و اله: *إنا فتحنا لك فتحا مبينا* ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر*(7).

وفي آية أخرى: *ووجدك ضالا فهدى*(8)؟

ج2: لمعرفة التفصيل راجعوا كتاب (تنزيه الأنبياء) للسيد المرتضى رحمة الله عليه، وإجمالا فإن الأنبياء صدر منهم ترك الأولى ولم يصدر العصيان. والمراد: من غفران ذنوبه صلي الله عليه و اله أي ذنوبه عند قريش إذ ليس له ذنوب عند الله، ولذا قال تعالى: *إنا فتحنا لك فتحا مبينا* أي فتح مكة *ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر* فإن سلطة الإنسان على قومه موجبة لنسيان ذنوبه عندهم، وغفرانهم لها.

* كتاب تنزيه

الأنبياء: لأبي القاسم علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى رحمة الله عليه المولود في شهر رجب سنة (355 ه_ / 966م) في بغداد والمتوفى بها في 25 ربيع الأول عام (436 ه_ 1044م)، وفي هذا الكتاب يتعرض السيد رحمة الله عليه إلى مسألة عقائدية هامة وهي عصمة الأنبياء عليهم السلام التي اختلف المسلمون حولها، ولهم فيها أقوال وآراء كثيرة ذكرها السيد رحمة الله عليه في مقدمة الكتاب، إذ يقول الشيعة الإمامية: بعدم جواز صدور الذنوب والمعاصي من الأنبياء عليهم السلام مطلقاً، والسيد رحمة الله عليه يذكر أدلة كثيرة على وجوب عصمة الأنبياء عليهم السلام، فمن الأدلة العقلية ما ذكره:

إن من تصدر منه الكبائر ولا يؤمن منه الإقدام على الذنوب فلا شك أن النفس البشرية لا تكون راغبة إلى قبول قوله أو استماع وعظه كرغبتها إلى من لا يصدر منه شيء من ذلك، وهذا أمر فطري لا يختلف عليه اثنان، فكيف يمكن أن نقبل ممن يأمرنا بالصدق وهو يكذب، أو الذي يشرب الخمر مثلا وينهى الآخرين عن شربه، ولا فرق في ذلك سواء قلنا بجواز صدور المعاصي والذنوب من النبي قبل النبوة أوحالها، فإن النفس تكون متنفرة منه وإن تاب بعد ذلك عن كل الأخطاء فمن الطبيعي أن الإنسان المرتكب للأخطاء والمعاصي لا ينظر إليه الناس إلا كونه مرتكباً للمعاصي والأخطاء ولا يعهد منه النزاهة والطهارة.

وأما المواضيع التي يبحثها السيد رحمة الله عليه في الكتاب بالتفصيل فهي كما يلي:

بيان الخلاف في نزاهة الأنبياء عليهم السلام عن الذنوب، تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن كافة الصغائر والكبائر، تنزيه النبي آدم عليه السلام، تنزيه النبي نوح عليه السلام، تنزيه النبي إبراهيم عليه السلام، تنزيه النبي يعقوب عليه السلام،

تنزيه النبي يوسف عليه السلام، تنزيه النبي أيوب عليه السلام، تنزيه النبي شعيب عليه السلام، تنزيه النبي موسى عليه السلام، تنزيه النبي داود عليه السلام، تنزيه النبي سليمان عليه السلام، تنزيه النبي يونس عليه السلام، تنزيه النبي عيسى عليه السلام، تنزيه النبي محمد صلي الله عليه و اله، تنزيه الأئمة عليهم السلام، تنزيه الأمام علي عليه السلام، تنزيه الإمام الحسن عليه السلام، تنزيه الإمام الحسين عليه السلام، تنزيه الإمام الرضا عليه السلام، تنزيه الإمام المهدي عليه السلام (انتهى).

* العصيان: هو ترك الطاعة وعدم الانقياد لأوامر المولى، عصى سيده: أي خرج عن طاعته وخالف أمره وعانده، فمعصية الله إذاً هي مخالفة أوامره القطعية وترك الواجب وإتيان الحرام مثل الشرك بالله تعالى والكفر والظلم وترك الصلاة والصوم.

أما ترك الأولى فهو: أن يقوم الإنسان بعمل مباح غير حرّم إلا أن هذا العمل مما لا يليق بمقامه ولا يناسب شأنه وشخصيته، مثلا: إن تناول الطعام في طريق عام مزدحم بالناس أمر مباح لكافة الأفراد ولكنه بالنسبة إلى رجل دين محترم يعد معصية بهذا المعنى إلا أنه يكون معصية نسبية أي بالنسبة إلى مقامه وشخصيته، فمن الأولى والأفضل له أن لا يفعل ذلك، وإن فعله فإنه قد ترك الأولى لا غير.

كما قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «الأكل في السوق دناءة» (9).

فكل ما صدر من الأنبياء عليهم السلام مما يتصور من معاص فإنه من قبيل ترك الأولى، فآدم عليه السلام كان من الأفضل له أن لا يأكل من تلك الشجرة ولكنه أكل منها فترك الأولى، لأن الأكل منها لم يكن محرما، ومع ذلك فبالقياس إلى مقامه ومكانته فإن هذا العمل منه يطلق عليه لفظ (العصيان والذنب) ولهذا استحق

أن يعاتب.

وفي هذا المجال يقول السيد المرتضى رحمة الله عليه في كتابه الذي سبق ذكره (تنزيه الأنبياء) ما نصه:

المعصية هي: مخالفة الأمر، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب وبالندب معاً، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليه السلام مندوباً إلى ترك التناول من الشجرة ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً، وغير فاعل قبيحاً، وليس يمتنع أن يُسمّى تارك النفل عاصياً كما يُسمّى بذلك تارك الواجب، فإن تسمية من خالف ما أُمِرَ به - سواء كان واجباً أو نفلاً - بأنه عاص ظاهرة، ولهذا يقولون: أمرت فلاناً بكذا وكذا من الخير فعصاني وخالفني وإن لم يكن ما أمره به واجباً(10).

أما النبي يونس عليه السلام الذي غضب على قومه لإصرارهم على الكفر وبقائهم على تكذيبه بعد طول عنائه عليه السلام في هدايتهم ودعوتهم إلى الحق، وبعد يأسه منهم وعلمه بقرب نزول العذاب عليهم كان من الأولى عليه أن لا يستعجل بالخروج من بينهم بل كان من الأفضل أن يبقى بينهم، إلى اللحظة الأخيرة التي يكون بعدها مباشرة نزول العذاب، ولكنه بسبب هذا الاستعجال وترك الأولى الذي لا يناسب مقامه وشخصيته استحق تلك المؤاخذة الإلهية.

وكانت ذنوب النبي محمد صلي الله عليه و اله عند الكفار هي: أنه صلي الله عليه و اله كان قد خالفهم وقتل رجالهم وسب آلهتهم قبل الفتح، ولما انتصر عليهم بعد الفتح تناسوا ذنوبه كما هي العادة أن الإنسان إذا تسلط غفر الناس له ما يزعمون من ذنوب(11).

* عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أ ليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال عليه السلام:

«بلى»، فسأله عن آيات من القرآن فكان فيما سأل أن قال له: فما معنى قول الله عزوجل: *ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تران_ي*(12) الآية، كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليه السلام لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله عن هذا السؤال؟ فقال الرضا عليه السلام: «إن كليم الله موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى عن أن يرى بالأبصار ولكنه لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عزوجل كلمه وقربه وناجاه فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفا ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعة مائة ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى عليه السلام إلى الطور وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام لأن الله عزوجل أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا: لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عزوجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا فقال موسى عليه السلام: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله إياك فأحياهم الله وبعثهم معه فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف

هو فنعرفه حق معرفته فقال موسى عليه السلام:

يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له وإنما يعرف بآياته ويعلم بإعلامه فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسى عليه السلام: يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله جل جلاله إليه يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى عليه السلام: *رب أرنِي أنظر إليك قال لن ترانِي ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه* وهو يهو ي *فسوف ترانِي فلما تجلى ربه للجبل* بآياته *جعله دكاً وخرَّ موسى صعقاً فلمَّا أفاق قال سبحانك تبتُ إليك* يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي *وأنا أول المؤمنين*(13) منهم بأنك لا تُرى» فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن... فأخبرني عن قول الله عز وجل: *ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر*(14).

قال الإمام الرضا عليه السلام: «لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنباً من رسول الله صلي الله عليه و اله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنماً فلما جاءهم صلي الله عليه و اله بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا: *أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب * وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشي ء يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق*(15) فلما فتح الله عزوجل على نبيه صلي الله عليه و اله مكة قال له: يا محمد *إنا فتحنا لك مكة فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر* عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم

وما تأخر، لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفوراً بظهوره عليهم» فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن(16).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «الضلالة على وجوه: فمنه محمود، ومنه مذموم، ومنه ما ليس بمحمود ولا مذموم، ومنه ضلال النسيان، فأما الضلال المحمود وهو المنسوب إلى الله تعالى كقوله: *يضل الله من يشاء*(17) هو ضلالهم عن طريق الجنة بفعلهم، والمذموم هو قوله تعالى: *وأضلهم السامري*(18) وقوله: *وأضل فرعون قومه وما هدى*(19) ومثل ذلك كثير، وأما الضلال المنسوب إلى الأصنام فقوله في قصة إبراهيم عليه السلام: *واجنبني وبني أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من الناس* الآية(20)، والأصنام لا يضللن أحداً على الحقيقة إنما ضل الناس بها وكفروا حين عبدوها من دون الله عزوجل، وأما الضلال الذي هو النسيان فهو قوله تعالى: *أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى*(21)، وقد ذكر الله تعالى الضلال في مواضع من كتابه، فمنها ما نسبه إلى نبيه صلي الله عليه و اله على ظاهر اللفظ كقوله سبحانه: *ووجدك ضالا فهدى*(22) معناه وجدناك في قوم لا يعرفون نبوتك فهديناهم بك، وأما الضلال المنسوب إلى الله تعالى الذي هو ضد الهدى، والهدى هو البيان، فهو معنى قوله سبحانه: *أو لم يهد لهم*(23) معناه أوَ لم أبين لهم، ومثله قوله سبحانه: *فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى*(24) أي بينا لهم، وهو قوله تعالى: *وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون*(25)، وأما معنى الهدى فقوله عزوجل: *إنما أنت منذر ولكل قوم هاد*(26)» (27).

3الوحي وعصمة الأئمة عليهم السلام

س3: هل أن

النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام يوحى إليهم بواسطة الملائكة؟ وما هو الدليل على عصمة الأئمة عليهم السلام؟

ج3: النبي صلي الله عليه و اله يوحى إليه، أما الأئمة عليهم السلام فلا يوحى إليهم كما كان يوحى للنبي صلي الله عليه و اله، وفي زيارة الجامعة: «أشهد أنكم الأئمة المعصومون» وهناك كثير من الأدلة على العصمة مذكورة في كتب الكلام.

* وجاء في بعض الروايات عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: *وكان رسولا نبياً*(28) ما الرسول وما النبي؟ قال عليه السلام: «النبي: الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول: الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك»، قلت: الإمام ما منزلته؟ قال عليه السلام: «يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية: «*وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي*(29) ولا محدث» (30).

* وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ قال: فكتب أو قال عليه السلام: «الفرق بين الرسول والنبي والإمام، أن الرسول هو الذي ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي: ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام: هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص» (31).

* الزيارة الجامعة: هي الزيارة التي يرويها الشيخ الصدوق(32) في كتابه: (من لا يحضره الفقيه) وهي: أن موسى بن عبد الله النخعي سأل الإمام علي الهادي عليه السلام بأن يعلِّمه زيارة يزور بها جميع الأئمة عليهم السلام، فعلمه الإمام

الهادي عليه السلام هذه الزيارة التي تسمى ب_(الزيارة الجامعة الكبيرة)، وفيها يذكر الإمام عليه السلام مجموعة من صفات الأئمة عليهم السلام من ضمنها (العصمة)، ومطلع الزيارة: «السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة وخزان العلم ومنتهى الحلم... إلى أن يقول عليه السلام: وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديّون المعصومون المكرمون المقرّبون المتّقون الصادقون المصطفون المطيعون لله القوّامون بأمره العاملون بإرادته... عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيراً...» (33).

* ومن الأدلة على عصمة الأئمة عليهم السلام:

1: أنه لو لم يكن الإمام معصوماً لم يحصل الوثوق بكلامه.

2: الإمام حافظ للشرع ولو لم يكن معصوما لجاز عليه الخطأ فلا يكون حافظا للشرع.

3: ولأنه لو لم يكن الإمام معصوماً لزم التسلسل والتالي باطل فالمقدّم مثله، بيان الملازمة: إن الموجب لنصب الإمام جواز الخطأ على الأمة فلو كان الإمام جائز الخطأ احتاج إلى إمام آخر وهكذا.. فأما أن ينتهي الأمر إلى إمام معصوم وهو المطلوب، أولا، فيلزم التسلسل، وامتناع التسلسل يوجب عصمته.

4: وإذا لم يكن الإمام معصوماً فأتى بذنب يلزم التبرِّي من عمله وتحرم إطاعته، فيلزم أن يكون الناس عالمين بالحق، وأن يتمكنوا من التمييز بينه وبين الباطل، حتى إذا أصدر الإمام حكماً دققوا فيه فإذا كان مطابقا للحق والشرع أطاعوه فيه وإلا عصوه، وهذا معناه نفي الإمامة من الأساس.

5: والهدف من نصب الإمام هو: منع المنكرات وتبليغ أحكام الله تعالى، فالإمام إذا كان يخطئ لم تجب طاعته، فكيف يردع الناس عن المعاصي؟، وكيف له أن يبلغ أحكام الله تعالى؟.

6: وإذا عصى الإمام يكون مقامه أخس وأدنى من بقية العصاة، لأن معرفته بالله والشرع

أفضل وأكثر، وعقله أكمل، فيكون عقابه أشد(34).

4إحياء الشعائر واستهزاء الناس

س4: إن كثيراً من أعمال المسلمين تجعلهم موضع الاستهزاء والسخرية، كالتشابيه التي نراها بأم أعيننا في الأيام العشرة الأوائل من شهر محرم الحرام وبعض المناسبات الأخرى، فهل هذه كلها صحيحة؟ أم أنها تعتبر بدعة؟ فضلاً عن استعمال الأدوات الجارحة وضرب الظهر بالسلاسل والمشي على النار... أ ليست خارجة عن نطاق الدين؟ وما هو رأيكم في مثل هذه المواضيع؟

ج4: الاستهزاء لا يوجب ترك الأعمال الإسلامية، ففي القرآن الحكيم: *يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون*(35)، وتفصيل الجواب مذكور في كتاب (الشعائر الحسينية) فراجعوا.

* كتاب (الشعائر الحسينية) للشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي رحمة الله عليه(36) شقيق الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته)، يبحث الشهيد في هذا الكتاب عن المسائل التالية: رجحان الشعائر الحسينية، البكاء، التباكي، المأتم، لبس السواد، شق الجيب، اللطم، ضرب السلاسل، التمثيل، التطبير.

وقد مهد لهذه العناوين بمقدمة هامة اقتطفنا منها ما يتعلق بموضوع السؤال، يقول الشهيد الشيرازي رحمة الله عليه:

إن الامتداد الحقيقي لثورة الإمام الحسين عليه السلام لا يمكن أن يكون إلا بمجموع ما يفعله الشيعة في بلادهم أيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام من المآتم الكثيرة الخاصة والعامة ولبس السواد وتسيير مواكب اللطم والسلاسل والتطبير والتمثيل، وإن هذه المجموعة المتعارفة من المظاهر والتظاهرات والشعارات هي التي تستطيع

نقلنا من أجوائنا المختلفة إلى جو الثورة التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام في معركة كربلاء المقدسة.

إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام ثورة نادرة امتازت بها الأمة الإسلامية دون سائر الأمم، ولو كانت لبقية الأمم لاستدرت منها طاقات تؤهلها للسيطرة على الأرض، ولكن الأمة الإسلامية تبخسها حقها لهبوط مستوى الوعي في قيادتها، فلا

تستفيد منها بالمقدار الممكن، وتهدر هذه الطاقات المعنوية الهائلة، رغم أن من واجبها إبقاء هذه الثورة حية طرية في واقعها.

ولكن المستعمرين بدءوا يبحثون عن سلاح جديد يهدد هذه القاعدة التي لم يؤثر فيها أي سلاح، وأخيراً وقع اختيارهم على الأحزاب المنحرفة التي تكونت

منذ البداية بإشارة الاستعمار، ثم لم تخدم سوى المستعمرين، الذين حركوها لضرب ثورة الحسين عليه السلام، فهاجت الأحزاب مرة واحدة وكأنها على ميعاد لتحارب الأمة والإسلام في قاعدتهما الأخيرة وهي ثورة الحسين عليه السلام، فإذا بهذه الأحزاب تدعي أن ثورة الحسين عليه السلام هي العائق الوحيد في سبيل تقدم الإسلام، وهي تعلم بأن ثورة الحسين عليه السلام هي القلعة الوحيدة الصامدة التي تمنع انحسار الإسلام وتغلغل الاستعمار.

وإذا ما تركت الشعائر لضحك الأعداء منها فهذا يكشف عن انهزامية بالغة في نفوس هؤلاء الحزبيين، فهل ضحك الأعداء يبرر التخلف في ديننا وشعائرنا؟ ولقد كان الجاهلون والمنافقون ألذع سخرية وأكثر ضحكاً على الإسلام، غير أن النبي صلي الله عليه و اله لم يعر سخريتهم من الاهتمام ما كان يعيره لطنين الذباب، فمضى في سبيله لا يلويه شيء حتى انتصر، وألقى القرآن ضوءاً على واقعهم المتفسخ بقوله:*وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون*(37).

ولقد سخر اليهود بالأذان وسخر المشركون بالسجود فلم تثن عزيمة المسلمين شيئاً، بل ضربوا على ذلك النهج المستقيم غير مبالين بعثرات غيرهم حتى ادخروا لنا التشيع عبر الزوابع الهوجاء.

وحيث أن أعداء التشيع لم يملكوا منذ اليوم الأول سلاحاً من العقل والدين لمحاربة التشيع لم يجدوا بدّاً من التوسل بالاستهزاء - الذي هو سلاح المبطلين - لمطاردة التشيع، غير أن الحق الذي مثّله التشيع

أكمل تمثيل أقوى من أن يهزمه الاستهزاء، وكان الشيعة أصلب من أن ينال منهم الحديد والنار فكيف الاستهزاء، وكان أئمتهم يشجعونهم على هذا الصمود، وقد دعا لهم الإمام الصادق عليه السلام بقوله: «اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حضرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا» (38).

ولكن ما ضر الذين يقيمون شعائر دينهم أن يسخر منهم الجاهلون ماداموا يعلمون أنهم على حق وأن أعداءهم على باطل، ولقد شكوا عند الإمام الصادق عليه السلام استهزاء الأعداء بهم، فقال عليه السلام مهدِّئاً روعهم: «والله لحظهم أخطأوا، وعن ثواب الله زاغوا، وعن جوار محمد صلي الله عليه و اله تباعدوا» (39).

وما قيمة الاستهزاء حتى يميل الإنسان عن نهجه الصائب من أجله؟ وما قيمة المستهزئين أنفسهم حتى يعير لهم الإنسان اهتماماً؟ ولو كانت لهم قيمة لعملوا

ما ينفعهم وينفع الناس، ولكن حيث لا قيمة لهم ولا هدف تراهم تواضعوا

بأنفسهم فرضوا أن يكونوا مستهزئين، فحسبهم هذا الاعتراف العملي بفشلهم وبطلان اتجاههم.

بالإضافة إلى أن موقفنا من الشعائر الحسينية يتركز على قاعدة فكرية وطيدة ليس لنا الانحراف عنها وإن تظاهرت قوى العالم ضدها، صحيح أن علينا أن نكف ضحك الأعداء عنا ولكن بماذا يجب أن نكف ضحكهم عنا؟ هل بالتخلي عن واقعنا؟ أو باستعراض فضائحهم حتى ينكمشوا على مخازيهم ولا يتطاولوا على مقدساتنا؟ وهل لنا أن نأخذ بما يريده الأعداء أو بما يمليه علينا واقعنا؟ ثم هل الأعداء

أقوى أم أبطال الإسلام؟ وإذا كانت الأجوبة على هذه الأسئلة إيجابية لصالح الشعائر الحسينية فلماذا يضطرب موقفنا بمجرد ضحك الأعداء؟ وإذا كانت ثقتنا بالأعداء أكثر من ثقتنا بأئمتنا عليهم السلام فعلينا أن ننبذ الإسلام كله ونعتنق مبادئ الأعداء! وإن كنا نؤمن بأئمتنا عليهم السلام أكثر من أعدائنا فلماذا نتبع أفعال أعدائنا؟ ولماذا لا نتمسك بتعاليم أئمتنا عليهم السلام؟.

وبعد هذا وذاك علينا أن نعلم أن الأعداء يتربصون بنا فيشجعون التوافه ويضحكون على العظائم حتى نترك العظائم ونعيش التوافه، والأعداء عندما يضحكون من شيء فإنما يضحكون بعقولهم لا بعواطفهم، فلا يضحكون أبداً على نقاط الضعف لأنهم لا يخافون منها، وإنما يضحكون دائما على نقاط القوة لأنهم يهابونها فيحاولون القضاء عليها، فعلينا إن أردنا السيادة أن نستلهم واقعنا بنظرة مستقلة تعي مكاسبها وخسائرها ولا نلتفت مطلقاً إلى ما يفعله الأعداء.

والواقع إن الشعائر الحسينية التي تمثل امتداداً لثورة الحسين عليه السلام لا تهدد مصالح المستعمرين في بلادنا فحسب وإنما تهدد مستقبل المستعمرين أنفسهم وفي بلادهم أيضا، فمن الطبيعي أن يحاولوا إلغاءها بألف طريقة وطريقة وخلف ألف واجهة وواجهة ومن وراء ألف مبرر ومبرر، ومهما كانت هذه الإرادة الاستعمارية قوية فلا يفترض علينا أن نقف مكتوفي الأيدي إزاءها، بل علينا أن نقف أمامها بإرادة أقوى وأصلب منها حتى نهزمها ولا ننجرف معها.

إن علينا إزاء هذا الموقف الاستعماري واجبين:

- واجب الاحتفاظ بثورة الحسين عليه السلام لأنها تمثل قمة واقعنا.

- واجب الاحتفاظ بثورة الحسين عليه السلام لأنها تمثل إرادتنا المستقلة.

كما إن علينا في مثل هذا الموقف أن نكون بنَّائين لا هدّامين، فنبني طوابق جديدة فوق مجدنا الذي بناه آباؤنا ولا نهدم صرحنا المشيد اغتراراً بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا

جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه(40).

5الانتماء إلى الأحزاب

س5: هل يجوز الانتماء إلى الأحزاب التي قيادتها مجهولة؟ ولماذا؟

ج5: المفهوم الغربي للحزب غير المفهوم الإسلامي لذلك فإذا كانت هناك جماعة تعمل لأجل رفع راية الإسلام وكانت قيادتها بيد من عينه الرسول صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام جاز العمل معها بل وجب.

* قد يكون المفهوم الغربي للحزب هو ما نراه اليوم من الجمعيات السياسية التي تريد الوصول إلى الحكم من أي طريق كان، فالهدف من تشكيل الحزب هو التسلط على الناس بأية وسيلة كانت وليس في ذهنهم أية خدمة يقدمونها للشعب، فالغاية القصوى عندهم هي المادة فقط، فكل ما يجلب المادة هو أمر قانوني عندهم، وإن كان بسبب المحرمات كالربا والاحتكار وتجارة الأفيون والاستعمار والإبادة الجماعية للشعوب وغير ذلك من طرق الشر والفساد.

وأما وجهة نظر الإسلام بالنسبة إلى أصل الحزب فيقول الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) في موسوعة الفقه: كتاب السياسة (41):

إننا لا يهمنا اسم الحزب، بل المهم أن يكون هناك جماعة واعون نزيهون يتكتلون لبناء (الأفكار) و(الأشياء) في ضوء الإسلام مع جزئياته مع العصر الحديث لإخراج البلاد عن الاستعمار أولاً، ولبناء بلاد الإسلام بناءً حضارياً إسلامياً ثانياً، ويجعل زمام العالم في يد الإسلام ليقود العالم إلى الرفاه والسلام ثالثاً، وإنما قلنا لبناء الأفكار والأشياء لأن العالم الإسلامي تخلف عن العصر الحديث فكريا وشيئيا، ومادام بلد الإسلام لم يبن بهذين البنائين فلن يتمكن من الخروج عن حبائل الاستعمار فكيف بالمرحلتين التاليتين؟، أما الحزب بالمعنى السياسي الصحيح لهذه الكلمة فهو : جزء من الأمة، له هدف تقديم الأمة إلى الأمام وإصلاح المفاسد ودرء الأخطار فهو جزء من الأمة يمتاز عنها بالتنظيم وكثرة التفهم للواقع

وكثرة العمل فيكون من الأمة وإلى الأمة وإذا وصل إلى الحكم وسع خدماته وإصلاحاته حيث يتمتع حينذاك بالمال والقدرة، وحيث أن الحزب جزء من الأمة يريد خدمة كل الأمة، فهو يتكلم عن الأمة ككل ويناضل لأجل الوصول إلى الحكم لأجل الكل، ولذا يعد من يخالفه مخالفا للأمة.

6ما يعمله العلماء

س6: لماذا لا يعمل العلماء للإسلام؟ وإذا كانوا يعملون فلماذا لا نرى نتاج جهودهم؟ وإذا كان السبب قلة عدد العلماء، فلماذا لا يُوفّرون، حتى يملأوا الفراغات الشاغرة الآن؟

ج6: إذا لم يكن للعلماء عمل فمن أين هذه الآثار التي نراها في كل بلاد الإسلام؟ مع العلم أن أعداء الإسلام يعملون ليل نهار لأجل نسف الإسلام وإبادة المسلمين، ومعهم تلك القوى الهائلة من المادة والتفكير والرجال.

* لمزيد من الفائدة ننقل كلام الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) من كتابه (الصياغة الجديدة) (42) حيث يقول سماحته: إن التاريخ حفظ - منذ زمن رسول الله صلي الله عليه و اله وإلى اليوم - أن أكثر العلماء كانوا يجاهدون في سبيل الله ويحاربون الضلال والجهل والكفر والفسق، وينشرون الدين في مشارق الأرض ومغاربها بألسنتهم وأقلامهم وسلوكهم، وأنهم ضحوا لأجل الإسلام، فكم من عالم سُفِّر وأبعد عن وطنه؟! وكم من عالم أوذي وسجن؟! وكم من عالم أُحرق وطرد؟! وكم من عالم قُتل وصُلب ودس له السم؟! وهكذا...

ثم يذكر سماحته (أعلى الله مقامه) أسماء بعض هؤلاء العلماء الأجلاء منهم:

1: بديع الزمان الهمذاني(43).

2: أبو فراس الحمداني(44).

3: أمين الإسلام الطبرسي صاحب تفسير (مجمع البيان) (45).

4: الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي صاحب (اللمعة الدمشقية) (46).

5: الشهيد الثاني زين الدين العاملي صاحب (شرح اللمعة الدمشقية) (47).

6: المحقق الكركي(48).

7: القاضي نور الله التستري(49).

8: عبد الصمد الهمذاني(50).

9: الشيخ

فضل الله النوري(51).

10: المجدد الكبير السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي صاحب فتوى تحريم التنباك المعروفة(52).

11: الآخوند الخراساني(53).

12: الشيخ محمد تقي الشيرازي(54).

13: الشيخ النراقي(55).

14: السيد عبد الحسين شرف الدين(56).

وغيرهم من العلماء الكثيرين سابقاً ولاحقاً.

كما يمكن لمعرفة تفصيل دور العلماء مراجعة كتاب (الحاجة إلى علماء الدين)(57) .

7مكانة العلماء

س7: إذا كان العلماء هم المعبرون الحقيقيون عن إرادة الشعب والحصن المنيع لهم، فلماذا لا يسندون الأحزاب الإسلامية؟ ولا يتجاوبون معها؟ علما بأنها تعمل لصالح المجتمع؟

ج7: المهم في نظر الإسلام إرادة الله لا إرادة من سواه، والفقيه الجامع للشرائط هو الذي يجب أن يُتبع لا أن يتبع، لأن الإمام صاحب الأمر والزمان عليه السلام أرجع الأمور إليه، قال الإمام المهدي عليه السلام: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا» (58)، فإذا كان خلاف بين العالم وبين فئة أو شخص يلزم أن يقال لتلك الفئة أو الشخص: لماذا لا تتبع العالم؟ لا أن يقال: لماذا لا يتبع العالم تلك الفئة أو ذلك الشخص.

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن الناس آلوا بعد رسول الله صلي الله عليه و اله إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره، وجاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده قد فتنته الدنيا وفتن غيره، ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة، ثم هلك من ادعى وخاب من افترى» (59).

* عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه» (60).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «العلماء أمناء، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة» وفي رواية أخرى: «العلماء

منار، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة» (61).

* ويقول الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته): للعلماء مكانة خاصة في القلوب واحترام كبير من الناس، فاللازم على المنظمات والأحزاب والهيئات الإسلامية التي تريد الوصول إلى الأهداف البعيدة من تطبيق حكم الله وإنقاذ البشرية من ظلمات الجهل والمشاكل، أن لا يعارضوا العلماء، لأن معارضتهم تعني سقوط المعارضين(62)، كما يمكن مراجعة كتاب (تحطم الحكومات الإسلامية بمحاربة العلماء)(63) للإمام الشيرازي رحمة الله عليه.

8ما يستنبط من الأدلة الشرعية

س8: إذا كان العلماء يهاجمون الأحزاب الإسلامية ولا يدافعون عنها، فلماذا لا يقود العلماء حركةً مستقلة تعمل لاستعادة الإسلام وعلى ضوء التعاليم الإسلامية؟

ج8: الفقيه الجامع للشرائط يعمل في إطار ما فهمه واستنبطه من الأحكام الإسلامية، ولذا قد يقودون حركة، وقد يسكتون، وقد يهاجمون، حسب الظروف التي تنطبق عليها تلك الأحكام الثلاثة الإسلامية، كالأئمة الطاهرين عليهم السلام، فقد كانوا يبارزون، وقد كانوا يحايدون، وقد كانوا يجاملون.

* إن أمير المؤمنين عليه السلام صبر مدة خلافة الخلفاء الثلاثة، وكان يكتفي بالتوجيه والنصح، ثم نهض بالأمر بعد أن بويع بالخلافة، وكذلك ولده الحسن عليه السلام الذي أراد أن يحارب حين وجد الناصرين، ثم صالح وبقي صابراً محتسبا بعد أن خذله أكثر ناصريه، وكذلك الحسين عليه السلام الذي بقي عشر سنين بعد وفاة أخيه الحسن عليه السلام صابرا محتسبا، ثم نهض نهضته العظمى يوم الطف فقتل هو وأهل بيته وأصحابه كلهم عليهم السلام، وكذلك كانت أحوال الأئمة التسعة من ولد الحسين عليه السلام، قد ينهضون وقد يسكتون وقد يقبلون بولاية العهد وغير ذلك من الأمور مما فيه مصلحة الدين والناس.

9العمل السري

س9: لماذا لا يعترف الإسلام بالعمل السري؟ وقد أكد الإمام علي عليه السلام والأئمة الأطهار عليهم السلام مسألة الكتمان وقال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: «كتمان سرنا جهاد» (64)، وكذلك كانت دعوة النبي محمد صلي الله عليه و اله سرية في بادئ الأمر، كما أن العمل إذا لم يكن سريا فإنه سينهار إلى الحضيض من دون تحقيق أية نتيجة.

ج9: فرق بين تبني السرية، وبين العمل السري، والذي أرى أن تبني السرية ليس في الإسلام لأنه كثيراً ما يوجب الالتواء الذي يسبب انحراف العاملين والعمل معاً، وكون الادعاء حول دعوة

النبي صلي الله عليه و اله كانت مبنية على تبني السرية، لا يدعمه شاهد.

* تبني السرية: هو إعطاء الشرعية للعمل السري في كل الأوقات وفي أي مجال وتحت أي ظرف وجعله غايةً وهدفاً، وأما العمل السري: فهو الاستفادة من هذا العمل واللجوء إليه عندما تقتضي المصلحة ذلك وعندما يتوقف نجاح العمل عليه، وليس كواقع شرعي يؤخذ به في جميع الأوقات والحالات، فالرسول صلي الله عليه و اله إنما بدأ دعوته سراً لمصلحة مهمة اقتضت ذلك حيث كانت الدعوة الإسلامية في بدايتها والفكرة العامة السائدة حينذاك في مكة غير مهيأة لتقبلها مما حدا بالرسول صلي الله عليه و اله أن يبدأ دعوته سراً ولمدة ثلاث سنوات، ثم بعد أن تهيأ الجو وأصبح الوضع ملائماً - ولو بنسبة - أُمر صلي الله عليه و اله بإجهار دعوته وإعلانها.

* وفي هذا المجال يقول الإمام الشيرازي (قدس الله نفسه) في كتاب (الفقه - السياسة) ما نصه: طبيعة الناس الخوف من الأعمال السرية حيث لا يعلمون ماذا وراءها لأنها ليست في النور حتى يرونها، ولذا يكون من الضروري في الحزب السري أن يكون هدفه معلوماً للناس، وإنما الذي يخفى عليهم هو أفراده، وإذا علم الناس بالهدف وبالوسيلة التي يسلكها الحزب في الوصول إلى ذلك الهدف، وإن كان المجهول الأفراد فقط واقتنعوا بأن اختفاء الأفراد إنما كان خوفاً من بطش السلطة، وثقوا بالحزب والتفوا حوله وحفظوه من قمع السلطة، فإن مثل هذا الحزب الصحيح السري في الناس مثل السمكة في الماء، فإذا نضب الماء ظهرت السمكة وماتت كذلك إذا انحسر الناس عن أطراف الحزب لم يقدر على التحرك وعلى الازدياد في الكيف (بالتصاعد الفكري وإعطاء فكرته للناس) وبذلك يضمحل ويموت(65).

*

قال أبو عبد الله عليه السلام: «أُمرَ الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء: الصبر و الكتمان» (66).

* عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله» (67).

* عن معلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «يا معلى اكتم أمرنا ولا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النار يا معلى إن التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية يا معلى إن المذيع لأمرنا كالجاحد له» (68).

* عن الإمام علي عليه السلام قال: «الكتمان ملاك النجوى» (69).

* وعنه عليه السلام قال: «سرك سرورك إن كتمته و إن أذعته كان ثبورك» (70).

* وعنه عليه السلام قال: «سرك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره» (71).

* وعنه عليه السلام قال: «كن بأسرارك بخيلا، ولا تذع سرا أودعته فإن الإذاعة خيانة» (72).

* وعنه عليه السلام قال: «كلما كثر خزان الأسرار كثر ضياعها» (73).

10المسلمون رواد النهضة الحديثة

س10: لماذا وصل الغرب إلى ذروة التقدم والازدهار، والمسلمون أمسو متأخرين؟ أ ليس هذا دليلاً على عجز النظام الإسلامي وعدم صلاحيته في الوقت الحاضر؟ وما هو المانع من أن نأخذ بالمبادئ الموضوعة لنتقدم كما تقدم الغرب؟

ج10: كان هذا دليلاً على عجز الأتراك(74) الذين أخذوا بالزمام

ولم يعملوا بقوله سبحانه تعالى: *وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة*(75)، وقوله عزوجل: *ثم أتبع سببا*(76)، وتأخُّر المسلمين اليوم ليس معناه تأخرهم إلى الأبد، كما أن انحطاطهم في زمن المغول لم يكن معناه أنهم لا يرجعون إلى السيادة بعد ذلك.

* مما لاشك فيه أن العالم المتقدم اليوم مدين في تقدمه للمسلمين، فالمسلمون بالإضافة إلى حفاظهم على ما وصل إليه الأقدمون من أفكار ونظريات، ابتكروا وأضافوا إليها أشياء كثيرة جديدة وأفكاراً وإبداعات جمة في شتى العلوم والفنون وقدموها إلى العالم، ولو سنحت الفرصة لأئمتنا الأطهار عليهم السلام ولوترك لهم المجال لكان للتقدم العلمي والصناعي الذي نراه اليوم عصر أسبق من هذا العصر المتأخر، فالأمويون الذين سيطروا على الحكم لمدة قرن ونصف ومن بعدهم بنو العباس أضاعوا على الأمة فرصاً كثيرة وذلك بتضييقهم على أئمة الهدى عليهم السلام وقتلهم وتشريدهم ونفيهم ومحاصرتهم وتهديدهم، وأبقوا بذلك الأمة والعالم في ظلام التخلف والجهل ولكن عندما تهيأت بعض الفرص للإمام جعفر الصادق عليه السلام بانشغال بني أمية مع بني العباس في النزاع على السلطة انتهز الإمام عليه السلام هذه الفرصة فحول داره المباركة إلى جامعة كبيرة تشع بالنور والحكمة، وقام هو عليه السلام بتدريس مختلف العلوم والمعارف لأربعة آلاف طالب، وقيل: عشرون ألفاً اجتمعوا عنده من مختلف البلدان والأمصار، وتمكن هؤلاء التلامذة من إيصال بعض ما أخذوه عن الإمام عليه السلام إلى الأجيال القادمة، ومع كل هذه المضايقات على أئمة أهل البيت عليهم السلام فقد كان نور الإسلام - ولو بنسبة - يعم البلاد الإسلامية ويأخذ بها إلى التقدم العلمي والصناعي حتى أطلق على المسلمين تسمية (آباء العلم الحديث)(77).

فالإمام الصادق عليه السلام بالإضافة إلى نشر الشريعة المحمدية نشر العلوم الإسلامية

وكان المؤسس لكثير من العلوم الحديثة والواضع أسسها. وهناك كثير من العلماء صرحوا بذلك منهم الجوماني حيث يقول: واستخراج المجهول من المعلوم، له علم خاص سماه علماء الغرب (علم الجبر) اشتقوه من اسم جابر بن حيان(78)، لأنه أول من وضع هذا العلم نقلاً عن معلمه الإمام جعفر الصادق عليه السلام، ويقول جورجي زيدان فيما حكى عنه: (وإن أعجب شيء عثرت عليه في أمر الرجل أن الأوربيين اهتموا بأمره أكثر من المسلمين والعرب، وكتبوا فيه وفي مصنفاته تفاصيل، وقالوا إنه أول من وضع أساس علم الكيمياء الحديثة، وكتبه في مكاتبهم كثيرة، وهو حجة الشرقي على الغربي).

والذرة التي تم الكشف عنها في عصرنا الراهن لم تكن وليدة هذا العهد وعقوله، إنما هي وليدة عقول جبارة مرت بها قرون عديدة وهي تبحث عنها، وكانوا قديما يطلقون عليها اسم (الجوهر الفرد) و(الجزء الذي لا يتجزأ) على أن علماء اليوم كان أكثر اعتمادهم في الوصول إلى الذرة على الآراء التي حشدها جابر بن حيان في رموزه التي حيرت علماء الغرب لدى استخراجها والتمكن منها.

وكان الإمام الصادق عليه السلام فضلاً عمَّا يلقيه على طلابه في الفقه والحديث والتفسير، يخص من يجد فيه القابلية بتعليمه العلوم الحديثة، فلقد وجد عليه السلام في تلميذه جابر بن حيان استعداداً ولياقة، فأخذ يخصه بوقت يعلّمه الكيمياء وغيرها من العلوم حتى كتب جابر من محاضرات الإمام عليه السلام مئات الرسائل وقد طبعت خمسمائة رسالة منها في ألمانيا قبل (300) سنة أو أكثر وهي موجودة في مكتبة الدولة ب_(برلين) ومكتبة (باريس) وبلغت مؤلفات جابر (3900) رسالة(79).

وفي مجال الطب كذلك شغل المسلمون المكان الأول، فكانوا سادة العالم في الطب خلال خمسة قرون، فمن العلماء الأطباء الكبار نذكر:

- أبو بكر الرازي: (ت 313ه_ /925م) وهو أول من وصف الجدري والحصبة وأول من قال بالعدوى الوراثية وأول من استخدم الماء البارد في الحميات المستمرة، وتنسب إليه خياطة الجروح البطنية بأوتار الغدد واستخدام أمعاء الحيوان في التقطيب، وألف كتاباً في الطب اسمه (الحاوي) ترجم إلى اللاتينية وسمي ب_ (Liber Continent) وفي هذا الكتاب يذكر آراءً جديدة عن الحميات والفتق والحجامة وأعصاب وعضلات منطقة الحنجرة، وهو أول من استخدم الرصاص الأبيض في المراهم وأدخل الزئبق في المسهل، كما أنه فرق مرض النقرس عن الروماتيزم.

- الزهراوي: (ت 427ه_/1036م) هو أكبر الجراحين المسلمين وأستاذ علم الجراحة في أوروبا في العصور الوسطى وعصر النهضة الأوروبية حتى القرن السابع عشر، وهو أول من وصف عملية تفتيت الحصاة في المثانة، وأول من استعمل السنارة في استخراج الزوائد اللحمية من الأنف وأول من أستأصل الرضفة (وهي العظم المدور المتحرك في رأس الركبة، أي صابونة الركبة) وأول من وصف الناعور وهو مرض يؤخر فيه تخثر الدم، كما أنه أول من عرف بحسنات الوصفة المائلة في العمليات الجراحية التي تقضي بجعل الرأس منخفضاً أكثر من الأطراف وقد عزيت معرفتها إلى (ترنديلنبرغ) الجراح الألماني الشهير مع أنها من وصايا جراحنا المسلم، كما أن الزهراوي هو أول من وفق في إيقاف نزيف الدم بربط الشرايين الكبيرة محسنا بذلك عملياته الجراحية وهو فتح علمي كبير ادعى تحقيقه لأول مرة الجراح الفرنسي الشهير (امبروازباري) عام (1552م) في حين أن الزهراوي المسلم قد حققه قبل ذلك ب_(600 سنة)، له كتاب باسم (التصريف لمن عجز عن التأليف) ذكر فيه نحو مائتي صورة عملية للجراحة المصورة ترجم إلى اللاتينية.

- ابن سينا: (ت 428ه_ / 1037م) هو أشهر الأطباء المسلمين، له

كتاب (القانون) الذي اعتبره الأوروبيون خير ما أنتجته القريحة الإسلامية، فهو قاموس في الطب والصيدلة، وابن سينا هو أول من كشف الطفيلية الموجودة في الإنسان المسماة بالانكلستوما، وكذلك المرض الناشئ عنها المسمى بالرهقان، وقد نقلت كتبه إلى أكثر لغات العالم وظلت مرجعاً عاماً لأطباء العالم وأساساً للمباحثات الطبية في جامعات فرنسا وإيطاليا لستة قرون، وهو أول من وصف التهاب السحايا الأولى وصفاً صحيحاً، ووصف أسباب اليرقان وصفاً مستوفياً، ووصف السكتة الدماغية والناتجة من كثرة الدم، ووصف أعراض حصى المثانة، وانتبه إلى أثر المعالجة النفسية ومساعدتها للعقاقير، وغيرها من الاكتشافات الطبية الهامة.

- ابن النفيس: (ت 687ه_/1288م) وهو أول من وصف الدورة الدموية الرئوية وأشار إلى الحويصلات الرئوية، وهو أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى، وله فضل السبق إذ عرف ذلك قبل (سرفيتوس) الإيطالي و(هارفي) الإنكليزي بثلاثة قرون، وابن النفيس هو أول من فطن إلى وجود أوعية داخل عضلة القلب تغذيها، كما أنه أول من وصف الشريان الإكليلي وفروعه(80).

وإلى غيرهم من الأطباء الكبار الذين برزوا من بين الأمة الإسلامية وخدموا الحضارة الإنسانية خدمات عظمية، مع أن كثيراً من الثروة العقلية الهائلة التي جعلها علماؤنا الكبار ضمن مؤلفاتهم وسجلوها في كتب كثيرة لتبقى وتستفيد منها الأجيال القادمة تعرضت للحرق والتدمير عبر العصور المتعاقبة أما خلال الفتن السياسية والطائفية التي كانت تشتعل في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي وفي أوقات مختلفة، أوفي أثناء غزوات التتار (المغول) واجتياحهم لبغداد وحرق مكتباتها أو رميها في مياه النهر، أو أثناء ضياع الأندلس وصقلية ومالطة وما رافق ذلك من حملة عنصرية دينية حاقدة ضد كل ما هو إسلامي ذهبت بأكثر من مليون مجلد من ثمرات الفكر الإسلامي في مدينة غرناطة وحدها، ثم في

غمرة سيطرة العثمانيين على العالم الإسلامي في القرون المتأخرة والتي أفقدت عامة الناس إحساسهم بالتراث الإسلامي وتقديرهم له فجرى عليه ما جرى من دمار وخراب، فأحمد باشا الجزار هو من قام بمصادرة مكتبات جبل عامل وخزائنها الحافلة بنوادر المخطوطات في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وجعلها وقوداً لأفران عكا طيلة أسبوع تقريباً.

ومع كل هذا وذاك فإن ما بقي أو أتيحت لنا معرفته يعد مفخرة للأمة الإسلامية.

ويذكر الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) في كتابه (الصياغة الجديدة)(81) اعترافات علماء الغرب في هذا المجال، نذكر منها قول بعضهم:

يقول ليبري: في صدد تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة العالمية في هذا اليوم: (ارفعوا العرب من التاريخ تتأخر النهضة في أوروبا قروناً عدة).

ويقول سلوريان: (كان للعرب عصر مجيد عرفوا فيه بانكبابهم على الدرس وسعيهم إلى ترقية العلم والفن، ولا نبالغ إذا قلنا أن أوروبا مدانة لهم بخدماتهم العلمية، تلك الخدمات التي كانت العامل الأول والأكبر في نهضة القرنين الثالث عشر والرابع عشر للميلاد).

ويقول البارون: (إن الرومان لم يحسنوا القيام بالميراث الذي تركه اليونان، وإن العرب كانوا على خلاف ذلك فقد حفظوه وأتقنوه ولم يقفوا عند هذا الحد، بل تعدوه إلى ترقيته وطبقوه باذلين الجهد في تحسينه وإنمائه حتى سلموه للعصور الحديثة).

ويقول سيديوان: (إنتاج أفكار العرب الغزيرة ومخترعاتهم النفسية تشهد بأنهم أساتذة أهل أوروبا في جميع الأشياء).

11رزق العلماء

س11: إن أمير المؤمنين علياً عليه السلام كان يعمل لكي يحصل على قوته، بالرغم من أنه كان قائداً للمسلمين، فلماذا لا يعمل العلماء ويحصلون على قوتهم من عرق جبينهم، كما كان النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام؟ ألم يكن أحسن لهم من أن يعيشوا على صدقات الناس؟

ج11: الإمام علي عليه السلام كان

يعمل يوم لم يكن يقود الأمة، كما في مكة وبعض أحوال المدينة، أما حيث قاد الأمة في الكوفة فلم يكن يعمل، فإن القيادة والاستمرار في التعليم والتعلم لا يدعان وقتاً للعمل، فهل من الصحيح أن نقول: لماذا (المحافظ) و(المعلم) لا يعملان(82).

* عن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسَيَفي لكم والعلم مخزون عند أهله وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه» (83).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إن الذي يعلم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلم وله الفضل عليه، فتعلموا العلم من حملة العلم، وعلموه إخوانكم كما علمكموه العلماء» (84).

* روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه لما كان يفرغ من الجهاد يتفرغ لتعليم الناس والقضاء بينهم فإذا فرغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيديه وهو مع ذلك ذاكر لله(85).

12قضية فدك

س12: لماذا طالبت فاطمة الزهراء عليها السلام ب_(فدك)؟ وماذا يعني الحديث القائل: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (86)؟

ج12: فدك كانت ملكا للزهراء عليها السلام، ولذا طالبت بها، أما معنى «لا نورث» إنه ليس من شأننا جمع الأموال والتوريث، مثل سائر أصحاب الأموال، وليس معناه أن ما نتركه ليس إرثاً، فقد قال سبحانه: *وورث سليمان داود*(87) إلى غيرها من الآيات والروايات.

* (فدك): قرية في الحجاز، بينها وبين المدينة المنورة (140 كم) تقريباً وهي أرض كان يسكنها طائفة من اليهود فلم يزالوا على ذلك حتى السنة السابعة للهجرة حيث قذف الله الرعب في قلوب أهلها فصالحوا رسول

الله صلي الله عليه و اله عليها كلها، وقيل على النصف منها، فكانت ملكاً لرسول الله صلي الله عليه و اله لأنها مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض كذلك فهي للنبي صلي الله عليه و اله خالصة، وقد أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى هذا الموضوع بقوله سبحانه: *وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير*(88)، ثم قدمها الرسول صلي الله عليه و اله لابنته الزهراء عليها السلام بأمر من الله عزوجل ولم يثبت أنه صلي الله عليه و اله تصدق بها أو أوقفها، وبقيت فدك عند فاطمة الزهراء عليها السلام حتى توفي أبوها صلي الله عليه و اله فانتزعها أبو بكر منها.

والظاهر أن صدر الحديث « نحن معاشر الأنبياء لا نورث» صحيح ولكن ما بعده (وما تركناه صدقة) كذب وافتراء على رسول الله صلي الله عليه و اله لمخالفته لنص القرآن، وقد ردت على هذا الافتراء فاطمة الزهراء عليها السلام في خطبتها المعروفة في المسجد بقولها: «يا ابن أبي قحافة أ في كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً، أ فعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: *وورث سليمان داود*(89)، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا: *فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب*(90)، وقال: *أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله*(91)، أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم هل تقولون أهل ملتين لا يتوارثان أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من

أبي وابن عمي» ؟(92).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشي ء منها فقد أخذ حظاً وافراً، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» (93).

13من يحيي العظام وهي رميم

س13: ما هو الدليل القاطع على أن الله تبارك وتعالى يرجع نفس العظام الأصلية للإنسان حين بعثه؟ طالما أن العظام تتفسخ، وتصبح كسماد للنبات؟

ج13: قال سبحانه وتعالى: *من يحي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم*(94).

* إن سبب نزول هذه الآية الكريمة حسب أغلب التفاسير هو أن رجلاً من المشركين وهو (أبي بن خلف الجمحي) جاء بعظم نخر إلى رسول الله صلي الله عليه و اله ففركه وقال مستهزئاً: يا محمد من يحيي هذه العظام وهي رميم؟ فجاء الجواب القاطع من الله سبحانه: *قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم*، فانصرف مذلولاً مبهوتاً.

هذا الجواب الصريح البليغ الذي يوقظ في هذا الإنسان المتمرد فطرته المعطلة بالغرور والأنانية، ويذكرها بأن الله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان من العدم حين لم يكن شيئاً مذكوراً قادر على إعادة الحياة إلى شيء موجود كالعظام أو التراب وأنه لأمر أسهل بكثير من خلق هذا الشيء أول مرة.

* وجاء رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام وقال منكراً البعث: وأنى له بالبعث والبدن قد بلي والأعضاء قد تفرقت، فعضو ببلدة يأكلها سباعها وعضو بأخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار تراباً يبنى به مع الطين في حائط فقال الإمام عليه السلام مجيباً: «إن الذي أنشأه

من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه» (95).

* عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: *أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها*.فقال عليه السلام: «إن الله بعث على بني إسرائيل نبيا يقال له إرميا، فقال: قل لهم: ما بلد تنقّيته من كرائم البلدان وغرست فيه من كرائم الغرس ونقّيته من كل غريبة فأخلف فأنبت خرنوباً؟ قال: فضحكوا واستهزءوا به، فشكاهم إلى الله، قال: فأوحى الله إليه أن قل لهم: إن البلد بيت المقدس والغرس بنو إسرائيل، تنقّيته من كل غريبة ونحيت عنهم كل جبار فأخلفوا فعملوا بمعاصي الله فلأسلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم فإن بكوا إليّ فلم أرحم بكاءهم وإن دعوا لم أستجب دعاءهم ثم لأخربنها مائة عام ثم لأعمرنها، فلما حدثهم جزعت العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم فعاود لنا ربك، فصام سبعاً فلم يوح إليه شي ء فأكل أكلة من صام سبعاً فلم يوح إليه شي ء فأكل أكلة ثم صام سبعاً فلما أن كان يوم الواحد والعشرين أوحى الله إليه: لترجعن عما تصنع، أ تراجعني في أمر قضيته أو لأردّنّ وجهك على دبرك، ثم أوحى إليه: قل لهم: لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فسلط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ما قد بلغكم، بعث بخت نصر إلى النبي فقال: إنك قد نبئت عن ربك وحدثتهم بما أصنع بهم فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت وإن شئت فاخرج، فقال: لا بل أخرج، فتزود عصيراً و تيناً وخرج فلما أن كان مد البصر التفت

إليها فقال: *أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام*، أماته غدوة وبعثه عشية قبل أن تغيب الشمس، وكان أول شي ء خلق منه عيناه في مثل غرقئ البيض ثم قيل له: *كم لبثت قال لبثت يوماً*، فلما نظر إلى الشمس لم تغب قال: *أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما*، قال: فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض ويرى العروق كيف يجري فلما استوى قائما قال: *أعلم أن الله على كل شي ء قدير*(96)» (97).

14معرفة المرجع

س14: كيف يعرف المرجع؟

ج14: أما بالاختبار، أو بشهادة عدلين، أو بالشياع، أو بشهادة الثقة.

* يقول الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) في كتاب المسائل الإسلامية: (يعرف المجتهد بإحدى طرق ثلاث:

1: أن يتيقن الإنسان نفسه بذلك بأن يكون الشخص نفسه من أهل العلم ويتمكن من معرفة المجتهد.

2: أن يخبر بذلك عالمان عادلان يمكنهما معرفة المجتهد بشرط أن لا يخالف خبرهما عادلان آخران.

3: أن يشهد جماعة من أهل العلم والخبرة ممن يقدرون على تشخيص المجتهد ويوثق بهم، باجتهاد أحد، والظاهر كفاية إخبار شخص واحد - إذا كان ثقة - بذلك)(98).

* عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه، من لم يُقنّط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر» (99).

15أسماء الأشهر والأيام

س15: من أين جاءتنا أسماء الأشهر والأيام، وهل كانت هذه الأسماء في الماضي؟

ج15: هذه أسماء عربية، كانت قبل الإسلام، فهي مثل أسماء المدن والأنهار والجبال، وسائر الأسماء.

* يقال: إن أسماء الأشهر وضعت في عهد كلاب بن مرة وهو الجد الخامس لنبينا محمد صلي الله عليه و اله وقد جعلوا فيها خمسة أشهر تدل أسماؤها على الفصول التي شهدتها وقت التسمية وأربعة أشهر الحرم وثلاثة للدلالة على المناسبات التي تحدث فيها:

1: المحرم، لأنه أحد الأشهر الحرم التي حرم فيها القتال.

2: صفر، لأن ديارهم كانت تخلو فيه من أهلها بخروجهم إلى الحرب بعد المحرم.

3و4: ربيع الأول وربيع الثاني، لأنهما وقعا في الربيع

وقت التسمية، أو لارتباع الناس والمقام فيهما.

5و6: جمادى الأولى وجمادى الثانية، لأنهما وقعا عند التسمية في الشتاء حيث يجمد الماء.

7: رجب، لأنهم يعظمونه بترك القتال فيه (ورجب يعني عظم).

8: شعبان، لتشعب القبائل فيه للإغارات بعد قعودهم عنها في رجب.

9: رمضان، من الرمضاء، لأنه وقت التسمية وقع عند اشتداد الحر.

10: شوال، لأن الإبل كانت تشول فيه بأذنابها، أي ترفعها طلبا للتلقيح.

11: ذوالقعدة، لقعودهم فيه عن القتال لكونه أول الأشهر الحرم.

12: ذوالحجة، لإقامتهم الحج فيه.

وأما أيام الأسبوع: فلا يعرف بالضبط متى أو كيف نشأ استعمالها(100)، و(المشهور كما جاء في القرآن أن اليهود يعطلون يوم السبت (يسبتون) فكانت الأيام من بعده متسلسلة الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، والجمعة الجامعة، فيعود اليهود لسباتهم في اليوم السابع (السبت).

* عن محمد بن أبي عمير رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: *إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض*(101)، قال عليه السلام: «المحرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، وشهر رمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة» (102).

* عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجب قال عليه السلام: «ذلك شهر كانت الجاهلية تعظمه وكانوا يسمونه الشهر الأصم»، قلت: شعبان؟ قال عليه السلام: «تشعبت فيه الأمور»، قلت: رمضان؟ قال عليه السلام: «شهر الله تعالى وفيه ينادى باسم صاحبكم واسم أبيه»، قلت: فشوال؟ قال عليه السلام: «فيه يشول أمر القوم»، قلت: فذو القعدة؟ قال عليه السلام: «يقعدون فيه»، قلت: فذو الحجة؟ قال عليه السلام: «ذلك شهر الدم»، قلت: فالمحرم؟ قال عليه السلام: «يحرم فيه الحلال ويحل فيه الحرام»، قلت: صفر وربيع؟

قال عليه السلام: «فيها خزي فظيع وأمر عظيم»، قلت: جمادى؟ قال عليه السلام: «فيها الفتح من أولها إلى آخرها» (103).

* عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: أن رجلا سأله عن الأيام وما يجوز فيها من العمل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «يوم السبت يوم مكر وخديعة ويوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم سفر وطلب ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم ويوم الأربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس ويوم الخميس يوم الدخول على الأمراء وقضاء الحوائج ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح» (104).

* عن الرضا عن أبيه* قال: قال جعفر بن محمد عليه السلام: «السبت لنا والأحد لشيعتنا والاثنين لبني أمية والثلاثاء لشيعتهم والأربعاء لبني العباس والخميس لشيعتهم والجمعة لسائر الناس جميعاً وليس فيه سفر، قال الله تعالى: *فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله*(105)، يعني يوم السبت» (106).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا الله عزوجل فيه، ويوم السبت لآل محمد صلي الله عليه و اله، ويوم الأحد لشيعتهم، ويوم الاثنين يوم بني أمية، ويوم الثلاثاء يوم لين، ويوم الأربعاء لبني العباس وفتحهم، ويوم الخميس يوم مبارك بورك لأمتي في بكورها فيه» (107).

* في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام :

لنعم اليوم يوم السبت حقاً

لصيد إن أردت بلا امتراء

وفي الأحد البناء لأن فيه

تبدى الله في خلق السماء

وفي الاثنين إن سافرت فيه

ستظفر بالنجاح وبالثراء

ومن يرد الحجامة فالثلاثا

ففي ساعاته هرق الدماء

وإن شرب امرؤ يوماً دواء

فنعم اليوم يوم الأربعاء

وفي يوم الخميس قضاء حاج

ففيه الله يأذن بالدعاء

وفي الجمعات تزويج وعرس

ولذات الرجال مع النساء

وهذا العلم لم

يعلمه إلا

نبي أو وصي الأنبياء(108)

16الصوم قبل الإسلام

س16: هل كان الصوم فرضاً من الواجبات قبل مجيء الإسلام، وإذا كان كذلك فهل هو مشابه للصيام الذي نؤديه اليوم؟

ج16: نعم كان فرضاً، وفي القرآن الحكيم: *كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون*(109)، وصومهم كان شبيهاً بصيامنا في الجملة، لا في جميع الخصوصيات.

* وربما يظهر من النصوص الموجودة في التوراة والإنجيل أن الصوم كان موجوداً بين اليهود والنصارى وكانت الأمم الأخرى تصوم في أحزانها ومآسيها، فقد ورد في قاموس الكتاب المقدس أن الصوم بشكل عام وفي جميع الأوقات كان متداولاً في أوقات الأحزان بين جميع الطوائف والملل والمذاهب(110).

* ويظهر من التوراة أن موسى عليه السلام صام أربعين يوماً فقد جاء فيها: أقمت في الجبل أربعين ليلة لا آكل خبزاً ولا أشرب ماءً، وكان اليهود يصومون لدى التوبة والتضرع إلى الله، وحينما تتاح لهم الفرصة للإعراب عن عجزهم وتواضعهم أمام الله ليعترفوا بذنوبهم عن طريق الصوم والتوبة ليحصلوا على رضا حضرة القدس الإلهي.

* والسيد المسيح عليه السلام صام أربعين يوماًً كما يظهر من الإنجيل ثم أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليهرب من إبليس فبعدما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع أخيراً(111).

* عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلي الله عليه و اله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له: لأي شي ء فرض الله عزوجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوماً وفرض على الأمم السالفة أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلي الله عليه و اله: إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوماً ففرض الله على ذريته

ثلاثين يوماً الجوع والعطش والذي يأكلونه – بالليل – تفضل من الله عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام ففرض الله ذلك على أمتي ثم تلا رسول الله صلي الله عليه و اله هذه الآية: *كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات* » قال اليهودي: صدقت يا محمد فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلي الله عليه و اله: «ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال: أولها يذوب الحرام من جسده والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم عليه السلام والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة والسادسة يعطيه الله براءة من النار والسابعة يطعمه الله عزوجل من طيبات الجنة» قال: صدقت يا محمد(112).

* وقال الصادق عليه السلام: في قوله تعالى: *كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون*: «كما هو الظاهر أول ما فرض الله الصوم لم يفرضه في شهر رمضان إلا على الأنبياء ولم يفرضه على الأمم فلما بعث الله نبيه صلي الله عليه و اله خصه بفضل (شهر) رمضان هو وأمته وكان الصوم قبل أن ينزل شهر رمضان يصوم الناس أياما ثم نزل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» (113).

17ما ورد في بعض التفاسير

س17: بعض كتب التفاسير فيها أشياء قد لا تتقبّلها بعض العقول، ففي تفسير الصافي مثلا أبيات شعر لنبينا آدم عليه السلام، ولا أدري هل أن نبي الله آدم عليه السلام كان شاعراً وكيف تمكنوا من قراءة هذه الأبيات وترجمتها؟ كما قالوا: بأن تأويل الآية الكريمة: *وفديناه بذبح عظيم*(114)، الذبح العظيم هو

الإمام الحسين عليه السلام، وقالوا أن قاف جبل يحيط بالكرة الأرضية كما في تفسير الطبرسي، وقس على ذلك، فما هو تفسيرنا لذلك؟

ج17: أي مانع من أن يكون آدم عليه السلام شاعراً أيضاً؟ وقد قال سبحانه:*وعلم آدم الأسماء كلها*(115)؟ والتأويل غير التفسير، فالتفسير هو المعنى الظاهري للآية، والتأويل ما يمكن انطباق الآية عليه، وكما أن الكبش صار سبباً لخلاص إسماعيل عليه السلام كذلك الإمام الحسين عليه السلام صار سبباً لخلاص دين جده محمد صلي الله عليه و اله، فهو عليه السلام كبش الفداء، وفي موضوع (القاف) راجعوا (الهيئة والإسلام) حتى تروا صحة ما ورد في تفسير الطبرسي.

* عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: «كان علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء، فقال عليه السلام: سل تفقها ولا تسأل تعنتاً فسأله عن أشياء فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن أول من قال الشعر؟ فقال عليه السلام: آدم، فقال: وما كان من شعره؟ قال عليه السلام: لما أنزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها وسعتها وهواءها وقتل قابيل هابيل فقال آدم عليه السلام:

تغيرت البلاد ومن عليها

فوجه الأرض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم

وقل بشاشة الوجه المليح

فأجابه إبليس:

تنح عن البلاد وساكنيها

فبي في الخلد ضاق بك الفسيح

وكنت بها وزوجك في قرار

وقلبك من أذى الدنيا مريح

فلم تنفك من كيدي ومكري

إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجبار أضحت

بكفك من جنان الخلد ريح(116)

* كتاب (الهيئة والإسلام) للسيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني(117)، يتحدث سماحته في هذا الكتاب عن الكون والأفلاك والكواكب والمجرات والهيئات، مثل هيئة ديمقراطيس وهيئة بطليموس وفيثاغورس

وغيرها، ويتحدث عن الأرض والسيارات والنظام الشمسي والقمر والشهب، وفي نهاية الكتاب يخصص رسالة عن جبل قاف اقتطفنا منها ما يلي:

* في البحار عن ابن عباس قال: خلق الله جبلا يقال له (ق) محيط بالعالم(118).

ثم يقول السيد الشهرستاني: (إن المقصود من جبل (قاف) هو : مخروط ظل الأرض الشبيه بالجبل العظيم، إنك لو تصورت كرة الأرض مع ظلها الحادث من استتار الشمس خلفها لوجدت الظل شبحاً مظلماً على شكله المخروطي، قاعدته الوسيعة عند الأرض ورأسه الدقيق نحو السماوات على هيئة جبل عظيم الشكل، أ فلا يجوز لك إطلاق اسم الجبل على هذا الشكل المخروطي العظيم على سبيل المجاز والتشبيه لتمام الشبه بين هذا الظل وبين الجبل في الشكل؟ بلى لا شك من منصف في جوازه خصوصاً إذا قامت هناك قرينة لفظية أو عقلية، فيصح بناء عليه أن يكون إطلاق الجبل على مخروط ظل الأرض في المقالات الإسلامية من هذا القبيل).

* أما جبل (قاف) محيط بالأرض، أو محيط بالدنيا أو العالم ونحو ه، فمعلوم أن مرادهم من الدنيا والعالم والخلائق هو هذه الأرض وما عليها وأن ظل الأرض محيط بها وبما عليها على التوالي كإحاطة بياض العين بسوادها، فما ألطف هذا التشبيه الوارد في نص رواية البحار، في حين أنه لا يوجد جبل من الصخر يحيط بالأرض أو بالخلائق، ففي البحار عن الإمام الصادق عليه السلام قال: » جبل قاف محيط بالأرض كإحاطة بياض العين بسوادها«(119).

* عن يحيى بن مسيرة الخثعمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:» *عسق* عداد سني القائم عليه السلام، وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم علي كله في *عسق* «(120).

* معنى (قاف):

اسم قاف ليس علما شخصيا لشيء بل اسم جنس متكثر الأفراد، في مجمع البحرين مادة (قوف): فإن قاف بمعنى تبع ويجوز أخذه من قفى يقفو قاف بمعنى متبع الأثر في المسير، وظل الأرض يتبع أثر نور الشمس بكل سرعة وعلى الدوام، والشمس ترسل على الدوام أشعتها إلى سطح أرضنا وسطوح بقية السيارات فيستنير بها نصف الكرة الأرضية المواجه للشمس ويبقى النصف الآخر في ظلام، فإذا كان النور الواقع على نصف الأرض متحركا كان الظل الحادث منه في النصف الآخر أيضاً متحركاً على أثره ومتبعا له في سيره وصدق على هذا الظل أنه قاف للنور في سيره ومتبع لأثره.

18تسمية الأديان

س18: لماذا أطلق اسم (اليهودية) على الدين الذي جاء به موسى عليه السلام، و(المسيحية) على الذي جاء به المسيح عليه السلام، و(الإسلام) على الذي جاء به نبينا محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله؟

ج18: اليهود نسبة إلى (يهودا) أكبر ولد يعقوب عليه السلام، والمسيح عليه السلام كان يمسح الأرض في تطوافه حين التبليغ، والإسلام تسليم لله تعالى.

* تقول التوراة: (وكان بنو يعقوب اثني عشر ولداً:

بنو ليئا: راوبين بكر يعقوب، وشمعون، ولاوي، ويهودا، ويساكر، وزبولون،

وابنا راحيل: يوسف، وبنيامين،

وابنا بلهة (جارية راحيل): دان، ونفتالي،

وابنا زلفة (جارية ليئة): جاد، وأشير.

هؤلاء بنو يعقوب الذين ولدوا في فدان أرام)(121).

* ومن الكلمات القصار للإمام علي عليه السلام قال: » لأنسبن الإسلام نسبة لا ينسبها أحد قبلي ولا ينسبها أحد بعدي إلا بمثل ذلك، إن الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الإقرار والإقرار هو العمل والعمل هو الأداء«(122).

19الصلاة والصيام في القطبين

س19: ما هو حكم الصائم والمصلي في المناطق المتجمدة، التي يتعاقب فيها الليل والنهار كل ستة أشهر؟

ج19: ذكرناه في كتاب المسائل الحديثة.

* يقول الإمام الشيرازي رحمة الله عليه في (كتاب المسائل الحديثة): في الآفاق الرحوية التي يستمر فيها الليل مدة مديدة كالقطبين وما جاورهما، وفي الآفاق شبه الرحوية حيث يطول الليل أو النهار أربعاً وعشرين ساعة أو أكثر، يجب الإتيان بالصلاة والصيام وبسائر العبادات الموقوتة حسب المتعارف(123).

وفي هذه الآفاق التي يصل فيها الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة أو أكثر، هل يجب توقيت الصلاة وغيرها من العبادات الموقوتة بتوقيت مكة المكرمة، أو بتوقيت خط الاستواء، أو بتوقيت البلد الذي سافر منه الشخص إلى تلك الآفاق، أو بتوقيت أقرب بلد طبيعي إليه؟ احتمالات ولا

يبعد الاحتمال الأخير(124).

20الصلاة على سطح القمر

س20: كيف الصلاة على سطح القمر؟ وكيف يحكم بدخول الوقت طالما يلبث الإنسان عدة أيام هناك؟

ج20: ذكرنا حكمه في كتاب (المسائل الحديثة).

* الظاهر أن حكم الساكن في سائر الكواكب كحكم الساكن في الأرض بالنسبة إلى جميع الأحكام الموقوتة بالشروق والغروب ويعتبر الشروق والغروب، في مكان سكناه ويعمل حسب أفقه إلا إذا كان خارجاً عن المتعارف فيكون حكمه حكم الآفاق الرحوية(125).

21من فلسفة الأحكام

من فلسفة الأحكام

س21: ما علة الأشياء التالية:

1: استحباب تمشيط الشعر وأنه يطيل في العمر؟

2: حرمة لحم الأرنب؟

3: حرمة لبس الذهب والحرير للرجال وجوازهما للنساء؟

4: حرمة خصية الغنم بالرغم من وجود المنافع؟

5: تزويج النبي صلي الله عليه و اله ابنته لأبي العاص بالرغم من أنه كان مشركا؟

6: وجوب تغسيل الميت بثلاثة أغسال؟

7: بطلان صلاة المصلي إذا كان في ثوبه شعر هرة أو مقدار معين من الدم؟

8: وجوب وضع الكافور في المساجد السبعة للميت؟

9: كيف سأل موسى عليه السلام ربه لكي يراه، ألا يضر هذا بمقام العصمة؟

10: حرمة الغناء وقد ثبت علميا بأنه يريح أعصاب الإنسان؟

11: تقبيل أيدي العلماء؟

12: حرمة حلق اللحية؟

13: وجوب الجهر في صلاة الصبح والمغرب والعشاء والإخفات في صلاتي الظهر والعصر؟

14: استحباب السجود على التربة الحسينية؟

15: تزيين مراقد الأئمة عليهم السلام، مع إمكان إنفاق هذه الأموال التي تصرف في هذا الباب في سبيل الفقراء والمعوزين؟

16: استحباب الخضاب؟

17: من استحم أربعين جمعة يحفظ جسده حين موته دون أن تأكله الديدان أو التراب؟

18: لبس السواد في شهر محرم الحرام؟

19: الخلود في كل من الجنة والنار؟

ج21: إنا لا نعلم بالعلل كاملة، وإنما من المحتمل أن تكون العلة أو الحكمة في هذه الأمور ما يلي:

تمشيط الشعر

1: تمشيط الشعر: فائدته إخراج الأبخرة المحتبسة في الرأس والوجه، فيسبب ذلك تنشيط الدماغ، فلا تتخثر فيه المواد الموجبة لوقفه عن الحركة ثم الموت.

* يقول أحد الأطباء المتخصصين بالأمراض الجلدية حول تمشيط الشعر: (إن عملية تمشيط الرأس وكذلك استعمال الفرشاة في الحدود المعقولة يفيدان الشعر، إذ أنها تؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية بفروة الرأس مما يزيد من فرصة وصول المواد الغذائية إلى الشعر).

وبالنسبة إلى أهمية المحافظة على نظافة الشعر يقول: غسل الشعر من الأشياء

الهامة للمحافظة على سلامته، وذلك لأن إفرازات فروة الرأس بما تحويه من دهون إذا تركت دون إزالة فإنها تؤدي إلى تراكم الأتربة علاوة على زيادة نمو البكتيريا المعايشة (فلورا الرأس) مما يساعدها على مهاجمة فروة الرأس التي تكون قد أصيبت بالتهيج نتيجة تراكم الإفرازات الدهنية والأتربة مما يؤدي إلى حكة تنتهي بحدوث جروح أو خدوش بالرأس وهذه تعتبر المنفذ الذي تهاجم منه البكتريا جلد فروة الرأس(126).

* عن عمار النوفلي عن أبيه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: «المشط يذهب بالوباء»، وكان لأبي عبد الله عليه السلام مشط في المسجد يتمشط به إذا فرغ من صلاته(127).

* عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: *خذوا زينتكم عند كل مسجد*(128) قال: «من ذلك التمشط عند كل صلاة» (129).

* قال الصادق عليه السلام: «المشط يذهب بالوباء وهو الحمى» (130).

* عن علي أمير المؤمنين عليه السلام قال: «التمشط من قيام يورث الفقر» (131).

* عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «لا تمتشط من قيام فإنه يورث الضعف في القلب وامتشط وأنت جالس فإنه يقوي القلب ويمخخ الجلد» (132).

* عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: *خذوا زينتكم عند كل مسجد* قال: «المشط فإن المشط يجلب الرزق ويحسن الشعر وينجز الحاجة ويزيد في ماء الصلب ويقطع البلغم» (133).

لحم الأرنب

2: حرمة لحم الأرنب: لما فيه من المضار التي منها الخنوع النسائي، فإن الأرنب تحيض كما تحيض المرأة.

* والذي يحيض من الحيوان أربعة: المرأة والضبع والخفاش والأرنب، ويقال: إن الكلبة أيضا كذلك، والأرنب تأكل اللحم وغيره وتجتر وتبعر وفي باطن أشداقها شعر وكذلك تحت رجليها(134).

* عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام فيما كتب

إليه من جواب مسائله في العلل: «وحرّم الأرنب لأنها بمنزلة السنور ولها مخاليب كمخاليب السنور وسباع الوحش فجرت مجراها مع قذرها في نفسها وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لأنها مسخ» (135).

* عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «الفيل مسخ، كان ملكا زناء، والذئب مسخ، كان أعرابيا ديوثاً، والأرنب مسخ، كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها...» (136).

الذهب والحرير

3: حرمة لبس الذهب والحرير للرجال وجوازهما للنساء: هما لباس الترف، والإسلام أراد للرجال الرجولية الكاملة، بالإضافة إلى أن الذهب يقتل الكريات الحمر في الدم عند الذكور دون الإناث، كما ثبت ذلك في العلم الحديث، فهو ضار للرجال.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لا تشربوا بآنية الذهب والفضة ولا تلبسوا الحرير ولا الديباج فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة» (137).

* قال النبي صلي الله عليه و اله مشيراً إلى الذهب والحرير: «هذان محرمان على ذكور أمتي دون إناثهم» (138).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الحديد: «إنه حلية أهل النار والذهب حلية أهل الجنة وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه...» (139).

* وقال عليه السلام في حديث: «لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة» (140).

* عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل هل يصلح له الخاتم الذهب؟ قال عليه السلام: «لا» (141).

ما يحرم من الغنم

4: حرمة خصية الغنم: لأنها مركز البول، ومن المعلوم ما في البول من السموم الضارة بالجسم.

* في وصية النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام قال: «يا علي حرم من الشاة سبعة أشياء الدم والمذاكير والمثانة والنخاع والغدد والطحال والمرارة» (142).

* قال الإمام الرضا عليه السلام: «حُرِّم من الشاة سبعة أشياء: الدم والخصيتان والقضيب والمثانة والغدد والطحال والمرارة...» (143).

* عن أبان بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف صار الطحال حراما وهو من الذبيحة؟ فقال عليه السلام: «إن إبراهيم عليه السلام هبط عليه الكبش من ثبير وهو جبل بمكة ليذبحه، أتاه إبليس

فقال له: أعطني نصيبي من هذا الكبش فقال: أي نصيب لك وهو قربان لربي وفداء لابني فأوحى الله إليه أن له فيه نصيبا وهو الطحال لأنه مجمع الدم وحرم الخصيتان لأنهما موضع للنكاح ومجرى للنطفة فأعطاه إبراهيم الطحال والأنثيين وهما الخصيتان»، قال: فقلت: فكيف حرم النخاع؟ قال عليه السلام:«لأنه موضع الماء الدافق من كل ذكر وأنثى وهو المخ الطويل الذي يكون في فقار الظهر» قال أبان: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: «يكره من الذبيحة عشرة أشياء منها: الطحال والأنثيان والنخاع والدم والجلد والعظم والقرن والظلف والغدد والمذاكير وأطلق في الميتة عشرة أشياء: الصوف والشعر والريش والبيضة والناب والقرن والظلف والإنفحة والإهاب واللبن وذلك إذا كان قائما في الضرع» (144).

تزويج بنات النبي صلي الله عليه و اله

5: تزويج النبي صلي الله عليه و اله أبي العاص من ابنته: كان ذلك قبل الإسلام ولم ينزل بعد قوله تعالى: *ولا تنكحوا المشركين*(145)، هذا بالإضافة إلى الوصالات الأخرى المذكورة في المفصلات.

* ورد عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في تزويج أم كلثوم أنه عليه السلام قال: «إن ذلك فرج غُصبناه» (146).

* قال الحسن وقتادة في قوله تعالى في قصة لوط عليه السلام: *هؤلاء بناتي هن أطهر لكم*(147): المعنى أحل لكم على التزويج وكان المشركون يتزوجون في صدر الإسلام المسلمات، كما زوج النبي صلي الله عليه و اله بنته من أبي العاص بن الربيع والأخرى من عتبة بن أبي لهب قبل أن يسلما ثم نسخ بقوله: *ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا* وقال الزجاج: إن ذلك عرض بشرط أن يسلموا كما هو شرط النكاح الصحيح وقال مجاهد: كل نبي يرسل إلى قوم فهو أبو الذين يرسل إليهم فيكون المعنى في هؤلاء بناتي، بنات

أمته، يقول: تزوجوا نساءكم وهذا كقول النبي صلي الله عليه و اله: «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» (148).

تغسيل الميت

6: تغسيل الميت بثلاثة أغسال: للتنظيف الكامل تهيئا للحضور في محضر الله تعالى كتطهير الإنسان جسمه ونفسه، للتهيؤ للصلاة.

* عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن غسل الميت فقال: «إغسله بماء وسدر ثم اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت واغسله ثالثة بماء قراح»، قلت: ثلاث غسلات لجسده كله؟ فقال عليه السلام: «نعم» (149).

* في العلل بأسانيد تأتي عن محمد بن سنان: أن الرضا عليه السلام كتب إليه في جواب مسائله علة غسل الميت: «أنه يغسل لأنه يطهر وينظف من أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله لأنه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة فيستحب إذا ورد على الله عزوجل ولقي أهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهرا نظيفا موجها به إلى الله عز وجل ليطلب وجهه وليشفع له وعلة أخرى أنه يخرج منه المني الذي منه خلق فيجنب فيكون غسله له» (150).

ثوب المصلي

7: بطلان صلاة المصلي إذا كان في ثوبه شعر هرة أو مقدار معين من الدم: التجنب عن أجزاء ما لا يؤكل لحمه، والتجنب عن الشيء النجس أما الدم القليل (دون الدرهم) فمجاز للعسر والحرج.

* عن أبي جعفر عليه السلام قال في الدم يكون في الثوب: «إن كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته وإن لم يكن رآه حتى صلى فلا يعيد الصلاة» (151).

* قال الصادق عليه السلام: «صل في شعر ووبر كل ما أكلت لحمه، وما لم تأكل لحمه فلا تصل في شعره ووبره» (152).

* قال الإمام الرضا عليه السلام: «إن أصاب ثوبك دم فلا بأس بالصلاة فيه ما

لم يكن مقدار درهم واف، والوافي ما يكون وزنه درهماً وثلثاً، وما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله ولا بأس بالصلاة فيه» (153).

وضع الكافور

8: وضع الكافور في المساجد السبعة للميت: تطيبا بهذه المواضع التي سجدت لله تعالى فإن الكافور قسم من الطيب.

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعلى رأسه» (154).

* عن أبي جعفر وأبي عبد الله* قالا: «إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت به آثار السجود ومفاصله كلها واجعل في فيه ومسامعه ورأسه ولحيته شيئا من الحنوط وعلى صدره وفرجه» وقال عليه السلام: «حنوط الرجل والمرأة سواء» (155).

* عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام كيف أصنع بالحنوط؟ قال عليه السلام: «تضع في فمه ومسامعه وآثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه» (156).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «يوضع الكافور من الميت على موضع المساجد وعلى اللبة وباطن القدمين وموضع الشراك من القدمين وعلى الركبتين والراحتين والجبهة واللبة» (157).

سؤال موسى عليه السلام

9: كان سؤال موسى عليه السلام إجابة لطلب قومه.

* قوم موسى هم الذين سألوا موسى عليه السلام رؤية الله تعالى بدليل قولهم له: *لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة*(158)، وقول موسى عليه السلام فيما بعد: *أ تهلكنا بما فعل السفهاء منا*(159)، وقد سأل موسى عليه السلام من ربه ذلك ليعرفهم الجواب من قبله سبحانه وليظهر لهم سفاهتهم وأنه تعالى لا تدركه الأبصار ولا يدرك بالحواس.

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «إياكم والتفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيهاً، إن الله لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار» (160).

* في احتجاج الرضا عليه السلام على أرباب الملل قال: «إن موسى بن عمران وأصحابه السبعين الذين اختارهم صاروا

معه إلى الجبل فقالوا له: إنك قد رأيت الله سبحانه فأرناه كما رأيته فقال عليه السلام لهم: إني لم أره، فقالوا: *لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة* فاحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيدا فقال عليه السلام: يا رب اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به: *لو شئت أهلكتهم من قبل واياي أ تهلكنا بما فعل السفهاء منا* فأحياهم الله عزوجل من بعد موتهم» (161).

حرمة الغناء

10: حرمة الغناء: إن الغناء يؤثر على الأعصاب سببياً (كما ثبت في العلم الحديث) وتوتر الأعصاب مبعث كل مرض وبلاء.

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا يدخله الملك» (162).

* وقال عليه السلام: «استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع» (163).

* وقال عليه السلام أيضاً: «الغناء عش النفاق» (164).

* عن الحسن بن هارون قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله وهو مما قال الله عز وجل: *ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله*(165)» (166).

* عن أبي الحسن عليه السلام قال: «من نزّه نفسه عن الغناء فإن في الجنة شجرة يأمر الله عزوجل الرياح أن تحركها فيسمع لها صوتا لم يسمع بمثله ومن لم يتنزه عنه لم يسمعه» (167).

* هناك أمراض كثيرة تأتي من الاستماع إلى الغناء، نشير إلى بعضها(168):

1: من أهم أسباب أمراض ضغط الدم هو الاستماع إلى الغناء والموسيقى، وذلك لأن ضغط الدم يزداد كلما استمع الإنسان إلى الغناء والموسيقى، وكلما كان الغناء حادا كان الضغط أعلى درجة وأكثر خطراً.

2: إن

البرامج الموسيقية تعمل على إضعاف أعصاب الإنسان، وتدهور صحته، وتعمق فيه المرض.

3: إن الغناء يؤثر على جريان الدم في العروق وعلى الرئتين وفي بعض الحالات يعكس تحولات روحية وفورات نفسية تنجم عنها أمراض خطيرة.

4: يقول الدكتور (لوتر): إن مفعول الغناء والموسيقى في تخدير الأعصاب أقوى من مفعول المخدرات.

5: إن الغناء والموسيقى يهددان المستمع إليهما بالجنون.

وقد نشرت مجلة سويسرية مقالا بعنوان (جنون الموسيقى) انتقدت فيه الموسيقى والغناء بشدة وأشارت إلى المفاسد والأضرار الناجمة عنها، وقد كان السبب في نشر هذه المقالة أن (150000) شاب اجتمعوا في ساحة (لاناسيون) في باريس واستمعوا إلى ألحان موسيقية ساحرة وعندها ثارت أنفسهم وهاجت غرائزهم، فقاموا فجأة وهجموا على المحلات وكسروا الزجاج ونهبوا البضائع والأمتعة وجرحوا كثيرا من الناس وأراقوا الدماء وصنعوا ما صنعوا من المفاسد، كل ذلك بسبب فقدانهم لإرادتهم النفسية وعدم قدرتهم على ضبط أعصابهم على أثر استماعهم للغناء والموسيقى.

* ويقول الدكتور البريطاني (روبرت) المتخصص في علم النفس للأطفال: لقد ثبت علمياً أن الجنين ينزعج من الموسيقى وهو في بطن أمه وعندما تستمع الأم الحامل إلى الغناء يخفق قلب الجنين ويضطرب وهو في الرحم وتظهر هذه الحالة بعد ستة أشهر من الحمل.

* وكتب (وليام كوراجوس) الخبير في هيئة الأمم المتحدة ورئيس شؤون الشباب في جامعة (مدفورد) بأميركا والمعين من قبل منظمة اليونسكو لإصدار مجلة شهرية تبحث عن شؤون الشباب وعوامل فسادهم وانحرافهم، كتب في إحدى نشراته مقالا عن الغناء وانتقد فيه الموسيقى والسينما بصورة شديدة وعنيفة وقال نقلا عن أحد الأطباء: إن من أهم عوامل الفساد والأمراض النفسية والجنسية في الشباب هو الموسيقى والغناء والسينما.

احترام العلماء

11: تقبيل أيدي العلماء: هو إظهار لاحترام علماء الدين الذين ينتسبون إليه، كما نقبل

جلد القرآن احتراماً للقرآن الذي يكون الجلد مرتبطا به.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «علماء أمتي كانبياء بني إسرائيل» (169).

* يقول أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: «إذا رأيت عالما فكن له خادما» (170).

* وقال عليه السلام: «من وقر عالماً فقد وقر ربّه» (171).

حلق اللحية

12: حرمة حلق اللحية: لأنه يؤثر على أعصاب الوجه، ويعرض الوجه والحنجرة والعين والفم للأضرار البالغة الناشئة من سرعة نفوذ الحر والبرد إلى هذه المراكز الحساسة.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم، وإنا نجز الشوارب ونعفي اللحى، وهي الفطرة» (172).

* وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: «حلق اللحية من المثلة، ومن مثّل فعليه لعنة الله» (173).

* عن جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ليس منا من سلق ولا خرق ولا حلق» (174). و(الحلق) هو: حلق اللحية.

* عن الحسن بن علي عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: «عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا، وتزيدها أمتي بخلة: إتيان الرجال - إلى أن قال - وقص اللحية وطول الشارب» (175).

* عن علي بن عزاب قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «حفوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تتشبّهو ا بالمجوس» (176).

* عن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تشبهوا باليهود» (177).

الجهر والإخفات في الصلاة

13: الجهر في صلاة الصبح والمغرب والعشاء، والإخفات في صلاتي الظهر والعصر: حيث إنه في الغالب لا يرى المصلي في الصبح والمغرب والعشاء للظلام كذلك أمر بالجهر إعلاما بحالة المصلي، بخلاف الظهرين لأنهما في وقت الضياء وهذه بعض الحكمة.

* عن الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه السلام في حديث أنه ذكر العلة التي من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض قال: «إن الصلوات التي

يجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار أن هناك جماعة فإن أراد أن يصلي صلى لأنه إن لم يرَ جماعة علم ذلك من جهة السماع، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيها إلى السماع» (178).

* وفي خبر رجاء بن الضحاك عن الإمام الرضا عليه السلام: «أنه كان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء الآخرة ويخفي القراءة في الظهر والعصر» (179).

* عن محمد بن حمران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداء وسائر الصلوات مثل الظهر والعصر لا يجهر فيها؟ فقال عليه السلام: «لأن النبي صلي الله عليه و اله لما أسري به إلى السماء كانت أول صلاة فرض الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة فأضاف الله إليه الملائكة يصلون خلفه وأمر نبيه صلي الله عليه و اله أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة فأمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر وأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها» (180).

التربة الحسينية

14: السجود على التربة الحسينية: إنها تربة طاهرة نظيفة، يسجد عليها تقديراً للتضحية في سبيل الإسلام، وتذكيراً بوجوب الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله.

* عن سلمان المحمدي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إن السجود على التربة الحسينية تقبل به الصلاة وإن كانت غير مقبولة لولا السجود عليها» (181).

* قال

الإمام الصادق عليه السلام: «السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور إلى الأرضين السبعة ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبحاً وإن لم يسبح بها» (182).

* الحسن بن محمد الديلمي في الإرشاد قال: «كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلا على تربة الحسين عليه السلام تذللا لله واستكانة اليه» (183).

* عن أبي سيف الحاسي عن الشهيد رحمه الله: «أن السجود على التربة الحسينية تقبل به الصلاة وإن كانت غير مقبولة لولا السجود عليها» (184).

* وفي كتاب الحسن بن محبوب، أن أبا عبد الله عليه السلام سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين عليه السلام والتفاضل بينهما؟ فقال عليه السلام: «السبحة التي هي من طين قبر الحسين عليه السلام تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح»، وقال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام وفي يده السبحة منها وقيل له في ذلك، فقال عليه السلام: «أما إنها أعود علي أو قال: أخف علي» (185).

مراقد الأئمة عليهم السلام

15: تزيين مراقد الأئمة عليهم السلام: إن باب الكعبة كان في زمن رسول الله صلي الله عليه و اله من الذهب، والمسلمون بحاجة شديدة ومع ذلك لم يبعه الرسول صلي الله عليه و اله لسد حاجات المسلمين، وأي مانع من إهداء الناس الذهب والزينة لهذه المراقد تعظيما لشعائر الله تعالى كما قال: *ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب*(186)، أما الفقراء فلهم الزكاة، يجب على الدولة الإسلامية أخذها من الناس وسد حاجات الفقراء بها، كما عن علي بن موسى عليه السلام قال: «إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأغنياء» (187).

* يقول جل وعلا: *يا بنِي آدم خذوا زينتكم

عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إِنه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا فِي الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون*(188).

* عن أبي عامرٍ الساجي واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمدٍ عليه السلام فقلت له: يابن رسول الله ما لمن زار قبره (يعني أمير المؤمنين عليه السلام) وعمَّر تربته؟ قال عليه السلام: «يا أبا عامرٍ حدثني أبي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي عليه السلام أن النبي صلي الله عليه و اله قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال صلي الله عليه و اله لي: يا أبا الحسن إن الله جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيكم فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله مودة منهم لرسوله أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي وهم زواري غدا في الجنة، يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود عليه السلام على بناء بيت المقدس ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه فأبشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها أولئك شرار أمتي لا نالتهم شفاعتي ولا

يردون حوضي» (189).

* عن أم أيمن عن رسول الله صلي الله عليه و اله في حديثٍ طويلٍ وفيه: أنه ذكر له جبرئيل عليه السلام قصة شهادة أبي عبد الله عليه السلام إلى أن قال: «ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار ولم يشركوا في تلك الدماء بقولٍ ولا فعلٍ ولا نيةٍ فيوارون أجسامهم ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء عليه السلام بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحق وسببا للمؤمنين إلى الفوز» (190).

الخضاب

16: الخضاب: له فوائد كثيرة، كتقوية أعصاب الجسم، وتحسين الجلد، وتجميل الجسد وغير ذلك.

* قال النبي صلي الله عليه و اله: «نفقة درهم في الخضاب أفضل من نفقة درهم في سبيل الله إن فيه أربع عشرة خصلة: يطرد الريح من الأذنين، ويجلو الغشاء عن البصر، ويلين الخياشيم، ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويذهب بالغشيان، ويقل وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة، ويستبشر به المؤمن، ويغيظ به الكافر، وهو زينة، وهو طيب، وبراءة في قبره، ويستحيي منه منكر ونكير» (191).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الخضاب هدي محمد صلي الله عليه و اله وهو من السنة» (192).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه و اله فنظر إلى الشيب في لحيته فقال النبي صلي الله عليه و اله: نور، ثم قال صلي الله عليه و اله: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة، قال عليه السلام: فخضب الرجل بالحناء ثم جاء إلى النبي صلي الله عليه و اله فلما رأى الخضاب قال صلي الله عليه و اله: نور وإسلام، فخضب الرجل بالسواد فقال النبي صلي الله عليه و اله: نور وإسلام وإيمان ومحبة إلى

نسائكم ورهبة في قلوب عدوكم» (193).

* عن أبي الحسن عليه السلام قال: «في الخضاب ثلاث خصال: مهيبة في الحرب، ومحبة إلى النساء، ويزيد في الباه» (194).

غُسل الجمعة

17: غسل الجمعة: هذا إنما يكون في أولياء الله تعالى، وهم قليلون جدا، لا في كل من داوم على هذا العمل إلا إذا اجتمعت فيه جميع الشرائط(195).

* عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال لعلي عليه السلام في وصية له: «يا علي على الناس في كل سبعة أيام الغسل، فاغتسل يوم الجمعة ولو أنك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه فإنه ليس شي ء من التطوع أعظم منه» (196).

* وعنه صلي الله عليه و اله قال: «من اغتسل يوم الجمعة محيت ذنوبه وخطاياه» (197).

* وعنه صلي الله عليه و اله قال: «إن لله مدينة في الهواء كقشر البيض لها سبعون ألف باب على كل باب منها ملائكة مثل ولد آدم ألف جزء فإذا كان يوم الجمعة ويوم العروبة اجتمعوا كلهم ويقولون اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة» (198).

* عن الحسين بن خالد قال قلت للرضا عليه السلام: كيف صار غسل يوم الجمعة واجبا على كل حر وعبد وذكر وأنثى؟ فقال عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى تمم صلوات الفرائض بصلوات النوافل، وتمم صيام شهر رمضان بصيام النوافل، وتمم الحج بالعمرة، وتمم الزكاة بالصدقة، وتمم الوضوء بغسل يوم الجمعة» (199).

لبس السواد على الإمام الحسين عليه السلام

18: لبس السواد في شهر محرم الحرام: علامة على الحزن، فقد لبس الإمام الحسن عليه السلام السواد في استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ولبست عائلة الإمام الحسين عليه السلام السواد، عند استشهاده عليه السلام وهكذا..

* ورد في (ناسخ التواريخ - المجلد الخاص بحياة الإمام الحسن عليه السلام): لما دفن أمير المؤمنين عليه السلام وقتل ابن ملجم خرج ابن عباس إلى الناس فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام توفي وقد ترك لكم خلفاً فإن

أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد، فبكى الناس وقالوا:بل يخرج إلينا فخرج الإمام الحسن عليه السلام إلى المسجد بثوب أسود فعَلا المنبر وقال:... الخ(200).

* عن علي بن الحسين عليه السلام أنه رئي وعليه دراعة سوداء وطيلسان أزرق(201).

* عن عبد الله بن سليمان عن أبيه: أن علي بن الحسين عليه السلام دخل المسجد وعليه عمامة سوداء وقد أرسل طرفيها من كتفيه(202).

* عن عمر بن علي بن الحسين قال: لما قتل الحسين بن علي عليه السلام لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكن لا يشتكين من حر ولا برد، وكان علي بن الحسين عليه السلام يعمل لهن الطعام للمأتم(203).

* عن تاريخ الطبري: أن إبراهيم الإمام أنفذ إلى أبي مسلم لواء النصرة وظل السحاب وكان أبيض طوله أربعة عشر ذراعا مكتوب عليها بالحبر *أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير*(204)، فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن يتحول بكل لون من الثياب فلما لبس السواد قال: معه هيبة فاختاره خلافا لبني أمية وهيبة للناظر وكانوا يقولون هذا السواد حداد آل محمد صلي الله عليه و اله وشهداء كربلاء وزيد ويحيى(205).

* عن هشام بن سعد عن المشيخة في خبر: إن الملك الذي جاء إلى رسول الله صلي الله عليه و اله وأخبره بقتل الحسين بن علي عليه السلام كان ملك البحار وذلك أن ملكاً من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها ثم صاح صيحة وقال: يا أهل البحار البسوا أثواب الحزن فإن فرخ الرسول صلي الله عليه و اله مذبوح ثم حمل من تربته في أجنحته إلى السماوات فلم يبق ملك فيها إلاّ شمها وصار عنده لها أثر ولعن

قتلته وأشياعهم وأتباعهم(206).

* فخر الدين الطريحي في المنتخب وغيره: أن يزيد لعنه الله استدعى بحرم رسول الله صلي الله عليه و اله فقال لهن: أيما أحب إليكن، المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة ولكم الجائزة السنية؟ قالوا: نحب أولاً أن ننوح على الحسين عليه السلام قال: افعلوا ما بدا لكم ثم أخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق فلم تبق هاشمية ولا قرشية إلا ولبست السواد على الحسين عليه السلام وندبوه على ما نقل سبعة أيام، الخبر(207).

* وفيه أيضاً نقل: أن سكينة بنت الحسين عليها السلام قالت: يا يزيد رأيت البارحة رؤيا وذكرت الرؤيا إلى أن قالت: فإذا بخمس نسوة قد عظم الله خلقتهن وزاد في نورهن وبينهن امرأة عظيمة الخلقة ناشرة شعرها وعليها ثياب سود وبيدها قميص مضمخ بالدم إلى أن ذكرت أنها كانت فاطمة الزهراء عليها السلام الخبر(208).

الخلود في الجنة أوفي النار

19: جعل الله الخلود في كل من الجنة والنار: لأن أهل الجنة نيتهم أن يطيعوا الله أبدا، وأهل النار المعاندون نيتهم أن يعصوا الله أبدا، فهو كتخليد المجرم المصر على الجريمة في السجن مدى الحياة.

* عن أبي هاشم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخلود في الجنة والنار؟ قال عليه السلام: «إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبداً وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لوبقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً فبالنيات خُلِّد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى: *قل كل يعمل على شاكلته*(209) قال عليه السلام: على نيته» (210).

22الانتماء إلى منظمات فدائية

س22: هل يجوز الانتماء إلى إحدى الجبهات الفدائية؟ وهل هناك شروط في الانتماء إذا كان ذلك جائزاً؟ وهل الإنسان الذي يقتل يحشر مع الشهداء؟

ج22: إذا كانت الجبهة الفدائية تقاتل لأجل راية الإسلام وكانت القيادة إسلامية بما للكلمة من معنى ولم تكن جبهة إرهابية تشوه سمعة الإسلام والمسلمين، جاز الانتماء، وفي هذا المجال إذا قتل الإنسان كان في حكم الشهيد.

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم، ولا ينفذ في الفيء أمر الله عزوجل، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدونا في حبس حقنا والإشاطة بدمائنا، وميتته ميتة جاهلية» (211).

* عن عباد البصري أنه لقي علي بن الحسين عليه السلام في طريق مكة فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينه وإن الله عزوجل يقول: *إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون

ويُقتلون* إلى قوله: *وبشر المؤمنين*(212)؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام: «إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج» (213).

* وورد عن الصادق عليه السلام أنه قال: «الجهاد واجب مع إمام عادل، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ولا يحل قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية، إلا قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك» (214).

23تسلط الشيطان على الإنسان

س23: هل إن الشيطان يدخل في بدن الإنسان وكيف؟

ج23: الشيطان كالهواء أو كالروح فربما يكون دخوله كدخول الهواء في الجسم، وربما يكون المراد دخول ما يوسوسه.

* روي عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «خلق الله الجن خمسة أصناف: صنف كالريح في الهواء وصنف حيات وصنف عقارب وصنف حشرات الأرض وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب» (215).

* وقال صلي الله عليه و اله: «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع» . وقالوا في توضيح قوله صلي الله عليه و اله: إن الجوع يكسر الشهوة،ومجرى الشيطان الشهوات(216).

* وقال صلي الله عليه و اله: «ما من أحد إلا وله شيطان» (217).

24حديث الكساء

س24: ما قولكم في حديث الكساء وما الدليل على صحته؟

ج24: حديث صحيح وروي بأسانيد معتبرة مذكورة في مظانها.

* للإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) سند يرويه عن والده رحمة الله عليه معنعنا عن فاطمة الزهراء عليها السلام وقد أشار إلى ذلك في كتابه القيم (من فقه الزهراء عليها السلام) كما جاء في الهامش بعض الإسناد نقلا عن كتاب (عوالم العلوم والمعارف والأحوال) تحقيق وطبع مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام - قم، ننقلها بالنص:

رأيت بخط الشيخ الجليل السيد هاشم، عن شيخه السيد ماجد البحراني، عن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني، عن شيخه المقدس الأردبيلي، عن شيخه علي بن عبد العالي الكركي، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري، عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد الأول، عن أبيه عن فخر المحققين، عن شيخه العلامة الحلي، عن شيخه المحقق، عن شيخه ابن نما الحلي، عن شيخه محمد بن إدريس الحلي،

عن ابن حمزة الطوسي (صاحب ثاقب المناقب)، عن شيخه الجليل الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، عن الشيخ الجليل محمد بن شهر آشوب، عن الطبرسي (صاحب الاحتجاج)، عن أبيه شيخ الطائفة، عن شيخه المفيد، عن شيخه ابن قولويه القمي، عن شيخه الكليني، عن علي بن إبراهيم (عن أبيه إبراهيم) بن هاشم، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي، عن أبي بصير، عن أبان بن تغلب البكري، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلي الله عليه و اله، وهذا السند في منتهى الجلالة ورجاله من كبار ومشاهير العلماء.

أما القاسم بن يحيى فالصحيح عندنا تبعاً لجمع منهم صاحب الجواهر والعديد غيره اعتباره، إذ هو من شيوخ البزنطي، والبزنطي صح أنه لا يروي إلا عن ثقة، وأما جابر ففيه قولان وقد اعتبره جمع وهو الأصح.

وقد نقل متن حديث الكساء أيضا العلامة الثقة فخر الدين الطريحي الأسدي صاحب (مجمع البحرين) في كتابه (المنتخب الكبير) وكذلك نقل ما يقرب من نصفه الديلمي صاحب (الإرشاد) في كتابه (الغرر والدرر) وكذلك نقله كله الحسين العلوي الدمشقي الحنفي، وكذلك آخرون وهو من الاشتهار بحيث يغني عن تتبع السند(218).

25تعاريف ومصطلحات

س25: كيف نعرف ما يلي: المنطق، والفلسفة، والفقه، والشريعة، والدين، والإسلام، والعلمانية، والعقيدة، والمبدأ، والنظام، والعوالم الست، والرتل الخامس، والكوادر؟

ج25: المنطق: هو العلم الموجب لتقوية الفكر وتحصينه عن الخطأ.

الفلسفة: هي العلم الموجب لمعرفة حقائق الأشياء والأسباب والمسببات.

الفقه: هو العلم الموجب لمعرفة أحكام الله تعالى.

الدين: بمعنى الشريعة.

الشريعة: هي الطريقة التي يسلكها الإنسان في مجموعة حياته.

الإسلام: هو الدين الذي أنزله الله تعالى على خاتم أنبيائه

محمد صلي الله عليه و اله يقول عزوجل: *إن الدين عند الله الإسلام*(219).

العلمانية: عدم تقيد الدولة بالدين، (أو فصل الدين عن السياسة).

العقيدة: ما عقد عليه الضمير، وصار بناء الإنسان مرتكزاً عليه.

المبدأ: الذي يكوّن أول الكون، والاعتقاد بذلك.

النظام: نظم الأمور وفق قوانين وقواعد معينة سواء الأمور الفردية أو الإجتماعية.

العوالم الست: الأصلاب، والأرحام، والدنيا، والبرزخ، والقيامة، والجنة أو النار.

الرتل الخامس: هي الجمعية المعدة لتحبيب الحكومة إلى الناس وتقوية الحكومة بسبب الدعاية.

الكوادر: الخلية التي تنظم من قبل الحزب أو الجماعة.

26بين الجبر والتفويض

س26: ما هو رأي الشيعة الإمامية في: الجبر والتفويض؟

ج26: (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين) كما قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام(220). فالآلات من الله تعالى، والإرادة - نحو الخير أو الشر - والعمل كلاهما من الإنسان.

* هنالك مذاهب ثلاثة معروفة بالنسبة إلى صدور الأفعال من الإنسان وهي:

1: الجبر.

2: التفويض.

3: الأمر بين الأمرين.

أما الجبر: فمعناه أن الأفعال التي تصدر من الإنسان إنما هي من الله تعالى ولا دخل لقدرة الإنسان وإرادته فيها، فالإنسان على هذا المذهب يشبه الآلة التي لا اختيار لها في ما يصدر منها، من أعمال، وبذلك يكون الإنسان مجبراً في فعله لأن علم الله تعالى من الأزل تعلق بهذا الفعل ولابد أن يصدر، هذا مما يقول به الأشاعرة(221).

أما التفويض: فمعناه أن أفعال الإنسان هي باختياره وقدرته وإرادته، ولا دخل لقدرة الله تعالى فيها، فالله سبحانه وتعالى قد فوض وترك أمر الأفعال إلى العباد ولا يتدخل في ذلك، وهذا مما يذهب إليه بعض المعتزلة(222).

أما الأمر بين الأمرين: وهو المذهب الصحيح الوارد عن أهل البيت عليهم السلام،عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر

بين أمرين»، قال قلت: وما أمر بين أمرين؟ قال عليه السلام: «مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته، - كنت - أنت الذي أمرته بالمعصية» (223).

* وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقونه، والله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد» (224).

* وعنه عليه السلام قال: «إن الناس في القدر على ثلاثة اوجه: رجل يزعم أن الله عزوجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون وإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ» (225).

27القضاء والقدر

س27: ما هو رأي الشيعة الإمامية في القضاء والقدر؟

ج27: (القضاء) هو الأمر والنهي، قال تعالى: *وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه*(226).

و(القدر) هو الخلق، كخلق السماوات والأرض والجبال والأنهار وغيرها، قال تعالى: *كل شيء خلقناه بقدر*(227).

* عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: «لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بسبع: بقضاء وقدر وإرادة ومشيئة وكتاب وأجل وإذن، فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله أو رد على الله عزوجل» (228).

28الشفاعة من ضروريات المذهب

س28: ما هو رأي الشيعة الإمامية في الشفاعة؟

ج28: الأنبياء والأئمة المعصومون عليهم السلام وسائر عباد الله الصالحين يشفعون، لبعض المذنبين الذين يريد الله إنقاذهم والعفو عنهم، والشفاعة تكون بإشارة من الله تعالى، كما قال سبحانه: *ولا يشفعون إلا لمن ارتضى*(229).

* في الحديث عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي الله عليه و اله قال: «ثلاثة يشفعون إلى الله عزوجل فيُشفّعُون: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء» (230).

* وعن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «من لم يؤمن بحوضي، فلا أورده الله حوضي ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي»، ثم قال صلي الله عليه و اله: «إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل»، قال الراوي: فقلت للإمام الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله فما معنى قوله عز وجل: *ولا يشفعون إلا لمن ارتضى*(231)؟ قال عليه السلام: «لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه» (232).

* وقال صلي الله عليه و اله: «لا شفيع أنجح من التوبة، والشفاعة للأنبياء والأوصياء والمؤمنين والملائكة، وفي المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر، وأقل المؤمنين شفاعة

من يشفع لثلاثين إنساناً، والشفاعة لا تكون لأهل الشك والشرك ولا لأهل الكفر والجحود، بل تكون للمؤمنين من أهل التوحيد» (233).

* وقال الطبرسي رحمة الله عليه: الشفاعة ثابتة عندنا للنبي صلي الله عليه و اله ولأصحابه المنتجبين والأئمة من أهل بيته الطاهرين عليهم السلام ولصالحي المؤمنين وينجي الله تعالى بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين(234).

* قال الصدوق رحمة الله عليه في العقائد: اعتقادنا في الشفاعة أنها لمن ارتضى دينه من أهل الكبائر والصغائر فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة(235).

29إرث الخنثى

س29: كيف يقسم مال ميت على جماعة إذا كان من بينهم خنثى؟

ج29: الخنثى المشكل تأخذ نصف حصة الذكر ونصف حصة الأنثى، مثلا (الولد) له دينار و(البنت) لها نصف دينار، و(الخنثى) لها ثلاثة أرباع الدينار.

* عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المولود يولد له ما للرجال وله ما للنساء؟ فقال عليه السلام: «يورّث من حيث سبق بوله، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث، فإن كانا سواء ورِّث ميراث الرجال والنساء» (236).

* عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام أن علياً عليه السلام كان يقول: «الخنثى يورّث من حيث يبول، فإن بال منهما جميعاً فمن أيهما سبق البول ورث منه، فإن مات ولم يبل فنصف عقل الرجل ونصف عقل المرأة» (237).

* عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام: «أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يورّث الخنثى فيعدّ أضلاعه فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء بضلع ورّث ميراث الرجل لأن الرجل تنقص أضلاعه عن ضلع النساء بضلع لأن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام القصوى اليسرى فنقص من أضلاعه ضلع واحد» (238).

30صلاة الجمعة في عصر الغيبة

س30: هل أن صلاة الجمعة واجبة أم مستحبة في هذا الوقت، ولماذا هذا الخلاف بين العلماء بشأنها؟ ولماذا لا نحكم بوجوبها نظرا لما فيها من الفوائد الجسيمة وما هو تفسيرنا لقوله تعالى: *إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة*(239)؟

وما العلة في عدم إقامتكم لصلاة الجمعة بالرغم من وجود المنافع؟

ج30: صلاة الجمعة مختلف فيها، والذي أرى أن الإنسان مخير بينها وبين صلاة الظهر، فيكون واجباً تخييرياً، أما وجوبها العيني فهو مشروط بوجود النبي صلي الله عليه و اله أو الإمام عليه السلام المبسوط اليد، ولذا فإن

الإمام الصادق عليه السلام وبعض الأئمة الآخرين عليهم السلام الذين لم يكونوا مبسوطي اليد لم يقيموها، والآية الكريمة مشروطة، كما أن الجهاد والحج وغيرهما مشروطة بشروط، وفي الحديث: «الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا» (240)، ومن فوائد فتح باب الاجتهاد أن لكل عالم رأيه ونظره المستفاد من الكتاب والسنة، وذكرنا أن الجمعة واجبة تخييرية، وإذا كانت هناك مفاسد فالأفضل تركها.

* نذكر بعض الروايات الدالة على أن الجمعة من مناصب الإمام عليه السلام من الموسوعة الفقه للإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته)، كتاب الصلاة(241):

* عن النبي صلي الله عليه و اله: «أربع إلى الولاة الفيء والحدود والجمعة والصدقات» (242).

* وعنه صلي الله عليه و اله: «إن الجمعة والحكومة لإمام المسلمين» (243).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلا بإمام عدل» (244).

* وعن الإمام جعفر عليه السلام قال: «لا جمعة إلا مع إمام عادل تقي» (245).

* وما روي عن أهل البيت عليهم السلام: «لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال» (246).

31نزول القرآن على سبعة أحرف

س31: ما معنى الحديث القائل: اقرأوا القرآن على سبعة أحرف؟

ج31: أصل الحديث هكذا: «إن القرآن على سبعة أحرف» (247)، أي (أطراف) الأمر والنهي والقصة وهكذا… كما ورد في روايات كثيرة.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أتاني آت من الله فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت: يا رب وسع على أمتي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت: يا رب وسع على أمتي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف» (248).

* عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الأحاديث تختلف عنكم

قال: فقال عليه السلام: «إن القرآن نزل على سبعة أحرف، وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه ثم قال عليه السلام: *هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب*(249)» (250).

* قال الراوي: لقي رسول الله صلي الله عليه و اله جبرئيل، فقال: «يا جبرئيل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط، فقال لي: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف» (251).

* عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «تفسير القرآن على سبعة أوجه منه ما كان ومنه ما لم يكن بعد تعرفه الأئمة عليهم السلام » (252).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف: أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل» (253).

* عن ابن مسعود قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها إلا وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عليه السلام علم الظاهر والباطن(254).

* وقد ادعى بعضهم تواتر أصل هذا الحديث إلا أنهم اختلفوا في معناه على ما يقرب من أربعين قولاً،فالأحرف إشارة إلى: أقسامه وأنواعه وبطونه وتأويلاته.

* ورووا في بعض ألفاظ هذا الحديث: «أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه» (255).

* وربما يستفاد من هذه الروايات أن المراد بسبعة أحرف اختلاف اللغات مثل لغة قريش ولغة هذيل والهوازن واليمن.

* وفي (مجمع البيان) أن قوماً قالوا: إن المراد بالأحرف اللغات مما لا يغير حكماً في تحليل ولا تحريم مثل: (هلم وأقبل وتعال) قالوا: وكانوا مخيرين في مبتدأ الإسلام في أن يقرأوا بما شاؤوا منها ثم أجمعوا على أحدها وإجماعهم حجة

فصار ما أجمعوا عليه مانعا مما أعرضوا عنه.

* ولكن التوفيق بين الروايات كلها أن يقال: إن للقرآن سبعة أقسام من الآيات وسبعة بطون لكل آية ونزل على سبع لغات(256).

32تبديل الرأس

س32: إذا اقتطع رأس إنسان من جسده، وعوض برأس انسان آخر، فهل الإنسان الجديد - ذا الجسد القديم - تحل له زوجته؟

ج32: لا تحل، وقد ذكرنا هذه المسألة في المسائل الحديثة.

* يقول الإمام الشيرازي(أعلى الله درجاته) في كتابه: (المسائل الحديثة) المسالة (45و46):

إذا نقل رأس إنسان إلى غيره كأن قطع رأس محتضر وزرع على جسد إنسان يشكو من رأسه مثلا، فالظاهر أنه يصبح إنساناً جديداً لا يحكم عليه بحكم صاحب الرأس ولا بحكم صاحب الجسد، فلو كان أحدهما زوجاً أو مديوناً أو حاجاً أو معاملاً أو قاضياً صيامه أو متطهراً ولم يكن الآخر كذلك فلا يحكم عليه بحكمه، وفي المسألة فروع واحتمالات كثيرة.

لو كان صاحب الرأس وارثاً من زيد وصاحب الجسد وارثاً من عمرو ثم مات المورثان، فهل يرث الإنسان المركب منهما إرثهما معا أولا يرث أو يرث من صاحب الرأس أو يرث من صاحب الجسد، احتمالات والظاهر أن مثل هذا الإنسان لا يجوز له الزواج من محارم أحد الأصلين، فلا يصح زواجه من أخت صاحب الرأس ولا من أخت صاحب الجسد كما لا يجوز العكس، فلا يصح للرجل أن يتزوج من امرأة رأسها أو جسدها من أخته مثلاً.

33اعرف الحق تعرف أهله

س33: لماذا هذا الخلاف بين السنة والشيعة وقد يكون هناك من لا يعلم أيهما أحق أن يتبع؟

ج33: يجب أن ينظر في أدلتهما، حتى يعرف الحق من الباطل وهذا الاختلاف ليس عجيبا فكل البشر مختلفون في الأمور الدينية والسياسية والاقتصادية وغيرها.

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله» (257).

* وعن أبي عبيدة الحذاء قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، فقال وتلا هذه الآية: *ولا يزالون مختلفين * إلا

من رحم ربك ولذلك خلقهم*(258): «يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك» قال: قلت: قوله: *إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم*؟ قال عليه السلام: «هم شيعتنا، ولرحمته خلقهم، وهو قوله: *ولذلك خلقهم* يقول: لطاعة الإمام» (259).

34نكاح الزنوج

س34: في حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «إياكم ونكاح الزنج، فإنه خلق مشوه» (260)، متى قيل هذا الحديث؟ ولماذا؟ أ يحبذ الإسلام التفرقة؟

ج34: لو كان هذا الحديث صحيحاً، فهو إرشاد إلى أمر طبيعي وهو أن الإنسان الأبيض لو أخذ الزنجية، لم يستقر حاله معها، لأنها لا تلائمه شكلاً، فيكثر الخصام والطلاق، فالإمام عليه السلام أرشد إلى هذا الأمر، وإلا فمن له أقل إلمام بالتعاليم الإسلامية وبسيرة رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام لعرف أنه: «لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى» (261) كما يقول الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله، قال تعالى: *إن أكرمكم عند الله أتقاكم*(262).

* هذا وقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه و اله حثه على التزوج بالمرأة الولود ولو كانت سوداء فقد قال صلي الله عليه و اله: «تزوجوا السوداء الولود الودود ولا تزوجوا الحسناء الجميلة العاقر، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة» (263).

وورد نهيه صلي الله عليه و اله عن تزوج المرأة لمالها أو لجمالها دون النظر إلى دينها وخلقها فقال صلي الله عليه و اله: «من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين» (264).

وهذا إن كان يعني شيئا فإنه يعني أن اختيار الزوجة لا يكون بالنظر إلى لونها

أو شكلها أو مالها، بل بالنظر أولا إلى دينها وعفتها وأخلاقها، ولكن ورود حديث النهي عن نكاح الزنج عن أمير المؤمنين عليه السلام يدل على رأفته بالمؤمنين، فإنه عليه السلام كان يريد لهم أن يعيشوا حياة مستقرة هانئة في بيوتهم مع أزواج من جنسهم.

35عدد الأنبياء عليهم السلام

س35: إن عدد الأنبياء عليهم السلام (124) ألف نبي، وهو عدد خيالي لا يصدقه كل إنسان، فإذا كان هذا العدد صحيحاً، فأين كتبهم؟ ولماذا لم يذكروا في القرآن الحكيم؟

ج35: العدد ليس خيالياً، إذا نظرنا إلى سعة الأرض، وكثرة البلاد وتعاقب الأزمان، خصوصا وأن بعضهم كانوا أنبياء لقريتهم فقط ولو أراد القرآن الحكيم ذكرهم لكان تطويلاً بلا فائدة، ثم القرآن لم يذكر إلا جملة معروفة لدى المجتمع منهم وذلك لأن غاية القرآن الإرشاد والدلالة على مواطن العبرة، لا تعداد الأسماء وذكر التواريخ.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن لله تعالى مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي أنا سيدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله عز وجل، ولكل نبي وصي أوصى إليه بأمر الله تعالى ذكره، وإن وصيي علي بن أبي طالب لسيدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله عزوجل» (265).

36فلسفة زواج الرسول صلي الله عليه و اله من بعض زوجاته

س36: لماذا تزوج النبي محمد صلي الله عليه و اله من بعض زوجاته ألم يكن يعلم بأنها سوف تشق الطاعة على إمام زمانها وتحدث الفتن الكثيرة؟

ج36: الإسلام يرشد الناس ويجمعهم حسب الإمكان، أما من يشذ ويخرج فليس الإسلام مسؤولاً عنه، ألا ترى أن السلطة تفتح المدرسة مع أنها تعلم أن بعض الطلاب يرسبون وربما ينتحرون، فهل الحكومة مسؤولة عن فتح المدارس.

* عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في مناكحة الناس فإني قد بلغت ما تراه وما تزوجت قط؟ فقال عليه السلام: «وما يمنعك من ذلك» ؟ فقلت: ما يمنعني إلا أنني أخشى أن لا تحل لي مناكحتهم فما تأمرني؟ فقال عليه السلام: «فكيف تصنع وأنت شاب أ تصبر» ؟ قلت: أتخذ الجواري، قال عليه السلام: «فهات الآن فبما تستحل الجواري» ؟ قلت:

إن الأمَةَ ليست بمنزلة الحرة إن رابتني بشيء بعتها واعتزلتها، قال عليه السلام: «فحدثني بما استحللتها» ؟ قال: فلم يكن عندي جواب فقلت له: فما ترى أتزوج؟ فقال عليه السلام: «ما أبالي أن تفعل» قلت: أ رأيت قولك ما أبالي أن تفعل فإن ذلك على جهتين تقول لست أبالي أن تأثم من غير أن آمرك فما تأمرني أفعل ذلك بأمرك فقال عليه السلام لي: «قد كان رسول الله صلي الله عليه و اله تزوج وقد كان من أمر امرأة نوح وامرأة لوط ما قد كان *إنهما قد كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين*(266)» فقلت: إن رسول الله صلي الله عليه و اله ليس في ذلك بمنزلتي إنما هي تحت يده وهي مقرة بحكمه مقرة بدينه، فقال عليه السلام لي: «ما ترى من الخيانة في قول الله عز وجل: *فخانتاهما* ما يعني بذلك إلا الفاحشة وقد زوج رسول الله صلي الله عليه و اله فلانا» (267).

37طول عمر الإمام المهدي عليه السلام

س37: ما هو السر في عدم رؤية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام؟ سيما وأن عمره الشريف لحد الآن قد بلغ: (1168) سنة تقريباً، وإننا لم نسمع من الصحف ووسائل الإعلام عن هكذا إنسان عمّر في هذه الحياة؟

ج37: العلم الحديث يجدّ حثيثاً في تطويل عمر الإنسان(268)، فأي مانع من أن تكون القدرة الأزلية أبقت الإمام المهدي عليه السلام كما أبقت قبل الإمام، نبي الله نوح عليه السلام قال تعالى: *فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما*(269) وكما أن الله سبحانه وتعالى خلق البترول تحت الأرض قبل ألوف السنوات لفائدة البشر في هذا القرن، كذلك - ولا مناقشة في الأمثال - خلق الإمام المهدي عليه السلام لآخر الزمان، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً

هذا بالإضافة إلى سائر فوائده عليه السلام في زمن الغيبة.

وإن العلم الحديث لا يمنع من طول حياة الإنسان ما دامت خلايا البناء مستمرة في عملها وان عملية البناء أكبر من عملية الهدم وهذا ممكن الحدوث علمياً.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «أما العبد الصالح أعني الخضر فإن الله عزوجل ما طول عمره لنبوة قدرها له ولا لكتاب ينزل عليه ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ولا لطاعة فرضها له، بل إن الله تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم في أيام غيبته ما يقدر وعلم ما يكون من إنكار الأمة له أراد أن يطول عمره ذلك الطول طول عمر عبده الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لأجل الاستدلال به على عمر القائم، وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس حجة» (270).

38عبس وتولى

س38: على من نزلت الآية الكريمة: *عبس وتولى أن جاءه الأعمى*(271)، وما الدليل على ذلك؟

ج38: نزلت في عثمان بدليل التفاسير والتواريخ، ونسبتها إلى النبي محمد صلي الله عليه و اله كذب، فهل النبي صلي الله عليه و اله الذي يصفه القرآن: *وإنك لعلى خلق عظيم*(272) يعبس ويتولى عن أعمى؟!.

* في تفسير الصافي نقلا عن القمي أنه قال: إن *عبس وتولى* نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله صلي الله عليه و اله وكان أعمى وجاء إلى رسول الله صلي الله عليه و اله وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله صلي الله عليه و اله على عثمان فعبس عثمان وجهه وتولى عنه فأنزل الله *عبس وتولى* يعني عثمان *أن جاءه الأعمى*(273).

*

وقد روي عن الصادق عليه السلام: «أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي صلي الله عليه و اله فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه» (274).

39العفو عند المقدرة

س39: إن علياً عليه السلام معروف بشجاعته وبطولته، فلماذا لم ينتقم من أعدائه؟

ج39: قال تعالى: *خذ العفو*(275) وقال سبحانه: *وأن تعفوا أقرب للتقوى*(276)، فلماذا ينتقم الإمام عليه السلام، والرسول صلي الله عليه و اله لم ينتقم من أعدائه أهل مكة حين ظفر بهم(277).

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله يوم فتح مكة في خطبة طويلة: «ألا بئس جيران النبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم وأخرجتم وآذيتم ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلونني، إذهبوا فأنتم الطلقاء...» (278).

* عبد الله بن سليمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون أن عليا عليه السلام قتل أهل البصرة وترك أموالهم، فقال: إن دار الشرك يحل ما فيها وإن دار الإسلام لا يحل ما فيها، فقال عليه السلام: «إن عليا عليه السلام إنما منَّ عليهم كما من رسول الله صلي الله عليه و اله على أهل مكة، وإنما ترك علي عليه السلام لأنه كان يعلم أنه سيكون له شيعة وأن دولة الباطل ستظهر عليهم، فأراد أن يقتدى به في شيعته، وقد رأيتم آثار ذلك هو ذا يسار في الناس بسيرة علي عليه السلام ولو قتل علي عليه السلام أهل البصرة جميعا واتخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا لكنه منَّ عليهم ليمنَّ على شيعته من بعده» (279).

* عن الحسن بن هارون بياع الأنماط قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا

فسأله معلى بن خنيس: أ يسير الإمام عليه السلام بخلاف سيرة علي عليه السلام؟ قال: «نعم وذلك أن علياً عليه السلام سار بالمن والكف لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم، وأن القائم عليه السلام إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي لأنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدا» (280).

40مِن علْمِ الإمام

س40: المأثور عن علوم علي أمير المؤمنين عليه السلام، أنه علم لم يتوصل إليه أحد، فلماذا لم يبين علمه حينما كان عليه السلام على قيد الحياة ؟ ليثبت للناس بأن لديه علماً جماً لقوله عليه السلام: «علمني رسول الله ألف باب من العلم وفتح لي من كل باب ألف باب» (281).

ج40: الإمام عليه السلام بيّنَ كثيراً من علمه ولكنه ضاع ولم يصل إلينا، وما وصل ليس بقليل، فها هو كتاب (نهج السعادة) من كلمات الإمام عليه السلام في عشرين مجلدا ضخما(282).

* عن الأصبغ بن نباتة قال: لما جلس علي عليه السلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمماً بعمامة رسول الله صلي الله عليه و اله لابساً بردة رسول الله صلي الله عليه و اله متنعلاً نعل رسول الله صلي الله عليه و اله متقلداً سيف رسول الله صلي الله عليه و اله فصعد المنبر فجلس عليه متمكناً ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال عليه السلام: «يا معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله صلي الله عليه و اله، هذا ما زقني رسول الله صلي الله عليه و اله زقاً زقاً، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين أما والله لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق

عليٌّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق عليٌّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق عليٌّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله فيَّ، وأنتم تتلون القرآن ليلاً ونهاراً فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله عزوجل لأخبرتكم بما كان وما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذه الآية: *يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكِتاب*(283)»، ثم قال عليه السلام: «سلوني قبل أن تفقدوني فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن أية آية، في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت؟ مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، لأخبرتكم»، فقام إليه رجل يقال له: ذعلب، وكان ذرب اللسان بليغاً في الخطب شجاع القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ فقال عليه السلام: «ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد رباً لم أره» قال: فكيف رأيته صفه لنا؟ قال عليه السلام: «ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظمة، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعباده، مدرك لا بمجسة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق

كل شيء ولا يقال شيء فوقه، أمام كل شيء ولا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج»، فخر ذعلب مغشيا عليه فقال: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها، ثم قال عليه السلام: «سلوني قبل أن تفقدوني»، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ فقال عليه السلام: «بلى يا أشعث قد أنزل الله تعالى عليهم كتاباً وبعث إليهم نبياً وكان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا فأهلكته فاخرج نطهرك ونقم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم فاجتمعوا، فقال لهم: هل علمتم أن الله عزوجل لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟ قالوا: صدقت أيها الملك، قال: أ فليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم»، فقال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها أبداً، ثم قال عليه السلام: «سلوني قبل أن تفقدوني» فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكيا على عكازة فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار، فقال عليه السلام له: «اسمع يا هذا ثم افهم ثم

استيقن قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله عزوجل، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور وعندها يعرف العارفون الله إن الدار قد رجعت إلى بدئها أي إلى الكفر بعد الإيمان أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى، أيها الناس إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام»، قال: يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال عليه السلام: «ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه، وإن كان حبيبا قريبا»، قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم علي عليه السلام على المنبر ثم قال: «ما لكم هذا أخي الخضر عليه السلام »، ثم قال عليه السلام: «سلوني قبل أن تفقدوني» فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلي الله عليه و اله ثم قال عليه السلام للحسن عليه السلام: «يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون: الحسن لا يحسن شيئاً»، قال الحسن عليه السلام: «يا أبه كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى؟» قال عليه السلام له: «بأبي وأمي أواري نفسي عنك وأسمع وأرى ولا تراني» فصعد الحسن عليه السلام المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة وصلى

على النبي وآله صلاة موجزة ثم قال عليه السلام: «أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهل تدخل المدينة إلا من بابها؟» ثم نزل فوثب إليه علي عليه السلام فتحمله وضمه إلى صدره ثم قال عليه السلام للحسين عليه السلام: «يا بني قم فاصعد فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون: إن الحسين بن علي عليه السلام لا يبصر شيئا وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك»، فصعد الحسين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وآله صلاة موجزة ثم قال عليه السلام: «معاشر الناس سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله وهو يقول: إن عليا عليه السلام مدينة هدى فمن دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك»، فوثب إليه علي عليه السلام فضمه إلى صدره وقبله ثم قال عليه السلام: «معاشر الناس اشهدوا أنهما فرخا رسول الله صلي الله عليه و اله ووديعته التي استودعنيها، وأنا أستودعكموها معاشر الناس ورسول الله سائلكم عنهما» (284).

* عن الصادق عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال فيما يقول: «أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، أيها الناس أنا قلب الله الواعي ولسانه الناطق وأمينه على سره وحجته على خلقه وخليفته على عباده وعينه الناظرة في بريته ويده المبسوطة بالرأفة والرحمة ودينه الذي لا يصدقني إلا من محض الإيمان محضا ولا يكذبني إلا من محض الكفر محضا» (285).

* عن عباية بن ربعي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني ألا تسألون من عنده علم المنايا والبلايا والأنساب» (286).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما من أرض مخصبة ولا الأرض مجدبة إلا

وأنا أعلمها» (287).

* وعنه عليه السلام قال: «سلوني قبل أن تفقدوني فإني بطرق السماء أخبر منكم بطرق الأرض» (288).

* وعنه عليه السلام قال: «سلوني قبل أن تفقدوني فو الله ما في القرآن آية إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، في سهل أو في جبل وإن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا» (289).

* عن أبى جعفر عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألونني عن فتنة يضل فيها مائة ويهتدي فيها مائة إلا أخبرتكم بسائقها وناعقها إلى يوم القيامة حتى فرغ من خطبته» قال: فوثب إليه بعض الحاضرين فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني كم شعرة في لحيتي فقال عليه السلام: «أما إنه قد أعلمني خليلي رسول الله صلي الله عليه و اله إنك تسألني عن هذا فو الله ما في رأسك شعرة إلا وتحتها ملك يلعنك ولا في جسدك شعرة إلا وفيها شيطان يهزك وإن في بيتك لسخلا يقتل الحسين بن رسول الله عليه السلام » قال أبو جعفر عليه السلام: «وعمر بن سعد لعنه الله يومئذ يحبو» (290).

41أساليب الأئمة عليهم السلام في الحياة

س41: لماذا تعددت أساليب الأئمة الأطهار عليهم السلام في نشر الإسلام؟

ج41: لأن كل إمام عمل حسب مقتضيات زمانه، كما تعددت أساليب الأنبياء عليهم السلام حسب مقتضيات أزمنتهم، والكل عمل بما أمره الله تعالى.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلي الله عليه و اله بصحيفة من السماء لم ينزل الله تعالى كتابا قبله ولا بعده وفيه خواتيم من الذهب، فقال له: يا محمد هذه وصيتك إلى النجيب من أهلك، فقال له: يا جبرئيل من النجيب من أهلي، قال: علي

بن أبي طالب مره إذا توفيت أن يفك خاتمها ويعمل بما فيه، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه و اله فك علي عليه السلام خاتما ثم عمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى الحسن بن علي عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى الحسين بن علي عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه اخرج بقوم إلى الشهادة لهم معك واشر نفسك لله فعمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى رجل بعده ففك خاتما فوجد فيه أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ثم دفعها إلى رجل بعده ففك خاتما فوجد فيه أن حدث الناس وأفتهم وانشر علم آبائك فعمل بما فيه وما تعداه، ثم دفعها إلى رجل بعده ففك خاتما فوجد فيه أن حدث الناس وأفتهم وصدق آباءك ولا تخافن إلا الله فإنك في حرز من الله وضمان وهو يدفعها إلى رجل بعده، ويدفعها من بعده إلى من بعده إلى يوم القيامة» (291).

42قصة المعراج

س42: ما هي الدلائل القاطعة التي تؤيد صحة القول: بأن النبي صلي الله عليه و اله عرج به إلى السماء على ظهر حيوان اسمه البراق؟ ثم كيف تخطى هذه الشهب التي لو أصابت جسما جعلته هباءً منثورا؟ وكيف دخل النبي صلي الله عليه و اله في البراق كما في الروايات؟ وكيف أن النبي صلي الله عليه و اله عرج به إلى السماوات السبع بمقدار ثلث الليل؟ وما هو تفسير ما ورد في الدعاء: «عرجت بروحه إلى سمائك» (292) فهل النبي صلي الله عليه و اله عرج بروحه أم بجسمه؟

ج42: هناك كتب عديدة ألفت في تفصيل المعراج وذكر فيها: أحدث الأدلة العلمية والتمثيلات الفلسفية

حول قصة المعراج فراجعوها، أما كلمة (روحه) في الدعاء فهو على بعض النسخ، وفي أصحها (وعرج به) إضافة إلى أن المراد بالروح هنا: الجسم كما تقول العرب الآن (لا تذب روحك) أي جسمك، وذلك بعلاقة (السبب والمسبب) أو(الجزء والكل) في اصطلاح أهل البلاغة.

* راجع كتاب (المعراج رحلة في عمق الفضاء والزمن) لفضيلة العلامة السيد هادي المدرسي فهو يحتوي على ثلاثة فصول رئيسية:

الأول: عن المعجزة والمعراج.

الثاني: عن تاريخ المعراج، وفيه نقرأ هذه المواضيع: متى كان المعراج؟ كيف كان المعراج؟ فترة المعراج، الهدف من المعراج، لماذا إلى المسجد الأقصى؟ مركبة النبي صلي الله عليه و اله في المعراج، كيف تلقى الناس نبأ المعراج؟ ما عاد به النبي صلي الله عليه و اله من المعراج؟ ما رآه النبي صلي الله عليه و اله في المعراج؟ رحلة المعراج كانت داخل المنظومة، وما هي رسالة المعراج؟.

الثالث: عن رحلة المعراج وعلوم الفضاء، وفيه نجد العناوين التالية: مشاكل في طريق المعراج، مشكلة الحرارة، ومشكلة التخلص من الجاذبية، ومشكلة انعدام الوزن، ومشكلة تخطي الغلاف الجوي، ومشكلة التخلص من الشهب، ومشكلة انعدام الأوكسجين، ومشكلة الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية، ومشكلة الأشعة الكونية، ومشكلة السرعة، ومشكلة الزمان، والختام.

من الفصل الثاني اخترنا البحث الذي يتعلق بالسؤال وهو بعنوان: (مركبة النبي صلي الله عليه و اله في المعراج) يقول المؤلف في هذا البحث ما لفظه: تعرضت عشرات من الأحاديث لوصف مركبة النبي صلي الله عليه و اله التي حملته في رحلة المعراج، وقد أجمعت على أنها كانت تحمل المواصفات التالية:

1: إن اسمها كان (البراق)، ويظهر من الأحاديث أن النبي صلي الله عليه و اله هو الذي خلع على المركبة اسم (البراق) ويعتقد بعض

العلماء بأن الكلمة مشتقة من البرق وهو (النور) وقد يكون القصد من ذلك أن سرعة المركبة كانت كسرعة الضوء، تشبيها وإن كانت أسرع واقعا.

2: إن خطاها كان مد بصره.

3: إن حجمها لم يكن أصغر من الحمار ولا أكبر من البغل.

4: إنها كانت تتمتع بجناحين (يحفزانها من الخلف) ولكلمة (يحفزانها) دلالة خاصة لأنها تعني الدفع، كما تدفع المحركات النفاثة مثلا الطائرة إلى الأمام.

5: إن النبي صلي الله عليه و اله دخل فيها ولم يركب عليها وكانت بالنسبة إلى النبي صلي الله عليه و اله كما يصرح بذلك (مثل وكر الطير).

6: إنها كانت مزمومة بسبعين ألف زمام، وقد يعني الزمام هنا (السلك) إذ من المستبعد جدا أن تكون (البراق) حيواناً ذا سبعين ألف زمام، لأنا إذا فرضنا الزمام الواحد بحجم الخيط العادي فإن سبعين ألف منه لابد وأن يساوي حتما حجم النخلة وهل هناك أي داع لوضع زمام نخلي على حيوان لا يبلغ حجمه حجم البغل؟

7: إن سرعتها كانت (بحيث لو أذن الله لها لجالت الدنيا والآخرة في جريدة واحدة) والجريدة تعني الخطوة.

هذه الأوصاف تشير بوضوح إلى أن مركبة المعراج كانت مركبة ذات أجهزة دقيقة من قبيل المركبات الفضائية وإن كانت أعظم منها بكثير، حيث أن صانعها هو الله بينما صانع هذه المركبات هو مخلوق لله، وقد تكون النسبة بينهما كالنسبة بين إنسان حي وتمثال إنسان أو الإنسان الآلي أو المستنسخ، انتهى.

ومن الفصل الثالث اخترنا هذا العنوان (مشكلة التخلص من الشهب) حيث يقول المؤلف: الشهاب قطعة صغيرة صلبة من المادة الكونية تدخل الغلاف الجوي للأرض بسرعة كبيرة قد تصل إلى أكثر من أربعين ميلاً في الثانية فتحترق بسبب الاحتكاك الشديد مع الغلاف الجوي وتبدو خطاً لامعاً يومض

لحظة ويبقى أثره بضع ثوان ومتوسط سرعة الشهاب يبلغ (41كم) في الثانية فإذا كانت سرعتها بطيئة وصلت منها أجزاء إلى الأرض وسميت نيازك والشهاب وإن كان صغيراً جداً وتافهاً جداً ولكن سرعته الفائقة تعطيه قدرة إفنائية أكثر من تسعين مرة من قدرة طلقات البندقية، ومن هنا اعتبرت الشهب مشكلة كبرى في طريق المراكب الفضائية وللحيلولة دون تمزق المركبات الفضائية لابد من صنع غلاف خاص لا يخترقه الرصاص والشهاب وهذا أمر ممكن، ومشكلة الشهاب إذاً مشكلة تقبل الحل ولا تستعصي عليه، وكما ذكرنا فإن من المحتمل أن سفينة النبي صلي الله عليه و اله التي خلع عليها النبي صلي الله عليه و اله اسم (البراق) كانت ذات غلاف واقي فالمشكلة إذاً محلولة.

أما مشكلة الزمان (بمقدار ثلثي الليل) فتحل كما يلي:

1: إن الزمان ليس سوى قياس حركات المادة بالحوادث الطبيعية كطلوع الشمس وغروبها وما شابه ذلك، ومقاييس الثانية، الساعة، الشهر، السنة، لا تعني سوى الوضع الذي اتخذته الأشياء الخارجية كالشمس إزاء الشيء في فترة ما، فالمسافة التي تقطعها الشمس في فترة معينة مثلا تعتبر مقياسا لعمر البشر والأشجار والأحداث على وجه الأرض وبما أننا متقوقعون داخل منظومتنا الشمسية وبما أن القوانين التي تحكمنا ليست إلا قوانين جربناها داخل هذه المنظومة فلا يجوز أن نقيس الزمان خارج المنظومة بزمان داخل المنظومة فليس حتمياً أن تكون نفس هذه القوانين حاكمة

خارج المنظومة الشمسية، إن من المحتمل قريبا أن يكون شهر كامل نقضيه خارج المنظومة الشمسية أو نظن أننا قضيناه هناك لا يساوي إلا نصف ثانية بالنسبة إلى توقيت الأرض.

لقد أثبت العلم الحديث أن لكل كرة من كرات المنظومة الشمسية أوضاعاً وقوانين خاصة فليس حتمياً أن تكون قوانين الأرض

مثلاً حاكمة على القمر، إن الإنسان لم يستطع بعد أن يخرج من المنظومة الشمسية، حتى يعرف ماذا وكيف الوضع هناك

ولا يحق له أن يحكم عليه بمنظاره الضيق المحدود، وعلى ضوء ذلك لا يجوز أن يعتبر زمان المعراج مشكلة في طريق الإيمان به ما دمنا لا نعرف بالضبط أوضاع الكون كلها، فقد يكون النبي صلي الله عليه و اله قضى شهراً كاملاً في الفضاء ولكنه بالقياس إلى توقيت الأرض لم يستغرق إلا ثوان قلائل.

2: إن رحلة المعراج كما سبق الحديث عنها لم تكن خاصة بالفضاء الكوني بل إن قسماً منها كان في عمق الزمان وقسماً آخر منها في عمق الآخرة، ووضع الآخرة غير معروف كما أن المستقبل زمانه عكسي.

كلمة الختام: إننا إذا صدقنا رسول الله صلي الله عليه و اله في قضية الاتصال بالسماء ونزول الوحي عليه وآمنا نتيجة ذلك بمنهاجه فإن الإيمان بمعراجه ليس مشكلة مادام الفعل منسوباً إلى الله المهيمن القادر ووضعنا في ذلك يشبه وضع من يصدق صعود طفل إلى قمة جبل عن طريق حمل أبيه له، إن النبي صلي الله عليه و اله لم يدّع أنه بقدرته البشرية عرج إلى السماء بل بقدرة الله تعالى *سبحان الذي أسرى بعبده*(293).

وهناك عدة أدلة تصرح بأن المعراج لم يكن رحلة روحية فقط، ففي الآية التي استعرضناها من سورة الإسراء نجد كلمة *بعبده* وهو ظاهر في الجسد والروح كما أن تقديم الآية بكلمة *سبحان* دليل على أهمية الرحلة، وأية أهمية لرؤيا يراها النبي صلي الله عليه و اله في منامه. ومن الواضح أنه ليس للمعراج الروحي أي تفسير غير الرؤيا الصادقة، إذ ليس للروح تصرفات مستقلة إلا في حالتي النوم أو الموت، هذا ونجد في

آيات سورة (النجم) شواهد أخرى على ذلك:

أولاً: حيث تعبر عن اقتراب النبي صلي الله عليه و اله إلى جبرائيل بقوله تعالى: *ثم دنا فتدلى*(294) أي فتعلق به وهو تمثيل لعروجه برسول الله صلي الله عليه و اله وهذا ظاهر في الجسد إذ يبعد التعبير عن التعلق الروحي (بالتدلي).

ثانياً: حيث تصرح الآية بأن النبي صلي الله عليه و اله كان يرى آيات الله بعينه الجسديتين لقوله تعالى:*ما زاغ البصر وما طغى*(295)، وواضح أن الجسد هو الذي يرى عن طريق البصر، أما الروح فهي ترى الأشياء بلا واسطة (آلة) كالعين مثلاً.

ثالثا: تقول الآية: *ولقد رآه*(296) أي رأى النبي صلي الله عليه و اله جبرائيل على صورته الحقيقية *مرة أخرى* وكانت المرة الأولى في غار حراء في أول اتصال جرى بين النبي صلي الله عليه و اله وبين الله، وواضح أن المرة الأولى كانت بالعين لا بالروح وهكذا يجب أن تكون في الثانية(297).

43الشهادة الثالثة

س43: ما هو الجواب حينما يقولون: إن الشهادة الثالثة بدعة ابتدعها الشيعة في الوقت الحاضر، لأنها لم تكن في عهد الرسول صلي الله عليه و اله ولا الأئمة الأطهار عليهم السلام؟

ج43: من قال إنها لم تكن في زمن رسول الله صلي الله عليه و اله؟! بل هناك روايات تدل على أنها من الأذان(298) والظاهر أن رسول الله صلي الله عليه و اله بأمر من الله جعلها من فصول الأذان في يوم الغدير بعدما نصب علياً أميراً للمؤمنين وخليفة من بعده على المسلمين(299).

* الظاهر إن الشهادة لعلي عليه السلام بالولاية وإمرة المؤمنين جزء من الأذان والإقامة كسائر الفصول، وأما وجه الجزئية فلأنه ورد ذلك في جملة من الروايات التي ليست هي أقل شأناً من روايات كثيرة

في المستحبات، وعدم ذكرها في الروايات السابقة لا يضر، كيف وكل الأمور المركبة الشرعية لا تجدها مجموعة في رواية إلا شاذاً، فهل هيكل الصلاة بواجباتها ومستحباتها ونواقضها، أو مفطرات الصيام أو أحكام الحج أو غيرها مذكورة ومجموعة في رواية واحدة؟

أما الروايات فقد روى الشيخ عبد العظيم في كتابه (السياسة الحسينية) في مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق يسمى ب_(السلافة في أمر الخلافة) تأليف الشيخ عبد الله المراغي من أعلام السنة في القرن السابع الهجري قال: وفيه روايتان مضمون أحدهما أنه أذن سلمان المحمدي فرفع الصحابة لرسول الله صلي الله عليه و اله أنه زاد في الأذان (أشهد أن علياً ولي الله) فجبههم النبي صلي الله عليه و اله بالتوبيخ والتأنيب اللاذع وأقر لسلمان هذه الزيادة، ومضمون الأخرى أنهم سمعوا أباذر الغفاري بعد بيعة الغدير يهتف بها في الأذان، فرفعوا ذلك إلى النبي صلي الله عليه و اله فقال: «أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية، أما سمعتم قولي في أبي ذر: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر الغفاري، إنكم لمنقلبون بعدي على أعقابكم... » (300).

44كان الله غفوراً رحيما

س44: هل إن الله تعالى كان غفوراً رحيماً في الماضي حسب مدلول الآية الكريمة، قال سبحانه: *كان الله غفورا رحيما*؟(301).

ج44: (كان) هنا لمجرد الربط كما ذكر في النحو لا أنه بمعنى الفعل الماضي فالمعنى (إن الله غفور رحيم).

* ذكر النحاة أنه قد يراد من الزمن في الفعل(كان) الدوام والاستمرار الذي يعم الأزمنة الثلاثة بشرط وجود قرينة تدل على هذا الشمول، فتكون (كان) بمعنى: (بقي على حاله واستمر شأنه وسيستمر من غير انقطاع ولا تقيد بزمن معين) نحو: *كان الله غفورا رحيما*(302).

45لا تناقض في القرآن الكريم

س45: قد يتصور البعض التناقض في القرآن الحكيم مثلا قال تعالى:

1: *ونفخ في الصور*(303) وفي مجال آخر: *يوم ينفخ في الصور*(304).

2: *وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون*(305) و*يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة*(306).

3: *قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين*(307) وقال: *وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين*(308) وقال: *فقضاهن سبع سماوات في يومين*(309) وقال: *الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا*(310).

فما هو التفسير لذلك؟

ج45: لا تناقض في القرآن إطلاقاً:

1: أهل البلاغة يقولون: المستقبل المحقق الوقوع في حكم الماضي، ولذا قال تعالى: *نفخ*.

2: خمسين ألف سنة هو يوم القيامة، وألف سنة مقدار المسافة بين الأرض والسماء.

3: إن الله تعالى خلق الأرض في يومين وخلق ما في الأرض في يومين آخرين كما قال تعالى: *وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام*(311) أي بالإضافة إلى اليومين الأولين، وخلق السماوات في يومين كما يقول تعالى: *فقضاهن سبع سماوات في يومين* فهذه ستة

أيام فلا تناقض بينها وبين قوله تعالى: *الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام*.

46الصلاة على النبي وآله

س46: ما هو المعنى من قول (اللهم صل على محمد وآل محمد)؟

ج46: الصلاة (العطف) أي اعطف عليهم، وعطفه سبحانه: رحمته وفضله.

* الصلاة جمعها صلوات، يقول العلامة المجلسي رحمة الله عليه: المشهور أن الصلاة من الله تعالى رحمة ومن الملائكة استغفار ومن العباد دعاء.

وجاءت الصلاة بمعنى التعظيم أيضا، قيل ومنه: (اللهم صل على محمد وآل محمد) أي عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته(312).

* قال الإمام الصادق عليه السلام: «من صلى على النبي صلي الله عليه و اله فمعناه: إني على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله: *أ لست بربكم قالوا بلى*(313)» (314).

47تلقين الميت

س47: ما هو الجواب حينما يقول أحد الكتاب من إخواننا السنة: بأن تلقين الميت بدعة وأنها لم تكن في زمن النبي صلي الله عليه و اله؟

ج47: وردت أحاديث بوجود التلقين في زمن النبي صلي الله عليه و اله(315) كما أن هناك أحاديث عن الأئمة الصادقين عليهم السلام، الذين أمر الرسول صلي الله عليه و اله باتباعهم، دلت على استحباب التلقين(316).

* ورد عن محمد بن الحسن عن المفيد رحمة الله عليه عن يحيى بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «ما على أهل الميت منكم أن يدرأوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير»، قال: قلت: كيف نصنع؟ قال عليه السلام: «إذا أفرد الميت فليستخلف عنده أولى الناس به فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلى صوته: يا فلان ابن فلان، أويا فلانة بنت فلان، هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله سيد النبيين، وأن علياً

أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأن ما جاء به محمد صلي الله عليه و اله حق، وأن الموت حق، والبعث حق، وأن الله يبعث من في القبور، قال: فيقول منكر لنكير: انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته» (317).

* وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ينبغي أن يتخلف عند قبر الميت أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه ويقبض على التراب بكفيه ويلقنه برفيع صوته، فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره» (318).

48الجمع بين الصلاتين

س48: لماذا تجمع الشيعة بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء؟ وهل هناك فائدة في ذلك؟ وهل كانوا في صدر الإسلام يجمعون بينهما؟

ج48: الرسول صلي الله عليه و اله كان يجمع أحيانا بين الصلاتين، وأحيانا يفرق بينهما(319)، ولذا أجاز الشيعة كلا الأمرين وإنما يجمعون تسهيلا وفي الآية الكريمة: *سارعوا إلى مغفرة من ربكم*(320).

* وهناك أدلة كثيرة في جواز الجمع بين الصلاتين، وربما تدل هذه الآية على ذلك قال تعالى: *أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً*(321)، فإن المقصود من الصلاة في الآية هو الصلوات الخمس اليومية (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح) وقد حددت الآية أوقاتها:

1:*لدلوك الشمس*: هو وقت صلاة الظهر، لأن دلوك الشمس بمعنى زوالها عن دائرة نصف النهار، ومن هنا يعلم أن وقت الزوال هو وقت مشترك بين الظهر والعصر إلى المغرب إلا أن صلاة الظهر تكون قبل صلاة العصر.

2:*إلى غسق الليل*: هو نهاية وقت صلاة المغرب والعشاء، والغسق عبارة عن تراكم الظلمة وشدتها في منتصف الليل، فيعلم أن وقت صلاة المغرب والعشاء ينتهي في منتصف الليل وما قبل ذلك وقت مشترك بينهما، ولكن المغرب يكون قبل العشاء.

3: *وقرآن الفجر*: هو وقت صلاة

الصبح.

* ولو راجعنا القرآن الكريم من أوله إلى آخره لما وجدنا آية واحدة تذكر خمسة أوقات للصلوات الخمس، بل كل الآيات التي تذكر الأوقات تذكر ثلاثة أوقات للصلوات، وهي أحد عشر آية في سبعة سور من القرآن الكريم، نوردها فيما يلي:

1: قوله تعالى: *وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين*(322).

2: قوله تعالى: *أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا*(323).

3: قوله تعالى: *فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى*(324).

4: قوله تعالى: *فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون*(325).

5: قوله تعالى: *فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود*(326).

قوله تعالى: *واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم*(327).

قوله تعالى: *واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا * ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا*(328). فهذه أحد عشر آية في سبع سور من القرآن الكريم تذكر ثلاث أوقات فقط للصلوات اليومية الخمس.

* وهناك أحاديث تصرح بأن النبي صلي الله عليه و اله كان يجمع بين الصلاتين - أحيانا - في غير سفر ولا حرب ولا مطر، ولما سئل صلي الله عليه و اله عن السبب؟ قال: لكي أوسع على أمتي، ولكي لا أحرج أمتي، كما يظهر من الروايات التالية:

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن رسول الله صلي الله عليه و اله صلى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سبب فقال له

عمر: وكان أجرأ القوم عليه، أحدث في الصلاة شيء؟ قال صلي الله عليه و اله: لا ولكن أردت أن أوسع على أمتي» (329).

* وعن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: «أن رسول الله صلي الله عليه و اله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد وإقامتين» (330).

* عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلي الله عليه و اله بين الظهر والعصر من غير خوف ولا سفر فقال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته(331).

* وروي عنه أيضا أنه قال: صلى رسول الله صلي الله عليه و اله الظهر والعصر، جميعا والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر، قال ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته(332).

49لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان

س49: ما معنى الحديث الذي ورد في الكافي، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام القائل: «لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، ولقد آخى رسول الله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق» (333).

ج49: كان سلمان في درجة أرقى من أبي ذر وهذا كناية عن عدم تحمل أبي ذر لعلم سلمان، كما أن الطالب الابتدائي لا يتحمل علم الطالب الثانوي.

* ولا بأس هنا من إيراد بعض الأحاديث في فضل سلمان وأبي ذر (رضي الله عنهما):

* كان الناس يحفرون الخندق وينشدون سوى سلمان* فقال النبي صلي الله عليه و اله: «اللهم أطلق لسان سلمان ولو على بيتين من الشعر»، فأنشأ سلمان*:

ما لي لسان فأقول شعرا

أسأل ربي قوة ونصرا

على عدوي وعدو الطهرا

محمد المختار حاز الفخرا

حتى أنال في الجنان قصرا

مع كل حوراء تحاكي البدرا

فضج المسلمون وجعل كل قبيلة يقول: سلمان منا، فقال النبي صلي الله عليه و

اله: «سلمان منا أهل البيت» (334).

* روي عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «لو كان الدين في الثريا لناله سلمان» (335).

* عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان والله عليٌّ محدثا، وكان سلمان محدثا»، قلت: اشرح لي، قال عليه السلام: «يبعث الله إليه ملكا ينقر في أذنيه، يقول كيت وكيت» (336).

* عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: «تروي ما يروي الناس أن عليا عليه السلام قال في سلمان: أدرك علم الأول وعلم الآخر» ؟ قلت: نعم، قال عليه السلام: «فهل تدري ما عنى» ؟ قلت: يعني علم بني إسرائيل وعلم النبي صلي الله عليه و اله، فقال عليه السلام: «ليس هكذا، ولكن علم النبي صلي الله عليه و اله وعلم علي عليه السلام، وأمر النبيِّ وأمر عليّ صلوات الله عليهما» (337).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله لسلمان: يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد لو عرض صبرك على سلمان لكفر» (338).

* عن أبي الأسود الدؤلي قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة* عنه فحدثني أبو ذر قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلي الله عليه و اله في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله صلي الله عليه و اله وعلي عليه السلام إلى جانبه جالس، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها، فقال صلي الله عليه و اله: «نعم وأكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل

البيت..» والوصية طويلة جدا، وهي من عظيم كلامه صلي الله عليه و اله، وتصلح أن تكون بذاتها موضوعا مستقلا يدرس(339).

* سئل علي عليه السلام عن أبي ذر فقال: «ذلك رجل وعى علما عجز عنه الناس، ثم أوكأ عليه ولم يخرج شيئا منه» (340).

* وروي عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: «أبو ذر في أمتي شبيه عيسى ابن مريم في زهده»، وبعضهم يرويه: «من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر» (341).

* عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام: «أن أبا ذر الغفاري * عنه تمعَّك فرسه ذات يوم فحمحم في تمعكه، فقال أبو ذر: هي حسبك الآن فقد استجيب لك، فاسترجع القوم وقالوا: خولط أبو ذر، فقال للقوم: ما لكم؟ قالوا: تكلم بهيمة من البهائم؟ فقال أبو ذر *: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول إذا تمعك الفرس دعا بدعوتين فيستجاب له، يقول: اللهم اجعلني أحب ماله إليه، والدعوة الثانية اللهم ارزقه على ظهري الشهادة، ودعوتاه مستجابتان» (342).

* كان أبو ذر تخلف عن رسول الله صلي الله عليه و اله في غزوة تبوك ثلاثة أيام وذلك أن جمله كان أعجف فلحق بعد ثلاثة أيام، ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه، وحمل ثيابه على ظهره، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «كأن أبا ذر» فقالوا: هو أبو ذر، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أدركوه بالماء فإنه عطشان» فأدركوه بالماء، ووافى أبو ذر رسول الله صلي الله عليه و اله ومعه إداوة فيها ماء، فقال رسول الله صلي الله عليه

و اله: «يا أبا ذر معك ماء وعطشت؟» فقال: نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي، انتهيت إلى صخرة وعليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذب بارد، فقلت: لا أشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله صلي الله عليه و اله، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا أبا ذر رحمك الله تعيش، وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك»، فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر، وقف على قبره فقال: رحمك الله يا ذر لقد كنت كريم الخلق بارا بالوالدين، وما علي في موتك من غضاضة، وما لي إلى غير الله من حاجة، وقد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك، ولولا هول المطلع لأحببت أن أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك؟ وما قلت لهم؟، ثم قال: اللهم إنك فرضت لك عليه حقوقا، وفرضت لي عليه حقوقا، فإني قد وهبت له ما فرضت عليه من حقوقي، فهب له ما فرضت عليه من حقوقك، فإنك أولى بالحق وأكرم مني، وكانت لأبي ذر غنيمات يعيش هو وعياله منها فأصابها داء يقال لها النقاب، فماتت كلها، فأصاب أبا ذر وابنته الجوع وماتت أهله، فقالت ابنته: أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا فقال لي أبي: يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت (وهو نبت له حب)، فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا فجمع أبي رملا ووضع رأسه عليه، ورأيت عينيه قد انقلبتا، فبكيت فقلت له: يا أبة كيف أصنع بك وأنا وحيدة؟ فقال: يا بنتي لا تخافي فإني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري، فإني

أخبرني حبيبي رسول الله صلي الله عليه و اله في غزوة تبوك فقال لي: «يا أبا ذر تعيش وحدك، وتموت وحدك، و تبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك أقوام من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك»، فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فإذا أقبل ركب فقومي إليهم وقولي: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه و اله قد توفي، قالت: فدخل إليه قوم من أهل الربذة فقالوا: يا أبا ذر ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قالوا: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قالوا: هل لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، قالت ابنته: فلما عاين سمعته يقول مرحبا بحبيب أتى على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم خنقني خناقك، فو حقك إنك لتعلم أني أحب لقاءك، قالت ابنته: فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق، فجاء نفر فقلت لهم: يا معشر المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلي الله عليه و اله قد توفي، فنزلوا ومشوا يبكون فجاءوا فغسلوه وكفنوه ودفنوه، وكان فيهم الأشتر فروي أنه قال: كفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم، فقالت ابنته: فكنت أصلي بصلاته وأصوم بصيامه فبينا أنا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي كما كان يتهجد به في حياته، فقلت: يا أبة ما ذا فعل بك ربك؟ قال: يا بنتي قدمت على رب كريم رضي عني ورضيت عنه وأكرمني وحياني فاعملي ولا تغتري(343).

* عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: «بكى أبو ذر رحمة الله عليه من خشية الله عزوجل حتى اشتكى بصره، فقيل له: يا أبا ذر

لو دعوت الله أن يشفي بصرك، فقال: إني عنه لمشغول، وما هو من أكبر همي، قالوا: وما يشغلك عنه؟ قال: العظيمتان الجنة والنار» (344).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «وعك أبو ذر * عنه فأتيت رسول الله صلي الله عليه و اله فقلت يا رسول الله إن أبا ذر قد وعك، فقال: امض بنا إليه نعوده فمضينا إليه جميعا، فلما جلسنا قال رسول الله صلي الله عليه و اله: كيف أصبحت يا أبا ذر؟ قال: أصبحت وعكا يا رسول الله، فقال صلي الله عليه و اله: أصبحت في روضة من رياض الجنة قد انغمست في ماء الحيوان، وقد غفر الله لك ما يقدح في دينك فأبشر يا أبا ذر» (345).

50أصحاب الرس

س50: من هم أصحاب الرس الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الحكيم؟

ج50: قوم دفنوا نبيهم في بئر، ولعلهم كانوا في حدود (إيران - روسيا) حيث الآن يوجد نهر هناك يسمى (أرس) أو(رس).

* قال تعالى: *كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود*(346)، الرس: البئر المطوية بالحجارة.

* وفي معاني الأخبار: (معنى أصحاب الرس) أنهم نسبوا إلى نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، وقد قيل: أن الرس هو البئر وأن أصحابه رسوا نبيهم بعد سليمان بن داود عليه السلام وكانوا قوماً يعبدون شجرة صنوبر يقال لها (شاه درخت) كان غرسها يافث بن نوح عليه السلام فأنبتت لنوح عليه السلام بعد الطوفان وكانت نساؤهم يشتغلن بالنساء عن الرجال فعذبهم الله عزوجل بريح عاصف شديدة الحمرة وجعل الأرض من تحتهم حجر كبريت تتوقد، وأظلتهم سحابة سوداء مظلمة فانكفت عليهم كالقبة جمرة تلتهب، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار(347).

* وفي تفسير الميزان عن عيون أخبار الرضا عليه السلام:

عن أبي الصلت الهروي عن الإمام الرضا عليه السلام عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه قصة أصحاب الرس ملخصه: أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها: (شاه درخت) كان يافث بن نوح قد غرسها بعد الطوفان على شفير عين يقال لها (روشن آب) وكان لهم اثنتا عشرة قرية معمورة على شاطئ نهر يقال له (الرس)، وكانوا يسمون هذه القرى ب_(آبان، آذر، دي، بهمن، اسفندار، فروردين، أردي بهشت، خرداد، مرداد، تير، مهر، شهريور) ومنها اشتق العجم أسماء أشهرهم.

وقد غرسوا في كل قرية منها من طلع تلك الصنوبرة حبة أجروا عليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة وحرموا شرب مائها على أنفسهم وأنعامهم ومن شرب منه قتلوه، ويقولون: إن حياة الآلهة لا ينبغي لأحد أن ينقص حياتها، وقد جعلوا في كل شهر من السنة يوماً وفي كل قرية عيداً يخرجون فيه إلى الصنوبرة التي خارج القرية يقربون إليها القرابين ويذبحون الذبائح ثم يحرقونها في نار أضرموها فيسجدون للشجرة عند ارتفاع دخانها في السماء ويبكون ويتضرعون والشيطان يكلمهم من الشجرة.

ولما طال منهم الكفر بالله وعبادة الشجرة بعث الله إليهم رسولاً من بني إسرائيل من ولد يهودا فدعاهم إلى عبادة الله وترك الشرك فلم يؤمنوا فدعا على الشجرة فيبست، فلما رأوا ذلك ساءهم...فاجتمعت آراؤهم على قتله فحفروا بئرا عميقا وألقوه فيها وشدوا رأسها فلم يزالوا عليها يسمعون أنينه حتى مات فأتبعهم الله بعذاب شديد أهلكهم عن آخرهم(348).

51المعصومون عليهم السلام وعلم الغيب

س51: هل أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام يعلمون الغيب؟

ج51: نعم بتعليم الله لهم، ففي الآية الكريمة: *فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول*(349).

* عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل

أبا جعفر عليه السلام عن تفسير بعض آيات القرآن الكريم،- إلى أن قال:- أ رأيت قوله جل ذكره:*عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً*، فقال أبو جعفر عليه السلام:« *إلا من ارتضى من رسول* وكان والله محمد صلي الله عليه و اله ممن ارتضاه، وأما قوله: *عالم الغيب* فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران علم موقوف عنده إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلي الله عليه و اله ثم إلينا» (350).

* وعن معمر بن خلاد قال: سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له: أتعلمون الغيب؟ فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: «يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم، وقال: سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل عليه السلام وأسره جبرائيل إلى محمد صلي الله عليه و اله وأسره محمد صلي الله عليه و اله إلى من شاء الله» (351).

52دعم المقاومة

س52: هل يجوز إعطاء بعض من الخمس والزكاة للمقاومين ضد الاحتلال الأجنبي، ولماذا؟

ج52: يحتاج إلى إجازة المجتهد الجامع للشرائط.

* تقسيم الحقوق الشرعية منوط بالإمام المعصوم أولاً، أما في عصر الغيبة فهو منوط بالفقيه المجتهد الجامع للشرائط.

* روي عن محمد بن يزيد الطبري قال: كتب إليَّ رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس، فكتب عليه السلام إليه: «بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب، وعلى الخلاف

العقاب، لم يحل مال إلا من وجه أحله الله، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نفك ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم، وتمحيص ذنوبكم، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفي لله بما عاهد عليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب والسلام» (352).

* وقد ورد في التوقيع الشريف الوارد عن الحجة عليه السلام: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (353). ولذلك فإن أمر دعم المقاومة بتخصيص جزء من الحقوق الشرعية لها، هو أمر متروك للفقهاء في عصر الغيبة، وهم الذين يستطيعون أن يقدروا تلك الحاجة.

53وظيفة المسلمين في الوضع الراهن

س53: في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العالم الإسلامي، حيث التمزق والتأخر، هل هناك من مسؤوليات تقع على عاتق كل من الشاب والشابة المسلمين؟ وما هي هذه المسؤوليات؟

ج53: المسؤولية: العمل بالإسلام، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كل ذلك بالأسلوب الملائم الحازم(354).

* عن جابر قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام: «ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم ولم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان

شهيدا، ومن أدرك قائمنا فتقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا» (355).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإن أحب الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج» (356).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه ويتولى الأئمة الهادية من قبله، أولئك رفقائي وذوو ودي ومودتي وأكرم أمتي عليَّ» (357).

54طواف النساء

س54: ما علة وجوب طواف النساء ولماذا تقول به الشيعة ؟ وعندما لم يؤده الشخص لماذا تحرم عليه زوجته؟

ج54: النبي صلي الله عليه و اله أمر به، وكذلك الأئمة عليهم السلام، فإنهم قالوا بتحريم الزوجة قبل الإتيان بهذا الطواف(358).

* عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: *وليطوفوا بالبيت العتيق*(359) قال عليه السلام: «طواف الفريضة طواف النساء» (360).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لولا ما منَّ الله عزوجل على الناس من طواف النساء لرجع الرجل إلى أهله وليس يحل له أهله» (361).

* عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أخَّر الزيارة إلى يوم النفر؟ قال عليه السلام: «لا بأس ولا تحل له النساء حتى يزور البيت ويطوف طواف النساء» (362).

* وعنه قال: سألته عليه السلام عن الرجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله؟ قال عليه السلام: «يرسل ويُطاف عنه فإن توفي قبل أن يطاف عنه طاف عنه وليه» (363).

55علة غسل الجنابة

س55: لماذا لا يكفي في الغسل أصل التنظيف في الحمام؟ وما علة سقوط الوضوء عن إنسان اغتسل غسل الجنابة؟

ج55: غسل الجنابة: تنظيف ونية، والنظافة وحدها ليست فيها النية ولذا لا تكفي عن الغسل، ولعل سبب كفاية الغسل عن الوضوء مصلحة التسهيل فإن الجنابة كثيرة الابتلاء، ولذا اكتفى الشارع بغسلها عن الوضوء.

* كتب الإمام الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله علة غسل الجنابة: «النظافة لتطهير الإنسان مما أصاب من أذاه وتطهير سائر جسده لأن الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله وعلة التخفيف في البول والغائط أنه أكثر وأدوم من الجنابة فرضي فيه بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه

بغير إرادة منه ولا شهوة والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ منهم والإكراه لأنفسهم» (364).

* عن يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السلام؟ فقال عليه السلام: «الجنب يغتسل، يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء ثم يغسل ما أصابه من أذى ثم يصب على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه» (365).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «في كل غسل وضوء إلا الجنابة» (366).

* عن فقه الرضا عليه السلام: «الوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة لأن غسل الجنابة فريضة تجزيه عن الفرض الثاني ولا تجزيه سائر الأغسال عن الوضوء لأن الغسل سنة والوضوء فريضة ولا تجزي سنة عن فرض وغسل الجنابة والوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما وإذا اغتسلت لغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل ولا يجزيك الغسل عن الوضوء فإن اغتسلت ونسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة» (367).

56بناء القبلتين

س56: من الذي بنى المسجد الحرام والمسجد الأقصى ولأي سبب؟ ومن أين جيء بالحجر الأسود؟

ج56: خطط المسجد الحرام جبرائيل عليه السلام لآدم عليه السلام، والمسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام والحجر الأسود جيء به من الجنة.

* عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل - إلى أن قال -: «فلما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت، فقال عليه السلام: يا رب في أي بقعة؟ قال عزوجل: في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم فلم تزل القبة التي أنزلها الله تعالى على آدم قائمة حتى كان أيام

الطوفان أيام نوح عليه السلام فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وغرقت الدنيا إلا موضع البيت فسميت البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق فلما أمر الله عزوجل إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت لم يدر في أي مكان يبنيه فبعث الله تعالى جبرئيل فخط له موضع البيت فأنزل الله تعالى عليه القواعد من الجنة وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشد بياضاً من الثلج فلما مسته أيدي الكفار اسود فبنى إبراهيم عليه السلام البيت ونقل إسماعيل عليه السلام الحجر من ذي طوى فرفعه في السماء تسعة أذرع ثم دله على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيم عليه السلام ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن فلما بنى جعل له بابين باباً إلى المشرق وباباً إلى المغرب والباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار ثم ألقى عليه الشجر والإذخر وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها وكان يكونون تحته» الخبر(368).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن آدم عليه السلام هو الذي بنى هذا البيت ووضع أساسه وأول من كساه الشعر وأول من حج إليه، ثم كساه تُ_بَّع بعد آدم عليه السلام الأنطاع، ثم كساه إبراهيم عليه السلام الخصف، وأول من كساه الثياب سليمان بن داود عليه السلام كساه القباطي» (369).

* روي أن داود عليه السلام لما شرع في بناء بيت المقدس لم يتمه فأحب سليمان عليه السلام أن يتمه بعده فجمع الجن والشياطين فقسم عليهم الأعمال فأرسل الجن والشياطين في تحصيل الرخام والمها الأبيض الصافي من معادنه وأمر ببناء المدينة من الرخام والصفاح وجعلها اثني عشر ربضاً وأنزل كل ربض منها سبطا من الأسباط، فلما فرغ من بناء المدينة ابتدأ في بناء المسجد

فوجه الشياطين فرقة فرقة يستخرجون الذهب واليواقيت من معادنها وفرقة يعلِّقون الجواهر والأحجار من أماكنها وفرقة يأتونه بالمسك والعنبر وسائر الطيب وفرقة يأتونه بالدر من البحار، فأوتي بشيء من ذلك لا يحصيه إلا الله، ثم أحضر الصناع وأمرهم بنحت تلك الأحجار حتى يصيرها ألواحا، ومعالجة تلك الجواهر واللآلئ. وبنى سليمان عليه السلام المسجد بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر وعمده بأساطين المها الصافي وسقفه بألواح الجواهر وفضض سقوفه وحيطانه باللآلئ واليواقيت وبسط أرضه بألواح الفيروزج فلم يكن في الأرض بيت أبهى ولا أنور منه كان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر، فلما فرغ منه جمع إليه خيار بني إسرائيل فأعلمهم أنه بناه الله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه عيداً، فلم يزل بيت المقدس على ما بنى سليمان عليه السلام حتى غزا بخت نصر بني إسرائيل فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ ما في سقوفه وحيطانه من الذهب والدر والياقوت والجوهر فحملها إلى دار مملكته من أرض العراق(370).

* وإنما سمي بالمسجد الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام وقيل لبعده عن الأقذار والخبائث.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله عزوجل أنزل الحجر الأسود من الجنة لآدم عليه السلام وكان البيت درة بيضاء فرفعه الله إلى السماء وبقي أساسه فهو حيال هذا البيت وقال: يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبداً فأمر الله إبراهيم وإسماعيل عليه السلام أن يبنيا البيت على القواعد» (371).

* عن المنذر الثوري عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الحجر، فقال عليه السلام: «نزلت ثلاثة أحجار من الجنة: الحجر الأسود استودعه إبراهيم عليه السلام، ومقام إبراهيم عليه السلام، وحجر بني إسرائيل، وقال عليه السلام: إن

الله استودع إبراهيم عليه السلام الحجر الأبيض وكان أشد بياضاً من القراطيس فاسود من خطايا بني آدم» (372).

57تاريخ حياة الأئمة عليهم السلام

س57: ما العلة في قلة الكتب التي تبحث عن تراجم حياة الأئمة عليهم السلام ولا سيما من الإمام الثامن حتى الثاني عشر عليه السلام؟

ج57: الكتب القديمة كثيرة، أما الكتب الحديثة فقليلة لقلة اهتمام المسلمين في عصرنا هذا، والله الموفق.

58الأخلاق أساس الحياة

س58: هل أن النبي صلي الله عليه و اله جاء فقط لإتمام مكارم الأخلاق، كما في صريح قوله صلي الله عليه و اله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (373).

ج58: للأخلاق معنيان: الأخلاق بالمعنى الأعم والأخلاق بالمعنى الأخص، وجميع الشؤون الحياتية ترتبط بالأخلاق بالمعنى الأعم، وإتمام مكارم الأخلاق بأحسن وجه من أعظم شؤون الحياة، وقد فصلنا الكلام حول هذا الموضوع في بعض الكتب.

* يقول الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته) في مقدمة كتابه (من أخلاق العلماء) ما نصه: إن أهم ما يحتاج إليه الإنسان لينال به سعادة الدنيا والآخرة وكرامتهما هو الخلق الحسن، والإنسان كما يرتفع ويبتهج بالأخلاق الفاضلة كذلك ينتكس ويتعذب برذائل الأخلاق، ألا ترى أنه لو غفل الإنسان عن نفسه وتلفظ بكلام غير لائق به كيف يندم ويتعذب نفسيا عندما يلتفت إلى خطأهِ ويعود إلى نفسه، وكذلك الحسود ألا تراه كيف يؤذي نفسه ويعذب ضميره حين يحسد الآخرين ولا يحس بالراحة إلا إذا تخلى من الحسد وأزاح هذه الصفة السيئة عن نفسه، وعليه فمن الخطأ أن يتصور الإنسان أنه لو تخلى عن الفضائل ومحاسن الأخلاق سوف يحصل على التحرر من عذاب الضمير وتأنيب الوجدان وأنه سيعيش برغد أكثر وحرية كبرى وسعادة قصوى بل بالعكس من ذلك تماماً، ولهذا نرى أن رسول الله صلي الله عليه و اله لخص رسالته في قوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وذلك في ظلال الأخلاق من حياة كريمة وراحة وجدان وسعادة

أبدية.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن خياركم أولو النهى» فقيل: يا رسول الله ومن أولو النهى؟ فقال: «هم أولو الأخلاق الحسنة والأحلام الرزينة وصلةُ الأرحام والبررة بالأمهات والآباء والمتعاهدون للفقراء والجيران واليتامى ويطعمون الطعام ويفشون السلام في العالم ويصلُّون والناس نيام غافلون» (374).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم» (375).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق» (376).

* عن أبي الحسن عن أبي الحسن عن أبي الحسن عن الحسن عن الحسن عن الحسن عليه السلام: «إن أحسن الحسن الخلق الحسن» (377).

* قال الشاعر:

وإنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقِيتْ

وإنْ هُمُ ذهبتْ أخلاقُهُمْ ذهبُوا

59مؤمن قريش

س59: لماذا سُمِّي والد الإمام علي عليه السلام ب_(أبي طالب)، وما اسم________ه؟ وهل مات كافراً كما يزعم بعض الحاقدين؟ وما الدليل القاطع بأن (أبا طالب) مات مسلماً؟

ج59: لأنه كان له ولد يسمى (طالب) واسمه الحقيقي (عبد مناف) و(عمران) والأدلة على أن أبا طالب مات مؤمناً، كثيرة جدا مذكورة في محلها وجملة منها في كتاب (أبو طالب مؤمن قريش)(378).

* أبو طالب: اسمه عبد مناف وقيل عمران، وألقابه كثيرة منها (شيخ الأبطح) و(سيد البطحاء) وكنيته (أبو طالب)، وبها اشتهر، فهو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب.

ولادته: ولد في مكة المكرمة قبل ولادة النبي صلي الله عليه و اله بخمس وثلاثين سنة أي في عام (535م) ونشأ في حجر والده عبد المطلب وتخرج على

يده.

أولاده: طالب وعقيل وجعفر وعلي عليه السلام وأم هاني والكل من السيدة فاطمة بنت أسد، ولما توفي عبد المطلب جد النبي صلي الله عليه و اله في( 578م) وعمر النبي صلي الله عليه و اله إذ ذاك ثمان سنين، انفرد أبو طالب في كفالة النبي صلي الله عليه و اله وضمه إلى كنفه وقدمه في سائر الشؤون على كافة أولاده، وكانت مهمته الوحيدة حينما انفرد بكفالة النبي صلي الله عليه و اله العناية التامة بخدمته صلي الله عليه و اله والقيام بواجبها أحسن قيام، ومما لا شك فيه هو أن أبا طالب دخل في الإسلام، ومن الأدلة على ذلك أشعاره التي يظهر بها إيمانه في دعوة الرسول صلي الله عليه و اله، ولكن أبا طالب تستر في إسلامه عن قريش لمصلحة الإسلام وللقيام بخدمات سيد الأنام ولو أنه جاهر بمعتقده أمام عتاة قريش لهانت عليهم نفسه وأحلوا دمه في جميع أدواره مع النبي صلي الله عليه و اله، ولرموه عن قوس واحد لما رموا محمداً صلي الله عليه و اله وقد كانت له المنزلة السامية في نفوسهم قبل إظهار الدعوة، وكان هذا التستر من شخص أبي طالب الذي علّمته التجارب الزمنية وحنكته على العبر ومعرفته لسياسة العرب أفهمته كل هذه من أين تؤكل الكتف، وهذا سره في كتمانه للإسلام.

وأما أشعاره الدالة على إيمانه فمنها قوله في رسول الله صلي الله عليه و اله:

حليماً رشيداً حازماً غير طائِشٍ

يُوالِي إله الحقِ ليس بماحِل

فأيّدهُ ربّ العِبادِ بِنصرِهِ

وأظهر دِيناً حقُّهُ غيرُ باطِلِ(379)

ويقول في قصيدة أخرى:

والله لن يصلُوا إليك بِجمعهمْ

حتّى أوسّد في التُّرابِ دفينا

فاصدعْ بِأمرِك ما عليك غضاضةٌ

وابشرْ بِذاك وقرّ منْك عُيونا

ودعوتني وزعمت أنّك ناصح

فلقد صدقْت وكُنت قدماً أمينا

وعرضت دِيناً

قد عرفت بأنّهُ

مِن خير أديانِ البرِيّةِ دِينا

لولا مخافة أن يكون معرة

لوجدتني سمحاً بذاك مبينا(380)

ولما توفي أبو طالب أتى أمير المؤمنين عليه السلام رسول الله صلي الله عليه و اله فأخبره فقال صلي الله عليه و اله: «امض يا علي فتول غسله وتكفينه وتحنيطه فإذا رفعته على سريره فأعلمني»، ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلي الله عليه و اله فرقّ له وقال صلي الله عليه و اله: «وصلتك رحم وجزيت خيراً فلقد ربيت وكفلت صغيرا وآزرت ونصرت كبيرا»، ثم أقبل على الناس فقال صلي الله عليه و اله: «أما والله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين» (381).

* وسئل الرسول صلي الله عليه و اله: ما تقول في عمك أبي طالب ؟ قال صلي الله عليه و اله: «أرجو له كل خير من ربي» (382).

60أبو تراب

س60: لماذا سمي علي أمير المؤمنين عليه السلام ب_(أبي تراب)؟

ج60: لأنه كان يلازم الجلوس والنوم على التراب(383).

* هذا التكني إنما كان في غزوة العشيرة الواقعة في السنة الثانية الهجرية.

* عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعلي عليه السلام رفيقين في غزاة ذي العشيرة فلما نزلها النبي صلي الله عليه و اله فأقام بها رأينا ناساً من بني مذحج يعملون في عين لهم في نخل فقال علي عليه السلام: «يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون» ؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي عليه السلام فاضطجعنا في صور النخل ثم جمعنا من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا إلا رسول الله صلي الله عليه و اله يحركنا ويبرينا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول الله

صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «يا أبا تراب» لما عليه من التراب قال صلي الله عليه و اله: «ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين» ؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال صلي الله عليه و اله: «أخو ثمود الذي عقر الناقة - أي ناقة صالح - والذي يضربك يا علي على هذه يعني قرنه حتى تبل منه هذه يعني لحيته» (384).

* عن ابن عباس قال: لما آخى رسول الله صلي الله عليه و اله بين أصحابه وبين المهاجرين والأنصار فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب عليه السلام وبين أحد منهم، خرج علي مغضباً (مبغضاً) حتى أتى جدولاً من الأرض وتوسد ذراعه فتسفي الريح عليه فطلبه النبي صلي الله عليه و اله حتى وجده فوكزه وقال صلي الله عليه و اله له: «قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب أغضبت عليّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم؟ أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي، ألا من أحبك حف بالأمن والإيمان ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الإسلام» (385).

* عن عباية بن ربعي قال: قلت لعبد الله بن عباس: لم كنى رسول الله صلي الله عليه و اله علياً عليه السلام أبا تراب؟ قال: لأنه صاحب الأرض وحجة الله على أهلها بعده وبه بقاؤها وإليه سكونها ولقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: «إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي عليه السلام من الثواب والزلفى والكرامة قال: يا ليتني كنت تراباً أي يا ليتني كنت من شيعة

علي عليه السلام وذلك قول الله عزوجل: *ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا*(386)» (387).

* جاء في رواية أنه عليه السلام كني بأبي تراب لأن النبي صلي الله عليه و اله قال: «يا علي أول من ينفض التراب من رأسه أنت» (388).

* روي عن النبي صلي الله عليه و اله أنه كان يقول: «إنا كنا نمدح علياً إذا قلنا له أبا تراب» (389).

* أنه قال: عن علي عليه السلام «والله إن رسول الله صلي الله عليه و اله سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه» (390).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في قوله تعالى: *يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً*(391) «يعني علوياً يوالي أبا تراب» (392).

قال الشاعر:

لم أحك إلا م_ا روت_ه نواصب

عادتك فهي مباحة الأسلاب

عوملت يا تلو النبي وصنوه

بأوابد جاءت بك_ل عج_اب

قد لقبوك أبا تراب بع_د ما

باعوا شريعتهم بكف تراب(393)

قال الشاعر عبد الباقي أفندي العمري:

يا أبا الأوصِياءِ أنت لِطه

صِهره وابن عمهِ وأخُوهُ

إنّ لله في معانيك سرّاً

أكثرُ العالمين ما علموه

أنت ثاني الآباءِ في مُنْتهى الدّو

رِ وآباؤهُ تعدّ بنُوه

خلق الله آدماً منْ تُرابٍ

فهو إبنٌ لهُ وأنت أبوهُ(394)

61قول آمين بعد الحمد

س61: لماذا تبطل الصلاة بقول (آمين) ولا تبطل بقول (الحمد لله رب العالمين) بعد سورة الفاتحة؟

ج61: لأن (آمين) لم يرد في الشرع، وقد ورد (الحمد لله رب العالمين).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا كنت خلف إمام فَقَرَأ الحمد وفَرَغَ من قراءتها فقل أنت: الحمد لله رب العالمين» (395).

* عن محمدٍ الحلبِي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلامِ أقول إِذا فرغت مِن فاتِحةِ الكِتابِ آمِين؟ قال عليه السلام: «لا» (396).

* عن أبِي جعفرٍ

عليه السلام قال: «ولا تقولن إِذا فرغت مِن قِراءتِك (آمِين)، فإِن شِئت قلت (الحمد لِلهِ رب العالمِين)» (397).

* عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام أنهم قالوا: «من قال آمين في صلاته فقد أفسد صلاته وعليه الإعادة، لأنها عندهم كلمة سريانية معناها بالعربية: (افعل) كسبيل من يدعو بدعاء فيقول في آخره: (اللهم افعل)، ثم استن أنصاره بروايات متخرصة أن الرسول صلي الله عليه و اله كان يقول ذلك بأعلى صوته، وأنكر أهل البيت عليهم السلام هذه الروايات» (398).

* عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: «يبتدأ بعد بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة بفاتحة الكتاب» إلى أن قال: «وحرموا أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب آمين كما تقول العامة قال جعفر بن محمد عليه السلام: إنما كانت النصارى تقولها» (399).

* عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «عليك بالإقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه منها بقلبك ولا تعبث فيها بيديك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثاءب ولا تتمط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تقولن إذا فرغت من قراءتك آمين فإن شئت قلت: الحمد لله رب العالمين» (400).

62معاني مصطلحات

س62: ما الفرق بين الكافر والفاسق والمنافق والجاحد؟

ج62: الكافر: من لا يعتقد بأحد أصول الدين.

الفاسق: هو العاصي.

المنافق: من أظهر الإسلام وأبطن الكفر.

الجاحد: من أنكر الحق.

* يقول جل وعلا: *ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون*(401).

* ويقول في السورة نفسها: *ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون*(402).

* ويقول في السورة نفسها: *ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون*(403).

* عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «والله إن الكفر لأقدم من الشرك

وأخبث وأعظم» قال: ثم ذكر كفر إبليس حين قال الله له: اسجد لآدم فأبى أن يسجد «فالكفر أعظم من الشرك فمن اختار على الله عز وجل وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا غير دين المؤمنين فهو مشرك» (404).

* عن الرضا عليه السلام في حديث قال: «من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم أن الله فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك» (405).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من شك في الله وفي رسوله فهو كافر» (406).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها إلا كافر» - إلى أن قال - فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «هذا جبرئيل… » (407).

* عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي الله عليه و اله قال: «الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم» إلى أن قال « المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر» (408).

* قال الصادق عليه السلام: «خمسة من خمسة محال: الحرمة من الفاسق محال والشفقة من العدو محال والنصيحة من الحاسد محال والوفاء من المرأة محال والهيبة من الفقير محال» (409).

* ويقول الإمام السجاد عليه السلام: «إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي وإذا قام إلى الصلاة اعترض» فقيل له: يا بن رسول الله وما الاعتراض؟ قال عليه السلام: «الالتفات، وإذا ركع ربض، يمسي وهمه العشاء وهو مفطر، ويصبح

وهمه النوم ولم يسهر، إن حدّثك كذبك، وإن ائتمنته خانك، وإن غبت اغتابك وإن وعدك أخلفك» (410).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق» (411).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «أكل الطين يورث النفاق» (412).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «الغناء عش النفاق» (413).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع» (414).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق» (415).

* عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: «ما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين فإن تكلموا تكلم الشياطين بنحو كلامهم وإذا ضحكوا ضحكوا معهم وإذا نالوا من أولياء الله نالوا معهم فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان ولا جليسه فإن غضب الله لا يقوم له شي ء ولعنته لا يردها شي ء ثم قال عليه السلام: فإن لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم ولو حلب شاة أو فُواق ناقة» (416).

* عن أبي مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إماما ليست إمامته من الله، ومن جحد إماما إمامته من عند الله، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيبا» (417).

* عن أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن

عليه السلام: أخبرني عمن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة هو وسائر الناس سواء في العقاب؟ فقال عليه السلام: «كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: عليهم ضعفا العقاب» (418).

* عن جابر بن يزيد قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: يا بن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها، فقال عليه السلام: «يا جابر أ لم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا» قلت: بلى يا بن رسول الله قال عليه السلام: «فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله صلي الله عليه و اله في أيامه» (419).

* عن ابن كثير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: «ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج» فقال له داود الرقي: يا بن رسول الله هل يستجيب الله دعاء هذا الجمع الذي أرى قال عليه السلام: «ويحك يا أبا سليمان إن الله لا يغفر أن يشرك به الجاحد لولاية علي عليه السلام كعابد الوثن» الخبر(420).

63الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر

س63: ما الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر؟

ج63: (الخارق) إذا صدر عن النبي صلي الله عليه و اله والإمام عليه السلام سمي (معجزة) وإذا صدر عن عباد الله الصالحين سمي (كرامة).

و(السحر) هو الذي يصدر خارقاً وتمويهاً، بالأسباب الشيطانية.

* قال ابن طلحة: إن الكرامة عبارة عن حالة تصدر لذي التكليف خارقة للعادة لا يؤمر بإظهارها وبهذا القيد يظهر الفرق بينها وبين المعجز فإن المعجزة مأمور بإظهارها لكونها دليل صدق النبي صلي الله عليه و اله في دعواه النبوة فالمعجزة مختصة بالنبي لازمة له إذ لابد له منها فلا

نبي إلا وله معجزة، والكرامة مختصة بالولي إكراماً له لكن ليست لازمة له إذ توجد الولاية من غير كرامة فكم من ولي لم يصدف عنه شي ء من الخوارق إذا عرفت هذه المقدمة فقد كان علي عليه السلام من أولياء الله تعالى وكان له عليه السلام كرامات صدرت خارقة للعادة أكرمه الله بها، فمنها: إخباره عليه السلام بحال الخوارج المارقين وأن الله تعالى أطلعه على أمرهم فأخبر به قبل وقوعه وخرق به العادة وكان كرامة له عليه السلام وذلك أنهم لما اجتمعوا وأجمعوا على قتاله وركب إليهم لقيه فارس يركض فقال له: يا أمير المؤمنين إنهم سمعوا بمكانك فعبروا النهروان منهزمين، فقال له عليه السلام: «أنت رأيتهم عبروا» ؟ فقال: نعم، فقال عليه السلام: «والذي بعث محمدا صلي الله عليه و اله لا يعبرون ولا يبلغون قصر بنت كسرى حتى تقتل مقاتلتهم على يدي فلا يبقى منهم إلا أقل من عشرة ولا يقتل من أصحابي إلا أقل من عشرة» وركب وقاتلهم كما تقدم وجرى الأمر على ما أخبر في الجميع ولم يعبروا النهر وهي مسطورة في كراماته عليه السلام(421).

ومنها ما أورده ابن شهر آشوب في كتابه أن عليا عليه السلام لما قدم الكوفة وفد عليه الناس وكان فيهم فتى فصار من شيعته عليه السلام يقاتل بين يديه في مواقفه فخطب امرأة من قوم فزوجوه فصلى أمير المؤمنين عليه السلام يوما الصبح وقال لبعض من عنده: «اذهب إلى موضع كذا تجد مسجدا إلى جانبه بيت فيه صوت رجل وامرأة يتشاجران فأحضرهما إلي فمضى» وعاد وهما معه فقال عليه السلام لهما: «فيم طال تشاجركما الليلة» ؟ فقال الفتى: يا أمير المؤمنين إن هذه المرأة خطبتها وتزوجتها فلما

خلوت بها وجدت في نفسي منها نفرة منعتني أن ألم بها ولو استطعت إخراجها ليلا لأخرجتها قبل النهار فنقمت على ذلك وتشاجرنا إلى أن ورد أمرك فصرنا إليك فقال عليه السلام لمن حضره: «رب حديث لا يؤثر من يخاطب به أن يسمعه غيره» فقام من كان حاضرا ولم يبق عنده غيرهما، فقال لها علي عليه السلام: «أ تعرفين هذا الفتى» ؟ فقالت: لا، فقال عليه السلام: «إذا أنا أخبرتك بحالة تعلمينها فلا تنكريها» قالت: لا يا أمير المؤمنين، قال عليه السلام: «أ لست فلانة بنت فلان» ؟ قالت: بلى، قال عليه السلام: «أ لم يكن لك ابن عم وكل منكما راغب في صاحبه» ؟ قالت: بلى، قال عليه السلام: «أ ليس أن أباك منعك عنه ومنعه عنك ولم يزوجه بك وأخرجه من جواره لذلك» ؟ قالت: بلى، قال عليه السلام: «أ ليس قد خرجت ليلة لقضاء الحاجة فاغتالك وأكرهك ووطئك فحملت وكتمت أمرك عن أبيك وأعلمت أمك فلما آن الوضع أخرجتك أمك ليلا فوضعت ولدا فلففته في خرقة وألقيته من خارج الجدران حيث قضاء الحوائج فجاء كلب يشمه فخشيت أن يأكله فرميته بحجر فوقعت في رأسه فشجته فعدت إليه أنت وأمك فشدت رأسه أمك بخرقة من جانب مرطها ثم تركتماه ومضيتما ولم تعلما حاله» ؟ فسكتت، فقال عليه السلام لها: «تكلمي بحق» فقالت: بلى والله يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر ما علمه مني غير أمي فقال عليه السلام: «قد أطلعني الله عليه، فأصبح فأخذه بنو فلان فربي فيهم إلى أن كبر وقدم معهم الكوفة وخطبك وهو ابنك» ثم قال عليه السلام للفتى: «اكشف رأسك» فكشفه فوجد أثر الشجة، فقال عليه السلام: «هذا ابنك قد

عصمه الله تعالى مما حرمه عليه فخذي ولدك وانصرفي فلا نكاح بينكما» (422).

* عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي علة أعطى الله عزوجل أنبياءه ورسله وأعطاكم المعجزة؟ فقال عليه السلام: «ليكون دليلا على صدق من أتى به والمعجزة علامة لله لا يعطيها إلا أنبياءه ورسله وحججه ليعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب» (423).

* عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليه السلام في حديث طويل في معجزات النبي صلي الله عليه و اله قال: ومن ذلك أن وابصة بن معبد الأسدي أتاه فقال: لا أدع من البر والإثم شيئا إلا سألته عنه فلما أتاه قال له النبي صلي الله عليه و اله: «أ تسأل عما جئت له أو أخبرك» ؟ قال: أخبرني، قال صلي الله عليه و اله: «جئت تسألني عن البر والإثم» ؟ قال: نعم، فضرب بيده على صدره ثم قال صلي الله عليه و اله: «يا وابصة البر ما اطمأنت إليه النفس والبر ما اطمأن به الصدر والإثم ما تردد في الصدر وجال في القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك» (424).

* عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في جواب اليهودي الذي سأل عن معجزات الرسول صلي الله عليه و اله: «أنه صلي الله عليه و اله أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلى فدلى له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين

بينها وبينه أو أدنى» الخبر(425).

* عن موسى بن جعفر عليه السلام في خبر اليهودي الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معجزات الرسول صلي الله عليه و اله قال: فإن هذا عيسى ابن مريم يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا قال له علي عليه السلام: «لقد كان كذلك ومحمد صلي الله عليه و اله سقط من بطن أمه واضعا يده اليسرى على الأرض ورافعاً يده اليمنى إلى السماء ويحرك شفتيه بالتوحيد وبدا من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها والقصور البيض من إصطخر وما يليها ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي صلي الله عليه و اله حتى فزعت الجن والإنس والشياطين وقالوا: يحدث في الأرض حدث ولقد رأت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط النجوم علامات لميلاده ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة وكان له مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع فلما رأوا الأعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلها ورموا بالشهب دلالة لنبوته صلي الله عليه و اله » (426).

* قال الإمام الصادق عليه السلام: «المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار» (427).

* سأل الزنديق أبا عبد الله عليه السلام فيما سأله فقال: أخبرني عن السحر ما أصله وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه وما يفعل؟ قال عليه السلام: «إن السحر على وجوه شتى وجه منها بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء فكذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة ولكل عافية عاهة ولكل معنى حيلة،

ونوع منه آخر خطفة وسرعة ومخاريق وخفة، ونوع منه ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم» قال: فمن أين علم الشياطين السحر؟ قال عليه السلام: «من حيث عرف الأطباء الطب وبعضه تجربة وبعضه علاج» قال: فما تقول في الملكين هاروت وماروت وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر؟ قال عليه السلام: «إنهما موضع ابتلاء وموقف فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا ولو يعالج بكذا وكذا لصار كذا أصناف سحر فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما فيقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم» قال: أ فيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك؟ قال عليه السلام: «هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله إن من أبطل ما ركبه الله وصوره غيره فهو شريك لله في خلقه تعالى عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته وإن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ويجلب العداوة على المتصافيين ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور والنمام أشر من وطئ على الأرض بقدم فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب، إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبرئ» (428).

64بين الشيعة والسنة

س64: ما الفرق بين السنة والشيعة؟ وما هو الفرق بين الشيعة والجعفرية؟

ج64: إن الشيعة يعتقدون بأن علياً وأولاده الأحد عشر المعصومين عليهم السلام هم خلفاء رسول الله صلي الله عليه و اله.

والسنة تعتقد أن الثلاثة هم الخلفاء قبل علي بن أبي طالب عليه السلام.

والشيعة والجعفرية بمعناهما الصحيح مترادفان.

*

نكتفي في ذكر فضل علي عليه السلام وشيعته ببعض الأحاديث التي وردت عن طريق أهل السُّنَّة:

* عن الحاكم الحسكاني عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلي الله عليه و اله عن قول الله تعالى: *السابقون السابقون * أولئك المقربون*(429)، قال صلي الله عليه و اله: «حدثني جبرئيل بتفسيرها، قال: ذاك عليٌّ وشيعته إلى الجنة» (430).

* عن الحاكم الحسكاني عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: *إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية*(431) قال: هم عليٌّ وشيعته(432).

* عن علي عليه السلام قال: «قال لي النبي صلي الله عليه و اله: أنت وشيعتك في الجنة» (433).

* عن الحاكم الحسكاني قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قراءة وإملاء، أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، أخبرنا المنذر بن محمد المنذر، قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد عن أبيه عن إسماعيل بن زياد البزاز عن إبراهيم بن مهاجر مولى آل شخبرة قال: حدثني يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي عليه السلام قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: «حدثني رسول الله صلي الله عليه و اله وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي أما تسمع قول الله عزوجل: *إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية* هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا اجتمعت الأمم للحساب تدعون غراً محجلين» (434).

* أخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً: «عليٌّ خير البرية» (435).

* أخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت: *إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية* قال رسول الله صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام:

«هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين» (436).

* عن محمد بن جحادة عن الشعبي عن علي عليه السلام قال: «قال لي رسول الله صلي الله عليه و اله: أنت وشيعتك في الجنة» (437).

* عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلي الله عليه و اله إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فلما نظر إليه النبي صلي الله عليه و اله قال: «قد أتاكم أخي» ثم التفت إلى الكعبة فقال: «ورب هذه البنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة» (438).

* أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلي الله عليه و اله فأقبل علي عليه السلام فقال النبي صلي الله عليه و اله: «والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة» ونزلت: *إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية*، فكان أصحاب النبي صلي الله عليه و اله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: جاء خير البرية(439).

* عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن عن يمين العرش كراسي من نور عليها أقوام تلألأ وجوههم نوراً»، فقال بعض: أنا منهم يا نبي الله؟ قال صلي الله عليه و اله: «أنت على خير» قال: فقال بعض آخر: يا نبي الله أنا منهم؟ فقال صلي الله عليه و اله: «مثل ذلك، ولكنهم قوم تحابوا من أجلي وهم هذا وشيعته»، وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام(440).

* عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلي الله عليه و اله فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلي الله

عليه و اله: «قد أتاكم أخي» ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: «والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة» ثم قال: «إنه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية» قال: ونزلت: *إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية*، قال: فكان أصحاب محمد صلي الله عليه و اله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية(441).

65الإمام يتكلم بكل لغة

س65: بكم لغة كان الأئمة عليهم السلام يتكلمون؟

ج65: لا نعلم ذلك، لكن المعلوم أنهم عليهم السلام كانوا يقدرون على التكلم بكل اللغات.

*عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الإمام الحسن عليه السلام: «إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري وغير الحسين أخي» (442).

* عن أبي حمزة نصير الخادم قال: سمعت أبا محمد عليه السلام غير مرة يكلم غلمانه بلغاتهم ترك وروم وصقالبة فتعجبت من ذلك وقلت: هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتى مضى أبو الحسن عليه السلام ولا رآه أحد فكيف هذا أحدث نفسي بذلك فأقبل عليَّ فقال: «إن الله تبارك وتعالى بين حجته من سائر خلقه بكل شيء ويعطيه اللغات ومعرفة الأنساب والآجال والحوادث ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق» (443).

* عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام غلامي وكان صقلابياً فرجع الغلام إلي متعجبا فقلت له: ما لك يا بني؟ قال: وكيف لا أتعجب

ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا، فظننت أنه إنما أراد بهذا اللسان كيلا يسمع بعض الغلمان ما دار بينهم(444).

* عن أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السلام يكلم الناس بلغاتهم وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة فقلت له يوماً: يا بن رسول الله إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها فقال عليه السلام: «يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم أ وَ ما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام: أوتينا فصل الخطاب وما كان فصل الخطاب إلا معرفة اللغات» (445).

* عن ابن أبي حمزة قال: كنا عند أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إذ دخل عليه ثلاثون غلاماً مملوكاً من الحبشة قد اشتروا له فتكلم غلام منهم وكان جميلا بكلام فأجابه موسى عليه السلام بلغته فتعجب الغلام وتعجبوا جميعاً وظنوا أنه لا يفهم كلامهم فقال له موسى عليه السلام: «إني أدفع إليك مالاً فادفع إلى كل واحد منهم ثلاثين درهما» فخرجوا وبعضهم يقول لبعض: إنه أفصح منا بلغتنا وهذه نعمة من الله علينا، قال علي بن أبي حمزة: فلما خرجوا قلت: يا بن رسول الله رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم، قال عليه السلام: «نعم»، قلت: وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشي ء دونهم؟ قال عليه السلام: «نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيراً وأن يعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهما لأنه لما تكلم كان أعلمهم فإنه من أبناء ملوكهم فجعلته عليهم وأوصيته بما يحتاجون إليه وهو مع ذلك غلام صدق» ثم قال عليه السلام: «لعلك عجبت من كلامي إياهم بالحبشية» ؟ قلت: إي والله

قال عليه السلام: «لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب وأعجب من كلامي إياهم وما الذي سمعته مني إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة أ فترى هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر والإمام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده وعجائبه أكثر من عجائب البحر» (446).

* قال بدر مولى الرضا عليه السلام: إن إسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر عليه السلام فجلس عنده إذ استأذن عليه رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع مثله قط كأنه كلام الطير قال إسحاق: فأجابه موسى عليه السلام بمثله وبلغته إلى أن قضى وطره من مسألته فخرج من عنده فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام، قال عليه السلام: «هذا كلام قوم من أهل الصين وليس كل كلام أهل الصين مثله» ثم قال عليه السلام: «أ تعجب من كلامي بلغته» ؟ قلت: هو موضع التعجب قال عليه السلام: «أخبرك بما هو أعجب منه، اعلم أن الإمام يعلم منطق الطير ونطق كل ذي روح خلقه الله تعالى وما يخفى على الإمام شيء» (447).

66سورة الحمد في الصلاة

س66: ما الحكمة من السجدتين، في حين أن الركوع واحد؟ ولماذا لا يمكن الاستعاضة عن سورة الحمد بأية سورة من سور القرآن الحكيم، بينما يكون الإنسان حينما ينتهي من قراءة الحمد مختاراً في قراءة أية سورة من سور القرآن؟

ج66: من أسلوب الحياة التنوع، وصورة الصلاة صورة جميلة جداً باختلاف هيئاتها وأسلوبها، وكل عبادة، اختير لها صورة خاصة، ثم أمر بها.

* وفيما ذكره الفضل من العلل عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: «أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجوراً مضيعا وليكون محفوظاً مدروساً فلا يضمحل ولا يجهل، وإنما بُدئ بالحمد دون سائر

السور لأنه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد» (448).

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج» (449).

* وروي بلفظ آخر وهو قوله صلي الله عليه و اله: «كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج» (450).

* وقالوا أيضا في علة السجود مرتين: أن رسول الله صلي الله عليه و اله لما أسري به إلى السماء ورأى عظمة ربه سجد فلما رفع رأسه رأى منه (أي من عظمته) ما رأى فسجد أيضا فصار سجدتين(451).

* وعن محمد بن عبدوس عن الفضل فيما رواه من العلل عن الرضا عليه السلام قال: «فإن قال فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل: لأن الركوع من فعل القيام والسجود من فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لأن الصلاة إنما هي ركوع وسجود» (452).

67الرسول صلي الله عليه و اله والقراءة والكتابة

س67: هل أن رسول الله صلي الله عليه و اله كان يقرأ ويكتب؟ وما الدليل على ذلك؟

ج67: نعم، كان يعرف القراءة والكتابة، والدليل هو الأحاديث المتواترة أو شبهها.

* روي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام فقلت: يا بن رسول الله لِم سُمِّي النبي صلي الله عليه و اله الأمي فقال عليه السلام: «ما تقول الناس» ؟ فقلت: يزعمون أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب، فقال عليه السلام: «كذبوا عليهم لعنة الله أنى ذلك، والله يقول في محكم كتابه: *هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم

ويعلمهم الكتاب والحكمة*(453)، فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن! والله لقد كان رسول الله صلي الله عليه و اله يقرأ ويكتب باثنين وسبعين، أو قال: بثلاثة وسبعين لساناً وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى وذلك قول الله عز وجل: *لتنذر أم القرى ومن حولها*(454)» (455).

* وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن النبي صلي الله عليه و اله كان يعرف القراءة والكتابة وبعضها تدل على أنه كان يقرأ ولا يكتب لمصلحة.

* وقيل: (أمي) منسوب إلى أمّة يعني جماعة عامة والعامة لا تعلم الكتابة.

* ويقال: سمي بذلك لأنه من العرب وتدعى العرب الأميون.

* وقوله تعالى: *هو الذي بعث في الأميين* قيل: لأنه يقول يوم القيامة: أمتي أمتي.

* وقيل: لأنه بمنزلة الأم التي يرجع الأولاد إليها ومنه أم القرى.

* وقيل: لأنه لأمته بمنزلة الوالدة الشفيقة بولدها، فإذا نودي في القيامة: *يوم يفر المرء من أخيه*(456) تمسك بأمته.

* وقيل في قوله تعالى: *وما كنت تتلو من قبله من كتاب*(457): ظاهر الآية يقتضي نفي الكتابة والقراءة قبل النبوة دون ما بعدها، ولأن التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة لأنهم إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل النبوة فأما بعدها فلا تعلّق له بالريبة فيجوز أن يكون تعلمها من جبرئيل بعد النبوة، ويجوز أن يتعلم فلا يعلم(458).

* وقول جماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله صلي الله عليه و اله حتى كتب وقرأ(459).

68أم القرى

س68: لماذا سميت مكة بأم القرى؟

ج68: في الأحاديث لأن البلاد دحيت من تحتها، في أول الخلقة.

* حدثنا أبو الحسن محمد بن عمر بن علي بن عبد الله البصري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد

الله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثنا أبي، موسى بن جعفر عليه السلام قال: حدثنا أبي، الحسين بن علي عليه السلام قال: «كان علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء، فقال عليه السلام: سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً فأحدق الناس بأبصارهم... قال: فَلِمَ سميت مكة أم القرى؟ قال عليه السلام: لأن الأرض دحيت من تحتها» (460).

* في تفسير علي بن إبراهيم، سميت مكة أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض لقوله: «*إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا*(461)» (462).

* في كتاب العلل سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عدة أسئلة منها: فلم سميت مكة أم القرى؟ قال عليه السلام: «لأن الأرض دحيت من تحتها»، وسأل عن أول بقعة بسطت من الأرض أيام الطوفان؟ فقال عليه السلام له: «موضع الكعبة وكانت زبرجدة خضراء» (463).

* قال نفطويه: سميت بذلك لأنها أصل الأرض ومنها دحيت.

* قيل: لأنها أقدم القرى التي في جزيرة العرب وأعظمها خطراً إما لاجتماع أهل تلك القرى فيها كل سنة أو انكفائهم إليها وتعويلهم على الاعتصام بها لما يرجونه من رحمة الله تعالى.

* قال ابن دريد: لأنها توسطت الأرض.

* قيل: لأن مجمع القرى إليها.

* قيل: لأنها وسط الدنيا فكأن القرى مجتمعة عليها.

* قال الليث: كل مدينة هي أم ما حولها من القرى.

* قيل: لأنها تقصد من كل أرض وقرية(464).

69تقسيم الأحاديث

س69: إلى كم قسم تقسم الأحاديث؟ وأيها أحق أن تتبع؟

ج69: الأقسام الرئيسية:

1_ الحجة: ويعمل به.

2_

غير الحجة: ولا يعمل به.

* كما تنقسم الأحاديث حسب التقسيمات الأخرى إلى الأقسام الأربعة التالية:

1: الصحيح: هو ما اتصل سنده إلى المعصوم عليه السلام بأن ينقله شخص عادل إمامي عن آخر مثله).

2: الحسن: هو ما اتصل سنده إلى المعصوم عليه السلام بإمامي ممدوح من غير نص على عدالته مع تحقق ذلك في بعضها بأن كان فيهم واحد إمامي ممدوح غير موثق مع كون الباقي من الطريق من رجال الصحيح فيوصف الطريق بالحسن لأجل ذلك الواحد.

3: الموثق: هو ما كان راويه ثقة وإن كان مخالفا بأن كان من إحدى الفرق المخالفة للإمامية وإن كان من الشيعة مع نص الأصحاب على توثيقه.

4: الضعيف: وهو ما لا يجتمع فيه أحد الشروط الثلاثة المتقدمة بأن يشتمل طريقه على مجروح بفسقه ونحو ه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك كالوضاع.

أما أنواع الفروع فهي ست وعشرون نوعاً:

1: المسند: هو ما اتصل سنده مرفوعاً من راويه إلى منتهاه إلى المعصوم عليه السلام.

2: المتصل: هو ما اتصل إسناده إلى المعصوم عليه السلام أو غيره وكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه أو ما هو في معنى السماع كالإجازة والمناولة.

3: المرفوع: وهو ما أضيف إلى المعصوم عليه السلام من قول أو فعل أو تقرير سواءً كان إسناده متصلاً بالمعصوم أو منقطعاً بترك بعض الرواة أو إبهامه أو رواية بعض رجال سنده عمن لم يلقه.

4: المعنعن: وهو ما يقال في سنده فلان عن فلان من غير بيان للتحديث والإخبار والسماع.

5: المعلق: وهو ما حذف من مبدأ إسناده واحد فأكثر.

6: المفرد: وهو على قسمين:

أ_ الانفراد المطلق: هو أن ينفرد به راويه عن جميع الرواة.

ب _ النسبي: وهو أن ينفرد به بالنسبة إلى

جهة كتفرد أهل بلد معين كمكة والبصرة والكوفة أو تفرد واحد من أهلها به.

7: المدرج: وهو ما أدرج فيه كلام بعض الرواة فيظن لذلك أنه من الحديث أو يكون عنده متنان بإسنادين فيدرجهما في أحدهما أو يسمع حديث واحد من جماعة مختلفين في سنده أو مختلفين في متنه مع اتفاقهم على سنده فيدرج روايتهم جميعا على الاتفاق في المتن أو السند ولا يذكر الاختلاف.

8: المشهور: وهو ما شاع عند أهل الحديث خاصة أو عندهم وعند غيرهم أو عند غيرهم.

9: الغريب: وهو إما غريب إسناداً ومتناً معاً وهو ما تفرد برواية متنه واحد، أو غريب إسناداً خاصة لا متناً، أو غريب متناً خاصة بان اشتهر الحديث المفرد فرواه عمن تفرد به جماعة كثيرة، أو غريب متناً لا إسناداً بالنسبة إلى أحد طرفي الإسناد فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول وبالشهرة في طرفه الآخر.

10: المصحف: وهو على قسمين:

أ_ لفظي: وهو ما وقع التصحيف في اللفظ.

ب _ المعنوي: ما وقع التصحيف في المعنى.

11: العالي سنداً: هو قليل الواسطة مع اتصاله بالمعصوم عليه السلام.

12: الشاذ: وهو ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الجمهور... ويقال للطرف الراجح المحفوظ.

13: المسلسل: وهو ما تتابع فيه رجال الإسناد على صفة كالتشبيك بالأصابع أو حالة في الراوي للحديث.

14: المزيد: وهو ما وقعت الزيادة في المتن أوفي الإسناد على غيره من الأحاديث المروية في معناه أوفي إسناده.

15: المختلف: وهو أن يوجد حديثان متضادان في المعنى ظاهراً.

16: الناسخ: هو حديث دل على رفع حكم شرعي سابق،

المنسوخ: هو ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه.

17: الغريب لفظاً: هو ما اشتمل متنه على لفظ غامض بعيد عن الفهم لقلة استعماله في الشائع من اللغة.

18:

المقبول: هو ما تلقوه بالقبول والعمل بالمضمون.

هذه الأنواع مشترك فيها الأقسام الأربعة الرئيسية، أما الأنواع التالية فهي مختصة بالضعيف:

19: الموقوف وهو على قسمين:

أ_ مطلق: وهو ما روي عن مصاحب المعصوم عليه السلام من نبي أو إمام من قول أو فعل أو غيرهما متصلا كان سنده أم منقطعا.

ب _ المقيد: وهو ما روي عن غير مصاحب للمعصوم عليه السلام.

20: المقطوع: وهو ما جاء عن التابعين ومن في حكمهم وهو تابع مصاحب الإمام عليه السلام ويقال له المنقطع أيضاً.

21: المرسل: وهو ما رواه عن المعصوم عليه السلام من لم يدرك المعصوم عليه السلام.

22: المعلل: وهو ما فيه من أسباب خفية غامضة قادحة في نفس الأمر وظاهرة السلامة منها.

23: المدلس: وهو أن الراوي لم يصرح بمن حدثه وأوهم سماعه للحديث ممن لم يحدثه.

24: المضطرب من الحديث: وهو ما اختلف راويه في الحديث متناً أو إسناداً.

25: المقلوب: وهو حديث ورد بطريق فيروى بغيره أما بمجموع الطريق أو ببعض رجاله بأن يقلب بعض رجاله خاصة بحيث يكون أجود فيه ليرغب فيه.

26: الموضوع: وهو المكذوب المختلق المصنوع بمعنى أن واصفه اختلقه وصنعه(465).

70النبي إبراهيم عليه السلام والشرك

س70: كيف اجتمعت شروط النبوة في إبراهيم الخليل عليه السلام وكان والده مشركاً؟

ج70: لم يكن والد إبراهيم عليه السلام مشركاً وإنما كان عمه (آزر) مشركاً وإطلاق الأب عليه عرفي.

* جاء في كتاب (بحار الأنوار) في الكلام عن قوله تعالى: *وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر*(466): (ظاهر هذه الآية يدل على أن اسم والد إبراهيم عليه السلام هو آزر، ومنهم من قال اسمه تارخ، وقال الزجاج: لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارخ، ومن الملحدة من جعل هذا طعناً في القرآن، أقول: إن والد إبراهيم عليه السلام كان تارخ،

وآزر كان عماً له، والعم قد يطلق عليه لفظ الأب كما حكى الله تعالى عن أولاد يعقوب أنهم قالوا: *نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق*(467) ومعلوم أن إسماعيل كان عماً ليعقوب وقد أطلقوا عليه لفظ الأب فكذا هاهنا) (468).

* عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: «المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لأني أشرف من أبي والنبي صلي الله عليه و اله أشرف من أبيه وإبراهيم عليه السلام أشرف من تارخ»، قيل: وبم الافتخار؟ قال عليه السلام: «بإحدى ثلاث: مال ظاهر، وأدب بارع، وصناعة لا يستحيي المرء منها» (469).

71أي الفريقين أحق بالاتباع؟

س71: لماذا اختلفت الشيعة والسنة في الوضوء؟ وأيهما أحق بالاتباع؟

ج71: الأدلة من الكتاب والسنة، تؤيد مذهب الشيعة، والاختلافات الفقهية كثيرة بينهما، فإن الشيعة أخذوا مذهبهم من رسول الله صلي الله عليه و اله ومن أهل البيت عليهم السلام.

* قال تعالى: *يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين*(470).

* وهناك روايات واردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام قد بينت بصورة مفصلة طريقة الوضوء التي كان النبي صلي الله عليه و اله يعمل بها.

* عن زرارة بن أعين أنه قال لأبي جعفر محمد الباقر عليه السلام: أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ، والذي قال الله عز وجل، فقال عليه السلام: «الوجه الذي قال الله وأمر الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم: ما دارت عليه الوسطى والإبهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديراً فهو من الوجه وما سوى

ذلك فليس من الوجه»، فقال له: الصدغ من الوجه، قال عليه السلام:«لا» (471).

* عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت: إن أناساً يقولون: إن بطن الأذنين من الوجه وظهرهما من الرأس، فقال عليه السلام: «ليس عليهما غسل ولا مسح» (472).

* ومحمد بن الحسن وغيره عن سهل بن زياد عن علي بن الحكم عن الهيثم بن عروة التميمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: *فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق*(473) فقلت: هكذا، ومسحت من ظهر كفي إلى المرفق فقال عليه السلام: «ليس هكذا تنزيلها، إنما هي: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه» (474).

فيتبين أن كلمة *إلى* الواردة في الآية هي لمجرد بيان حد الغسل وليست لبيان أسلوبه كما التبس على البعض حيث ظنوا أن المقصود في الآية هو غسل اليدين ابتداءً من أطراف الأصابع حتى المرفقين.

وهذا أمر عرفي أيضاً كما تقول للصباغ: اصبغ الجدار إلى متر واحد مثلاً، فالمراد بيان الحدود والمساحة المراد صبغها لا أن يبدأ من الأرض، فالآية المباركة بينت حدود الغسل، وأما الأسلوب والكيفية فقد بينها رسول الله صلي الله عليه و اله والأئمة الطاهرون عليهم السلام.

* وقال ابن هشام في كتابه مغني اللبيب ما يلي:

الحادي عشر: قوله تعالى: *فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق* فإن المتبادر تعلق *إلى* ب_ *فاغسلوا* وقد رده بعضهم بأن ما قبل الغاية لابد أن يتكرر قبل الوصول إليها، تقول: ضربته إلى أن مات، ويمتنع قتلته إلى أن مات، وغسل اليد لا يتكرر قبل الوصول إلى المرفق، لأن اليد شاملة لرؤوس الأنامل والمناكب وما بينهما، قال: فالصواب تعلق*إلى* ب_ *فاغسلوا* محذوفاً، ويستفاد من ذلك دخول

المرافق في الغسل لأن الإسقاط قام الإجماع على أنه ليس من الأنامل بل من المناكب وقد انتهى إلى المرافق والغالب أن ما بعد *إلى* يكون غير داخل، بخلاف (حتى) وإذا لم يدخل في الإسقاط بقي داخلاً في المأمور بغسله(475)،انتهى.

* عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «مسح الرأس على قدّمه» (476).

واعتبر الفيروز آبادي أن الباء في *برؤوسكم* للتبعيض ومثل لذلك: *عيناً يشرب بها عباد الله*(477) و*امسحوا برؤوسكم*(478).

* عن زرارة قال:قلت لأبي جعفر عليه السلام: ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين، فضحك عليه السلام ثم قال: «يا زرارة قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ونزل به الكتاب من الله لأن الله عز وجل يقول: *فاغسلوا وجوهكم* فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال: *وأيديكم إلى المرافق* ثم فصل بين الكلام فقال: *وامسحوا برؤوسكم* فعرفنا حين قال: *برؤوسكم* أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال: *وأرجلكم إلى الكعبين* فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله صلي الله عليه و اله للناس فضيعوه» الخبر(479).

* وهنا بعض الروايات عن العامة تؤيد ظاهر الآية.

* عن حمران قال: دعا عثمان بماء فتوضأ ثم ضحك فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ما أضحكك؟ قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و اله توضأ كما توضأت، فمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ومسح برأسه وظهر قدميه(480).

* في مسند أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الله، حدثنا أبي، حدثنا ابن الأشجعي، حدثنا أبي سفيان، عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد قال:

أتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فتمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ثلاثاً ثم مسح برأسه ورجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و اله هكذا يتوضأ يا هؤلاء أكذاك؟ قالوا نعم، لنفر من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله عنده(481).

* عن همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى ابن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع قال: فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزوجل، ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين(482).

* حدثنا أبو خيثمة حدثنا وكيع بن الجراح حدثنا الأعمش عن أبي اسحاق عن عبد خير عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله صلي الله عليه و اله يمسح ظاهرهما(483).

* وقد اشتهر قول ابن عباس وأنس: الوضوء غسلتان ومسحتان(484).

72نقل الأموات إلى المشاهد المشرفة

س72: ما رأي الشيعة الإمامية في نقل الموتى من بلدهم إلى المراقد المقدسة؟ وهل لضغطة القبر رصيد من الصحة؟ وأنها تمنع الحساب؟

ج72: إن النقل إلى هذه المشاهد المباركة جائز، بل مستحب، وضغطة القبر دلت عليها الروايات، ومشاهد الأئمة عليهم السلام تمنع من ضغطة القبر، والسؤال، وغيرهما، كما في كتاب لآلي الأخبار.

* عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أ يفلت من ضغطة القبر أحد؟ قال: فقال عليه السلام: «نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر، إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله صلي الله عليه و اله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء

فدمعت عيناه وقال صلي الله عليه و اله للناس: إني ذكرت هذه وما لقيت فرققت لها واستوهبتها من ضمة القبر، قال: فقال صلي الله عليه و اله: اللهم هب لي رقية من ضمة القبر فوهبها الله له» (485).

* سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المصلوب يصيبه عذاب القبر؟ فقال عليه السلام: «إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عزوجل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر» (486).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «ليلة الجمعة ليلة غراء ويومها يوم أزهر، من مات ليلة الجمعة كتب الله له براءة من ضغطة القبر ومن مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من النار» (487).

* عن الإمام علي عليه السلام قال: «من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن من ضغطة القبر» (488).

* عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام قال: «من صلى يوم الجمعة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وتبارك الذي بيده الملك وحم السجدة أدخله الله جنته وشفعه في أهل بيته ووقاه ضغطة القبر وأهوال يوم القيامة» قال الراوي: فقلت للحسن بن علي عليه السلام في أي وقت تصلى هذه الصلاة؟ فقال عليه السلام: «ما بين طلوع الشمس إلى زوالها» (489).

* عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر» فقلت له: من بر الناس وفاجرهم؟ قال عليه السلام: «من بَرّ الناس وفاجرهم» (490).

* قال المفيد في المسائل الغرية: وقد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى بعض مشاهد آل الرسول عليهم السلام إن أوصى الميت بذلك(491).

* عن محمد بن

مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: «لما مات يعقوب عليه السلام حمله يوسف عليه السلام في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس» (492).

* عن علي بن سليمان قال: كتبت إليه (أي إلى الإمام الصادق عليه السلام) أسأله عن الميت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام: «يحمل إلى الحرم ويدفن فهو أفضل» (493).

73ضربة علي عليه السلام يوم الخندق

س73: ما المقصود من قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «ضربة علي عليه السلام يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين» (494)؟

ج73: لو لم تكن ضربة علي عليه السلام، لانهزم المسلمون وانتصر الكافرون، ولذا كانت الضربة من الفضيلة بحيث تفوق عبادة الثقلين.

* قال حذيفة: لما دعا عمرو إلى المبارزة أحجم المسلمون كافة ما عدا علياً فإنه برز إليه فقتله الله على يديه، والذي نفس حذيفة بيده لعمله في ذلك اليوم أعظم أجراً من عمل أصحاب محمد صلي الله عليه و اله إلى يوم القيامة وكان الفتح في ذلك اليوم على يد علي عليه السلام وقال النبي صلي الله عليه و اله: «لضربة علي خير من عبادة الثقلين» (495).

* وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين» .

* وفي رواية الحاكم الحسكاني في مستدرك التنزيل: «لمبارزة علي بن أبي طالب عليه السلام لعمرو بن عبدود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة» (496).

74التجحيش

س74: ما هو التجحيش؟ ولماذا اختلفت فيه السنة والشيعة، وأيهما صحيح؟

ج74: يسمى في الشرع ب_(المحلل) وهو الذي يتزوج المرأة بعد ثلاث تطليقات، وقد وردت الأدلة الشرعية على ذلك(497).

* قال تعالى: *فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره*(498).

* روى على بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره، فقال عليه السلام: «إن الله عزوجل إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عز وجل: *الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان*(499)، يعني في التطليقة الثالثة ولدخوله فيما كره الله عزوجل له من

الطلاق الثالث حرّمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضارّوا النساء والمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت من زوجها ولم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره» (500).

* عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل طلق امرأته حتى بانت منه وانقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلقها أيضا ثم تزوجت زوجها الأول أ يهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال عليه السلام: «نعم» (501).

* عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طلق امرأته تطليقتين للعدة ثم تزوجت متعة هل تحل لزوجها الأول بعد ذلك؟ قال عليه السلام: «لا حتى تزوج بتاتاً» (502).

* عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها رجل متعة أ تحل للأول؟ قال عليه السلام: «لا لأن الله يقول: *فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره*، فإن طلقها والمتعة ليس فيها طلاق» (503).

75عالم البرزخ

س75: ما حقيقة عالم البرزخ؟ وماذا يجري على الإنسان في عالم البرزخ؟

ج75: عالم البرزخ: هو العالم بعد الموت وقبل القيامة، والإنسان في هذا العالم إما منعّم أو معذّب، أو ملهى عنه، كما في الأحاديث.

* قال تعالى: *ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون*(504).

* قال علي بن الحسين عليه السلام حينما تلا الآية: *ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون* قال: «هو القبر وإن لهم فيه لمعيشة ضنكا والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» (505).

* قال علي بن الحسين عليه السلام: «أشد ساعات ابن آدم

ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت والساعة التي يقوم فيها من قبره والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى فإما إلى الجنة وإما إلى النار» ثم قال عليه السلام: «إن نجوت يا بن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت وإن نجوت يا بن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت وإن نجوت حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت وإلا هلكت وإن نجوت حين *يقوم الناس لرب العالمين*(506) فأنت أنت وإلا هلكت ثم تلا: *ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون* قال: هو القبر وإن لهم فيه ل_ *معيشة ضنكا*(507) والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار» ثم أقبل عليه السلام على رجل من جلسائه فقال له: «قد علم ساكن السماء، ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين أنت وأي الدارين دارك» (508).

76سورة التوبة

س76: ما العلة في عدم وجود البسملة في بداية سورة البراءة؟

ج76: لأنها إعلان الغضب والتبرئة، و*بسم الله الرحمن الرحيم* للرحمة والخير.

* وتسمى سورة التوبة بالبراءة لأنها تبتدئ بهذه الكلمة كما تسمى بالتوبة لكثرة اشتمالها على مشتقات هذه الكلمة ولم تبتدئ هذه السورة بالبسملة لأنها نزلت لإعلان الحرب على الكفار والمنافقين وذلك ينافي *بسم الله الرحمن الرحيم* الذي يحمل في معناه الرحمة والسلام ولما اختتمت سورة الأنفال بعلاقة المسلمين بعضهم مع بعض ابتدأت هذه السورة بعلاقة المسلمين بالكافرين(509).

* عن كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم قال: أقل ما يجب في الصلاة من القرآن الحمد وسورة ثلاث آيات وقال: علة إسقاط *بسم الله الرحمن الرحيم* من سورة براءة، أن البسملة أمان والبراءة كانت إلى المشركين فأسقط منها الأمان(510).

* جاء عن أبي عبد

الله عليه السلام أنه قال: «قال علة إسقاط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من سورة براءة أن البسملة أمان والبراءة كانت إلى المشركين فأسقط منها الأمان» (511).

77المعجزة حسب الظروف

س77: لماذا اختلفت معاجز الأنبياء عليهم السلام؟ ولم لم يأت الأئمة عليهم السلام بمعاجز لكي يثبتوا إمامتهم للناس؟

ج77: اختلفت معاجز الأنبياء عليهم السلام حسب اختلاف الظروف وقد كانت للأئمة عليهم السلام أيضا معاجز، كما هو مذكور في كتاب (مدينة المعاجز) للسيد البحراني رحمة الله عليه.

* كتاب مدينة المعاجز: للمؤلف العلم العلامة السيد هاشم البحراني التوبلي الكتكاني المتوفى سنة (1107ه_)، له مؤلفات عديدة تبلغ الثمانين مؤلفاً منها: (تفسير البرهان في أربع مجلدات)، و(حلية الأبرار في أحوال محمد وآله الأطهار)، أما كتابه (مدينة المعاجز) فيقع في ثماني مجلدات ضخمة جمع فيه (2066) معجزة للأئمة الاثني عشر، وقد طبعت هذا الكتاب مؤسسة المعارف الإسلامية في قم المقدسة بتحقيق الشيخ عزة الله المولائي عام (1413ه_).

* ونذكر بعض معجزات أئمتنا عليهم السلام نقلا عن كتاب (الصراط المستقيم) لمؤلفه علي بن يونس النباطي البياضي المولود سنة 804ه_ في جبل عامل، والمتوفى سنة 877ه_، والذي ذكر فيه معجزات الأئمة عليهم السلام وخوارق العادات التي جرت على أيديهم، وقد نقلنا بعضها هنا لا كلها:

* حبس هشام بن عبد الملك الفرزدق لما قال في زين العابدين عليه السلام:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

إلى آخر القصيدة، وهي مشهورة معروفة…

فلما طال حبسه شكا ذلك إلى الإمام عليه السلام فدعا له فخلص فقال: إنه محا اسمي من الديوان، فأعطاه الإمام عليه السلام رزق أربعين سنة وقال: «لو علمت أنك تحتاج إلى أكثر من ذلك لأعطيتك فمات بعد الأربعين» .

* قال الإمام الباقر عليه السلام: «من حق المؤمن على

الله أن لو قال المؤمن لنخلة أقبلي لأقبلت»، فتحركت نخلة فقال لها: «قري ما عنيتك» .

* مسح الإمام الباقر عليه السلام بيده على وجه أبي بصير وهو أعمى فأبصر السهل والجبل ورأى ما عدا الشيعة في صورة كلب وخنزير وقرد، فقال عليه السلام: «إن أحببت أن تكون هكذا وحسابك على الله أو كما كنت فثوابك الجنة»، قال: الجنة، فمسح على وجهه فعمي.

* قال علي بن أبي حمزة دعا الإمام الصادق عليه السلام بنخلة يابسة فأرطبت وأكلنا من رطبها، فقال أعرابي: هذا سحر، فقال عليه السلام: «نحن ورثة الأنبياء ندعو فنجاب إن أحببت أن تمسخ كلبا تبصبص لأهلك»، قال الأعرابي لجهله: بلى، فدعا عليه السلام فمسخ كلباً، فذهب إلى أهله يبصبص فتبعوه وأخذوا له العصي، فرجع إلى الإمام عليه السلام وهو يبكي ويتمرغ في التراب ويعوي فرحمه فدعا الله له فعاد إنساناً فقال عليه السلام: «آمنت؟» فقال: ألفا وألفا.

* نازع الأفطح الإمام الكاظم عليه السلام في الإمامة، فأضرم عليه السلام ناراً وجلس في وسطها ساعة يحدث الناس، ثم قال عليه السلام: «إن كنت إماما فافعل ذلك» وخرج ولم يفعل الأفطح، وفي رواية أخرى: أنه عليه السلام أدخل يده فلم يخرجها حتى احترق الحطب بعد أن أمر عبد الله الأفطح بذلك فلم يفعل.

* اجتمع الناس للإمام الرضا عليه السلام بخراسان وسألوه المطر فدعا الله فأقبلت الغيوم إلى البلاد وكل ما جاءت سحابة يقول عليه السلام: «هذه لبلد كذا» فجاءت الحادية عشر فقال: «هذه لكم» فسقوا، فتحدث الناس بفضله فقال خواصُّ المأمون: جئت بهذا الساحر وقد ملأ الدنيا مخرقة، وقال حاجبه حميد بن مهران: إن كنت صادقاً فأحي هاتين الصورتين، وأشار إلى أسدين في مسند المأمون، فصاح عليه

السلام بهما فقاما، فقال عليه السلام: «دونكما الفاجر» فافترساه وقالا: أ تأذن لنا يا ولي الله في أرضه أن نلحق المأمون بصاحبه، فقال عليه السلام: «لا بل عودوا إلى مكانكما» .

* خبأ المأمون للإمام الجواد عليه السلام سمكة اصطادها باز واستخبره عنها فقال وهو صبي: «خلق الله في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بازات الخلفاء يختبرون بها سلالة الأنبياء» .

* حضر عند المتوكل مشعبذ فقال: إن أخجلت علي بن محمد الهادي أعطيتك ألف دينار، فقال: اخبز لي رقاقا فأحضرها وأحضره، ففعل فأراد الإمام تناول واحدة فطيرها المشعبذ في الهواء فأراد ثانية فطيرها فأراد ثالثة فطيرها، فضحك الناس فضرب عليه السلام بيده إلى صورة أسد وقال: «خذه»، فابتلعت الرجل وعادت صورة فسأل المتوكل رده فقال عليه السلام: «لا يرى بعدها تسلط أعداء الله على أولياء الله فلم ير بعدها» .

* وقع الإمام العسكري عليه السلام وهو طفل في بئر وأبوه يصلي فصاح النسوان فلما فرغ من صلاته قال: «لا بأس عليه»، فرأوه وقد ارتفع الماء به إلى رأس البئر.

* قالت حكيمة: قرأت على نرجس أم الإمام الحجة عليه السلام وقت ولادته التوحيد والقدر وآية الكرسي فأجابني من بطنها بقراءتي، ثم وضعته أمه ساجدا إلى القبلة، فأخذه أبوه وقال: «انطق بإذن الله» فتعوذ وسمى وقرأ: *ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض*(512) الآيتين وصلى على محمد وعلي وفاطمة والأئمة واحدا واحداً باسمه إلى آخرهم، وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن *جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا*(513)، قالت حكيمة: دخلت بعد ولادته بأربعين يوما فإذا هو يمشي فلم أر أفصح من لغته.

* لما مات العسكري عليه السلام بعث المعتضد ثلاثة نفر ليكبسوا داره ومن لقوه فيها

يأتونه برأسه، ففعلوا فدخلوا الدار فرأوا سردابا وفي ذلك السرداب ماء ورجلا على الماء يصلي على حصير ولم يلتفت إليهم فسبق أحمد بن عبد الله فطفر إليه فهمَّ أن يغرق فخلصوه، وطفر آخر فكان كذلك فخلصوه فانتهروا وعادوا إلى المعتضد فاستكتمهم(514).

78العزل

س78: ما معنى العزل والوأد والخفي؟

ج78: العزل: هو أن يخرج الرجل آلته من الموضع عند إرادة نزول المني، وهذا مثل (الوأد) في كون كليهما سببا لعدم تكاثر بني الإنسان، إذ أن المني منشأ للآدمي.

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الوأد الخفي أن يجامع الرجل المرأة فإذا أحس الماء نزعه منها فأنزله فيما سواها، فلا تفعلوا ذلك فقد نهى رسول الله صلي الله عليه و اله من أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها وعن الأمة إلا بإذن سيدها» (515).

* سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن العزل؟ قال عليه السلام: «الماء للرجل يصرفه حيث يشاء» (516).

* عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا بأس بالعزل عن المرأة الحرة إن أحب صاحبها وإن كرهت فليس لها من الأمر شيء» (517).

* عن محمد بن مسلم عن أحدهما* أنه سئل عن العزل؟ فقال عليه السلام: «أما الأمة فلا بأس وأما الحرة فإني أكره ذلك إلا أن يشترط عليها حين يتزوجها» (518).

* قال النبي صلي الله عليه و اله في العزل: «إنه الوأد الخفي» (519).

79تشريح الجثث

س79: هل يجوز تشريح الميت، ولماذا؟

ج79: لا يجوز إطلاقاً، لأنه إهانة للإنسان، وقد قرر الشارع لقطع كل جزء من أجزاء الميت (دية) خاصة كما في كتاب الديات(520).

* وفي المسائل الإسلامية ص(781) المسائل الحديثة المسألة 36: لا يجوز مطلقاً تشريح جسد الميت المحترم ويمكن لطالب الطب أن يقوم بتشريح أجساد الحيوانات والتماثيل المصنوعة على هيئة الإنسان من المطاط ونحو ه. وفي حال الاضطرار يقدم التشريح لجسم الكافر على جسم المسلم - بقدر الضرورة -.

80الإسلام ناسخ للأديان الأخرى

س80: إذا كانت أسس الدين المسيحي هي نفسها في الإسلام، وأن شخصاً وجد نسخة الإنجيل الصحيح أي غير المحرّف مثلاً فهل يحق له ترك الدين الإسلامي وأخذ الدين المسيحي لأنها نابعة من مصدر واحد، ولماذا؟

ج80: الأسس هي الأسس، لكن هناك اختلافات كثيرة في الكيفية والهيئة، ولذا فالإسلام ناسخ للدين المسيحي الصحيح في زمانه، أما المسيحية المحرفة فهي ليست بدين أصلاً.

* قال تعالى: *ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه*(521).

* قال الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة: «إن هذا الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه، واصطنعه على عينه، وأصفاه خيرة خلقه، وأقام دعائمه على محبته، أذل الأديان بعزته، ووضع الملل برفعه، وأهان أعداءه بكرامته، وخذل محادِّيه بنصره، وهدم أركان الضلالة بركنه، وسقى من عطش من حياضه، وأتأق الحياض بمواتحه، ثم جعله لا انفصام لعروته، ولا فك لحلقته، ولا انهدام لأساسه، ولا زوال لدعائمه، ولا انقلاع لشجرته، ولا انقطاع لمدته، ولا عفاء لشرائعه، ولا جذ لفروعه، ولا ضنك لطرقه، ولا وعوثة لسهولته، ولا سواد لوضحه، ولا عوج لانتصابه، ولا عصل في عوده، ولا وعث لفجه، ولا انطفاء لمصابيحه، ولا مرارة لحلاوته، فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها، وثبت لها آساسها، وينابيع غزرت

عيونها، ومصابيح شبت نيرانها، ومنار اقتدى بها سفارها، وأعلام قصد بها فجاجها، ومناهل روي بها ورادها، جعل الله فيه منتهى رضوانه، وذروة دعائمه، وسنام طاعته، فهو عند الله وثيق الأركان، رفيع البنيان، منير البرهان، مضيء النيران، عزيز السلطان، مشرف المنار، معوذ المثار، فشرفوه واتبعوه، وأدوا إليه حقه، وضعوه مواضعه» (522).

* عن المفضل بن عمر قال: سألت سيدي الصادق عليه السلام (وكان فيما سأل): يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: *ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون*(523)، قال عليه السلام: هو قوله تعالى *وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله*(524)، فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل والأديان الاختلاف ويكون الدين كله واحدا كما قال جل ذكره: *إن الدين عند الله الإسلام*(525) وقال الله: *ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين* قال المفضل: قلت يا سيدي ومولاي والدين الذي في آبائه إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ومحمد صلي الله عليه و اله هو الإسلام؟ قال عليه السلام: نعم يا مفضل هو الإسلام لا غير، قلت: يا مولاي أ تجده في كتاب الله؟ قال عليه السلام: نعم من أوله إلى آخره ومنه هذه الآية: *إن الدين عند الله الإسلام* وقوله تعالى: *ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين*(526) ومنه قوله تعالى في قصة إبراهيم وإسماعيل: *واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك*(527) وقوله تعالى في قصة فرعون: *حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين*(528) وفي قصة سليمان وبلقيس: *قبل أن يأتوني مسلمين*(529) وقولها: *أسلمت مع سليمان لله رب العالمين*(530) وقول عيسى عليه السلام: *من أنصاري إلى الله قال الحواريون

نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون*(531) وقوله عزوجل: *وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها*(532) وقوله في قصة لوط عليه السلام: *فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين*(533) وقوله: *قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا* إلى قوله: *لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون*(534) وقوله تعالى: *أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت* إلى قوله: *ونحن له مسلمون*(535).

* عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: *يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم* قال عليه السلام: «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم»، قلت: *والله متم نوره*(536) قال عليه السلام: «والله متم الإمامة لقوله عزوجل: *فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا*(537) فالنور هو الإمام»، قلت: *هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق* قال عليه السلام: «هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق» قلت: *ليظهره على الدين كله*(538) قال عليه السلام: «يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم» قال عليه السلام: «يقول الله: *والله متم نوره* ولاية القائم، *ولو كره الكافرون*(539) بولاية علي عليه السلام » (540).

81شك المصلي

س81: إذا شك المصلي في صلاة الظهر، بين الإثنين والثلاث والأربع، فماذا حكمه، علماً بأن الوقت كان ضيقاً؟

ج81: يبنى على الأربع ويتم الصلاة ثم يأتي بركعتين من قيام، وركعتين من جلوس(541).

* عن أبي إبراهيم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل لا يدري أ ثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال عليه السلام: «يصلي ركعتين من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس» (542).

* عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى ولم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا، قال

عليه السلام: «فيقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة وإلا تمت الأربع» (543).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال فيمن لا يدري أ ثلاثا صلى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء، قال عليه السلام: «إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار إن شاء صلى ركعة وهو قائم، وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات» (544).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وإن وقع رأيك على الأربع فسلم وانصرف وإن اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس» (545).

82تسمية الإنس والجن والملك

س82: لماذا سمي كل مما يلي بهذه الأسماء المتعارفة عليها عند الناس؟ الإنسان، الجن، الملائكة. ولماذا جعل الأول يعيش على الأرض والثاني تحت الأرض والثالث في السماوات العُلا؟ وما هي حقيقة كل من الثاني والثالث؟

ج82: الإنسان: لأنه يأنس، من (أنس)(546).

الجن: لأنه يستتر، من (جنّ) إذا ستر(547).

الملك: من (الألوكة) بمعنى (الرسالة)(548).

أما بالنسبة إلى أماكن معيشتهم فذاك لأن كل واحد من الثلاثة يناسب هذه المواضع الثلاثة، فالإنسان أرضي، والملك نوري، والجن ناري.

* عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في أجوبته عن مسائل طاووس اليماني قال: فلم سمي الجن جنا؟ قال عليه السلام: «لأنهم استجنوا فلم يروا» (549).

* عن محمد بن علي بن إبراهيم: العلة في الجن أنهم لا يدخلون الجنة أنهم خلقوا من النار والجنة هي نور، فلا تجتمع النار والنور، وسئل العالم عليه السلام فقيل له: فإذا لم يدخلوا الجنة فأين يكونون؟ فقال عليه السلام: «إن الله جعل حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنو الجن وفساق

الشيعة» (550).

* عن المعلى بن محمد عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله عزوجل خلق الملائكة من أنوار وخلق الجان من نار وخلق الجن صنفا من الجان من الريح وخلق الجن صنفا من الجن من الماء» (551).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى، وقال الله عزوجل: *ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي*(552)» (553).

* وجاء في كتاب (معاني الأخبار) مرسلا: معنى الإنسان أنه ينسى ومعنى النساء أنهن أنس للرجال ومعنى المرأة أنها خلقت من المرء(554).

* عن ابن عباس قال: خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد إليه فنسي فسماه الإنسان، قال ابن عباس: فبالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة(555).

83تحديد النسل

س83: هل يجوز تحديد النسل، ولماذا؟

ج83: إسقاط قوة الرحم عن قابلية تكوين البيوض أو إجراء عملية إزالة الرحم أو إسقاط قوة المني وجعله عاجزاً عن الإخصاب حرام، أما الامتناع عن الإنجاب فليس بحرام، وإنما مكروه.

* نعم فكرة تحديد النسل فكرة غربية، وقد ذكر الإمام محمد الشيرازي(أعلى الله درجاته) في كتاب (العائلة) تفصيل ذلك وننقله هنا نصاً لتتميم الفائدة:

لا يجوز منع الحمل بشكل دائم بإحداث شلل في بعض أجهزة التناسل من جانب الرجل أو المرأة أو بإيجاد المناعة ضد الحيوانات المنوية في الرجل أو المرأة، نعم يجوز منع الحمل المؤقت(556).

* هذا وإن الرسول صلي الله عليه و اله يحرض على تكثير النسل كما في الروايات.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «تزوجوا الأبكار فإنهن أطيب شيء أفواها وأدر شيء أخلافا وأحسن

شيء أخلاقا وأفتح شيء أرحاما أ ما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط يظل محبنطئا(557) على باب الجنة فيقول الله عزوجل له: ادخل الجنة فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي فيقول الله تعالى لملك من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنة فيقول: هذا بفضل رحمتي لك» (558).

* وعن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: «تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط» (559).

* وعنه صلي الله عليه و اله أنه قال: «ولمولود في أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس» (560).

* وعنه صلي الله عليه و اله: «ذروا الحسناء العقيم و عليكم بالسوداء الولود فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط» (561).

* وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «تزوجوا بكرا ولودا، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة» (562).

84المراد من الراقصات

س84: ما المقصود بكلمة (الراقصات) التي وردت في خطبة الإمام علي بن الحسن عليه السلام؟(563)

ج84: يعني (الكواكب) لأنها تتحرك، فشبهت بالراقصة المتحركة.

* في الحديث إن زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا فسكتوا فقام قائماً، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلي الله عليه و اله وصلى عليه ثم قال: «أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أنا المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات، أنا ابن من انتهك حريمه، وسلب نعيمه، وانتهب ماله، وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبراً، وكفى بذلك فخرا، أيها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه،

وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه، فتباً لما قدمتم لأنفسكم، وسوءة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلي الله عليه و اله إذ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي، قال: فارتفعت أصوات الناس من كل ناحية ويقول بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون فقال عليه السلام: رحم الله امرأ قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله صلي الله عليه و اله وأهل بيته عليهم السلام فإن لنا في رسول الله صلي الله عليه و اله أسوة حسنة فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك يرحمك الله فإنا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا فقال عليه السلام: هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أ تريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه ولم ينسني ثكل رسول الله صلي الله عليه و اله وثكل أبي عليه السلام وبني أبي ووجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصصه يجري في فراش صدري ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا» (564).

85معتقدات وطوائف

س85: البابية، والصائبة، والبهائية، والوجودية، والماسونية من هم، وما هو موجز معتقداتهم؟

ج85: البابية: يعتقدون ب_(أن علماء محمد صلي الله عليه و اله) باب الإمام الحجة عليه السلام وله ولأتباعه تشريعات مخالفة لتشريعات الإسلام.

الصائبة: يعتقدون بالكواكب، وقال بعض أنهم من النصارى(565).

البهائية: هم البابية.

الوجودية: يقولون: بأن وجودك كل شيء فافعل ما تشاء(566).

الماسونية: منظمة يهودية لأجل ترفيع مستوى اليهود في العالم على حساب تحطيم الآخرين.

* عن سهل

بن زياد الآدمي قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن العسكري عليه السلام جعلت فداك يا سيدي إن علي بن حسكة يدعي أنه من أوليائك وأنك أنت الأول القديم، وأنه بابك ونبيك، أمرته أن يدعو إلى ذلك ويزعم أن الصلاة والزكاة والحج والصوم كل ذلك معرفتك ومعرفة من كان فيه مثل حال ابن حسكة فيما يدعي من البابية والنبوة، فهو مؤمن كامل سقط عنه الاستعباد بالصلاة والصوم والحج، وذكر جميع شرائع الدين أن معنى ذلك كله ما ثبت لك، ومال الناس إليه كثيراً، فإن رأيت أن تمن على مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة، قال: فكتب عليه السلام كذب ابن حسكة عليه لعنة الله وبحسبك أني لا أعرفه في موالي ما له لعنه الله فو الله ما بعث الله محمدا والأنبياء قبله إلا بالحنيفية والصلاة والزكاة والصيام والحج والولاية، وما دعي محمد صلي الله عليه و اله إلا إلى الله وحده لا شريك له، وكذلك نحن الأوصياء من ولده عبيد الله لا نشرك به شيئا، إن أطعناه رحمنا وإن عصيناه عذبنا، ما لنا على الله من حجة بل الحجة لله عزوجل علينا وعلى جميع خلقه، أبرأ إلى الله ممن يقول ذلك وأنتفي إلى الله من هذا القول، فاهجروهم لعنهم الله وألجئوهم إلى ضيق الطريق فإن وجدت من أحد منهم خلوة فاشدخ رأسه بالصخر(567).

86الهدف من خلق الإنسان

س86: لماذا خلقنا؟

ج86: لكي نستفيد من فضل الله سبحانه، وفي الآية الكريمة: *وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون*(568)، وعبادة الإنسان تكامله، كما هو واضح.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«خرج الحسين عليه السلام إلى أصحابه يوماً فقال: أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا

عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه» (569).

* وسئل الصادق عليه السلام فقيل له: لم خلق الله الخلق؟ فقال عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا يدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد» (570).

* عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «إن الله عزوجل لما أخرج ذرية آدم عليه السلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي فكان أول من أخذ له عليهم الميثاق بنبوته محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله ثم قال الله عزوجل لآدم: انظر ما ذا ترى؟ قال عليه السلام: فنظر آدم عليه السلام إلى ذريته وهم ذر قد ملئوا السماء قال آدم عليه السلام: يا رب ما أكثر ذريتي ولأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم قال الله عزوجل: يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم قال آدم عليه السلام: يا رب فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال الله عزوجل: كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم قال آدم عليه السلام: يا رب فتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله عزوجل: تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك (من) خلاف كينونتي قال آدم عليه السلام: يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في

شيء من الأشياء قال الله عزوجل: يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العالم بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيئتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون لا تبديل لخلقي إنما خلقت الجن والإنس ليعبدون وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا أبالي وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار وكذلك أردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والأعمى والقصير والطويل والجميل والدميم والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا عاهة به فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء وفيما أعافيهم وفيما أبتليهم وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت وأقدم من ذلك ما أخرت وأؤخر من ذلك ما قدمت وأنا الله الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون» (571).

* عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله

عليه السلام عن قوله عزوجل: *وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون*(572)، قال عليه السلام: «خلقهم ليأمرهم بالعبادة، قال: وسألته عن قوله عزوجل: *ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم*(573)، قال عليه السلام: خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم» (574).

* عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له: لم خلق الله الخلق؟ فقال عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبدي» (575).

87يأجوج ومأجوج

س87: من هما يأجوج ومأجوج؟

ج87: قبيلتان، ولذا جاء في الآية الكريمة: *إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض*(576)، ويظهرون في آخر الزمان للفساد.

* ورد في الخبر عن حذيفة قال: سألت رسول الله صلي الله عليه و اله عن يأجوج ومأجوج فقال: «يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة أمة، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح»، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال صلي الله عليه و اله: «هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الإرز»، قلت: يا رسول الله وما الإرز؟ قال صلي الله عليه و اله: «شجر بالشم طويل، وصنف منهم طولهم وعرضهم سواء وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية» (577).

* عن ابن عباس قال: سئل أمير

المؤمنين عليه السلام عن الخلق؟ فقال عليه السلام: «خلق الله ألفا ومائتين في البر وألفا ومائتين في البحر وأجناس بني آدم سبعون جنسا والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج» (578).

* عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلي الله عليه و اله عن أهل يأجوج ومأجوج، قال صلي الله عليه و اله: «إن القوم لينقرون بمعاولهم دائبين، فإذا كان الليل قالوا غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس، حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره، فيقول المؤمن غدا نفتحه إن شاء الله، فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله، فو الذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه، فيقول والله لقد رأيت هذا الوادي مرة، وإن الماء ليجري في عرضه»، قيل يا رسول الله ومتى هذا؟ قال صلي الله عليه و اله: «حين لا يبقى من الدنيا إلا مثل صبابة الإناء» (579).

88الحديث القدسي

س88: ما الفرق بين الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام والحديث القدسي؟

ج88: الحديث القدسي: أحاديث واردة عن الله تعالى لا باسم القرآن، والأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام حجة ولا تسمى بالحديث القدسي.

* وقد كان أول من يجمع الأحاديث القدسية في كتاب مستقل هو الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد الحر العاملي المتوفى سنة (1104ه_) في كتاب أسماه (الجواهر السنية في الأحاديث القدسية).

* ونورد هنا بعض الأحاديث القدسية لتتميم الفائدة.

* في بعض الأحاديث القدسية: «أيما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكري توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه» (580).

* وفي كتاب أدعية السر القدسية:

«يا محمد، ومن نزلت به قارعة من فقر في دنياه فأحب العافية منها فلينزل بي فيها وليقل يا محل كنوز أهل الغنى ويا مغني أهل الفاقة من سعة تلك الكنوز بالعائدة إليهم والنظر لهم يا الله لا يسمى غيرك إلها إنما الآلهة كلها معبودة دونك بالفرية والكذب لا إله إلا أنت يا ساد الفقر ويا جابر الضر ويا عالم السرائر ارحم هربي إليك من فقري أسألك باسمك الحال في غناك الذي لا يفتقر ذاكره أبدا أن تعيذني من لزوم فقر أنسى به الدين أو بسوء غنى أفتن (أفتتن) به عن الطاعة بحق نور أسمائك كلها أطلب إليك من رزقك كفافا للدنيا تعصم به الدين لا أجد لي غيرك مقادير الأرزاق عندك فانفعني من قدرتك فيها بما تنزع به ما نزل بي من الفقر يا غني فإنه إذا قال ذلك نزعت الفقر من قبله وغشيته الغنى وجعلته من أهل القناعة» (581).

* وفي أدعية السر القدسية: «يا محمد إن السحر لم يزل قديما وليس يضر شيئا إلا بإذني فمن أحب أن يكون من أهل عافيتي من السحر فليقل اللهم رب موسى وخاصة كلامه وهازم من كاده بسحره بعصاه ومعيدها بعد العود ثعبانا وملقفها إفك أهل الإفك ومفسد عمل الساحرين ومبطل كيد أهل الفساد من كادني بسحر أو بضر عامدا أو غير عامد أعلمه أو لا أعلمه أخافه أو لا أخافه فاقطع من أسباب السماوات عمله حتى ترجعه عني غير نافذ ولا ضار ولا شامت بي إني أدرأ بعظمتك في نحور الأعداء فكن لي منهم مدافعا أحسن مدافعة وأتها يا كريم فإنه إذا قال ذلك لم يضره سحر ساحر جني ولا إنسي أبدا» (582).

* عن عدة

الداعي قال في الحديث القدسي: «يا موسى سلني كل ما تحتاج إليه حتى علف شاتك وملح عجينك» (583).

* عن عدة الداعي قال في الحديث القدسي: «لا يحجب عني دعوة إلا دعوة آكل الحرام» (584).

* وفي الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» (585).

89التناسخ

س89: ما هو مذهب التناسخ، وعلام يستند؟

ج89: التناسخ: هو أن الإنسان إذا مات تحول إلى إنسان آخر، أو حيوان، أو ما أشبه، ولا يستند إلى دليل مقبول.

* قال المأمون العباسي للرضا عليه السلام: يا أبا الحسن ما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال عليه السلام: «من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم يكذب بالجنة والنار» (586).

* عن أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن التناسخ قال: «فمن نسخ الأول؟» (587)، وبهذه الكلمات الوجيزة قطع الإمام أبو عبد الله عليه السلام دابر القائلين بالتناسخ ونقض قولهم من أصله.

* عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: «من قال بالتناسخ فهو كافر» ثم قال عليه السلام: «لعن الله الغلاة ألا كانوا يهودا، ألا كانوا مجوسا، ألا كانوا نصارى، ألا كانوا قدرية، ألا كانوا مرجئة، ألا كانوا حرورية» ثم قال عليه السلام: «لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم وابرءوا منهم برئ الله منهم» (588).

* من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل كثيرة أنه قال: أخبرني عمن قال بتناسخ الأرواح، من أي شيء قالوا ذلك وبأي حجة قاموا على مذاهبهم؟ قال عليه السلام: «إن أصحاب التناسخ قد خلفوا وراءهم منهاج الدين، وزينوا لأنفسهم الضلالات، وأمرجوا أنفسهم في الشهوات، وزعموا أن السماء خاوية ما فيها شيء مما

يوصف، وأن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين، بحجة من روى أن الله عزوجل خلق آدم على صورته، وأنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور، والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه وولوجه في قالب آخر، فإن كان محسنا في القالب الأول أعيد في قالب أفضل منه حسنا، في أعلى درجة من الدنيا، وإن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا أو هوام مشوهة الخلقة، وليس عليهم صوم ولا صلاة ولا شيء من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم معرفته، وكل شيء من شهوات الدنيا مباح لهم من فروج النساء وغير ذلك من الأخوات والبنات والخالات وذوات البعولة، وكذلك الميتة والخمر والدم، فاستقبح مقالتهم كل الفرق، ولعنهم كل الأمم، فلما سئلوا الحجة زاغوا وحادوا، فكذب مقالتهم التوراة، ولعنهم الفرقان، وزعموا مع ذلك أن إلههم ينتقل من قالب إلى قالب، وأن الأرواح الأزلية هي التي كانت في آدم ثم هلم جرا، تجري إلى يومنا هذا في واحد بعد آخر، فإذا كان الخالق في صورة المخلوق فبما يستدل على أن أحدهما خالق صاحبه، وقالوا إن الملائكة من ولد آدم، كل من صار في أعلى درجة من دينهم خرج من منزلة الامتحان والتصفية، فهو ملك، فطورا تخالهم نصارى في أشياء، وطورا دهرية يقولون إن الأشياء على غير الحقيقة، فقد كان يجب عليهم أن لا يأكلوا شيئا من اللحمان، لأن الذرات عندهم كلها من ولد آدم حولوا من صورهم، فلا يجوز أكل لحوم القربات» قال عليه السلام: «ومن زعم أن الله لم يزل ومعه طينة موذية، فلم يستطع التفصي(589) منها إلا بامتزاجه بها ودخوله فيها، فمن تلك الطينة خلق الأشياء، قال سبحان

الله تعالى: ما أعجز إلهاً يوصف بالقدرة لا يستطيع التفصي من الطينة، إن كانت الطينة حية أزلية فكانا إلهين قديمين فامتزجا ودبرا العالم من أنفسهما، فإن كان ذلك كذلك فمن أين جاء الموت والفناء، وإن كانت الطينة ميتة فلا بقاء للميت مع الأزلي القديم والميت لا يجيء منه حي، وهذه مقالة الديصانية أشد الزنادقة قولا، وأمهنهم مثلا، نظروا في كتب قد صنفتها أوائلهم، وحبروها بألفاظ مزخرفة من غير أصل ثابت، ولا حجة توجب إثبات ما ادعوا، كل ذلك خلافا على الله وعلى رسله بما جاءوا عن الله، فأما من زعم أن الأبدان ظلمة، والأرواح نور، وأن النور لا يعمل الشر، والظلمة لا تعمل الخير، فلا يجب عليهم أن يلوموا أحدا على معصية، ولا ركوب حرمة، ولا إتيان فاحشة، وإن ذلك عن الظلمة غير مستنكر، لأن ذلك فعلها، ولا له أن يدعو ربا، ولا يتضرع إليه، لأن النور الرب، والرب لا يتضرع إلى نفسه، ولا يستعبد بغيره، ولا لأحد من أهل هذه المقالة أن يقول أحسنت يا محسن، أو أسأت، لأن الإساءة من فعل الظلمة، وذلك فعلها، والإحسان من النور، ولا يقول النور لنفسه أحسنت يا محسن، وليس هناك ثالث، وكانت الظلمة على قياس قولهم أحكم فعلا، وأتقن تدبيرا، وأعز أركانا، من النور، لأن الأبدان محكمة، فمن صور هذا الخلق صورة واحدة على نعوت مختلفة، وكل شيء يرى ظاهرا من الزهر والأشجار والثمار والطير والدواب يجب أن يكون إلها، ثم حبست النور في حبسها، والدولة لها، وأما ما ادعوا بأن العاقبة سوف تكون للنور، فدعوى وينبغي على قياس قولهم أن لا يكون للنور فعل لأنه أسير، وليس له سلطان، فلا فعل له ولا تدبير، وإن كان

له مع الظلمة تدبير فما هو بأسير بل هو مطلق عزيز، فإن لم يكن كذلك وكان أسير الظلمة فإنه يظهر في هذا العالم إحسان وجامع فساد وشر، فهذا يدل على أن الظلمة تحسن الخير وتفعله، وكما تحسن الشر وتفعله، فإن قالوا محال ذلك، فلا نور يثبت ولا ظلمة، وبطلت دعواهم، ورجع الأمر إلى أن الله واحد، وما سواه باطل، فهذه مقالة ماني الزنديق وأصحابه، وأما من قال النور والظلمة بينهما حكم، فلا بد من أن يكون أكبر الثلاثة الحكم، لأنه لا يحتاج إلى الحاكم، إلا مغلوب أو جاهل أو مظلوم، وهذه مقالة المانوية، والحكاية عنهم تطول» (590).

90تاريخ الشيعة

س90: ما معنى التشيع، ومتى وجد، وهل هو الحق مع دليل بسيط؟

ج90: التشيع: بمعنى مشايعة علي عليه السلام وأولاده الطاهرين عليهم السلام وقد وجد في زمن الرسول صلي الله عليه و اله وبأمره وهو الحق للأدلة القطعية، وجملة منها مذكورة في كتاب (الغدير)(591) و(المراجعات)(592).

* هناك روايات تدل على أن كلمة (الشيعة) استعملها رسول الله صلي الله عليه و اله في وصف أتباع علي عليه السلام فمثلاً قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم…» (593).

* أما ما يدل على أحقية الشيعة فأدلة كثيرة وهنا نورد بعض هذه الروايات:

* عن الإمام السبط الشهيد عليه السلام عن جده رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: «الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله عزوجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا» (594).

* وأخرج الحافظ السمان في أماليه بإسناده عن رسول الله صلي الله عليه و اله: «لو أن عبداً عبد

الله سبعة آلاف سنة وهو عمر الدنيا ثم أتى الله عزوجل يبغض علي بن أبي طالب جاحداً لحقه ناكثاً لولايته لأتعس الله خبره وجدع أنفه» (595).

* ومما يأخذ بالأعناق إلى أهل البيت عليهم السلام قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» (596).

* وقوله صلي الله عليه و اله: «إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له» . وقوله صلي الله عليه و اله: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف في الدين» (597).

91ما وراء الموت..؟

س91: كيف نثبت بأن القبر أما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران؟

ج91: بالأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وكذلك باستحضار الأرواح الذي ثبت في العلم الحديث.

* كتب أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن أبي بكر: «يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت، القبر احذروا ضيقه وضنكه، ظلمته وغربته، إن القبر كل يوم يقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار» (598).

* روى أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن إسحاق بن عبد العزيز عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:« *فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان*(599)، قال: في قبره *وجنة نعيم*(600)، قال: في الآخرة *وأما إن كان من المكذبين الضالين * فن_زل من حميم*(601)، في القبر *وتصلية جحيم*(602)

في الآخرة» (603).

92الزمهرير والجحيم

س92: ما الفرق بين الزمهرير والجحيم؟ ولمن خلقتا؟

ج92: الزمهرير: البرد الشديد.

الجحيم: الحر الشديد والنار(604).

* جاء في لسان العرب: الزمهرير: البرد الشديد، قال الأعشى:

من القاصرات سجوف الحجا

ل لم تر شمسا ولا زمهريرا

* وكل نار عظيمة في مهواة فهي جحيم، قال تعالى: *قالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم*(605).

93إثبات وجود الله

س93: كيف نثبت وجود الله لإنسان لا يؤمن بما وراء المادة (الأشياء غير الملموسة)؟

ج93: كل أثر يدل على المؤثر، وكل مصنوع يدل على الصانع، فالكون الذي هو أكبر أثر وأعظم مصنوع يدل على وجود المؤثر والصانع.

* دخل أبو شاكر الديصاني وهو زنديق على أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي فقال أبو عبد الله عليه السلام: «اجلس» فإذا غلام صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال أبو عبد الله عليه السلام: «ناولني يا غلام البيضة» فناوله إياها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: «يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيقة ذهبة مائعة وفضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح، فيخبر عن إصلاحها، ولم يدخل فيها داخل مفسد، فيخبر عن إفسادها، لا يدرى للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس، أترى له مدبراً» قال: أطرق ملياً، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه وأنا تائب مما كنت فيه(606).

94الخمر والتدخين

س94: للخمرة منافع ومضار وللتدخين أضرار، فلماذا حرم الإسلام الخمرة ولم يحرم التدخين؟

ج94: أضرار الخمرة كثيرة، ولذا حرمها الإسلام، أما أضرار التدخين فقليلة نسبياً ولذا لم يحرمها الإسلام.

* إن العناصر الأساسية التي تدخل في تركيب الخمر هي: سكّر + ماء + خميرة + حرارة معتدلة، وبالتالي تحصل نتيجة التفاعل الكيماوي مادة إيثيل الكحول (C2H5OH) وهي مادة سامة سائلة لا لون لها قابلة للاشتعال تذوب في الماء والمواد الدسمة

وهي المادة الأساسية في تشكيل الخمر.

أما مضار الخمر:

1_ ينقص متوسط عمر الإنسان بصورة عامة من (10-12) سنة(607).

2_ مرض تشمع الكبد: هو تليّف أنسجة الكبد بعد مرحلة من تحول خلاياه إلى شبه أوعية للمواد الدهنية(608).

3_ التهاب المعدة والقرحة الإثني عشرية(609).

4_ التهاب المعثكلة (البانكرياس) (610).

5_ أمراض القلب(611).

6_ مرض السل(612).

7_ التهاب أعصاب الأطراف(613).

8_ مرض الصرعة.

9_ الشيخوخة المبكرة.

10_ التخلف في النمو العقلي للأطفال المولودين من أم مدمنة على الخمر(614).

11_ الموت المفاجئ(615).

12_ ضعف مقاومة الجسم للأمراض(616).

13_ الأمراض العقلية مثل مرض البارانويا: يحس المدمن أن العالم كله ضده والجنون الكحولي من أعراضه تمزق الشخصية وفقدان القدرة على المحاكمة والتقدير المنطقي للعالم من حوله(617).

14_ المدمن على الكحول يقدم على الانتحار حيث ظهر من خلال دراسة أن حوادث الانتحار بين السكّيرين هي أعلى بثمانين ضعفاً من مثيلاتها بين الناس العاديين الذين لا يسكرون(618).

15_ المدمن على الكحول: يقدم على اغتصاب النساء والقتل والقسوة مع الأطفال(619).

16_ إن حوادث الطرق المسببة للوفاة بسبب الخمر يوازي خمسة أضعاف مجموع الوفيات الناتجة عن كل الأمراض السارية(620).

17_ التشتت العائلي والانهيار الخلقي والفساد الاجتماعي والدعارة والشجار والطلاق وانحراف المراهقين.

18_ الخسارة الاقتصادية الباهظة نتيجة الإدمان على الكحول وإقبال المدمنين على شراء الكحول والتعطل عن العمل(621).

أما التدخين:

فيقال: إنه تم اكتشاف التدخين منذ عام (1492م) وذلك في رحلة كولومبس الاستكشافية.

تركيب التبغ كما يلي: نيكوتين بنسبة (1-4%)، ومواد كربوهيدراتية (2-20%)، وبروتينات (1-13%)، أحماض عضوية (5-7%)، وزيوت طيارة (01-1,7%).

أما الدخان المتصاعد من السجارة فيتكون: من نيكوتين وأول أوكسيد الكربون، وثاني أوكسيد الكربون، وأمونيا، وزيوت طيارة، وأحماض عضوية مثل حامض الخليك، وحامض النمليك، وحامض الكربونيك، كبريتيد الهيدروجن، والشحبار ومواد مشعة مثل: اليولونيوم والتي يرجع لها التأثير السرطاني على الجسم.

أما أضرار التدخين فإنه يسبب:

1_ سرطان الرئتين والحلق

والشفتين.

2_ التهاب القصبات الهوائية المزمن.

3_ تصلب الشرايين بشكل عام وشرايين القلب بشكل خاص.

4_ قرحة المعدة والاثنا عشر.

5_ أثناء الحمل: زيادة نسبة الإجهاض، كذلك انخفاض وزن الأطفال عن المعدل الطبيعي.

6_ تسوس الأسنان وغيرها من الأمراض.

7_ في الجهاز العصبي يشعر الإنسان بالدوخان والإرهاق الذهني وعدم التركيز والتوتر العصبي والصداع، وضعف السمع والبصر والذوق.

8_ زيادة ضربات القلب.

9_ ارتفاع ضغط الدم، عدم انتظام ضربات القلب.

10_ يشكو المدخن من ضعف جنسي.

11_ زيادة الدورة الشهرية عند النساء وعدم انتظامها(622).

ومن خلال بيان مضرات الخمر والتدخين نلاحظ ما يلي:

1_ ضرر الخمر أكثر بكثير من التدخين على صعيد الفرد.

2_ ضرر التدخين أقل بكثير من ضرر شارب الخمر على المحيطين به حيث يؤدي الخمر إلى الاغتصاب والفساد الاجتماعي عادة.

3_ كثرة شرب الخمر تؤدي إلى الهلوسة مما تجعل الشخص مهملاً اجتماعياً، بينما كثرة التدخين لا تجعل الإنسان مهملاً اجتماعياً، وإلى غير ذلك مثل مضار تبذير الأموال فإن التدخين يستهلك اقتصاد وصحة المجتمع المسلم فالأحسن تركه.

4_ إن الحرمة حكم شرعي يجب أن يرد فيه نص، وقد ورد النص في الخمر دون التدخين، إلا أنه وردت فتوى للسيد المجدد(623) (قبل مائة عام تقريباً) تنص على تحريم (التنباك) أي (التدخين) ومنع الشركات الإنكليزية من استثمار زراعة التبغ في إيران لصالح شركات السكائر الأجنبية، حيث أذعن كلٌّ من السلطان العثماني والشاه القاجاري لتلك الفتوى، فقامت القوى الاستعمارية باغتيال المرجع المجدد الشيرازي سنة 1312ه_(624).

95المواساة لا الاشتراكية

س95: قولنا: إن النبي صلي الله عليه و اله آخى بين المهاجرين والأنصار، يعطينا مفهوم الاشتراكية، وإذا لم يكن ذلك فما هو مفهوم الإشتراكية؟ وهل الإسلام على طرف نقيض مع الاشتراكية؟

ج95: المهاجرون لم يكن لهم مكان، ولذا طلب النبي صلي الله عليه و اله من الأنصار أن

يؤووهم، ولما صار للمهاجرين المال، خرجوا من بيوت الأنصار.

* عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في بيان الناسخ والمنسوخ قال: «إن النبي صلي الله عليه و اله لما هاجر إلى المدينة آخى بين أصحابه المهاجرين والأنصار، وجعل المواريث على الأخوة في الدين لا في ميراث الأرحام، وذلك قوله تعالى: *الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا*(625) فأخرج الأقارب من الميراث وأثبته لأهل الهجرة وأهل الدين خاصة، فلما قوي الإسلام أنزل الله: *النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا*(626) فهذا معنى نسخ الميراث» (627).

* مفهوم الاشتراكية: هي إلغاء الملكية الفردية وابتناء الملكية الجماعية، فقالوا: لولا الحريات المطلقة للأفراد في وضع أيديهم على ما يختارون من الأراضي والمباني، وخضوع الأمة لناموس المزاحمات والمنافسات، لآل الأمر إلى وقوع الثروة بيد أفراد يعدون على الأصابع وحرمان البقية فاضطروا لتشغيل النساء والأطفال لسد الحاجة فتتهدم الأسرة فلو أبطل هذا النظام المؤدي للفساد وجمعت الثروة العامة إلى مصدر مشترك ووزع على كل فرد منهم بقدر عمله وكفايته لبطلت المزاحمات والمنافسات وأصبحت الجمعية البشرية سعيدة(628).

ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: *والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضِّلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أ فبنعمة الله يجحدون*(629).

* ويقول عزوجل: *أ هم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون*(630).

96بين الاشتراكية والخمس والزكاة

س96: إذا قيل: إن

أموال الناس بحجة الخمس والزكاة تعتبر اشتراكية، فما هو الجواب؟

ج96: الخمس والزكاة مقدار محدود معلوم، ولو كان مثل هذا من الاشتراكية لكانت كل حكومات العالم اشتراكية لأنها تفرض الضرائب على أموال التجار وما آل إليهم.

* ومن جهة أخرى فإن الخمس هو حق من حقوق الرسول صلي الله عليه و اله والأئمة من بعده عليهم السلام وليس ضريبة يدفعها المسلم كبقية الضرائب التي سنتها قوانين الدول، وكذلك الزكاة فإنها حق من حقوق الفقراء على الأغنياء وليست ضريبة للدولة أو للحكومة.

* وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك» (631).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله تبارك وتعالى أشرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم» (632).

* عن ابن بكير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالاً ما أريد بذلك إلا أن تطهروا» (633).

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام، قال الله عزوجل: *خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها*(634)» (635).

* روي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما على الإمام من الزكاة؟ فقال عليه السلام: «يا أبا محمد أ ما علمت أن الدنيا للإمام يضعها حيث يشاء و يدفعها إلى من يشاء جائز من الله عزوجل له ذلك، إن الإمام لا يبيت ليلة أبدا ولله عزوجل في عنقه حق يسأله عنه»

(636).

97كلام الله مع النبي محمد صلي الله عليه و اله

س97: لماذا اتخذ الله إبراهيم عليه السلام خليلاً وموسى عليه السلام كليماً؟ وكما هو معروف إن النبي محمد صلي الله عليه و اله خاتم النبيين، فلماذا لم يكلمه الله، بل أرسل إليه الوحي؟

ج97: الله تعالى كلم محمداً صلي الله عليه و اله كما في حديث ليلة المعراج، أما اتخاذ الله جل جلاله إبراهيم عليه السلام خليلاً وموسى عليه السلام كليماً فلتشريفهم، ويفهم بهذه المقامات الرفيعة جزاء خدماتهم في سبيل إعلاء كلمة الله.

* قال الله تعالى في الحديث القدسي: (نعم يا محمد خلقت آدم بيدي ونفخت فيه من روحي وأسجدت له ملائكتي وزوّجته حوّاء أمتي وأسكنته جنتي ودار كرامتي فعصاني فأبعدته عن جواري واتخذت إبراهيم خليلاً واتخذتك حبيباً والحبيب أفضل من الخليل، وكتبت اسمك في التوراة محمد حبيب الله وأرسلتك إلى الخلق كافة بشيراً ونذيراً وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ورفعت لك ذكرك، جعلت أمتك خير الأمم وجعلتك سيد الأنبياء وجعلتك وأهل بيتك شهداء على أمتك وجعلت أمتك الشهداء على سائر الأمم، وكلمت نبيي موسى وأنا في علو شأني ورفعتي وهو في الأرض وكلمتك يا محمد وأنت على بساطي أخاطبك وتخاطبني ولم ير أحد غيرك وهو بعيد مني كقاب قوسين أو أدنى)(637).

98ميزات النبي صلي الله عليه و اله

س98: بماذا يمتاز النبي محمد صلي الله عليه و اله عن باقي الأنبياء عليهم السلام؟ وبماذا يمتاز عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام؟

ج98: يمتاز صلي الله عليه و اله بأنه أفضل من سائر الأنبياء والأئمة عليهم السلام وفي القرآن الحكيم: *تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض*(638).

* وهناك روايات تدل على هذا المعنى، ومنها ما جاء في كتاب المناقب لابن شهر آشوب(639):

* إن كان لآدم عليه السلام سجود الملائكة مرة فلمحمد صلوات الله والملائكة

والناس أجمعين كل ساعة إلى يوم القيامة، وإن كان آدم قبلة الملائكة فقد جعل الله محمداً صلي الله عليه و اله إمام الأنبياء ليلة المعراج فصار إمام آدم عليه السلام، وإن خلق آدم عليه السلام من طين فإنه صلي الله عليه و اله خلق من النور قال صلي الله عليه و اله: «إن الله خلقني من نور وخلق ذلك النور قبل آدم بألف سنة»، وإن كان آدم عليه السلام أول الخلق فقد صار محمد صلي الله عليه و اله قبله وفي ذلك قال صلي الله عليه و اله: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين»، وإن كان آدم عليه السلام أبا البشر فمحمد صلي الله عليه و اله سيد النذر قال صلي الله عليه و اله: «آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة»، وإن كان آدم عليه السلام أول الأنبياء فنبوة محمد صلي الله عليه و اله أقدم منه قال صلي الله عليه و اله: «كنت نبيا وآدم عليه السلام منخول في طينته»، وإن عجزت الملائكة عن آدم عليه السلام فقد أعطي محمد صلي الله عليه و اله القرآن الذي عجز عنه الأولون والآخرون، وإن قيل لآدم عليه السلام: *فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه*(640) فقد قال تعالى لمحمد صلي الله عليه و اله: *ليغفر لك الله*(641)، وإن دخل آدم عليه السلام في الجنة فقد عرج بمحمد صلي الله عليه و اله إلى قاب قوسين أو أدنى.

وإدريس عليه السلام فقد قال تعالى فيه: *ورفعناه مكانا عليا*(642) أي: إلى السماء، وللنبي صلي الله عليه و اله قال: *ورفعنا لك ذكرك*(643). وناجى إدريس عليه السلام ربه ونادى الله محمداً صلي الله عليه و اله: *فأوحى إلى

عبده ما أوحى*(644)، وأطعم إدريس عليه السلام بعد وفاته وقد أطعم الله محمداً في حال حياته، وهو صلي الله عليه و اله يقول: «إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي ويطعمني ويسقيني» .

ونوح عليه السلام جرت له السفينة على الماء وهي تجري للكافر والمؤمن أما لمحمد صلي الله عليه و اله فقد جرى الحجر على الماء، وذلك أنه كان على شفير غدير ووراء الغدير تل عظيم فقال عكرمة بن أبي جهل: يا محمد إن كنت نبياً فادع من صخور ذلك التل حتى يخوض الماء فيعبر، فدعا بالصخرة فجعلت تأتي على وجه الماء حتى مثلت بين يديه فأمرها بالرجوع فرجعت كما جاءت. وأجيبت دعوة نوح عليه السلام على قومه: *لا تذر على الأرض*(645) فهطلت له السماء بالعقوبة وأجيبت لمحمد صلي الله عليه و اله بالرحمة حيث قال صلي الله عليه و اله: «حوالينا ولا علينا»، فنوح عليه السلام رسول العقوبة ومحمد صلي الله عليه و اله رسول الرحمة: *وما أرسلناك إلا رحمة*(646)، ودعا نوح عليه السلام لنفسه ولنفر يسير: *رب اغفر لي ولوالدي*(647) ومحمد صلي الله عليه و اله دعا لأمته مَن ولد منهم ومَن لم يولد: *واعف عنا*(648)، وقال تعالى لنوح عليه السلام: *وجعلنا ذريته هم الباقين*(649) وقال لمحمد صلي الله عليه و اله: *ذرية بعضها من بعض*(650)، كانت سفينة نوح عليه السلام سبب النجاة في الدنيا، وذرية محمد صلي الله عليه و اله سبب النجاة في العقبى، وذلك قوله صلي الله عليه و اله: «مثل أهل بيتي كسفينة نوح» الخبر، وقال نوح عليه السلام: *إن ابني من أهلي*(651) فقيل له: *إنه ليس من أهلك*(652) ومحمد صلي الله عليه و اله لما علت من

قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة ولم ينظر إليهم بعين المقة، قال حسان:

وإن كان نوح نجا سالما

على الفلك بالقوم لما نجا

فإن النبي نجا سالما

إلى الغار في الليل لما دجى

وهود عليه السلام انتصر من أعدائه بالريح قوله تعالى: *وفي عاد إذ أرسلنا عليهم*(653) ومحمد صلي الله عليه و اله نصره الله يوم الأحزاب والخندق بالريح والملائكة قوله عزوجل: *بجنود لم تروها*(654) فزاد الله محمداً صلي الله عليه و اله على هود عليه السلام بثلاثة آلاف ملك، وفضله على هود عليه السلام بأن ريح عاد، ريح سخط وريح محمد صلي الله عليه و اله ريح رحمة قوله تعالى: *يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم*(655) الآية، وصبر هود عليه السلام في ذات الله وأعذر قومه إذ كُذب والنبي صلي الله عليه و اله صبر في ذات الله وأعذر قومه إذ كذب وشرد وحصب بالحصى وعلاه أبو جهل بسلى شاة فأوحى الله إلى جاجائيل ملك الجبال أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد صلي الله عليه و اله فأتاه فقال له: قد أمرت لك بالطاعة فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها قال صلي الله عليه و اله: «إنما بعثت رحمة اهد قومي فإنهم لا يعلمون» .

وصالح عليه السلام خرجت له ناقة عشراء من بين صخرة صماء وأخرج لنبينا صلي الله عليه و اله رجل من وسط الجبل يدعو له ويقول: اللهم ارفع له ذكراً اللهم أوجب له أجراً اللهم احطط عنه وزراً، وعقرت لصالح عليه السلام ناقته وعقر أولاد محمد صلي الله عليه و اله، والناقة لم تناطقه عليه السلام ولم تشهد له بالنبوة وقد تكلمت مع النبي صلي الله عليه و

اله نوق كثيرة.

ولوط عليه السلام، قال حسان بن ثابت:

وإن كان لوط دعا ربه

على القوم فاستؤصلوا بالبلاء

فإن النبي ببدر دعا

على المشركين بسيف الفناء

فناداه جبريل من فوقه

بلبيك لبيك سل ما تشاء

وإبراهيم عليه السلام نظر من الملك إلى الملك: *وكذلك نري إبراهيم*(656) والحبيب صلي الله عليه و اله نظر من الملك إلى الملك: *أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل*(657)، والخليل عليه السلام طالب قال: *إني ذاهب إلى ربي*(658) والحبيب صلي الله عليه و اله مطلوب: *أسرى بعبده ليلا*(659)، وقال الخليل عليه السلام: *والذي أطمع أن يغفر لي*(660) وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *ليغفر لك الله*(661)، وقال الخليل عليه السلام: *ولا تخزن_ي*(662) وللحبيب صلي الله عليه و اله: *يوم لا يخزي الله*(663)، وقال الخليل عليه السلام وسط النار: حسبي الله وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *يا أيها النبي حسبك الله*(664)، وقال الخليل عليه السلام: *واجعل لي لسان صدق*(665) وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *ورفعنا لك ذكرك*(666)، وقال الخليل عليه السلام: *وأرنا مناسكنا*(667) وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *لنريه*(668)، وقال الخليل عليه السلام: *واجعلني من ورثة جنة النعيم*(669) وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *وللآخرة خير لك*(670)، وقال الخليل عليه السلام: *والذي هو يطعمني*(671) وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: *أطعمهم من جوع*(672)، والخليل عليه السلام بخل على أعدائه بالرزق: *وارزق أهله من الثمرات*(673) والحبيب صلي الله عليه و اله سخا بها على الأعداء حتى عوتب: *ولا تبسطها كل البسط*(674)، والخليل عليه السلام أقسم بالله: *وتالله لأكيدن أصنامكم*(675) وأقسم الله بالحبيب صلي الله عليه و اله: *لعمرك إنهم*(676)، واتخذ مقام الخليل عليه السلام قبلة: *واتخذوا من مقام

إبراهيم*(677) وجعل أحوال الحبيب صلي الله عليه و اله وأفعاله وأقواله قبلة: *لقد كان لكم في رسول الله أسوة*(678)، الخليل عليه السلام كسر أصنام قوم بالخفية غضباً لله والحبيب صلي الله عليه و اله كسر عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً وأذل من عبدها بالسيف، واصطفى الله الخليل عليه السلام بعد الابتلاء: *ولقد اصطفيناه*(679)، واصطفى الحبيب صلي الله عليه و اله قبل الابتلاء: *الله يصطفي*(680)، الخليل عليه السلام بذل ماله لأجل الجليل، وقد خلق الجليل العالم لأجل الحبيب صلي الله عليه و اله، مقام الخليل عليه السلام مقام الخدمة: *واتخذوا من مقام إبراهيم*(681)، ومقام الحبيب صلي الله عليه و اله مقام الشفاعة: *عسى أن يبعثك*(682) والشفيع أفضل من الخادم، والخليل عليه السلام طلب ابتداء الوصلة قال: *هذا ربي*(683)، والحبيب صلي الله عليه و اله طلب بقاء الوصلة: *وأمرت أن أكون من المسلمين*(684)، وللبقاء فضل على الابتداء، وصير الله حر النار على الخليل عليه السلام برداً وسلاماً، وصير السم في جوف الحبيب صلي الله عليه و اله سلاماً حين سمَّته الخيبرية، ثم سخر له نار جهنم التي كانت نار الدنيا كلها جزء منها، وكان الخليل عليه السلام منادياً بالحج والقربان: *وأذن في الناس بالحج*(685)، والحبيب صلي الله عليه و اله منادياً بالإسلام والإيمان: *منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم*(686)، وقال تعالى للخليل عليه السلام: *أ و لم تؤمن*(687)، وقال للحبيب صلي الله عليه و اله: *آمن الرسول*(688)، وقال الخليل عليه السلام: *فإنهم عدو لي*(689)، وقيل للحبيب صلي الله عليه و اله: (لولاك لما خلقت الأفلاك)، وقال تعالى للخليل عليه السلام: *وفديناه بذبح*(690)، والحبيب صلي الله عليه و اله فدي أبوه عبد الله بمائة ناقة، وبارك في أولاد

الخليل عليه السلام حتى عفوا فأمر داود عليه السلام في أيامه بإحصائهم فعجزوا عن ذلك فأوحى الله تعالى إليه: (لما أطاعني بذبح ولده كثرت ذريته)، والحبيب صلي الله عليه و اله لما ابتلي أيضاً بذبح ابنه الحسين عليه السلام كثر أولاده، أراد الخليل عليه السلام رضا الملك في رفع الكعبة: *وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت*(691)، وأراد الله القبلة في رضا الحبيب صلي الله عليه و اله: *فلنولينك قبلة ترضاها*(692)، كان الابتلاء للخليل عليه السلام أولاً والاجتباء آخر: *وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات*(693)، والحبيب صلي الله عليه و اله ابتداؤه بشارة: *ليظهره على الدين كله*(694)، سأل الخليل عليه السلام: *واجنبني وبني أن نعبد الأصنام*(695)، وقال للحبيب صلي الله عليه و اله: *إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس*(696)، الخليل المريد والحبيب المراد، الخليل عطشان والحبيب ريان، قال صاحب العين: مخرج الحاء أقصى من مخرج الخاء بدرجة فإن الخاء من الحلق والحاء من الفؤاد فإذا ذكرت الخليل لم تملأ فاك لأنه من الحلق وإذا ذكرت الحبيب ملأت فاك وقلبك لأنه من الفؤاد، قالوا: أظهر الله الخليل عليه السلام ولم يظهر الحبيب صلي الله عليه و اله، الجواب أنه أظهر المحبة لمتبعيه فكيف المتبوع قوله:*إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله*(697).

يعقوب عليه السلام كان له اثنا عشر ابناً ومحمد صلي الله عليه و اله كان له اثنا عشر وصياً، وجعل الأسباط من سلالة صلب يعقوب عليه السلام ومريم بنت عمران من بناته والهداة في ذريته وذلك في قوله تعالى: *ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب*(698) ومحمد صلي الله عليه و اله أرفع ذكراً من ذلك جعلت فاطمة عليها السلام سيدة نساء العالمين من بناته

والحسن والحسين * من ذريته، وآتاه الكتاب المحفوظ لا يبدل ولا يغير، وصبر يعقوب عليه السلام على فراق ولده حتى كاد يحرض، وصبر محمد صلي الله عليه و اله على وفاة إبراهيم وعلى ما علم من فحوى ما يجري على ذريته.

يوسف عليه السلام إن كان له جمال، فلمحمد صلي الله عليه و اله ملاحة وكمال، وهو صلي الله عليه و اله يقول: «كان يوسف عليه السلام أحسن ولكنني أملح»، وإن كان يوسف عليه السلام في الليل نورانياً، فمحمد صلي الله عليه و اله في الدنيا والعقبى نوراني، ففي الدنيا: *يهدي الله لنوره*(699)، وفي العقبى: *انظرونا نقتبس*(700)، ويوسف عليه السلام دعا لمالك بن ذعر ليكثر ماله وولده وقال النبي صلي الله عليه و اله: «ستدرك ولداً لي يسمى الباقر فإذا لقيته فأقرئه مني السلام»، وقال صلي الله عليه و اله لأنس: «اللهم أطل عمره وأكثر ماله وولده»، فبقي إلى أيام عمر بن عبد العزيز وله عشرون من الذكور وثمانون من الإناث وكانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين، صبر يوسف عليه السلام في الجب والحبس والفرقة والمعصية، ومحمد صلي الله عليه و اله قاسى من كثرة الغربة والفرقة وحبس في الشعب ثلاث سنين وفي الغار ثلاث ليال، وكان ليوسف عليه السلام رؤياه، ولمحمد صلي الله عليه و اله: *لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام*(701).

موسى عليه السلام أعطاه الله اثنتي عشرة عيناً وذلك في قوله تعالى: *فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا*(702)، ومحمد صلي الله عليه و اله أمر البراء بن عازب بغرس سهمه يوم الميضاة بالحديبية في قليب جافة فتفجرت اثنتا عشرة عيناً حتى كفت ثمانية آلاف رجل، وكان لموسى عليه السلام انفجار

الماء من الحجر، ولمحمد صلي الله عليه و اله انفجار الماء من بين أصابعه وهذا أعجب، وأنزل الله لموسى عليه السلام عموداً من السماء يضي ء لهم ليلتهم ويرتفع نهارهم، ورسول الله صلي الله عليه و اله أعطى بعض أصحابه عصاً تضي ء أمامه وبين يديه وأعطى قتادة بن النعمان عرجوناً فكان العرجون يضي ء أمامه عشراً، وقال تعالى لموسى عليه السلام: *ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات*(703) وهي: اليد، والعصا، والحجر، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ويروى أن النبي صلي الله عليه و اله استتر للوضوء في بعض أسفاره إلى الشام فأحاط به اليهود بالسيوف فأثار الله من تحت رجله جراداً فاحتوشتهم وجعلت تأكلهم حتى أتت على جملتهم وكانوا مائتي نفر، وقال صلي الله عليه و اله: «إن بين الركن والصفا قبور سبعين نبياً ما ماتوا إلا بضر الجوع والقمل»، وتبعه قوم يوماً خالياً، فنظر أحدهم إلى ثياب نفسه وفيها قمل ثم جعل بدنه يحكه فأنف من أصحابه وانسل، وأبصر آخر وآخر مثل ذلك حتى وجد كلهم من نفسه، ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى عليهم فماتوا كلهم من خمسة أيام إلى شهرين، وهمَّ جماعة بقتله فخرجوا نحو المدينة من مكة فسلط الله على مزاودهم ورواياهم وسطائحهم الجرذان فخرقتها ونقبتها وسال مياهها، فلما عطشوا شعروا فرجعوا القهقرى إلى الحياض التي كانوا تزودوا منها تلك المياه وإذا الجرذان قد سبقتهم إليها فنقبت أصولها وسال في الحرة مياهها، فتماوتوا ولم ينفلت منهم إلا واحد لا يزال يقول: يا رب محمد وآل محمد قد تبت من أذاه ففرج عني بجاه محمد وآل محمد، فوردت عليه قافلة فسقوه وحملوه وأمتعة القوم، فآمن بالنبي صلي الله عليه و اله فجعل رسول

الله صلي الله عليه و اله له تلك الجمال والأموال، واحتجم النبي صلي الله عليه و اله مرة فدفع الدم الخارج منه إلى أبي سعيد الخدري وقال: «غيبه»، فذهب فشربه، فقال صلي الله عليه و اله: «ما ذا صنعت به» ؟ قال: شربته، قال صلي الله عليه و اله: «أو لم أقل لك غيبه» ؟ فقال: قد غيبته في وعاء حريز، فقال صلي الله عليه و اله: «إياك وأن تعود لمثل هذا، ثم اعلم أن الله قد حرم على النار لحمك ودمك لما اختلط بدمي ولحمي»، واستهزأ به أربعون نفراً من المنافقين فقال صلي الله عليه و اله: «أما إن الله يعذبهم بالدم» فلحقهم الرعاف الدائم وسيلان الدماء من أضراسهم فكان طعامهم وشرابهم يختلط بدمائهم، فبقوا كذلك أربعين صباحاً ثم هلكوا. وقوله تعالى لموسى عليه السلام: *اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء*(704)، وأعطي محمد صلي الله عليه و اله أفضل منه وهو أن نوراً كان عن يمينه حيث ما جلس، وكان يراه الناس كلهم، ويبقى ذلك النور إلى قيام الساعة، وكان يحب أن يأتيه الحسنان* فيناديهما: «هلما إلي» فيقبلان نحوه من البعد قد بلغهما صوته، فيقول بسبابته هكذا يخرجهما من الباب فتضي ء لهما أحسن من ضوء القمر والشمس فيأتيان ثم تعود الإصبع كما كانت وتفعل في انصرافهما مثل ذلك، وقال تعالى لموسى عليه السلام: *وأن ألق عصاك*(705) وله صلي الله عليه و اله ما روي أن الزبير بن العوام انكسر سيفه في بعض الغزوات فأخذ النبي صلي الله عليه و اله خشبة فمسحها من جانبيها فصارت سيفاً أجود ما يكون وأضربه فكان يقاتل به، وإن الله تعالى قلب جذوع سقوف يهود نازعوه أفاعي وهي أكثر

من مائة جذع وقصدت نحوهم والتقمت متاع بيتهم فمات منهم أربعة وخبل جماعة وأسلم آخرون وقالوا: اللهم بجاه محمد صلي الله عليه و اله الذي اصطفيته وعلي عليه السلام الذي ارتضيته وأوليائهما الذين من سلَّم لهم أمرهم اجتبيته فأنشر الله الأربعة، وقال تعالى لموسى عليه السلام: *أن اضرب بعصاك البحر*(706)، قال أمير المؤمنين عليه السلام: «خرجنا معه (يعني النبي صلي الله عليه و اله) إلى خيبر فإذا نحن بواد يشخب فقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة فقالوا: يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى عليه السلام: *إنا لمدركون*(707) فن_زل رسول الله صلي الله عليه و اله ثم قال: «اللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة فأرني قدرتك، وركب، فعبرت الخيل لا تندى حوافرها والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحها»، وفي رواية أنس إنه أمطرت السماء ثلاثة أيام ولياليها بوادي الخزان فقالوا: يا رسول الله هول عظيم، فقال صلي الله عليه و اله: «أيها الناس اتبعوني» وكنت آخر الناس ولقد رأيت الماء ما بل أخفاف الإبل، وقال تعالى لموسى عليه السلام: *ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين*(708) وروي أن النبي صلي الله عليه و اله قال: «اللهم العن رعلا وذكوان، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعل سنيهم كسني يوسف» وقد جاء في الخبر أن الرجل كان منهم يلحق صاحبه فلا يمكنه الدنو، فإذا دنا منه لا يبصره، من شدة دخان الجوع، وكان يجلب إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه وقبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس وينتن، فأكلوا الكلاب الميتة والجيف والجلود ونبشوا القبور وأحرقوا عظام الموتى فأكلوها وأكلت المرأة طفلها، وكان الدخان متراكما بين السماء والأرض، وذلك قوله: *فارتقب

يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم*(709) فقال أبو سفيان ورؤساء قريش: يا محمد أ تأمرنا بصلة الرحم فأدرك قومك فقد هلكوا، فدعا لهم وذلك قوله: *ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون*(710) فقال الله تعالى: *إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون*(711)، فعاد إليهم الخصب والدعة وهو قوله: *فليعبدوا رب هذا البيت*(712) الآية. وانتقم الله لموسى عليه السلام من فرعون، وانتقم لمحمد صلي الله عليه و اله من الفراعنة: *سيهزم الجمع ويولون الدبر*(713) كان لموسى عليه السلام عصاً، ولمحمد صلي الله عليه و اله ذو الفقار، وخلف موسى عليه السلام هارون عليه السلام في قومه، وخلف محمد صلي الله عليه و اله علياً عليه السلام في قومه: «أنت مني بمن_زلة هارون من موسى»، وكان لموسى عليه السلام انفلاق البحر في الأرض *فانفلق فكان كل فرق*(714)، ولمحمد صلي الله عليه و اله انشقاق القمر في السماء وذلك أعجب: *اقتربت الساعة وانشق القمر*(715)، وقال موسى عليه السلام: *رب اشرح لي صدري*(716)، وقال الله له: *أ لم نشرح لك صدرك*(717)، وقال لموسى وهارون*: *فقولا له قولا لينا*(718)، وقال لمحمد صلي الله عليه و اله: *واغلظ عليهم*(719) وقال: *ولا تطع كل حلاف*(720)، وأعطى الله موسى عليه السلام المن والسلوى، وأحل الغنائم لمحمد صلي الله عليه و اله ولأمته ولم يحل لأحد قبله، وقال في حق موسى: *وظللنا عليهم الغمام*(721) يعني في التيه، والنبي صلي الله عليه و اله كان يسير الغمام فوقه، وقد *وكلم الله موسى تكليما*(722) على طور سيناء وناجى الله محمدا: *عند سدرة المنتهى*(723)، وكان واسطة بين الحق وبين موسى عليه السلام ولم يكن بين محمد صلي الله عليه و اله وربه أحد: *فأوحى إلى

عبده*(724)، وليس من مشى برجليه كمن أسري بسره وليس من ناداه كمن ناجاه لأن من بعد نودي ومن قرب نوجي، ولم يكلم موسى عليه السلام إلا بعد أربعين ليلة، ومحمد صلي الله عليه و اله كان نائما في بيت أم هاني فعرج به، ومعراج موسى عليه السلام بعد الموعود، ومعراج محمد صلي الله عليه و اله بلا وعد: *واختار موسى قومه سبعين رجلا*(725)، واختير محمد صلي الله عليه و اله وهو فريد، ولم يحتمل موسى عليه السلام ما رآه *وخر موسى صعقا*(726) واحتمل محمد صلي الله عليه و اله ذلك: *لقد رأى من آيات ربه*(727)، معراج موسى عليه السلام نهاراً ومعراج محمد صلي الله عليه و اله ليلاً، معراج موسى عليه السلام على الأرض، ومعراج محمد صلي الله عليه و اله فوق السماوات السبع، وأخبر تعالى بما جرى بينه وبين موسى عليه السلام بقوله: *ولما جاء موسى لميقاتنا*(728) الآية، وكتم ما جرى بينه وبين محمد صلي الله عليه و اله: *فأوحى إلى عبده ما أوحى*(729)، وقال لموسى عليه السلام: *وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا*(730)، وأخرج النبي صلي الله عليه و اله من مسجده ما خلا العترة وفي هذا تبيان قوله صلي الله عليه و اله: «أنت مني بمن_زلة هارون من موسى»، أنشد حسان بن ثابت:

لئن كلم الله موسى على

شريف من الطور يوم الندا

فإن النبي أبا قاسم

حبي بالرسالة فوق السما

وقد صار بالقرب من ربه

على قاب قوسين لما دنا

وإن فجر الماء موسى لكم

عيونا من الصخر ضرب العصا

فمن كف أحمد قد فجرت

عيون من الماء يوم الظما

وإن كان هارون من بعده

حبي بالوزارة يوم الملا

فإن الوزارة قد نالها

علي بلا شك يوم الندا

وأنشد كعب بن مالك

الأنصاري:

فإن يك موسى كلم الله جهرة

على جبل الطور المنيف المعظم

فقد كلم الله النبي محمدا

على الموضع الأعلى الرفيع المسوم

داود عليه السلام كان له سلسلة الحكومة ليميز الحق من الباطل، ولمحمد صلي الله عليه و اله القرآن: *ما فرطنا في الكتاب من شي ء*(731) وليست السلسلة كالكتاب والسلسلة قد فنيت والقرآن بقي إلى آخر الدهر، وكان لداود عليه السلام النغمة، ولمحمد صلي الله عليه و اله الحلاوة: *وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول*(732)، وكان لداود عليه السلام ثلاثون ألف حرس، وكان حارس محمد صلي الله عليه و اله هو الله تعالى: *والله يعصمك من الناس*(733)، وإن سبحت لداود عليه السلام الوحوش والطيور والجبال، فالله تعالى وملائكته يشهدون لمحمد صلي الله عليه و اله: *وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله*(734)، وقال تعالى لداود عليه السلام: *وألنا له الحديد*(735)، وألان قلب محمد صلي الله عليه و اله بالرحمة والشفاعة: *فبما رحمة من الله لنت لهم*(736) وألان لهم الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا وكان يحلب الشاة المجهودة ويمسح ضرعها فيحلب منها كيف شاء، وسخر لداود عليه السلام الجبال فكن يسبحن، وأخذ النبي صلي الله عليه و اله أحجارا فأمسكها فسبحن في كفه، ولداود عليه السلام: *الطير محشورة كل له أواب*(737)، ولمحمد صلي الله عليه و اله البراق، وقال تعالى لداود عليه السلام: *وشددنا ملكه*(738)، وشدد ملك محمد صلي الله عليه و اله حتى نسخ بشريعته سائر الشرائع، وقال لداود عليه السلام: *ولا تتبع الهوى*(739)، وقال لمحمد صلي الله عليه و اله: *ما ضل صاحبكم*(740)، أنشد حسان بن ثابت:

وإن كان داود قد أوبت

جبال لديه وطير الهوا

ففي كف أحمد قد سبحت

بتقديس ربي صغار الحصى

وسليمان عليه السلام سخرت له الريح: *غدوها شهر

ورواحها شهر*(741) يقال: إنه غدا من العراق وقيل بمرو وأمسى ببلخ وأكرم الله تعالى محمدا صلي الله عليه و اله بالبراق خطوته مد البصر، وقال سليمان عليه السلام: *علمنا منطق الطير*(742) وروي أن الحمرة فجعت بأحد ولدها فجاءت إلى النبي صلي الله عليه و اله وقد جعلت ترف على رأس رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: «أيكم فجع هذه» ؟ فقال رجل من القوم: أنا أخذت بيضها، فقال النبي صلي الله عليه و اله: «ارددها»، ومنه كلام البعير، والعجل، والضبي، والشاة، والذئب، والدب، وسخرت لسليمان عليه السلام الجن والشياطين وقال للنبي صلي الله عليه و اله: *أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن*(743) وقال تعالى: *وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن*(744) وهم التسعة من أشراف الجن بنصيبين واليمن من بني عمرو بن عامر، منهم: شصاه، ومصاه، والهملكان، والمرزبان، والمازمان، ونضاه، وهاضب، وعمرو، وبايعوه على العبادات، واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا، وسليمان عليه السلام كان يصفدهم لعصيانهم، ونبينا صلي الله عليه و اله أتوه طائعين راغبين، وسأل سليمان عليه السلام ملك الدنيا: *وهب لي ملكا*(745)، وعرض تعالى مفاتيح خزائن الدنيا على محمد صلي الله عليه و اله فردها، فأعطاه الله الكوثر والشفاعة والمقام المحمود: *ولسوف يعطيك ربك فترضى*(746)، وقال لسليمان عليه السلام: *فامنن أو أمسك بغير حساب*(747) وقال لنبينا صلي الله عليه و اله: *ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا*(748).

قال حسان بن ثابت:

وإن كانت الجن قد ساسها

سليمان والريح تجري رخا

فشهر غدو به دائبا

وشهر رواح به إن يشأ

فإن النبي سرى ليلة

من المسجدين إلى المرتقى

وقال كعب بن مالك:

وإن تك نمل البر بالوهم كلمت

سليمان ذا الملك الذي ليس بالعمي

فهذا نبي الله أحمد سبحت

صغار

الحصى في كفه بالترنم

يحيى عليه السلام قال الله تعالى له: *وآتيناه الحكم صبيا*(749) وكان في عصر لا جاهلية فيه، ومحمد صلي الله عليه و اله أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان، وكان يحيى عليه السلام أعبد أهل زمانه وأزهدهم، ومحمد صلي الله عليه و اله أزهد الخلائق وأعبدهم حتى قيل: *طه * ما أنزلنا*(750).

قال حسان بن ثابت:

وإن كان يحيى بكت عينه

صغيرا وطهره في الصبا

فإن النبي بكى قائما

حزينا على الرجل خوف الرجا

فناداه أن طه أبا قاسم

ولا تشق بالوحي لما أتى

وعيسى عليه السلام: *وأبرئ الأكمه والأبرص*(751)، ونبينا صلي الله عليه و اله أتاه معاذ بن عفرا فقال: يا رسول الله إني قد تزوجت وقالوا للزوجة إن بجنبي بياضاً فكرهت أن تزف إلي، فقال صلي الله عليه و اله: «اكشف لي عن جنبك» فكشف له عن جنبه، فمسحه بعود، فذهب ما به من البرص، ولقد أتاه من جهينة أجذم يتقطع من الجذام فشكا إليه فأخذ قدحا من ماء فتفل فيه ثم قال صلي الله عليه و اله: «امسح به جسدك» ففعل فبرأ، وأبرأ صلي الله عليه و اله صاحب السلعة، وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام صلي الله عليه و اله وقمنا معه فلما أتيناه قال له صلي الله عليه و اله: «جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله» فجانبه الشيطان فقام صحيحا، وأتاه رجل وبه أدرة عظيمة فقال: هذه الأدرة تمنعني من التطهير والوضوء، فدعا بماء فبرك فيه ودعاه وتفل فيه ثم أمره أن يفيض عليه ففعل الرجل وأغفى إغفاءة وانتبه فإذا هي قد تقلصت، وجاءت امرأة ومعها

عكة سمن وأقط ومعها ابنة لها فقالت: يا رسول الله ولدت هذه كمهاء، فأخذ رسول الله صلي الله عليه و اله عوداً فمسح به عينيها فأبصرتا، ومنه حديث قتادة بن ربعي ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن أنيس قوله: *وأحيي الموتى بإذن الله*(752) قال الكلبي كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات ب_: (يا حي يا قيوم) وقيل: إنه أحيا أربعة أنفس وهم عاذر وابن العجوز وابنة العاشر وسام بن نوح، قال الرضا عليه السلام: «لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله صلي الله عليه و اله فسألوه أن يحيي لهم موتاهم فوجه معهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: اذهب إلى الجبانة فناد باسم هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك يا فلان ويا فلان ويا فلان يقول لكم رسول الله: قوموا بإذن الله، فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم ثم أخبروهم أن محمداً صلي الله عليه و اله قد بعث نبياً فقالوا: وددنا أنا أدركناه فنؤمن به»، وأحيا صلي الله عليه و اله النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم وكلمهم وعيرهم بكفرهم، وقال تعالى في عيسى عليه السلام: *وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون*(753)، ومحمد صلي الله عليه و اله كان ينبئ بأشياء كثيرة، منها قصة حاطب بن أبي بلتعة وإنفاذ كتابه إلى مكة، ومنها قصة عباس وسبب إسلامه، وقال تعالى في عيسى عليه السلام: *ويعلمه الكتاب والحكمة*(754) أي أن الله تعالى أعطى عيسى عليه السلام تسعة أشياء من الحظ ولسائر الناس أعطى جزء، وروي عن النبي صلي الله عليه و اله: «أوتيت القرآن ومثليه» .

أنشد حسان بن ثابت:

وإن كان من مات يحيا لكم

يناديه عيسى برب العلا

فإن الذراع لقد سمها

يهود

لأحمد يوم القرى

فنادته أني لمسمومة

فلا تقربني وقيت الأذى

99بين الأنبياء والأئمة عليهم السلام

س99: ما الفرق بين الأئمة عليهم السلام وبين الأنبياء عليهم السلام عدا محمد بن عبد الله صلي الله عليه و اله، ولماذا جعل الله علماء أمة محمد صلي الله عليه و اله أفضل من أنبياء بني إسرائيل؟

ج99: المراد بعلماء الأمة الأئمة عليهم السلام،كما ورد في الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون» (755)، والأئمة عليهم السلام أفضل من الأنبياء عليهم السلام باستثناء النبي محمد صلي الله عليه و اله، فإن الله سبحانه فضلهم على الأنبياء عليهم السلام.

* الإمام: هو خليفة الرسول - فيما كان للرسول - من عزل ونصب وسلطان وشأن وحفظ للدين وتبليغ للأحكام وطهارة وقداسة، منتهى الأمر أن الرسول يخبر عن الله تعالى والإمام يخبر عن الرسول صلي الله عليه و اله(756).

* عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرّار قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني: ما الفرق بي الرسول والنبي والإمام، قال: فكتب أو قال عليه السلام: «الفرق بين الرسول والنبي والإمام: إن الرسول الذي ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص» (757).

* وأما فضل الأئمة عليهم السلام على الأنبياء عليهم السلام بأجمعهم باستثناء النبي محمد صلي الله عليه و اله فيعرف ذلك من الرواية الآتية:

* في كتاب المناقب مسنداً إلى صعصعة بن صوحان أنه دخل على أمير المؤمنين عليه السلام لما ضُرب فقال: يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو

البشر عليه السلام؟ قال علي عليه السلام: «تزكية المرء نفسه قبيح، قال الله تعالى لآدم: *يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة* (758) وإن أكثر الأشياء أباحنيها الله تعالى وتركتها وما قاربتها»، ثم قال صعصعة: أنت أفضل أم نوح عليه السلام؟ فقال علي عليه السلام: «إن نوحا دعا على قومه وأنا ما دعوت على ظالمي حقي، وابن نوح كان كافرا وابناي سيدا شباب أهل الجنة»، قال: أنت أفضل أم موسى عليه السلام؟ قال عليه السلام: «إن الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون فقال: *إني أخاف أن يكذبون*(759) حتى قال الله تعالى:*لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون*(760)، وقال:*رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون*(761) وأنا ما خفت حين أرسلني رسول الله صلي الله عليه و اله بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم، مع أني كنت قتلت كثيرا من صناديدهم، فذهبت بها إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم» . قال: أنت أفضل أم عيسى بن مريم عليه السلام؟ فقال عليه السلام: «عيسى كانت أمه في بيت المقدس،فلما جاء وقت ولادتها سمعت قائلا يقول: اخرجي، هذا بيت العبادة لا بيت الولادة، وأنا أمي فاطمة بنت أسد لما قرب وضع حملها كانت في الحرم، فانشق حائط الكعبة وسمعت قائلا يقول لها: ادخلي، فدخلت في وسط البيت وأنا ولدت به، وليس لأحد هذه الفضيلة لا قبلي ولا بعدي» (762).

* وأما أنهم عليهم السلام هم العلماء فعن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن يونس عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: «الناس على ثلاث أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء» (763).

* وبالإسناد عن يونس عن جميل عن

أبي عبد الله عليه السلام قال: «يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء» (764).

100من اختلاقات الأعداء

س100: هل للحديث المروي عن الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام، رصيد من الصحة: «لا تزوجوا حسناً فإنه مطلاق» ؟… وإن صح فما هو تفسيرنا لذلك؟.

ج100: سند الحديث ضعيف ولعله مجهول.

* ونذكر حديثاً واحداً في فضل الإمام الحسن عليه السلام لنتعرف على ورعه وزهده وعظمته عليه السلام:

قال الإمام الصادق عليه السلام: «حدثني أبي عن أبيه عليه السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حج حجَّ ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار، وكان عليه السلام لا يقرأ من كتاب الله عزوجل: *يا أيها الذين آمنوا*(765) إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شي ء من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا، ولقد قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن علي بن أبي طالب فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه، فدعاه فقال له: اصعد المنبر وتكلم بكلمات تعظنا بها، قام عليه السلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب وابن

سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله، أنا ابن خير خلق الله، أنا ابن رسول الله صلي الله عليه و اله، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقي، أنا وأخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات، فقال له معاوية: يا أبا محمد خذ في نعت الرطب ودع هذا!، فقال عليه السلام: الريح تنفخه والحرور ينضجه والبرد يطيبه، ثم عاد عليه السلام في كلامه فقال: أنا إمام خلق الله، وابن محمد رسول الله، فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن به الناس فقال: يا أبا محمد انزل فقد كفى ما جرى فنزل» (766).

101اسم الرسول صلي الله عليه و اله في الإنجيل

س101: إن اسم رسول الله صلي الله عليه و اله في الإنجيل أحمد، وإذا أراد مسيحي أن يدخل في الإسلام عليه أن يشهد بأن محمداً رسول الله، فهنا يعترض ويقول: إني لا أؤمن بنبوة محمد صلي الله عليه و اله وإنما بنبوة أحمد، فما هو الجواب؟

ج101: إن اسم الرسول صلي الله عليه و اله في الإنجيل (فارقليطا) ومعناه (أحمد ومحمد)كما في تفاسير الإنجيل.

* وردت في إنجيل يوحنا كلمة (فارقليط) وترجمت بمعنى المعزِّي، وهذا التعبير موجود في إنجيل عربي طبع في لندن عام (1857م) مطبعة ويليام وطسس.

أما في المطبوعات الحديثة فقد كتبت كلمة المعزِّي بدلاً من فارقليط فقد ورد في إنجيل يوحنا الفصل الرابع عشر الآية 16 ط منشورات دار المشرق ببيروت (1/9/1986م) ما يلي: (وأنا أسأل الأب فيعطيكم معزِّياً آخر ليقيم معكم إلى الأبد).

ورد في المتن السرياني للأناجيل المأخوذة من الأصل اليوناني (ارقليطا) وترجم إلى (المسلّي) .

وجاء

في المتن اليوناني (بيركلتوس) بمعنى الشخص الممتدح وتعادل كلمة (محمد، أحمد) فلما شعر أسياد المعابد والكنيسة أن هذه اللفظة توجّه ضربة قاضية إلى كيانهم ومؤسساتهم كتبوا (باراكلتوس) بدل (ب_يركلتوس) وترجم إلى (المسلِّي) (767).

102الإسرائيليات

س102: ما هي الإسرائيليات، ولماذا سميت بهذا الاسم؟

ج102: هي الأخبار المروية عن علماء اليهود، والنسبة إلى إسرائيل (جد اليهود) فإن يعقوب عليه السلام كان يسمى (إسرائيل).

103البسملة

س103: لماذا بدأت البسملة بحرف الباء، ولماذا ابتدأت كل سورة من سور القرآن بالبسملة؟

ج103: (الباء) بمعنى الملابسة أي إني أشرع في الأمر ملابساً باسم الله تعالى، والبسملة للرحمة، وعليه ابتداء السورة.

* عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن *بسم الله الرحمن الرحيم* فقال عليه السلام: «الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وروى بعضهم ملك الله، والله إله كل شيء، الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة» (768).

* عن الإمام الرضا عليه السلام قال: «معنى قول القائل (بسم الله) أي: أسِمُ نفسي سمة من سمات الله عز وجل وهي العبادة» فقيل له: ما السمة؟ فقال عليه السلام: «هي العلامة» (769).

104إذا أردنا أن نهلك قرية

س104: ما هو تفسيرنا للآية: *إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمّرناها تدميراً*(770)، وهل المعنى الحاصل من صريح الآية الكريمة ينافي عدالة الله تعالى.

ج104: لما خالف أهل القرية الأوامر العقلية، اراد الله إهلاكها، لكن الإهلاك لا يكون إلا بعد مخالفة الأوامر الشرعية، فأمر الله تعالى المترفين بالطاعة ولما عصوا استحقوا العقاب، فدمّر الله القرية تدميراً.

* ذكر الإمام المؤلف رحمة الله عليه في تفسير هذه الآية: *وإذا أردنا أن نهلك قرية* لأنها أسرفت في الكفر والفساد ولم نهلكها بدون إتمام الحجة بل *أمرنا مترفيها* بأوامرنا، وإنما خص المترفين مع أن الأمر عام لكل الناس لأنهم هم الذين إن أطاعوا أطاع الناس وإن عصوا بادئ ذي بدء عصى الناس، فإن الناس على دين ملوكها وكبرائها *ففسقوا فيها* أي خرجوا عن الطاعة في تلك القرية، تقول: أمرته فعصاني أي أمرته بأوامري فعصاني ولم يمتثل، وهناك حيث خالفوا أوامر الرسل وتمت عليهم الحجة *فحق عليها القول*

أي ثبت على تلك القرية قولنا بالهلاك والدمار *فدمّرناها تدميراً* أي أهلكناها إهلاكاً(771).

* وجد المفسرون لهذه الإرادة معنيين:

المعنى الأول: إذا أردنا أن نهلك قرية: أي إذا دنا وقت هلاك أهل القرية.

المعنى الثاني: الإرادة الفعلية وحقيقتها توافق الأسباب المقتضية للشيء وتحقق ما لهلاكهم من الأسباب وهو كفران النعمة والطغيان بالمعصية(772).

* عن صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق، فقال عليه السلام: «الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، وأما الإرادة من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنه لا يُروِّي ولا يهُمُّ ولا يتفكّر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك يقول له كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما أنه لا كيف له» (773).

105إن الله يتوفى الأنفس

س105: ما معنى الآية الكريمة: *يتوفى الأنفس حين موتها*(774).

ج105: أي قدّر لها الموت، فالله سبحانه يقبض الروح.

* *الله يتوفى الأنفس* أي يميتها و*توفّى* متعدٍّ ولذا فالمتوفِّي بصيغة الفاعل هو الله والمتوفّى بصيغة المفعول هو الإنسان، *حين موتها* أي حين الموت المقدّر له وانقضاء آجالها، والمراد بالأنفس هي الإنسان لا نفس الإنسان - بمعنى روحه - حتى يقال: إن الروح لا يموت(775).

* قال أبو الحسن عليه السلام: «إن المرء إذا نام فإن روح الحيوان باقية في البدن والذي يخرج منه روح العقل» فقيل له: يقول الله عز وجل: *الله يتوفى الأنفس حين موتها* إلى قوله: *إلى أجل مسمى* أ فليس ترى الأرواح كلها تصير إليه عند منامها فيمسك ما يشاء؟ فقال عليه السلام: «إنما يصير إليه أرواح العقول فأما أرواح الحياة فإنها في الأبدان

لا يخرج إلا بالموت، ولكنه إذا قضى على نفس الموت قبض الروح الذي فيه العقل، ولو كانت روح الحياة خارجة لكان بدناً ملقى لا يتحرك، ولقد ضرب الله لهذا مثلاً في أصحاب الكهف حيث قال: *ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال*(776) أ فلا ترى أن أرواحهم فيهم بالحركات» (777).

106رفع بعضكم فوق بعض

س106: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *ورفع بعضكم فوق بعض درجات*(778).

ج106: أي: بعضٌ ذكي، وبعض غبي، وبعض ضعيف، وبعض قوي، وبعض جميل، وبعض قبيح...إلى آخره.

* *ورفع بعضكم فوق بعض درجات* ذكاءً وعلماً ومالاً ومنصباً ومن سائر الجهات فإن الأمور التكوينية والتقديرية كلها بيده لا شريك له(779).

* يقول أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل بن زياد النخعي: «الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق..» (780).

107لن يصيبنا إلا ما كتب الله

س107: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا*(781).

ج107: الله سبحانه يعلم مستقبل الإنسان، وكتبه في اللوح المحفوظ فما أصاب الإنسان، كان مكتوباً من ذي قبل.

* *قل* يا رسول الله لهؤلاء: *لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا* فلم يكن ما أصابنا شراً لنا كما زعمتم بل إن الله كتب لنا البلايا لرفع درجاتنا في الآخرة وينصرنا على أعدائنا في النهاية، ونحن مسلمون لأمر الله منقادون لإرادته(782).

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع: بمشيئة وإرادة وقدر وقضاء وإذن وكتاب وأجل، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر» (783).

* عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن لله إرادتين ومشيئتين، إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أ وما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى، وأمر إبراهيم أن يذبح ابنه ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى (784).

* قال

أبو الحسن الرضا عليه السلام: «قال الله: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذاك أني أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، وذاك أنني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون» (785).

* عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «العلم علمان، فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء» (786).

108وإنا لموسعون

س108: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون*(787).

ج108: إن علم الفلك أثبت أن المجرات تبتعد بعضها عن بعض في كل ثانية وذلك يوجب سعة الفضاء الذي بين تلك المجرات.

* *والسماء بنيناها* فإنّ جعْل الأنجم وجعل النظام في الكون من أجل الأبنية -لوضوح أن البناء ليس خاصاً بالبناء الحجري ونحو ه - *بأيد* بقوة من آد يئيد، فإن قوة المبنى وإتقانه تدل على قوة الباني وقوة بنائه، *وإنا لموسعون* السماء وقد دل علم الفلك الحديث على أن الكون في توسع دائم(788).

* فبناء السماء ليس كبناء الأرض المعتمد على الحجر وإنما تعتمد على قدرة الخالق لتنظيم الكون وما فيه من مجرات وأفلاك سائرة بإرادته.

* قال العالم جورج كاموف في كتابه (حلقة العالم) ما يلي:

إن السماء في حالة امتداد دائم وكأنها كانت في يومٍ ما كُرة واحدة وحدث فيها انفجار عظيم قبل 15مليار سنة ثم بدأت تتمدد وتتسع الفجوة بين أجرامها

بصورة منتظمة وسريعة وقد حدد البعض سرعة انبساط الأجرام وتباعدها عن بعضها البعض ب_(66) ألف كيلومتر في الثانية والعجيب أنها كلما ابتعدت عن بعضها ازدادت سرعتها(789).

109قصة يوسف عليه السلام

س109: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *إن_ي رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين*(790).

ج109: رآها يوسف عليه السلام وقد خضعت له.

* *إذ قال يوسف لأبيه* يعقوب بن إسحاق بن الخليل عليه السلام: *يا أبت إني رأيت* في المنام *أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين* إنما أتى بالجمع العاقل لأن السجود من صفات العقلاء، روي عن الباقر عليه السلام: «إن تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر ويدخل عليه أبواه وإخوته وأما الشمس فأم يوسف عليه السلام راحيل والقمر يعقوب عليه السلام وأما الأحد عشر كوكباً فإخوته فلما دخلوا عليه سجدوا شكراً لله وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله تعالى» (791).

* وفي تفسير القمي عن الباقر عليه السلام: «كان له أحد عشر أخاً وكان له من أمه أخ واحد يسمى بنيامين» (792).

110إنا عرضنا الأمانة

س110: ما هو تفسيرنا للآية الكريمة: *إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان*(793)؟ ما هذه الأمانة؟ ولماذا حملها الإنسان ولم تحملها السماوات والأرض؟

ج110: الأمانة: هي التكاليف، والسماء والأرض والجبال لا عقل لها، ولذا لم تتحمل الأمانة، إذ لا تكليف عليها، وإنما حملها الإنسان لأنه ذو عقل، هذا أحد تفاسير الآية الكريمة.

* إن الإيمان أمانة في عنق الإنسان يجب عليه أن يرد هذه الأمانة سالمة دون أن يشوبها بخيانة الكفر والعصيان، ولقد كانت هذه الأمانة ثقيلة بحيث أن أضخم المخلوقات لا تتحمل أن تتقبلها أما الإنسان الضعيف فقد قبلها لكنه يخونها لظلمه وجهله، *إنا عرضنا الأمانة* أمانة الإيمان *على السماوات والأرض والجبال* لتوضع عندهن فيحافظن عليها *فأبين* وامتنعن *أن يحملنها* أي يحملن الأمانة ويقبلنها(794).

* عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سُئل عن

قول الله تعالى: *إنا عرضنا الأمانة* .. الآية، ما الذي عرض عليهن وما الذي حمل الإنسان وما كان هذا؟ فقال عليه السلام: «عرض عليهنّّ الأمانة بين الناس وذلك حين خلق الخلق» (795).

* وعن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة طويلة قال: «ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية والأرضين المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوة أوعز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن وهو الإنسان» (796).

111الآيات المقطعة

س111: ما هو تفسيرنا للآيات المتقطعة في القرآن الحكيم؟

ج111: فيها احتمالات، وأقرب تلك الاحتمالات، إنها رموز بين الله وبين الرسول صلي الله عليه و اله ويعلمها الراسخون في العلم كالأئمة عليهم السلام.

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «(ألم) وكل حرف في القرآن مقطعة من حروف اسم الله الأعظم الذي يؤلفه الرسول والإمام فيدعو به فيجاب» (797).

* ورد تفسير الإمام العسكري عليه السلام: *الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين*(798) قال الإمام عليه السلام: «كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: سحر مبين تقوَّلهُ، فقال عزوجل: *الم * ذلك الكتاب* أي: يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلته عليك وهو بالحروف المقطعة التي منها ألف ولام وميم، وهو بلغتكم وحروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، فاستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثم بيَّن أنهم لا يقدرون عليه بقوله: *قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا*(799)، وقال الله تعالى: *الم* هو القرآن الذي افتتح ب_*الم* هو ذلك الكتاب الذي أخبر به

موسى، ومن بعده من الأنبياء أخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد كتاباً عربياً عزيزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، *لا ريب فيه* لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمداً صلي الله عليه و اله ين_زل عليه الكتاب يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم» (800).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إن حيي بن أخطب وأبا ياسر بن أخطب ونفراً من اليهود من أهل نجران أتوا رسول الله صلي الله عليه و اله فقالوا له: أ ليس فيما تذكر فيما أنزل إليك *الم* قال صلي الله عليه و اله: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل عليه السلام من عند الله؟ قال صلي الله عليه و اله: نعم، قالوا: لقد بعث أنبياء قبلك ما نعلم نبيا منهم أخبرنا مدة ملكه وما أكل أمته غيرك، فأقبل حيي بن أخطب على أصحابه فقال لهم: الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة، ثم أقبل على رسول الله صلي الله عليه و اله فقال له: يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال صلي الله عليه و اله: نعم، قال: هاته، قال صلي الله عليه و اله: *المص*(801) قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه مائة وإحدى وستون سنة، ثم قال لرسول الله صلي الله عليه و اله: هل مع هذه غيره؟ قال: نعم، قال: هات، قال صلي الله عليه و اله: *الر*(802) قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحد واللام ثلاثون والراء مائتان، ثم قال: فهل مع هذا

غيره؟ قال صلي الله عليه و اله: نعم، قال: هات، قال صلي الله عليه و اله: *المر*(803) قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان، ثم قال: هل مع هذا غيره؟ قال صلي الله عليه و اله: نعم، قالوا: لقد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت، ثم قاموا عنه، ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه: وما يدرك لعل محمداً قد جمع له فيهم هذا كله وأكثر منه»، فقال أبو جعفر عليه السلام: «إن هذه الآيات أنزلت فيهم *منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات*(804)، وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأوَّل حيي بن أخطب وأخوه وأصحابه، ثم خاطب الله الخلق فقال: *اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء* غير محمد *قليلا ما تذكرون*(805)» (806).

* عن سفيان الثوري قال قلت للصادق عليه السلام: يابن رسول الله ما معنى قول

الله عزوجل: *الم*(807) و: *المص*(808) و: *الر*(809) و: *المر*(810) و: *كهيعص*(811) و*طه*(812) و*طس*(813) و*طسم*(814) و*يس*(815) و*ص*(816) و*حم*(817)

و*حم * عسق*(818) و*ق*(819) و*ن*(820)؟ قال عليه السلام: «أما *الم* في أول البقرة فمعناه: أنا الله الملك، وأما *الم* في أول آل عمران فمعناه: أنا الله المجيد، و*المص* معناه: أنا الله المقتدر الصادق، و*الر* معناه: أنا الله الرؤوف، و*المر* معناه: أنا الله المحيي المميت الرازق، و*كهيعص* معناه: أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد، وأما *طه* فاسم من أسماء النبي صلي الله عليه و اله ومعناه: يا طالب الحق الهادي إليه ما أنزل عليك القرآن لتشقى بل لتسعد به، وأما *طس* فمعناه: أنا الطالب السميع، وأما *طسم* فمعناه: أنا الطالب السميع المبدئ المعيد، وأما *يس* فاسم من أسماء

النبي صلي الله عليه و اله ومعناه: يا أيها السامع لوحيي *والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم*، وأما *ص* فعين تنبع من تحت العرش وهي التي توضأ منها النبي صلي الله عليه و اله لما عرج به ويدخلها جبرئيل عليه السلام كل يوم دخلة فيغتمس فيها ثم يخرج فينفض أجنحته فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة، وأما *حم* فمعناه: الحميد المجيد، وأما *حم عسق* فمعناه: الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي، وأما *ق* فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها، وأما *ن* فهو نهر في الجنة قال الله عزوجل اجمد فجمد فصار مدادا ثم قال عزوجل للقلم اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فالمداد مداد من نور والقلم قلم من نور واللوح لوح من نور»، قال سفيان: فقلت له: يا ابن رسول الله بيِّن لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل بيان وعلمني مما علمك الله، فقال عليه السلام: «يا ابن سعيد لولا أنك أهل للجواب ما أجبتك، ف_(نون) ملك يؤدي إلى القلم وهو ملك والقلم يؤدي إلى اللوح وهو ملك واللوح يؤدي إلى إسرافيل وإسرافيل يؤدي إلى ميكائيل وميكائيل يؤدي إلى جبرئيل وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم»، قال: ثم قال عليه السلام لي: «قم يا سفيان فلا آمن عليك» (821).

112بين المحو والنسيان

س112: ما تفسيرنا للآيتين المباركتين: *يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب*(822)، و*قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى*(823)، وما

هو نوع هذا الكتاب؟

ج112: الضلال والنسيان، غير المحو والإثبات فإن الله سبحانه قد يمحو أمراً ليثبت مكانه أمراً آخر، حسب مصالح الظروف، فمثلاً قد ينسخ دين اليهود ليثبت مكانه دين المسيح عليه السلام، وهكذا.

* *عنده أم الكتاب* أي أصل الكتاب الذي فيه ما يمحى وما يثبت وإلى أي قدر يبقى ما يمحى هذا حسب ما يتعلق بالسياق، وإلا فالظاهر أن الآية أعم من الأحكام، فالتقديرات منها ما يقبل التغيير ومنها ما لا يقبل، وقد وردت أحاديث في باب المحو والإثبات وأم الكتاب ولعل خلاصة القول في تلك كلها أن هناك علماً خاصاً بالله سبحانه يعلم الأشياء التي تقع إلى الأبد ولا تغيير في ذلك ولا تحرير وهناك لوح يثبت فيه الأشياء، ثم ربما تقتضي المصلحة فيمحى ذلك المثبت ليكتب مكانه شيء آخر قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة وإن المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فينقصه الله إلى ثلاث سنين أو أدنى» قال الراوي: إن الإمام الصادق عليه السلام لما حدث بهذا الحديث قرأ هذه الآية *يمحو الله ما يشاء*، وهنا سؤالان:

الأول: هل إن الله يعلم أن الشخص الفلاني يموت في أم الكتاب أم لا؟ فإن علم أنه يموت فما فائدة الصدقة والدعاء وإن علم بأنه لا يموت فالصدقة والدعاء اعتباط؟.

والجواب: إن الله يعلم بأنه يتصدق فلا يموت، كما أنه سبحانه يعلم أن زيداً يقرأ العلم فيصبح عالماً فلا يصح أن يقول الجاهل إن كان في علم الله أنا أصبح عالماً فما فائدة تعبي لما يأتيني بلا تعب.وإن كان في علم

الله أنا لا أصبح عالماً كان تعبي في تحصيل العلم هباءً فإن ردّه واضح إنه في علم الله أنك تتعب حتى تكون عالماً.

الثاني: ما فائدة لوح المحو والإثبات بينما لا يصير في الخارج إلا على طبق أم الكتاب؟.

الجواب: إن ذلك ليتعلم الأنبياء والملائكة ومن إليهم فإنه كان يكتب في اللوح أن عمر زيد ثلاث سنوات، ثم إذا رأى الملائكة ومن له اتصال بذلك اللوح أن الثلاث محيت وكتب مكانها ثلاث وثلاثون عرفوا السبب، وصار ذلك محفزاً للفضائل وزاجراً عن الرذائل لمن علم، كما لو رأى أحد موظفي الدولة في سجلات الرواتب أن راتب أحد الموظفين قد تغيّر إلى أكثر أو أقل لخدمة أو كسالة، حفزه ذلك على اجتناب المنقصة والعمل بالمنقبة(824).

113اقتربت الساعة

س113: ما تفسيرنا للآية الكريمة: *اقتربت الساعة وانشق القمر*(825)؟

ج113: الساعة: تعني يوم القيامة اقتربت، وانشق القمر:إعجاز رسول الله صلي الله عليه و اله.

* *اقتربت الساعة*: القيامة وفيها ثلاثة احتمالات:

القيامة، التي قريبة لمن جاء لدار الدنيا فإن كل إنسان خلق جسمه من التراب قبل مئات الألوف من السنوات وقد خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فإذا جاء إلى دار الدنيا قرب موته وإذا مات الإنسان قامت قيامته.قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من مات فقد قامت قيامته» (826).

أو المراد بالقيامة الحقيقية لأن أكثر عمر الدنيا قد انقضى كما دل على ذلك الآثار والعلم الحديث(827).

أو المراد أنه بعد رسول الله صلي الله عليه و اله ليس إلا القيامة وقد انتهت نبوات السماء به صلي الله عليه و اله.

*انشق القمر* الذي هو من علامات اقتراب الساعة وقد كان ذلك معجزة لرسول الله صلي الله عليه و اله في قصة طويلة وقد نقل كتاب

(الإسلام يتحدى) ذكر بعض التواريخ الغابرة رؤية الناس لهذا الانشقاق، كما ذكر بعض الجرائد الكويتية - بعد نزول الغربيين على القمر- رؤيتهم مكان الانشقاق كأنه صار نصفين ثم التحم (مع أنهم مسيحيون لا يؤمنون بنبوة محمد صلي الله عليه و اله) (828).

* قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلي الله عليه و اله قالوا: إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فلقتين؟ فقال لهم رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن فعلت تؤمنون» ؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله صلي الله عليه و اله ربّه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فلقتين ورسول الله صلي الله عليه و اله يقول: «يا فلان، يا فلان اشهدوا» (829).

* عن الإمام الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «انشق القمر بمكة فلقتين فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: اشهدوا اشهدوا» (830).

114وليحكم أهل الإنجيل

س114: ما تفسيرنا للآية الكريمة: *وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه*(831).

ج114: أنزل الله في الإنجيل الإيمان بمحمد صلي الله عليه و اله فمن الضروري أن يؤمن أهل الإنجيل بمحمد صلي الله عليه و اله.

* *وليحكم* أي يجب أن يحكم *أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه* من الأحكام والدلالات التي منها التبشير بالنبي صلي الله عليه و اله ووجوب اتباعه(832).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه، إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم» (833).

* عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «يا علي ذكرك في التوراة وذكر

شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير وكذلك في الإنجيل فاسأل أهل الإنجيل وأهل الكتاب يخبروك عن إليا مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاك الله عز وجل من علم الكتاب وإن أهل الإنجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفون شيعته وإنما يعرفونهم بما يجدونه في كتبهم(834).

115أمتّنا اثنتين

س115: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *ربنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين*(835).

ج115: موتاً في حالة الجماد وموتاً بعد الحياة وحياة من الجمادين وحياة من الموت.

* قالوا: وهم معترفون أذلاء قد رفع عن أعينهم الغشاء يا ربنا أمتنا اثنتين موتاً حين كنا تراباً وموتاً بعد الحياة الدنيوية، والإماتة بالنسبة إلى الموت الترابي وإن كان خلاف المنصرف إلا أنه غير بعيد بالنسبة إلى ما ورد في أحوال الإنسان حيث لا موت جديد بعد الموت الدنيوي وما ورد أنه بالنسبة إلى الرجعة فالظاهر أنه من باب المصداق، وإلا فالكفار كلهم لا يحيون في الرجعة، وظاهر الآية أنه بالنسبة إلى الكلي، *وأحييتنا اثنتين* أي حياتين: حياة بالتولد في الدنيا، وحياة بعد الموت في القيامة. وإنما يقول الكفار ذلك خشوعاً وتخضعاً كالمجرم الذي يعترف بذنبه تخشعاً يريدون بذلك اعترافهم بأن أزمة الأمور بأيدي الله سبحانه(836).

116ومن يؤت الحكمة

س116: ما المقصود بالحكمة في قوله تعالى: *ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً*(837).

ج116: الحكمة: علم الشريعة الموجب لوضع كل شيء موضعه.

* *ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً* أي: خيراً أعظم من أن يعمر الإنسان دنياه وعقباه بأخذه بأوامر الله سبحانه وانتهاجه المنهاج المستقيم الموجب لسعادة النشأتين(838).

* عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «إن الله خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة على الإيمان فإذا أراد استنارة ما فيها نضحها بالحكمة وزرعها بالعلم، وزارعها والقيم عليها رب العالمين» (839).

* عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: *ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا* قال عليه السلام: «طاعة الله ومعرفة الإمام» (840).

* عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله *ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا* فقال عليه

السلام: «إن الحكمة المعرفة والتفقه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم، وما أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من فقيه» (841).

* قال الصادق عليه السلام: «الحكمة ضياء المعرفة، وميراث التقوى، وثمرة الصدق، وما أنعم الله على عبد من عباده نعمة أنعم وأعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة، قال الله عزوجل: *يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب* أي لا يعلم ما أودعت وهيأت في الحكمة إلا من استخلصته لنفسي وخصصته بها، والحكمة هي الثبات، وصفة الحكيم الثبات عند أوائل الأمور والوقوف عند عواقبها، وهو هادي خلق الله إلى الله تعالى» (842).

117الغاوين

س117: ما تفسير كلمة الغاوين التي وردت في القرآن الحكيم؟

ج117: (الغاوين) من (غوى) (843) بمعنى (ضلّ) أي أهل الضلال.

* الغاوين: من غوى بمعنى ضلّ أي الضالين الذين أغواهم الشيطان فعملوا الكفر والعصيان(844).

* قال الإمام جعفر عليه السلام في معنى (الغاوون): «هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره» (845). فسئل عن معنى ذلك فقال عليه السلام: «إذا وصف الإنسان عدلاً ثم خالفه إلى غيره فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره عظمت حسرته» (846).

* علي بن إبراهيم في تفسيره عند قوله تعالى: *والشعراء يتبعهم الغاوون*(847) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «نزلت في الذين غيروا دين الله وتركوا ما أمر الله، ولكن هل رأيتم شاعرا قط تبعه أحد؟ إنما عنى بهم الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك، إلى أن قال تعالى: *إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات*(848) وهم أمير المؤمنين عليه السلام وولده عليهم السلام » (849).

عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: *والشعراء

يتبعهم الغاوون* قال عليه السلام: «من رأيتم من الشعراء؟ إنما عنى بهذا الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس الباطل، وهم الشعراء الذين يتبعون» (850).

118يهدي من يشاء ويضل من يشاء

س118: يقول الله تعالى في القرآن الحكيم: *ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء*(851)، وقد نستنتج من مدلول الآية: أن الله تعالى يدخل في الجنة من يشاء ويدخل النار من يشاء، فهل هذا صحيح؟ ألم يكن هذا خلاف عدالته.

ج118: تهيئة أسباب الهداية ببعث الرسول صلي الله عليه و اله وإنزال الكتاب (هداية) وترك أهل الضلال يفعلون ما يشاءون (إضلال) كما يقال: فسّد الأب ولده إذا تركه ليفسد، فإن الله إذا رأى عناد المنحرفين يتركهم ليضلوا ولا يهديهم.

* *ولكن يضل من يشاء* أي يتركه حتى يضل بعد أن أراه الطريق فلم يسلكه كالملك الذي يترك المدينة العاصية حتى تفعل ما تشاء من الأجرام والقتل والسفك بعد أن بيّن لهم القوانين فلم يتبعوها *ويهدي من يشاء* بالألطاف الخفية بعد أن أراهم الطريق فسلكوها(852).

119ووجدك ضالاً فهدى

س119: ما هو تفسيرنا للآية الكريمة: *ووجدك ضالاً فهدى*(853)؟ علماً بأنها نداء موجّه للنبي محمد صلي الله عليه و اله.

ج119: النبي صلي الله عليه و اله في صغره ذات مرة ضل في الصحراء مما كان مظنة الهلاك لعدم وجود الماء والطعام فهداه الله إلى الطريق.

* *ووجدك* يا رسول الله *ضالاً* قد تفردت في أناس جاهليين كالشيء الثمين الذي في صحراء مقفرة *فهدى* الناس إليك فأخرجك من الوحشة والتفرد حيث لا يهتدي إليك الناس(854).

* وقد ذكر العلامة المجلسي رحمة الله عليه في هذه الآية احتمالات مختلفة:

أحدها: وجدك ضالاً عما أنت عليه الآن من النبوة الشريفة أي كنت غافلاً عنها فهداك إليها.

ثانيها: إن المعنى وجدك متحيراً لا تعرف وجوه معاشك فهداك إليها فإن الرجل إذا لم يهتد إلى طريق مكسبه يقال: إنه ضال.

ثالثها: إن المعنى وجدك لا تعرف الحق فهداك إليه بإتمام العقل ونصب الأدلة والألطاف

حتى عرفت الله بصفاته بين قوم ضلال مشركين.

رابعها: وجدك ضالاً في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب، فقد روي عن ابن عباس أنه صلي الله عليه و اله ضل في شعاب مكة وهو صغير فرآه أبو جهل وردّه إلى جدّه عبد المطلب فمنّ الله سبحانه بذلك عليه إذ ردّه إلى جدّه على يدي عدوه.

خامسها: ما روي أن حليمة بنت أبي ذؤيب لما أرضعته مدة وقضت حق الرضاع ثم أرادت ردّه إلى جده جاءت به حتى قربت من مكة فضلّ في الطريق فطلبته جزعة وكانت تقول لئن لم أره لأرمينّ نفسي عن شاهق وجعلت تصيح وا محمداه، قالت: فدخلت مكة على تلك الحال فرأيت شيخاً متوكئاً على عصىً فسألني عن حالي فأخبرته فقال: لا تبكي فأنا أدلك على من يردّه عليك فأشار إلى هبل صنمهم الأعظم ودخل البيت وطاف بهبل وقبّل رأسه وقال: يا سيداه لم تزل منتك جسيمة رد محمداً على حليمة السعدية قال: فتساقطت الأصنام لما تفرّد باسم محمد صلي الله عليه و اله وسمع صوت: إن هلاكنا على يدي محمد فخرج وأسنانه تصطك وخرجت إلى عبد المطلب وأخبرته بالحال فخرج وطاف بالبيت ودعا الله سبحانه وتعالى فنودي وأشعر بمكانه فأقبل عبد المطلب فتلقاه ورقة بن نوفل في الطريق فبينا هما يسيران إذا النبي صلي الله عليه و اله قائم تحت شجرة يجذب الأغصان ويلعب بالورق فقال عبد المطلب: فداك نفسي، وحمله وردّه إلى مكة.

سادسها: ما روي أنه صلي الله عليه و اله خرج مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينا هو راكب ذات ليلة ظلماء إذ جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق فجاء جبرائيل عليه السلام

فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة وردّه إلى القافلة فمنّ الله عليه بذلك.

سابعها: إن المعنى وجدك مضلولاً عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك والاعتراف بصدقك والمراد أنك كنت خاملاً لا تذكر ولا تعرف فعرّفك الله إلى الناس حتى عرّفوك وعظموك(855).

120وعلّم آدم الأسماء

س120: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: *وعلّم آدم الأسماء كلها*(856) فما هي هذه الأسماء؟

ج120: هي أسماء كل شيء في الكون، لأن آدم عليه السلام كان مثل إنسان يدخل المدينة لا يعرف لغة أهلها، فعلّمه الله سبحانه اللغات وغيرها.

* وإذا أراد الله تعالى إعلام الملائكة ببعض مزايا البشر وأنه من جنس أرفع منهم علّم آدم عليه السلام علوماً يتمكن هو من فهمها وهضمها بينما لا يقدر الملائكة على ذلك ثم قال تعالى للملائكة: هل تتحملون مثل ذلك؟ فأبدوا عجزهم، وإذ رأوا من آدم التحمل والقدرة اعترفوا بالتفوق وأنه أحق بالخلافة.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لما أن خلق الله آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له، فقالت الملائكة في أنفسها: ما كنا نظن أن الله خلق خلقاً أكرم عليه منا فنحن جيرانه ونحن أقرب خلقه إليه، فقال الله: *أ لَم أَقل لكم إنِّي أعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون*(857) فيما أبدوا من أمر بني الجان وكتموا ما في أنفسهم فلاذت الملائكة الذين قالوا ما قالوا بالعرش» (858).

* عن الفضل بن عباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل *وعلم آدم الأسماء كلها* ما هي؟ قال عليه السلام: «أسماء الأودية والنبات والشجر والجبال من الأرض» (859).

* عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام سألته عن قول الله: *وعلم آدم

الأسماء كلها* ماذا علمه؟ قال عليه السلام: «الأرضين والجبال والشعاب والأودية، ثم نظر إلى بساط تحته فقال وهذا البساط مما علمه» (860).

* عن داود بن سرحان العطار قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بالخوان فتغدينا ثم جاءوا بالطشت والدست سنانه، فقلت: جعلت فداك قوله: *وعلم آدم الأسماء كلها* الطست والدست سنانه منه؟ فقال: «الفجاج والأودية وأهوى بيده كذا وكذا» (861).

والمراد بالأسماء: أسماء الأشياء وعلومها(862).

121والقمر قدّرناه منازل

س121: ما المقصود بالآية الكريمة: *والقمر قدّرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم*(863).

ج121: أي قدّرناه أن يسير في منازل الفضاء حتى صار القمر بعد كونه (بدراً)، (هلالاً) مثل العود الذي يتدلى به التمر في الانحناء والتقوّس.

* *والقمر قدّرناه* أي قدّرنا له *منازل* ففي كل يوم منزل، فإن للقمر في كل يوم منزلاً كما ذكر علماء الفلك أو المراد المنازل المرئية من هلال وقمر وبدر في أحواله المختلفة زيادة ونقيصة *حتى عاد* القمر في آخر الشهر *كالعرجون القديم* هو العذق اليابس المقوس فإن القمر في آخر الشهر يعود كما بدأ هلالاً ضعيفاً مقوّساً(864).

* عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: «نظر علي بن الحسين عليه السلام في طريقه يوما إلى هلال شهر رمضان فوقف فقال: أيها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في فلك التقدير، المتصرف في منازل التدبير، آمنت بمن نوَّر بك الظلم، وأوضح بك البهم، وجعلك آية من آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، فحد بك الزمان، وامتهنك بالزيادة والنقصان، والطلوع والأفول، والإنارة والكسوف، في كل ذلك أنت له مطيع، وإلى إرادته سريع» (865).

122منها خلقناكم

س122: ما المقصود في قوله تعالى: *منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى*(866).

ج122: التراب يصبح نباتاً، والنبات يصبح حيواناً، والحيوان يأكله الإنسان فيصير منياً، فإنساناً، فالإنسان خلق من التراب، ثم يموت وينقلب إلى التراب، ثم يخرج من التراب لأجل الحساب في الآخرة.

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات والثمر والشجر فتأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم» (867).

* عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال: «إن الله عزوجل خلق خلاَّقين، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم

فأخذوا من التربة التي قال في كتابه *مِنها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى* فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد أن أسكنها الرحم أربعين ليلة، فإذا تمت له أربعة أشهر، قالوا: يا رب تخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر وأنثى، أبيض أو أسود، فإذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه، كائنا ما كان، صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة» (868).

* عن أبي عبد الله القزويني قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت: لأي علة يولد الإنسان هاهنا ويموت في موضع آخر؟ قال عليه السلام: «لأن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان إلى تربته» (869).

* جاء في تفسير علي بن إبراهيم: *ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين* قال: السلالة الصفوة من الطعام والشراب الذي يصير نطفة، والنطفة أصلها من السلالة، والسلالة هو من صفوة الطعام والشراب، والطعام من أصل الطين، فهذا معنى قوله: *من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فِي قرار مكين* أي في الأنثيين، ثم في الرحم، *ثم خلقنا النطفة علقة* إلى قوله *أحسن الخالقين*(870) وهذه استحالة أمر إلى أمر، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعين يوما ثم يصير علقة(871).

123وجنة عرضها السماوات والأرض

س123: يقول الله تعالى في القرآن الكريم: *وجنة عرضها السماوات والأرض*(872) فأين وضع الله جهنم التي هي مثوى الكافرين؟.

ج123: السماوات والأرض جزء صغير من فضاء الكون وجهنم جزءً آخر منه.

* روي أن رسول هرقل سأل النبي صلي الله عليه و اله فقال: إنك تدعو إلى *جنة عرضها السماوات والأرض* فأين النار؟ فقال النبي صلي الله عليه و اله: «سبحان الله

فأين الليل إذا جاء النهار» (873).

* عن أنس بن مالك أنه قال: وفد الأسقف النجراني على عمر بن الخطاب لأجل أدائه الجزية، فدعاه إلى الإسلام، فقال له الأسقف: أنتم تقولون إن لله جنة *عرضها السماوات والأرض* فأين تكون النار؟ قال: فسكت عمر ولم يرد جواباً، قال: فقال له الجماعة الحاضرون: أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الإسلام، قال: فأطرق خجلا من الجماعة الحاضرين ساعة لا يرد جوابا، فإذا بباب المسجد رجل قد سده بمنكبيه، فتأملوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن أبي طالب عليه السلام قد دخل، قال: فضج الناس عند رؤيته، قال: فقام عمر بن الخطاب والجماعة على أقدامهم، وقال: يا مولاي أين كنت عن هذا الأسقف الذي قد علانا منه الكلام أخبره يا مولاي بالعجل إنه يريد الإسلام فأنت البدر التمام ومصباح الظلام وابن عم رسول الأنام، فقال الإمام عليه السلام: «ما تقول يا أسقف؟» قال: يا فتى أنتم تقولون إن الجنة *عرضها السماوات والأرض* فأين تكون النار؟ قال له الإمام عليه السلام: «إذا جاء الليل أين يكون النهار؟» (874).

124لا للتجسيم

س124: يقول الله تعالى في القرآن الحكيم: *يد الله فوق أيديهم*(875) وفي مجال آخر: *وجاء ربك والملك صفاً صفاً*(876)، وغيرها من الآيات فإنها تدل على أن الله جسم فما هو الدليل القاطع بأن الله ليس بجسم كما يقول بعدم التجسيم الشيعة الإمامية؟

ج124: هناك أدلة كثيرة عقلية ونقلية تدل على أن الله ليس بجسم، و*يد الله* كناية عن قوته وسلطانه، و*جاء* أي أمر *ربك* كما يقال: فتحت الدولة الفلانية العراق مثلاً أي فرضت سيطرتها على العراق وإن لم يكن في العراق من أفرادها أحد.

* *وجاء ربك* أي أمر ربك كما يظهر

ملوك الدنيا في هيبة وجلال، فإن الهيبة والجلال التي تظهر يوم القيامة لله سبحانه تكون بمثابة مجيء الله سبحانه، لكنه كان منزهاً عن الجسم ولوازمه فتجيء آثار جلاله(877).

* لو كان الباري تعالى جسماً لكان مركباً وكل مركب يحتاج إلى أحد يؤلّفه ويركّبه والله ليس قبله أحد حتى يكون هو المركِّب للإله فهذا يعني أنه تبارك وتعالى ليس بجسم(878).

* روى محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسين بن سعيد بن عبد الله بن المغيرة عن محمد بن زياد قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولاً عظيماً إلا إني أختصر لك منه أحرفاً، فزعم أن الله جسم لأن الأشياء شيئان: جسم وفعل الجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل فقال أبو عبد الله عليه السلام: «ويحه أما علم أن الجسم محدود متناه والصورة محدودة متناهية فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان وإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقاً»، قال: فقلت: فما أقول؟ قال عليه السلام: «لا جسم ولا صورة وهو مجسِّم الأجسام ومصوِّر الصور لم يتجزّأ ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ولا بين المنشِئ والمنشأ لكن هو المنشِئ فرق بين من جسّمه وصوّره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئاً» (879).

* ولو كان الباري عز وجل جسماً لوجب أن يحده حد تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.

* قال الإمام أبو إبراهيم عليه السلام: «لا أقول إنه قائم فأزيله عن مكانه، ولا

أحدُّه بمكان يكون فيه، ولا أحده في شيء من الأركان والجوارح، ولا أحدُّه بلفظِ شقِّ فم، ولكن كما قال الله تبارك وتعالى: *كن فيكون*، بمشيئته من غير تردد في نفس، صمداً فرداً لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه ولا يفتح له أبواب علمه» (880).

125أولو الأمر

س125: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: *أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم*(881)، من هم أولي الأمر؟ ولماذا قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله صلي الله عليه و اله ثم عطفها على أولي الأمر.

ج125: هم الأئمة الطاهرون عليهم السلام، كما ورد في تفسير الآية في كتب الشيعة والسنة. وإن الله تعالى إنما أمر بطاعة الرسول صلي الله عليه و اله لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية وكذلك الأئمة عليهم السلام.

* سئل جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله تعالى: *وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم* قال عليه السلام: «أولي الفقه والعلم» يقول الراوي: أ خاص أم عام؟ فقال عليه السلام: «بل خاص لنا» (882).

* عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: *وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم* قال عليه السلام: «الأئمة من ولد علي وفاطمة عليهم السلام إلى أن تقوم الساعة» (883).

* عن جابر الأنصاري قال سألت النبي صلي الله عليه و اله عن قوله *يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول* عرفنا الله ورسوله فمن أولي الأمر؟ قال صلي الله عليه و اله: «هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقيته فأقرئه مني السلام

ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ذاك الذي يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت على القول في إمامته إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان» (884).

* عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: «ما نزلت على رسول الله صلي الله عليه و اله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ودعا الله عز وجل أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله عزوجل، ولا علما أملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله عزوجل من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي وما كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله تبارك وتعالى بأن يملأ قلبي علما وفهما وحكمة ونورا، ولم أنس من ذلك شيئا، ولم يفتني من ذلك شيء لم أكتبه، فقلت: يا رسول الله أ تتخوف عليَّ النسيان فيما بعد؟ فقال صلي الله عليه و اله: لست أتخوف عليك نسياناً ولا جهلاً وقد أخبرني ربي عزوجل أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عزوجل بنفسه وبي فقال: *أَطيعوا اللَّه وأَطيعوا الرَّسول وأولي الأَمر منكم* فقلت: يا رسول الله ومن هم؟ فقال: الأوصياء مني إلى أن يردوا عليَّ

الحوض، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، فبهم تنصر أمتي، وبهم يمطرون، وبهم يدفع عنهم البلاء، وبهم يستجاب دعاؤهم، فقلت: يا رسول الله سمهم لي، فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له علي سيولد في حياتك، فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر إماما، فقلت: بأبي أنت وأمي فسمهم لي فسماهم رجلاً رَجلاً، فقال: فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم» (885).

* عن أبي محمد العسكري عن آبائه عن الباقر عليه السلام قال: «أوصى النبي صلي الله عليه و اله إلى علي والحسن والحسين عليهم السلام ثم قال في قول الله: *يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم* قال صلي الله عليه و اله: الأئمة من ولد علي وفاطمة إلى أن تقوم الساعة» (886).

* عن أبان أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: فسألته عن قول الله: *يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم* فقال عليه السلام: «ذلك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه»، ثم سكت فلما طال سكوته قلت: ثم من؟ قال عليه السلام: «ثم الحسن عليه السلام »، ثم سكت فلما طال سكوته قلت: ثم من؟ قال عليه السلام: «الحسين» قلت: ثم من؟ قال: «ثم علي بن الحسين»، وسكت فلم يزل يسكت عن كل واحد حتى أعيد المسألة، حتى سمَّاهم إلى آخرهم(887).

* عن

عمران الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إنكم أخذتم هذا الأمر من جذوة (يعني من أصله) عن قول الله: *أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم* ومن قول رسول الله صلي الله عليه و اله: ما إن تمسكتم به لن تضلوا، لا من قول فلان ولا من قول فلان» (888).

126البعوضة مثلا

س126: ما تفسيرنا للآية الكريمة: *إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها*(889)؟

ج126: المثل مهما كان صغيراً فإنه يوجب توضيح المطلب، فالله سبحانه وتعالى لا يستحي أن يأتي بالمثل مهما كان صغيراً.

* جاء في تفسير الإمام عليه السلام *إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها* الآية، قال الباقر عليه السلام: «فلما قال الله: *يا أيها الناس ضرب مثل* وذكر الذباب في قوله: *إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا* الآية(890) ولما قال: *مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت* الآية(891)، وضرب مثلا في هذه السورة بالذي استوقد نارا(892) وبالصيب من السماء(893) قالت الكفار والنواصب: وما هذا من الأمثال فيضرب، يريدون به الطعن على رسول الله صلي الله عليه و اله، فقال الله: يا محمد إن الله *لا يستحيي* أي لا يترك حياء أن يضرب مثلا للحق يوضحه به عند عباده المؤمنين *ما بعوضة* ما هو بعوضة المثل فما فوقها، فوق البعوضة، وهو الذباب يضرب به المثل إذا علم أن فيه صلاح عباده ونفعهم، فأما الذين آمنوا بالله وبولاية محمد وعلي وآلهما الطيبين وسلم لرسول الله صلي الله عليه و اله وللأئمة عليهم السلام أحكامهم وأخبارهم وأحوالهم، ولم يقابلهم في أمورهم، ولم يتعاط الدخول في أسرارهم، ولم يفش شيئا مما يقف عليه

منها إلا بإذنهم، فيعلمون يعلم هؤلاء المؤمنون الذين هذه صفتهم أنه المثل المضروب الحق من ربهم أراد به الحق وإبانته والكشف عنه وإيضاحه، وأما الذين كفروا بمحمد بمعارضتهم له في علي بلم وكيف، وتركهم الانقياد له في سائر ما أمر به فيقولون: *ما ذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا* يقول الذين كفروا إن الله يضل بهذا المثل كثيرا ويهدي به كثيرا أي فلا معنى للمثل، لأنه وإن نفع به من يهديه فهو يضر به من يضله، فرد الله تعالى عليهم قيلهم فقال: *وما يضل به* أي وما يضل الله بالمثل إلا الفاسقين الجانين على أنفسهم بترك تأمله وبوضعه على خلاف ما أمر الله بوضعه عليه» (894).

127كتبكم ومؤلفاتكم

س127: ما عدد الكتب المخطوطة التي من تأليف سماحتكم؟ وإن أمكن ذكر أسماء بعض هذه المخطوطات. وشكراً

ج127: المخطوطات إذا طبعت صارت في محل الاستفادة، أما وهي بعد لم تطبع، فنرجو الله تعالى أن يوفقنا لطبعها(895).

128ليست هكذا

س128: ما تفسيرنا لقوله تعالى: *وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم*؟ علماً أن *إياكم* أداة تحذير؟

ج128: ليست الآية الكريمة هكذا، بل هي قوله تعالى: *يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم*(896)، وقد جاء في تفسير الآية: *يخرجون الرسول وإياكم* أي: من مكة، وهو حال من كفروا، أو استئناف لبيانه: *أن تؤمنوا بالله ربكم* لأن تؤمنوا به(897)، وبذلك يكون معنى: *إياكم* هنا ليس التحذير بل هي ضمير نصب معطوف على قوله: *الرسول* أي يخرجون الرسول ويخرجونكم من مكة، ثم استأنف سبحانه وتعالى معللاً ذلك بقوله: *أن تؤمنوا بالله ربكم*، فتدبر الآية وافهم ولا تقرأها كما قرأ أحدهم قوله: *لا تقربوا الصلاة* وسكت عن تمام الآية الكريمة: *وأنتم سكارى*(898).

129الإمام المنتظر عليه السلام

س129: حين يظهر الإمام المنتظر عليه السلام هل يحارب ويقتل الكافرين حتى يستتب الأمر له أم لا يحارب، وإذا كان من المحاربين فهل يستعمل القنابل الهيدروجينية وما شابه ذلك؟

ج129: إن الإمام عليه السلام يحارب، بوسيلة يتغلب بها على أهل العالم، أما هل إن الأسلحة الحديثة موجودة في ذلك الوقت أم دُمرت كلها من جهة حرب إبادة تقدمت ظهور الإمام عليه السلام؟ فذلك مما لا يمكن التكهن به.

* عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «إذا خرج القائم عليه السلام لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف، ما يأخذ منها إلا السيف، وما يستعجلون بخروج القائم عليه السلام فو الله ما طعامه إلا الشعير الجشب ولا لباسه إلا الغليظ» (899).

* عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن القائم فقال عليه السلام: «كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجي ء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان» (900).

*

عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل إنه قال: «إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عزوجل» (901).

* عن جابر قال: قال لي محمد بن علي عليه السلام: «يا جابر إن لبني العباس راية ولغيرهم رايات فإياك ثم إياك ثم إياك ثلاثاً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين عليه السلام يبايع له بين الركن والمقام معه سلاح رسول الله صلي الله عليه و اله ومغفر رسول الله صلي الله عليه و اله ودرع رسول الله صلي الله عليه و اله وسيف رسول الله صلي الله عليه و اله » (902).

* عن جابر قال: سمعت أبا سلمى راعي النبي صلي الله عليه و اله يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: «ليلة أسري بي إلى السماء قال الرب عزوجل:*آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه*، قلت: *والمؤمنون*(903)، قال: صدقت يا محمد من خلفت على أمتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب، فقال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت ثانية فاخترت علياً فشققت له اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري، يا محمد إني عرضت ولايتكم

على أهل السماوات والأرضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان عندي من الظالمين يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، قال: التفت، فالتفت عن يمين العرش فإذا أنا باسم علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري، فقال: يا محمد هؤلاء حججي على خلقي وهذا القائم من ولدك بالسيف والمنتقم من أعدائك» (904).

* سئل الإمام الصادق عليه السلام عن هذه الآية: *يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون*(905)، فقال عليه السلام: «الآيات هم الأئمة والآية المنتظرة هو القائم المهدي عليه السلام فإذا قام لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدم من آبائه عليهم السلام » (906).

130تفرق العلماء

س130: ما يكون الجواب إذا قال أحد المغرضين بإن العلماء متفرقون، والعداء بينهم واضح، وبما أنهم عماد الأمة ويعملون هكذا فكيف بأفراد المسلمين؟

ج130: إذا قصد تفرق المراجع فذلك مما لا علم لي به، بل العكس فإنني لم أجد مرجعاً يهاجم مرجعاً أو ينتقص من آخر، أما إذا قصد تفرق بعض أهل العلم فإن المعلوم أن أهل العلم ليسوا جميعاً ذوي عصمة.

* عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «سل العلماء ما جهلت وإياك أن تسألهم تعنُّتاً وتجربة وإياك أن تعمل برأيك شيئاً وخذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلاً واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك عتبة للناس» (907).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «جلوس ساعة عند العلماء أحب إلى الله من عبادة ألف سنة، والنظر

إلى العالم أحب إلى الله من اعتكاف سنة في البيت» (908).

131المغبون والمغبوط والملعون

س131: ما معنى قول الإمام الصادق عليه السلام: «من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون» (909)؟

ج131: معناه أن يتقدم الإنسان إلى أمام كل يوم، مثلا كان في الأمس ذا دينار، فإن صار في اليوم التالي ذا دينارين كان متقدما، وإن بقي ذا دينار كان مغبونا، وإن صار ذا نصف دينار فهو متأخر. وكذلك في كل الأمور المادية والمعنوية، وإن التقدم يكون بزيادة العلم والعمل والمال.

* عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «العاقل من كان يومه خيراً من أمسه وعقل الذم عن نفسه» (910).

* وقال عليه السلام: «إن العاقل من نظر في يومه لغده وسعى في فكاك نفسه وعمل لما لا بد له منه ولا محيص له عنه» (911).

* وقال عليه السلام: «لا تؤخر عمل يوم إلى غد وامض لكل يوم عمله» (912).

* عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: «من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان يومه الذي هو فيه خيراً من أمسه الذي ارتحل عنه فهو مغبوط» (913).

* وعنه عليه السلام قال: «ملعون مغبون من غبن عمره يوما بعد يوم ومغبوط محسود من كان يومه الذي هو فيه خيراً من أمسه الذي ارتحل عنه» (914).

* عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة» (915).

* كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: «أظهر اليأس من الناس» إلى أن قال عليه السلام: «وإن استطعت أن تكون اليوم خيراً منك أمس وغدا خيراً منك اليوم فافعل» (916).

* عن أمير المؤمنين الإمام

علي بن أبي طالب عليه السلام: «ما المغبوط إلا من كانت همته نفسه لا يغبها عن محاسبتها ومطالبتها ومجاهدتها» (917).

132الرضا والسخط

س132:ما تفسيرنا للقول المأثور عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، والذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق» (918)؟

ج132: الحديث واضح، فإن من الناس إذا ما رضي أعطى ومدح ما ليس بحق، وإذا سخط منع وذم ما ليس بحق، ومثلا إذا كان اللازم أن يعطي كل فقير ديناراً نراه يعطي دينارين لمن يرضيه، فإذا غضب عليه منعه حتى من الدينار، وكذلك بعض الناس إذا كان يبتغي وجه الله ورضاه فلا يمنعه أحد من مساعدة المحتاج ولو كان ذلك المحتاج عدواً له، كما كان النبي صلي الله عليه و اله يقابل الإساءة بالإحسان.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (919).

* عن أبي البختري رفعه قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إذا قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ» (920).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «المؤمن حليم لا يجهل، وإن جُهل عليه يحلم، ولا يظلم وإن ظُلِمَ غفر، ولا يبخل وإن بخل عليه صبر» (921).

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن» (922).

* عن علي بن الحسين عليه السلام قال: «المؤمن يصمت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء، ولا يعمل شيئا من الخير رياء، ولا يتركه حياء، إن زكي

خاف مما يقولون، ويستغفر الله لما لا يعلمون، لا يغره قول من جهله، ويخاف إحصاء ما عمله» (923).

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «كلمتان غريبتان فاحتملوهما: كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها» (924).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «المؤمن حسن المعونة، خفيف المئونة، جيد التدبير لمعيشته، ولا يلسع من جحر مرتين» (925).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سئل النبي صلي الله عليه و اله عن خيار العباد؟، فقال صلي الله عليه و اله: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا» (926).

133قوة الإمام علي عليه السلام

س133: بأية قوة قلع الإمام علي عليه السلام باب خيبر؟

ج133: بقوة إعجازية (إلهية).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام في رسالته إلى سهل بن حنيف: «والله ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية ولا حركة غذائية ولكنني أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة» (927).

* وقال عليه السلام أيضاً: «والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية ولكن بقوة ربانية» (928).

* قال علي عليه السلام: «والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية لكن بقوة إلهية» (929).

* أركبه رسول الله صلي الله عليه و اله يوم خيبر وعممه بيده وألبسه ثيابه وأركبه بغلته ثم قال صلي الله عليه و اله: «امض يا علي وجبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك وعزرائيل أمامك وإسرافيل وراءك ونصر الله فوقك ودعائي خلفك» وخبر النبي صلي الله عليه و اله رميه باب خيبر أربعين ذراعا فقال صلي الله عليه و اله: «والذي نفسي بيده لقد أعانه عليه أربعون ملكا» (930).

* عبد الله بن أبي أوفى عن رسول

الله صلي الله عليه و اله أنه لما فتحت خيبر قالوا له: إن بها حبراً قد مضى له من العمر مائة سنة وعنده علم التوراة فأحضر بين يديه وقال صلي الله عليه و اله له: «اصدقني بصورة ذكري في التوراة وإلا ضربت عنقك» قال: فانهملت عيناه بالدموع وقال له: إن صدقتك قتلتني قومي وإن كذبتك قتلتني قال صلي الله عليه و اله له: «قل وأنت في أمان الله وأماني» قال له الحبر: أريد الخلوة بك، قال صلي الله عليه و اله له: أريد أن تقول جهرا« قال: إن في سفر من أسفار التوراة اسمك ونعتك وأتباعك وأنك تخرج من جبل فاران وينادى بك باسمك على كل منبر فرأيت في علامتك بين كتفيك خاتما تختم به النبوة أي لا نبي بعدك ومن ولدك أحد عشر سبطا يخرجون من ابن عمك واسمه علي ويبلغ ملكك المشرق والمغرب وتفتح خيبر وتقلع بابها ثم تعبر الجيش على الكف والزند فإن كان فيك هذه الصفات آمنت بك وأسلمت على يدك قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أيها الحبر أما الشامة فهي لي وأما العلامة فهي لناصري علي بن أبي طالب عليه السلام» قال: فالتفت إليه الحبر وإلى علي عليه السلام وقال: أنت قاتل مرحب الأعظم قال علي عليه السلام: بل الأحقر أنا جدلته بقوة الله وحوله وأنا معبر الجيش على زندي وكفي فعند ذلك، قال: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك معجزة وأنه يخرج منك أحد عشر نقيبا فاكتب لي عهدا لقومي فإنهم كنقباء بني إسرائيل أبناء داود عليه السلام فكتب له بذلك عهدا(931).

134اللوح المحفوظ

س134: ما هو اللوح المحفوظ، وما

هي مميزاته؟

ج134: هو لوح يكتب فيه مقدرات الكون، ولا يطلع عليه أحد إلا الله سبحانه وتعالى ومن شاء من عباده الصالحين.

* عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية *إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون*(932) فقال: إن أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون، وهي الدواة، ثم خلق الألواح فكتب الدنيا، وما يكون فيها حتى تفنى، من خلق مخلوق، وعمل معمول، من بر أو فجور، وما كان من رزق، حلال أو حرام، وما كان من رطب ويابس، ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه، دخوله في الدنيا متى، وبقاؤه فيها كم، وإلى كم يفنى، ثم وكل بذلك الكتاب الملائكة، ووكل بالخلق ملائكة، فتأتي ملائكة الخلق إلى ملائكة ذلك الكتاب فينسخون ما يكون في كل يوم وليلة مقسوم على ما وكلوا به، ثم يأتون إلى الناس فيحفظونهم بأمر الله ويستبقونهم إلى ما في أيديهم من تلك النسخ. فقام رجل فقال: يا ابن عباس ما كنا نرى هذا أ تكتب الملائكة في كل يوم وليلة؟ فقال ابن عباس: أ لستم قوما عربا *إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون* هل يستنسخ الشيء إلا من كتاب؟(933).

عن عبد الرحمن (عبد الرحيم) القصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن *ن والقلم*(934) قال عليه السلام: «إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد، ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر، وكان أشد بياضا من الثلج، وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب، قال: وما أكتب يا رب؟ قال: اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فكتب القلم في رق أشد بياضاً من الفضة، وأصفى من الياقوت، ثم طواه فجعله في ركن

العرش، ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها، أ وَلستم عرباً؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام، وأحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب أ وليس إنما ينسخ من كتاب أخذ من الأصل؟ وهو قوله: *إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون* » (935).

135حكم الكتابي وغير الكتابي

س135: ما حكم الكتابي وغير الكتابي؟ ثم ما حكم الأشياء التي يصنعها كل منهما؟

ج135: غير الكتابي نجس قولاً واحداً، أما الكتابي فالمشهور فيه النجاسة. وإذا صنعا شيئاً دون أن يلمساه برطوبة فهو طاهر وإلا فهو نجس، وإذا لم نعلم لمسه أم لا فالأصل الطهارة.

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «لا تأكل من ذبائح اليهود والنصارى ولا تأكل في آنيتهم» (936).

* عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صافح رجلاً مجوسياً قال: «يغسل يده و لا يتوضأ» (937).

* عن خالد القلانسي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ألقى الذمي فيصافحني؟، قال عليه السلام: «امسحها بالتراب وبالحائط»، قلت: فالناصب؟ قال عليه السلام: «اغسلها» . وهذا محمول على عدم الرطوبة، والمسح والغسل على الاستحباب(938).

* عن أبي بصير عن أحدهما* في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني، قال: «من وراء الثوب، فإن صافحك بيده فاغسل يدك» (939).

* سئل جعفر بن محمد عليه السلام عن ثياب المشركين أ يصلى فيها؟ قال عليه السلام: «لا» . ورخصوا عليهم السلام في الصلاة في الثياب التي يعملها المشركون ما لم يلبسوها أو يظهر فيه نجاسة(940).

136الإذن بالحرب

س136: متى يأذن الإسلام بالحرب؟ وهل هناك شروط في ذلك؟

ج136: الحرب الإسلامية مذكورة في كتاب الجهاد من (أحكام الإسلام)، فراجعوه بهذا الشأن.

* ورد في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسن المجتبى عليه السلام أنه قال: «اللهَ الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم، فإنما يجاهد في الله رجلان: إمام هدىً أو مطيع له مقتد بهداه» (941).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «الجهاد فرض على جميع المسلمين، لقول الله: *كتب عليكم القتال*(942) فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه،

ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوا حتى يكتفوا، قال الله عزوجل *وما كان المؤمنون لينفروا كافة*(943) وإن دهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم، قال الله عزوجل: *انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله*(944)» (945).

* عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال في قول الله *انفروا خفافا وثقالا* قال: «شبانا وشيوخا» (946).

* عن جعفر بن محمد عن أبيه* قال: «القتل قتلان: قتل كفارة وقتل درجة، والقتال قتالان: قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا وقتال الفئة الباغية حتى يفيئوا» (947).

* عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث قال: «والجهاد واجب مع إمام عادل» (948).

* عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهاد سنة أم فريضة؟ فقال عليه السلام: «الجهاد على أربعة أوجه فجهادان فرض وجهاد سنة لا يقام إلا مع الفرض، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عزوجل، وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأمة، وهو سنة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم، وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنها إحياء سنة وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شي ء» (949).

* عن أبي عبد الله عليه

السلام قال سأل رجل أبي عليه السلام عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام و كان السائل من محبينا، فقال له أبو جعفر عليه السلام: «بعث الله محمدا صلي الله عليه و اله بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، *فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا*(950)، وسيف منها مكفوف، وسيف منها مغمود سلُّهُ إلى غيرنا وحكمه إلينا، وأما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب، قال الله عزوجل: *فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا*(951) يعني آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، وأموالهم و ذراريهم سبي على ما سن رسول الله صلي الله عليه و اله فإنه سبى و عفا وقبل الفداء، والسيف الثاني على أهل الذمة، قال الله تعالى: *وقولوا للناس حسنا*(952)، نزلت هذه الآية في أهل الذمة ثم نسخها قوله عزوجل: *قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون*(953) فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل، ومالهم في ء، وذراريهم سبي، وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم، وحرمت أموالهم، وحلت لنا مناكحتهم، ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم وأموالهم، ولم تحل لنا مناكحتهم، ولم يقبل منهم إلا الدخول في دار الإسلام أو الجزية

أو القتل، والسيف الثالث سيف على مشركي العجم (يعني الترك والديلم والخزر) قال الله عزوجل في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم ثم قال: *فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها*(954) فأما قوله: *فإما منا بعد* يعني بعد السبي منهم، *وإما فداء* يعني المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام، فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، ولا يحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب، و أما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال الله عزوجل: *وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي ء إلى أمر الله*(955)» (956).

137التأمين والتأميم

س137: ما قولكم في التأمين والتأميم؟

ج137: التأمين حلال، إذا لم يكن مشتملاً على ما يخالف الشرع. والتأميم برضى أصحاب الملك حلال، وبلا رضاهم حرام.

* عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن أخذ أرضا بغير حقها وبنى فيها؟ قال عليه السلام: «يرفع بناؤه وتسلم التربة إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حق» (957).

* ثم قال عليه السلام: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله من أخذ أرضاً بغير حق كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر» (958).

* و في حديث عن صاحب الزمان عليه السلام قال: «لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه» (959).

* عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير إذنه حتى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال: زرعت بغير إذني فزرعك لي وعليَّ ما أنفقت، أ له ذلك أم لا؟

فقال عليه السلام: «للزارع زرعه ولصاحب الأرض كراء أرضه» (960).

138راكب السفينة الفضائية

س138: كيف يؤدي الصلاة من كان راكباً في السفينة الفضائية، علماً بأن جسمه مرتبط بأجهزة دقيقة لا يمكن التلاعب بها؟ ولو فرضنا أنه يتمكن من أداء الصلاة فكيف يتوضأ مع دقة الأجهزة المربوطة به؟

ج138: يصلي كيفما يتمكن، وإذا تمكن من الوضوء فبها وإلا فيتيمم، فإن لم يتمكن من التيمم يصلي بلا طهارة ثم يقضيها بعد ذلك.

* عن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يُسأل عن الصلاة في السفينة، فيقول لسائله: «إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا فإن لم تقدروا فصلوا قياماً، فإن لم تقدروا فصلوا قعودا، وتحروا القبلة» (961).

139حكم البنوك

س139: ما حكم البنوك في الإسلام؟ وما حكم الأرباح التي تحصل عليها؟

ج139: البنوك الإسلامية حلال، أما الربوية فلا يجوز التعامل معها أخذاً وعطاءً لما فيها من الربا، وسائر معاملاتها الباقية حلال، إلا إذا كانت تخالف الشريعة.

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «شر المكاسب كسب الربا» (962).

* عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام أنه قال: «يأتيكم بعد الخمسين والمائة أمراء كفرة وأمناء خونة وعرفاء فسقة فتكثر التجار وتقل الأرباح ويفشو الربا» (963).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: «أخبث المكاسب كسب الربا» (964).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي هذه المكاسب الحرام والشهوة الخفية والربا» (965).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا اكتسب الرجل مالا من غير حله ثم حج فلبى، نودي لا لبيك ولا سعديك وإن كان من حله فلبى، نودي لبيك وسعديك» (966).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كسب الحرام يبين

في الذرية» (967).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنما حرم الله عزوجل الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف» (968).

140الإسلام والحضارة

س140: هل الإسلام يساير التقدم والركب الحضاري؟ مع الأدلة التي تثبت هذا.

ج140: الإسلام يتقدم على الركب الحضاري، إلا أن الإسلام كما في القرآن الحكيم: *وإن إلى ربك المنتهى*(969)، وقال عليه السلام: «من استوى يوماه فهو مغبون» (970).

* والإسلام متمثلاً برسول الله صلي الله عليه و اله وأوصيائه من بعده عليهم السلام أخبر عن وقائع لم تقع في وقت إخباره بها بل وقعت على مدى عصور تالية، بل إن هناك وقائع أخبر بها ولم تقع حتى الآن، ولكننا ننتظر وقوعها جازمين بأنها ستقع لا محالة، ومن ذلك الأحاديث والروايات التالية:

* قال النبي صلي الله عليه و اله: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» (971).

* وقال صلي الله عليه و اله: «الإسلام يزيد ولا ينقص» (972).

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً، وأعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً» (973).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «يأتي على الناس زمان من سأل الناس عاش، ومن سكت مات» قلت: فما أصنع إن أدركت ذلك الزمان؟ قال عليه السلام: «تعينهم بما عندك، فإن لم تجد فتجاهد» (974).

* عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يأتي على الناس زمان يشكون فيه ربهم» قلت: وكيف يشكون فيه ربهم؟ قال صلي الله عليه و اله: «يقول الرجل: والله ما ربحت شيئا منذ كذا وكذا، ولا آكل ولا أشرب إلا من رأس

مالي، ويحك وهل أصل مالك وذروته إلا من ربك» (975).

* عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يأتي على الناس زمان يذوب فيه قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الآنك في النار (يعني الرصاص)، وما ذاك إلا لما يرى من البلاء والأحداث في دينهم، ولا يستطيعون له غيرا» (976).

* قال صلي الله عليه و اله: «يأتي زمان على أمتي أمراؤهم يكونون على الجور، وعلماؤهم على الطمع، وعبّادهم على الرياء، وتجارهم على أكل الربا، ونساؤهم على زينة الدنيا، وغلمانهم في التزويج، فعند ذلك كساد أمتي ككساد الأسواق وليس فيها مستام، أمواتهم آيسون في قبورهم من خيرهم، ولا يعيش الأخيار فيهم، فإن في ذلك الزمان الهرب خير من القيام» (977).

* قال علي عليه السلام: «يأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، مساجدهم يومئذ عامرة من البنى خالية عن الهدى» (978).

141حكمة الأحكام الشرعية

س141: الرجاء توضيح العبارة التالية: (ولقد أجمعت الشيعة بعرض من مصادر الشريعة أن ليس هناك حكم شرعي إلا ويعبر من مصلحة واقعيّة وسنّة طبيعية، *ولن تجد لسنّة الله تبديلا*(979).

ج141: يعني أن كل حكم شرعي له حكمة ومصلحة، مثلاً: حكمة الوضوء النظافة ولذا يقول رسول الله صلي الله عليه و اله: «لو كان على باب أحدكم نهر فاغتسل في كل يوم منه خمس مرات أ كان يبقى في جسده من الدرن شيء» (980)، وحكمة الزكاة القضاء على الفقر كما قال أبو عبد الله عليه السلام: «إن الله عز وجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها وهي الزكاة» (981)، وحكمة الصيام صحة البدن كما

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «صوموا تصحوا» (982)، وحكمة الحج انتفاع المسلمين بعضهم ببعض، *ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات*(983)،وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «حجوا تستغنوا» (984).

142الإمام الكاظم عليه السلام والسجن

س142: كيف أدى الإمام الكاظم عليه السلام الواجب الملقى على عاتقه الشريف طالما كان سجيناً؟ وقس على ذلك باقي الأئمة عليهم السلام إلا القليل منهم ممن أدى رسالته؟

ج142: السجن قد يكون أداء للرسالة، وقد يكون أداء السجين للرسالة أكبر من أداء غيره، إذ يكون محفزاً للآخرين، كما قد تكون الشهادة أداء للرسالة أكثر من بقاء الذي يبقى ليخطب ويرشد.

* قال الله سبحانه وتعالى: *الله أعلم حيث يجعل رسالته*(985).

* عن علي بن سويد قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتابا أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة، فاحتبس الجواب عليَّ، ثم أجابني بجواب هذه نسخته: «بِسمِ اللَّهِ الرحمن الرحِيمِ، الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة، بالأعمال المختلفة، والأديان المتضادة، فمصيب ومخطئ، وضال ومهتد، وسميع وأصم، وبصير وأعمى حيران، فالحمد لله الذي عرف ووصف دينه محمداً صلي الله عليه و اله، أما بعد فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة، وحفظ مودة ما استرعاك من دينه وما ألهمك من رشدك، وبصرك من أمر دينك، وبتفضيلك إياهم وبردك الأمور إليهم كتبت تسألني عن أمور كنت منها في تقيَّة ومن كتمانها في سعة فلما انقضى سلطان الجبابرة وجاء سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها، العتاة على خالقهم، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة

أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم، فاتق الله جل ذكره وخص بذلك الأمر أهله، واحذر أن تكون سبب بلية الأوصياء، أو حارشا عليهم بإفشاء ما استودعتك وإظهار ما استكتمتك، ولن تفعل إن شاء الله، إن أول ما أنهي إليك أني أنعى إليك نفسي في لياليَّ هذه، غير جازع، ولا نادم، ولا شاك فيما هو كائن مما قد قضى الله جل وعز وحتم، فاستمسك بعروة الدين آل محمد، والعروة الوثقى الوصي بعد الوصي، والمسالمة لهم، والرضا بما قالوا، ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك، ولا تحبن دينهم، فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله، وخانوا أماناتهم، وتدري ما خانوا؟ أماناتهم، ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه، ودلوا على ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم، ف_ *أذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون*(986) وسألت عن…» الخبر(987)، فكان الإمام صلوات الله وسلامه عليه يوصي متبعيه ويجيب عن أسئلتهم وإن كان عليه السلام في السجن.

143لماذا خلق الله الحشرات

س143: لماذا خلق الله الحشرات، طالما هي ضارة جدا، ولعلها في بعض الأحيان تودي بحياة الإنسان؟

ج143: الحشرات طعام لقسم كبير من الحيوانات كالطيور والأسماك وغيرها، كما ذكروا في كتب الحيوان. وإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يخلق الشيء الضار فإن معنى ذلك أن لا يخلق أكثر ذوات الأرواح وغيرها، والحاصل أن المصلحة في الخلق أقوى من المفسدة.

* ثم إن هناك حكمة أخرى في خلق الله للحشرات الصغيرة كالذباب وغيره يبينها لنا الحديث الآتي:

* قال المنصور الدوانيقي يوماً لأبي عبد الله عليه السلام وقد وقع على المنصور ذباب فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه فقال: يا أبا عبد الله لأي شيء خلق الله عز وجل

الذباب؟ فقال عليه السلام: «ليذل به الجبارين» (988).

* وهناك حكم عديدة أخرى، مثل الحديث الذي روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «لولا ما يقع من الذباب على طعام الناس ما وجد فيهم إلا مجذوما» (989).

144سيف الله المسلول

س144: ما معنى كلمة (سيف الله المسلول)، ومن جاء بها، ثم هل من الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه و اله خص هذه الكلمة بخالد بن الوليد؟ مع الدليل إن أمكن.

ج144: هذه الكلمة من صفات أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام كما في الأحاديث، أما خالد بن الوليد ففضائحه قبل الإسلام وبعده كثيرة وهو لا يستحق وسام (المؤمن) ناهيك عن (سيف الله المسلول)، وقد أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر بقتله وعزله حين قتل مالك بن نويرة وضاجع امرأته من ليلته، وقال عمر مخاطباً خالد بن الوليد: لئن وليتُ الأمر لأقيدنك له(990)، وما ارتكبه من فضائع مذكورة في التاريخ.

* قال أمير المؤمنين: «أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه» (991).

* عن محمد بن علي عن أبيه عن الحسين بن علي عن أبيه عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي حجة الله وحجتي وباب الله وبابي وصفي الله وصفيي وحبيب الله وحبيبي وخليل الله وخليلي وسيف الله وسيفي وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي حجته حجتي ومبغضه مبغضي ووليه وليي وعدوه عدوي وزوجته ابنتي وولده ولدي وحربه حربي وقوله قولي وأمره أمري وهو سيد الوصيين وخير أمتي» (992).

* عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «المخالف على علي بن أبي طالب بعدي كافر والمشرك به مشرك والمحب له مؤمن والمبغض

له منافق والمقتفي لأثره لاحق والمحارب له مارق والراد عليه زاهق علي نور الله في بلاده وحجته على عباده، علي سيف الله على أعدائه ووارث علم أنبيائه علي كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلى علي سيد الأوصياء ووصي سيد الأنبياء علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وإمام المسلمين لا يقبل الله الإيمان إلا بولايته وطاعته» (993).

* عن ابن عباس قال: دعا رسول الله صلي الله عليه و اله ذات يوم فقال: «اللهم آنس وحشتي واعطف على ابن عمي علي» فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: قد فعلت ما سألت وأيدتك بعلي وهو سيف الله على أعدائي وسيبلغ دينك ما يبلغ الليل والنهار(994).

145التقية

س145: ما معنى التقية، وهل هي واجبة في مثل هذه الأيام العصيبة، وإذا لم تكن واجبة فمتى تكون واجبة؟

ج145: قال الله تعالى: *إلا أن تتقوا منهم تقاة*(995)، والتقية جاءت لحفظ النفس أو المال أو العرض، وهي واجبة إذا وجدت شرائطها، وقد فصلنا الكلام حولها في بعض كتبنا.

* عن المعلى بن خنيس قال: قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «يا معلى أكتم أمرنا لا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله في الدنيا وجعله نورا بين عينيه يقوده إلى الجنة، يا معلى إن التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لأمرنا كالجاحد له» (996).

* قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: *أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا*(997) قال: «بما صبروا على التقية»، و*يدرؤون بالحسنة السيئة*(998) قال عليه السلام: «الحسنة التقية والسيئة

الإذاعة» (999).

* وقال عليه السلام أيضاً: «التقية تُرس المؤمن والتقية حرز المؤمن ولا إيمان لمن لا تقية له» (1000).

* عن أبي عمر الأعجمي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شي ء إلا في النبيذ والمسح على الخفين» (1001).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن

لا تقية له إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير لو أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شي ء إلا أكلته ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم في السر والعلانية رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا» (1002).

146كيفية تزويج ابني آدم عليه السلام

س146: الرجاء من سماحتكم ذكر الرواية الصحيحة التي تبين كيفية تزويج ابني آدم عليه السلام.

ج146: إن الله تعالى خلق امرأتين، لا من آدم وحواء، فتزوج بهما هابيل وقابيل فصار أولادهم أبناء عم، فتزوج بعضهم ببعض.

* عن عمرو بن أبي المقدام قال: سألت مولاي أبا جعفر عليه السلام: كيف زوّج آدم وُلده؟ قال عليه السلام: «أي شيء يقول هذا الخلق المنكوس» ؟ قلت: يقولون إنه إذا كان ولد آدم ولداً جعل بينهما بطناً بطناً ثم يزوج بطنه من البطن الآخر. فقال عليه السلام: «كذبوا هذه المجوسية محضاً، أخبرني أبي عن جده صلي الله عليه و اله قال: لما وُهب آدمُ هابيل وهبة الله بعث إليهما حوراءين: ناعمة ومُدية، وأمره أن يزوج ناعمة من هابيل ومدية من هبة الله، فزوجهما إياهما فتزاوجا فكانت تزويج بنات العم» (1003).

* عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا

عبد الله عليه السلام عن آدم أبي البشر أ كان زوَّج ابنته من ابنه؟ فقال عليه السلام: «معاذ الله والله لو فعل ذلك آدم عليه السلام لما رغب عنه رسول الله صلي الله عليه و اله، وما كان آدم إلا على دين رسول الله صلي الله عليه و اله » فقلت: وهذا الخلق من ولد من هم ولم يكن إلا آدم وحواء لأن الله تعالى يقول: *يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساءً*(1004) فأخبرنا أن هذا الخلق من آدم وحواء*؟ فقال عليه السلام: «صدق الله وبلغت رسله وأنا على ذلك من الشاهدين» فقلت: ففسر لي يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم وحواء إلى الأرض وجمع بينهما ولدت حواء بنتاً فسماها عناقا فكانت أول من بغى على وجه الأرض فسلط الله عليها ذئبا كالفيل ونسرا كالحمار فقتلاها، ثم ولد له أثر عناق قابيل بن آدم، فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجل أظهر الله عزوجل جنية من ولد الجان يقال لها (جهانة) في صورة إنسية، فلما رآها قابيل ومقها، فأوحى الله إلى آدم أن زوج جهانة من قابيل فزوجها من قابيل، ثم ولد لآدم هابيل، فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجل أهبط الله إلى آدم حوراء واسمها (ترك الحوراء) فلما رآها هابيل ومقها، فأوحى الله إلى آدم أن زوج تركا من هابيل، ففعل ذلك فكانت ترك الحوراء زوجه هابيل بن آدم..» الخبر(1005).

147المحيبس والمنضدة

س147: ما قولكم بلعبة (المحيبس) وكذلك لعبة (المنضدة)؟

ج147: إذا لم يكن فيهما رهان فهما مكروهان، وإذا كان فيهما رهان فهما حرام.

* عن أمير المؤمنين عليه السلام

أنه قال: «المؤمن يعاف اللهو ويألف الجد» (1006).

* وعنه عليه السلام قال: «أفضل العقل مجانبة اللهو» (1007).

* وعنه عليه السلام قال: «إن كنتم للنجاة طالبين فارفضوا الغفلة واللهو والزموا الاجتهاد والجد» (1008).

* وعنه عليه السلام قال: «اهجر اللهو فإنك لم تخلق عبثا فتلهو ولم تترك سدى فتلغو» (1009).

* وعنه عليه السلام قال: «من غلب عليه اللهو بطل جده» (1010).

* وعنه عليه السلام قال: «أول اللهو لعب وآخره حرب» (1011).

* وعنه عليه السلام قال: «مجالس اللهو تفسد الإيمان» (1012).

* وعنه عليه السلام قال: «لا تغرنك العاجلة بزور الملاهي فإن اللهو ينقطع ويلزمك ما اكتسبت من المآثم» (1013).

* قال الإمام أبو جعفر عليه السلام: «لما أنزل الله عز وجل على رسوله صلي الله عليه و اله: *إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه*(1014) قيل: يا رسول الله ما الميسر؟ قال صلي الله عليه و اله: كل ما تقومر به حتى الكعاب والجوز» (1015).

* قال الصادق عليه السلام: «إن الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل» (1016).

148التجسس

س148: هل يجوز التجسس إذا كان في صالح الإسلام، ولو أن الفرد المتجسس لاقى أضرارا؟

ج148: الفحص عن الأمور لنفع الإسلام والمسلمين جائز، ويلزم أن يلاحظ هل الفحص أهم في نظر الشارع أم عدم التضرر؟ فيقدم الأهم على المهم.

* عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: *والعاديات ضبحا*(1017) قال عليه السلام: «وجه رسول الله صلي الله عليه و اله عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه فلما انتهى إلى النبي صلي الله عليه و اله قال لعلي

عليه السلام: أنت صاحب القوم فتهيأ أنت ومن تريد من فرسان المهاجرين والأنصار، فوجهه رسول الله صلي الله عليه و اله فقال له: اكمن النهار وسر الليل ولا تفارقك العين» قال عليه السلام: «فانتهى علي عليه السلام إلى ما أمره به رسول الله صلي الله عليه و اله فسار إليهم فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم فأنزل الله على نبيه صلي الله عليه و اله *والعاديات ضبحا* إلى آخرها» (1018).

بيان (لا يفارقك العين): أي ليكن معك جواسيس ينظرون لئلا يكمن لك العدو.

* عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه رأى بعثة العيون والطلائع بين يدي الجيوش، وقال عليه السلام: «إن رسول الله صلي الله عليه و اله بعث عام الحديبية بين يديه عينا له من خزاعة» (1019).

149الصلاة في المدارس الحكومية

س149: من صلى في المدارس الحكومية وهو لا يعلم حرمة الصلاة فيها، ما حكمكم في الصلاة التي صلاها في الماضي؟

ج149: صلاته صحيحة وليست الصلاة في المدارس الحكومية باطلة إلا إذا كانت مغصوبة أو نحو ذلك.

* قال الصادق عليه السلام: «لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق» (1020).

* عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل قال: «يا كميل انظر في ما تصلي وعلى ما تصلي إن لم يكن من وجهه وحله فلا قبول» (1021).

* عن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال في خطبة الوداع: «أيها الناس إنما المؤمنون إخوة

ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه» (1022).

150سبب عدم جواز الصلاة في المدارس والدوائر الحكومية

س150: أرجو من سماحتكم بيان السبب في عدم جواز الصلاة في المدارس والدوائر الحكومية إلا بإذن المرجع، وجوازها في كنائس النصارى وصوامع اليهود بدون إذن من المرجع؟

ج150: إذا كانت المدارس والدوائر مجهولة المالك فتحتاج إلى الإذن، أما الكنائس والصوامع فأصحابها معلومون، وهم راضون بالصلاة فيها.

151الإذن بالصلاة في المدارس والدوائر الحكومية

س151: أرجو من سيادتكم التفضل بإعطاء إذن في الوضوء والصلاة في المدارس الحكومية والدوائر الرسمية.

ج151: لا بأس بذلك، والله الموفق.

152الأدوية

س152: ما حكمكم في الدواء الذي يجلب من بلاد الكفر؟

ج152: لا بأس به إلاّ إذا علمنا بأنه حرام.

* عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: «من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال وما حرمناه من ذلك فهو حرام» (1023).

* قال جعفر بن محمد عليه السلام: «نهى رسول الله صلي الله عليه و اله عن الدواء الخبيث أن

يتداوى به» (1024).

* عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواء عجن بالخمر؟ فقال عليه السلام: «لا والله ما أحب أن أنظر إليه فكيف أتداوى به إنه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير وإن أناساً ليتداوون به» (1025).

* عن قائد بن طلحة أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن النبيذ يجعل في الدواء؟ قال عليه السلام: «لا ينبغي لأحد أن يستشفي بالحرام» (1026).

* عن الحلبي قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن دواء عجن بخمر؟ فقال عليه السلام: «ما أحب أن أنظر إليه ولا أشمه فكيف أتداوى به» (1027).

153المرطبات التي لا تذوب إلا بالكحول

س153: ما حكمكم في المرطبات (السائلة) التي لا تذوب إلا بالكحول؟

ج153: إذا لم نعلم بحرمة الكحول، لا بأس بالمرطبات.

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «كل شي ء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (1028).

* عن مولى حر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له: إني أصنع الأشربة من العسل وغيره فإنهم يكلفونني صنعتها فأصنعها لهم، فقال عليه السلام: «اصنعها وادفعها إليهم وهي حلال من قبل أن تصير مسكرا» (1029).

154الأناشيد الوطنية

س154: ما رأيكم في الأناشيد الوطنية والحماسية المسموعة من المذياع؟، لا سيما وأن الاتحاد الوطني لطلبة العراق - فرع كربلاء المقدسة - قرر أن يقيم إذاعة خاصة بمدرستنا تهدف إلى ما أسماه ب_(الارتياح النفسي للأفراد، وخلق جو ديني) أسوة بالمدارس النموذجية في بغداد.

ج154: إذا لم تكن غناء ولا جهة أخرى محرمة فيها فلا بأس بها.

* عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: *فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور*(1030)، قال عليه السلام: «الغناء» (1031).

* عن إبراهيم بن محمد المدني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الغناء وأنا حاضر فقال عليه السلام: «لا تدخلوا بيوتاً، الله معرض عن أهلها» (1032).

* عن أبي الحسن عليه السلام قال: «من نزه نفسه عن الغناء فإن في الجنة شجرة يأمر الله عزوجل الرياح أن تحركها فيسمع لها صوتاً لم يسمع بمثله ومن لم يتنزه عنه لم يسمعه» (1033).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع» (1034).

* قال أبو عبد الله عليه السلام: «بيت الغناء لا تؤمن

فيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا يدخله الملك» (1035).

155الغفران.. لمن؟

س155: ما المقصود من الآية الكريمة: *إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء*(1036)؟

ج155: إن الإنسان إذا مات مشركاً لا يغفر له، أما إذا مات عاصياً، فإن الله سبحانه يغفر لمن يشاء.

* عن النبي صلي الله عليه و اله قال: «أكبر الكبائر أن تجعلوا لله ندا وهو خلقكم» (1037).

* عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «أكبر الكبائر الإشراك بالله، يقول الله: *من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة*(1038)» الخبر(1039).

* سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز و جل: *إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء* هل تدخل الكبائر في مشيئة الله؟ قال عليه السلام: «نعم ذاك إليه عزوجل إن شاء عذب عليها وإن شاء عفا» (1040).

* عن سيف بن عميرة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام أ يجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال عليه السلام: «لا» (1041).

* عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن رجلا أتى النبي صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله أوصني فقال صلي الله عليه و اله: «لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان» (1042).

156ومكروا ومكر الله

س156: ما تفسير قوله تعالى: *ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين*(1043) هل الله ماكر حقّاً؟

ج156: المكر معناه العلاج - علاج الأمر - بالمعالجة الخفية التي لا تظهر، ولا مانع من أن الله سبحانه وتعالى يهلك العتاة ويستأصلهم بالأسباب الخفية.

* قال أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: «من أمن مكر الله هلك» (1044).

* وقال عليه السلام أيضاً: «من أمن مكر الله بطل أمانه - إيمانه -

» (1045).

* وقال أبو عبد الله عليه السلام: «إن من الكبائر عقوق الوالدين، واليأس من رَوح الله، والأمن من مكر الله» (1046).

157دفن القرآن الكريم مع الميت

س157: ما العلة في دفن القرآن الكريم مع الميت؟

ج157: للبركة ودفع العذاب عنه.

* عن الحسن بن عبد الله الصيرفي عن أبيه في حديث: أن موسى بن جعفر عليه السلام كفن بكفن فيه حبرة استعملت له بألفين وخمسمائة دينار عليها القرآن كله(1047).

* عن علي بن أحمد الدلال القمي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن عثمان (يعني وكيل مولانا المهدي عليه السلام) لأسلم عليه فوجدته وبين يديه ساجة ونقَّاش ينقش عليها ويكتب عليها آياً من القرآن وأسماء الأئمة عليهم السلام على جوانبها، فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة؟ فقال لي: هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها (أو قال: أسند إليها) وقد فرغت منه وأنا كل يوم أنزل إليه وأقرأ أجزاء من القرآن فيه وأصعد(1048).

158المعلبات المستوردة

س158: ما رأيكم في المعلبات التي تستورد من بلاد الكفر، من ناحية طهارتها وجواز أكلها؟

ج158: طاهر حلال إلا إذا كانت من اللحوم، أو علمنا بالنجاسة والحرمة كأن لو كان فيها الخمر مثلا.

* عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب وما يحل منه، فقال عليه السلام: «الحبوب» (1049).

* عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «لا تأكل من ذبيحة المجوسي» قال: وقال عليه السلام: «لا تأكل من ذبيحة نصارى تغلب، فإنهم مشركو العرب» (1050).

* عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال عليه السلام: «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر» (1051).

* عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه رخَّص في طعام أهل البيت وغيرهم من الفرق إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة(1052).

* عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: «ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وأهل الخلاف حرام» (1053).

159مصير الحيوانات

س159: ما مصير الحيوانات في يوم القيامة، وما كيفية جزائها وحسابها؟

ج159: قال تعالى: *وإذا الوحوش حشرت*(1054)، فهي تحشر وتحاسب ثم تفنى، وقسم منها يبقى منعما، كما في الأحاديث.

* قال الصادق عليه السلام: «لا يكون في الجنة من البهائم سوى حمارة بلعم بن باعور وناقة صالح وذئب يوسف وكلب أهل الكهف» (1055).

* روي عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: «من قتل عصفوراً عبثاً جاء يوم القيامة يعج إلى الله تعالى يقول: يا رب إن هذا قتلني عبثاً لم ينتفع بي ولم يدعني فآكل من خشاش الأرض» (1056).

* قال عبد الله بن عمر: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وحشر الدواب والبهائم والوحوش، ثم يجعل القصاص بين الدواب، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء التي نطحتها.

* وقال مجاهد: يقاد يوم القيامة للمنطوحة من الناطحة.

* وقال مقاتل: إن الله يجمع الوحوش والهوام والطير وكل شيء غير الثقلين، فيقول: من ربكم؟ فيقولون: الرحمن الرحيم، فيقول لهم الرب بعد ما يقضي بينهم: حتى يقتص للجماء من القرناء: إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم، كونوا ترابا فتكون تراباً(1057).

160التيمم بدل غسل الجنابة

س160: إذا تيمم رجل بدل غسل الجنابة - لعذر شرعي - فهل يجب عليه بعد ذلك الوضوء؟

ج160: لا يجب وإنما حال التيمم في هذا الحال حال الغسل.

* عن محمد بن حمران وجميل قالا: قلنا لأبي عبد الله عليه السلام: إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه ماء يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ قال عليه السلام: «لا ولكن يتيمم ويصلي بهم فإن الله عزوجل قد جعل التراب طهورا» (1058).

* عن عبيد الله بن علي الحلبي

أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصلاة أ يتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال عليه السلام: «لا بل يتيمم ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الوضوء» (1059).

* عن محمد بن مسلم عن أحدهما* في رجل أجنب في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به؟ قال عليه السلام: «يتيمم ولا يتوضأ» (1060).

161علامات قيام المنتظر عليه السلام

س161: ما هي العلامات الخفية لقيام الإمام المنتظر عليه السلام، وهل للأخبار التي تقول بقيام دولة إسلامية تحكم بالقرآن الحكيم قبل قيام الإمام المنتظر عليه السلام رصيد من الصحة؟

ج161: العلائم كثيرة، جملة منها مذكورة في كتاب (منتخب الأثر)، أما الموضوع الثاني فمذكور في كتاب (طباشير المحرورين).

* عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: إن علياً عليه السلام قال: «إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء في نجفكم فتوقعوا ظهور قائمكم عليه السلام» (1061).

* عن حذيفة وجابر: هبط جبرئيل على النبي صلي الله عليه و اله وبشره بأن القائم عليه السلام من ولده لا يظهر حتى يملك الكفار الأنهر الخمسة: سيحون، وجيحون، والفراتين، والنيل، فينصر الله أهل بيته على الضلال فلا ترفع لهم راية إلى القيامة(1062).

* قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي عليه السلام من ولدي،

ولا يخرج المهدي عليه السلام حتى يخرج ستون كذابا كلهم يقول: أنا نبي» (1063).

* قال أمير المؤمنين عليه السلام: «بين يدي القائم عليه السلام موت أحمر وموت أبيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه أمر كألوان الدم، فأما الموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون» (1064).

* عن سعيد بن جبير قال: إن السنة التي يقوم فيها

المهدي عليه السلام تمطر الأرض أربعا وعشرين مطرة ترى آثارها وبركاتها(1065).

* عن بدر بن الخليل الأزدي قال: كنت جالساً عند أبي جعفر عليه السلام فقال عليه السلام: «آيتان تكونان قبل القائم عليه السلام لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام إلى الأرض: تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان، والقمر في آخره»، فقال رجل: يا بن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: «أنا أعلم ما تقول ولكنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام » (1066).

* عن صالح بن ميثم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «ليس بين قيام القائم عليه السلام وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة» (1067).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك القوم وعند زواله خروج القائم عليه السلام » (1068).

* عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «لا يكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا فلا يبقى منكم إلا القليل» ثم قرأ عليه السلام:« *الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون*(1069) » ثم قال عليه السلام: «إن من علامات الفرج حدثاً يكون بين المسجدين ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب» (1070).

* عن أبي الحسن عليه السلام قال: «كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات» (1071).

* عن الحسن بن الجهم قال سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الفرج، فقال عليه السلام: «تريد الإكثار أم أجمل لك» ؟ قال:

بل تجمل لي، قال عليه السلام: «إذا ركزت رايات قيس بمصر ورايات كندة بخراسان» (1072).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قدام القائم عليه السلام لسنة غيداقة يفسد فيها الثمر في النخل فلا تشكوا في ذلك» (1073).

* عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل على أزقة الكوفة» (1074).

* عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن قدام القائم عليه السلام بلوى من الله، قلت ما هو جعلت فداك؟ فقرأ: *ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرِين*(1075) »، ثم قال عليه السلام: «الخوف من ملوك بني فلان، والجوع من غلاء الأسعار، ونقص من الأموال من كساد التجارات، وقلة الفضل فيها، ونقص الأنفس بالموت الذريع، ونقص الثمرات بقلة ريع الزرع وقلة بركة الثمار»، ثم قال عليه السلام: «وبشر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام » (1076).

* عن منذر الخوزي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: «يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر في السماء، وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلد البصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وفناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار» (1077).

162آية الشورى

س162: قال تعالى: *وأمرهم شورى بينهم*(1078):

1: على من نزلت الآية، 2: سبب نزولها، 3: الحكمة التي يلزم أخذها من الآية الشريفة.

ج162: نزلت الآية الشريفة على رسول الله صلي الله عليه و اله لأجل تنبيه المسلمين إلى فضيلة المشورة في الأمور، لكن المشورة إنما تكون في الأمور التي لم يحددها الشارع، فمثلاً لا يحق للإنسان أن

يستشير في إباحة الخمر، أوترك الصلاة، أو أخذ الربا، أو ما أشبه، وإنما يحق له أن يستشير في الزواج والتجارة والسفر والبناء وما أشبهها.

* عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: «قيل يا رسول الله ما الحزم؟ قال صلي الله عليه و اله: مشاورة ذوي الرأي واتباعهم» (1079).

* قال موسى بن جعفر عليه السلام: «من استشار لم يعدم عند الصواب مادحاً وعند الخطأ عاذرا» (1080).

* وقال الإمام علي عليه السلام: «باكروا فالبركة في المباكرة، وشاوروا فالنجح في المشاورة» (1081).

* وقال عليه السلام أيضا: «من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها» (1082).

* وقال عليه السلام أيضا: «الاستشارة عين الهداية» (1083).

* وقال عليه السلام أيضا: «من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول» (1084).

* وقال عليه السلام أيضا: «أفضل الناس رأياً من لا يستغني عن رأي مشير» (1085).

* وقال عليه السلام أيضا: «اضربوا بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب» (1086).

كربلاء المقدسة

18/محرم/1390ه_

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

رجوع إلى القائمة

الهوامش

(1) سورة إبراهيم: 24.

(2) لم نحصل على الاسم الكامل للمستفتي. ونسبة لاسمه (علي) أسمينا هذا الكتاب ب_(أجوبة المسائل العلوية).

(3) راجع كتاب (التداوي بلا دواء) للدكتور أمين رويحة، وكتاب (مظاهر العظمة والإبداع في خلق الإنسان): ج2 للأستاذ لبيب بيضون.

(4) مجلة العربي: العدد 284.

(5) كما قال الله تعالى: *فأزلَّهُما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين*، سورة البقرة: 36.

(6) كما قال سبحانه وتعالى: *فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبِّحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون*، سورة الصافات: 142-144.

(7) سورة الفتح: 1و2.

(8) سورة الضحى: 7.

(9) وسائل الشيعة: ج24 ص308 ح30624.

(10) تن_زيه الأنبياء: ص9.

(11) راجع تقريب

القرآن إلى الأذهان لسماحة الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته): ج26 ص85 سورة الفتح.

(12) سورة الأعراف: 143.

(13) سورة الأعراف: 143.

(14) سورة الفتح: 2.

(15) سورة ص: 5 - 7.

(16) بحار الأنوار: ج11ص78 ح8.

(17) سورة المدثر: 31.

(18) سورة طه: 85.

(19) سورة طه: 79.

(20) سورة ابراهيم: 35 و36.

(21) سورة البقرة: 282.

(22) سورة الضحى: 7.

(23) سورة السجدة: 26.

(24) سورة فصلت: 17.

(25) سورة التوبة: 115.

(26) سورة الرعد: 7.

(27) بحار الأنوار: ج5 ص208 ح48.

(28) سورة مريم: 54.

(29) سورة الحج: 52.

(30) الكافي: ج1 ص176 ح1.

(31) الكافي: ج1 ص176 ح2.

(32) هو أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، شيخ الحفظة ووجه الطائفة، رئيس المحدثين، والصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين*، ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر عليه السلام فنال بذلك عظيم الفضل والفخر، فعمت بركته الأنام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام، له نحو من ثلاثمائة مصنف، ورد بغداد سنة (355ه_)، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، توفي سنة (381ه_) في بلدة الري وقبره هناك مزار معروف في بقعة عالية وروضة مونقة، من أهم مصنفاته كتاب (من لا يحضره الفقيه) الذي يعد واحداً من أهم مصنفات الشيعة الإمامية.

(33) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص609 ح3213.

(34) راجع القول السديد في شرح التجريد: ص246-248 ط دار الإيمان قم.

(35) سورة يس: 30.

(36) آية الله السيد حسن بن السيد ميرزا مهدي الشيرازي رحمة الله عليه، ينحدر من أسرة مشهورة بالعلم والفضيلة والتقوى ومكافحة الاستعمار. ولد في مدينة النجف الأشرف عام (1354ه_)، درس السطوح العليا على يد علماء كبار أمثال والده آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي رحمة الله عليه وآية الله العظمى السيد محمد هادي الميلان_ي رحمة الله عليه وأخيه الأكبر آية الله

العظمى السيد محمد الشيرازي رحمة الله عليه وآية الله العظمى الشيخ محمد رضا الأصفهاني رحمة الله عليه، كان في طليعة المحاربين للحكومات الجائرة التي تعاقبت على حكم العراق بفكره وقلمه ولسانه، لذا تعرَّض للاعتقال والتعذيب مراراً. ترك العراق مهاجراً إلى لبنان وسوريا عام (1389ه_) واستمر في نشاطه السياسي والعلمي، فأسس المدارس والمراكز والحسينيات، وأسس الحوزة العلمية الزينبية في سوريا عام (1395ه_ = 1975م) وكان يدرِّس فيها البحث الخارج، أسس مكتب جماعة العلماء في لبنان عام (1397ه_)، اغتيل برصاصات العفالقة في لبنان عام (1400ه_).

خلف آثاراً مطبوعة قرابة الأربعين، منها: (كلمة الله)، و(كلمة الإسلام)، و(كلمة الرسول الأعظم*)،و(كلمة الإمام المهدي عليه السلام)، و(خواطري عن القرآن)، و(الأدب الموجَّه)، و(العمل الأدبي)، و(الاقتصاد الإسلامي)، و(الشعائر الحسينية) الذي طبعت عدة طبعات، كانت الأولى سنة 1385ه_، وقد ترجم الكتاب إلى عدة لغات.

(37) سورة البقرة: 14.

(38) كامل الزيارات: ص117ح2.

(39) كامل الزيارات: ص295 ح11.

(40) إشارة إلى قوله تعالى: *الذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب*، سورة النور: 39.

(41) راجع موسوعة الفقه، كتاب السياسة: ج106 ص98 - 148، بحوث في الأحزاب.

(42) راجع موسوعة الفقه، كتاب الصياغة الجديدة: ص700.

(43) أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف بأبي الزمان الهمذاني (358 - 398ه_)، أديب وشاعر، توفي مسموماً بهراة، من آثاره الرسائل والمقامات.

(44) أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني التغلبي، أمير حمداني، أسرته الروم مرتين، وهو شاعر لا يشق له غبار، ولد عام (320ه_)، وقتل عام (357ه_).

(45) هو أبو علي بن الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، فخر العلماء الأعلام وأمين الملة والإسلام، انتقل

من المشهد الرضوي المقدس إلى سبزوار سنة (523ه_) وتوفي فيها سنة (548ه_)، ونقل إلى المشهد الرضوي حيث دفن في مغتسل الإمام الرضا( وقبره هناك الآن مزار معروف.

(46) محمد بن مكي بن محمد العاملي المعروف ب_(الشهيد الأول)، ولد في جبل عامل عام (734ه_)، وتوفي شهيداً في دمشق عام (786ه_)، وهو أول فقيه إمامي ينهض بمشروع تدوين القواعد الفقهية في كتابه القيم الجليل (القواعد والفوائد) وكتابه (اللمعة الدمشقية).

(47) زين الدين العاملي المعروف ب_(الشهيد الثاني)، ولد في جبل عامل عام (911ه_)، وتوفي شهيداً في إسطنبول عام (965ه_)، وهو أول من ألَّف في الدراية من فقهاء الإمامية، له كتاب (الروضة البهية في شرح نهج البلاغة: اللمعة الدمشقية).

(48) الشيخ أبو الحسن نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي العاملي، مجتهد أصولي إمامي، ولد في جبل عامل عام (868ه_)، ورحل إلى مصر ثم إلى العراق ثم استقر في بلاد العجم، فأكرمه الشاه طهماسب الصفوي وجعل له الكلمة في إدارة ملكه، وكتب إلى جميع بلاده بامتثال ما يأمر به الشيخ الكركي باعتبار أنه نائب الإمام الحجة عليه السلام، وظل الشيخ كذلك حتى توفي في الكوفة سنة (940ه_).

(49) نور الله بن عبد الله بن نور الله بن محمد المرعشي التستري، ولد عام (956ه_)، مجتهد من علماء الإمامية، تولى قضاء لاهور على عهد السلطان أكبر شاه الذي اشترط عليه ألا يخرج عن المذاهب الأربعة، فاستمر إلى أن أظهر غير ذلك فقتل تحت السياط في مدينة أكبر آباد عام (1019ه_).

(50) عبد الصمد الهمداني: فقيه ولغوي، سكن الحائر الحسيني وقتل ودفن فيه سنة (1216ه_)، من مؤلفاته كتاب (بحر المعارف).

(51) الشيخ فضل الله النوري رحمة الله عليه، ولد في قرية (لاشك) من توابع (كجور) من

مدن مازندران عام (1259ه_)، هاجر إلى النجف الأشرف وتتلمذ على عدد من كبار علمائها ومنهم السيد محمد حسن الشيرازي رحمة الله عليه الذي غادر النجف الأشرف إلى سامراء فارتحل معه الشيخ فضل الله، وفي سنة (1303ه_) غادر سامراء إلى طهران كقائد روحي وأستاذ كبير ومرجع علمي، استشهد في حوادث الاستبداد والمشروطة سنة (1327ه_).

(52) الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي المعروف ب_(الميرزا الشيرازي الكبير) أو(المجدد)، عميد أسرة الشيرازي ولد في 15 جمادى الأولى (1230ه_) 26 نيسان (1815م )، تتلمذ عند العلماء الأعلام أمثال: صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري، والسيد حسن المدرس وتولى المرجعية العامة سنة (1281ه_) بعد وفاة أستاذه الشيخ الأنصاري، اشتهر بفتوى تحريم التنباك، توفي ليلة الأربعاء من شهر شعبان سنة (1312ه_) في مدينة سامراء المقدسة.

(53) الآخوند ملا محمد كاظم الخراساني، ولد عام (1255ه_) في عائلة غير مشهورة، درس سنتين عند الشيخ الأنصاري ثم عند الميرزا محمد حسن الشيرازي، يعد من أعاظم العلماء، له كتاب (كفاية الأصول)، توفي سنة (1329ه_).

(54) هو الشيخ ميرزا محمد تقي بن الميرزا محب علي بن الميرزا محمد علي المشهور ب_(كلشن) الشيرازي الحائري، زعيم الثورة العراقية عام (1338ه_ = 1920م)، ولد في شيراز ونشأ بها حتى هاجر إلى العراق ليقيم في كربلاء المقدسة، تتلمذ على الشيخ حسين الأردكان_ي والسيد علي نقي الطباطبائي الحائري في كربلاء المقدسة، وعلى المجدد السيد الشيرازي في سامراء، وتخرج عليه جماعة من العلماء والأعاظم والمدرسين، من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره فتواه الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من وقع عظيم في النفوس والتي قال فيها: (إن المسلم لا يجوز له أن يختار غير المسلم حاكماً عليه)، فهو رحمة الله عليه فدى استقلال العراق

بنفسه وأولاده. وكان العراقيون طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه، وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته في كربلاء المقدسة مرات عدة. وله مؤلفات منها: حاشية على المكاسب في الفقه، ورسالة في أحكام الخلل، ورسالة في صلاة الجمعة، وشرح منظومة السيد صدر الدين العاملي في الرضاع، كما أن له شعراً كثيراً بالفارسية والعربية. توفي رحمة الله عليه في كربلاء المقدسة ليلة الأربعاء (13 ذي الحجة سنة 1338ه_/13 آب سنة1920م)، وصار لوفاته دوي هائل في العراق والعالم الإسلامي. أعقب أولاداً، منهم: الشيخ محمد رضا الشيرازي والشيخ عبد الحسين الشيرازي.

(55) هو الشيخ الجليل المولى محمد مهدي بن أبي ذر النراقي، ولد تقريباً عام 1128ه_ في قرية (نراق) وهي قرية من قرى كاشان في إيران، تتلمذ في نشأته الأولى على المولى الشيخ إسماعيل الخاجوئي في إصفهان، ثم انتقل إلى كربلاء المقدسة ودرس عند الوحيد البهبهاني والشيخ يوسف البحراني والمحقق الجليل الشيخ مهدي الفتوي، ثم عاد إلى كاشان ليؤسس فيها مركزاً علمياً تشد إليه الرحال بعد أن كانت مقفرة من العلم والعلماء، واستمرت بعده مركزا من مراكز العلم في إيران إلى يومنا هذا، ثم عاد شيخنا النراقي إلى العراق وسكن النجف الأشرف حتى توفي هناك سنة 1209ه_، له أكثر من (32) مؤلفاً ضخماً في الفقه والأصول والحكمة والكلام والرياضيات والأخلاق ومصائب آل البيت * وغيرها من المواضيع.

(56) السيد عبد الحسين بن السيد الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف إسماعيل، ولد بالكاظمية عام (1290ه_)، أكمل دراسته في الكاظمية والنجف المقدستين، حضر درس الخارج على علامة عصره الشيخ محمد كاظم الخراساني، وفي عام (1322ه_) عاد إلى جبل عامل منبت آبائه وأجداده، وفي عام (1340ه_) كلَّفه الملك حسين ملك الحجاز بإمامة الجماعة

في المسجد الحرام والخطبة فيه فكان أول إمام شيعي يؤم الحجيج في المسجد الحرام، له عدة مؤلفات مهمة، منها: كتاب (المراجعات)، وكتاب (أبوهريرة)، وكتاب (الفصول المهمة في تآليف الأمة)، وكتاب (أجوبة مسائل موسى جار الله)، توفي السيد يوم (الإثنين 8 جمادي الثانية 1377ه_ = 30 كانون الأول 1957م) ودفن بجوار جده أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف.

(57) يقع الكتاب في (53) صفحة وقد كتبه سماحة الإمام الشيرازي (قدس الله سره) في كربلاء المقدسة عام (1390ه_) وطبع في نفس السنة في مطبعة الغري في النجف الأشرف، ثم طبع أكثر من مرة وترجم إلى عدة لغات، ويتحدث فيه سماحته عن رجال الدين وضرورة وجودهم في المجتمعات، من خلال التطرق إلى أعمالهم ومهامهم وما يتوجب أن يقوموا به ومسؤولياتهم التي تخص كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس، ويتوصل سماحته إلى نتيجة مفادها أن رجل الدين مصلح بما في الكلمة من معنى وسعة وعمق وشمول.

(58) من توقيع للإمام المهدي عليه السلام إلى إسحاق بن يعقوب جواباً عما كتبه إليه بواسطة محمد بن عثمان العمري النائب الثاني يسأله عن بعض المسائل، فأجاب عليه السلام: «أما ما سألت عنه أرشدك الله... وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم»، كمال الدين: ج2 ص483 ح4.

(59) الكافي: ج1 ص33 ح1.

(60) وسائل الشيعة: ج27 ص131 ح20.

(61) الكافي: ج1 ص33 ح5.

(62) الصياغة الجديدة: ص696.

(63) يقع الكتاب في (48) صفحة، وقد طبع سنة 1419ه_ من قبل مركز الرسول الأعظم *، ويتحدث فيه سماحة الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته) عن مكانة علماء الدين وعلاقتهم بالحكام والحكومات.

(64) الأمالي للشيخ المفيد: ص338 المجلس 40 ح3.

(65) موسوعة الفقه: كتاب السياسة: ص105.

(66) الكافي:

ج2 ص222 ح2.

(67) الكافي: ج2 ص222 ح3.

(68) الكافي: ج2 ص223 ح8.

(69) غرر الحكم ودرر الكلم: ص320 ح7410.

(70) غرر الحكم ودرر الكلم: ص320 ح7414.

(71) غرر الحكم ودرر الكلم: ص320 ح7415.

(72) غرر الحكم ودرر الكلم: ص320 ح7417.

(73) غرر الحكم ودرر الكلم: ص320 ح7418.

(74) أي الدولة العثمانية التي حكمت باسم الإسلام (600) سنة، ولم يعرفوا من الإسلام شيئا، للتفاصيل راجع (موجز عن الدولة العثمانية) للإمام الشيرازي رحمة الله عليه.

(75) سورة الأنفال: 60.

(76) سورة الكهف: 89 و92.

(77) للتفصيل راجع كتاب (موجز تاريخ الإسلام) للإمام الشيرازي رحمة الله عليه وكتاب (حضارة العرب) للدكتور غوستاف لوبون.

(78) هو أبو موسى جابر بن حيان بن يزيد الجعفي الصوفي الطرطوسي، كان عالماً بالفنون الغريبة، وهو من تلامذة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، ولد بطوس أو بخراسان سنة (120ه_)، انتقل إلى العراق وتقرب من البرامكة، ودخل البلاط العباسي في عهد هارون، وكان أكثر مقامه في الكوفة، من تآليفه الكثيرة كتاب: (كشف الأسرار وهتك الأستار) و(مجموعة أحد عشر كتاباً في علم الإكسير الأعظم) و(الخواص الكبير) و(الدرة المكنونة) و(رسائل جعفر الصادق عليه السلام) و(الحدود) وغيرها. اختلف في سنة وفاته بين الأعوام (160ه_ و200ه_).

(79) راجع كتاب (أئمتنا): ج1 في حياة الإمام الصادق عليه السلام.

(80) راجع مجلة الثقافة الإسلامية: العدد 74.

(81) الصياغة الجديدة: ص220.

(82) للتفصيل الأكثر راجع كتاب (الحاجة إلى علماء الدين) و(إلى الحوزات العلمية) و(إلى الوكلاء في البلاد) للإمام المؤلف رحمة الله عليه.

(83) الكافي: ج1 ص30 ح4.

(84) الكافي: ج1 ص35 ح2.

(85) مستدرك الوسائل: ج13 ص25 ح14636.

(86) المسائل الصاغانية: ص99.

(87) سورة النمل: 16.

(88) سورة الحشر: 6.

(89) سورة النمل: 16.

(90) سورة مريم: 5 و6.

(91) سورة الأنفال: 75.

(92) راجع من فقه الزهراء عليها السلام للإمام المؤلف رحمة الله عليه: ج2، خطبتها

في المسجد.

(93) الكافي: ج1 ص32 ح2.

(94) سورة يس: 78 و79.

(95) نور الثقلين: ج4 ص395.

(96) سورة البقرة: 259.

(97) بحار الأنوار: ج14 ص373 ح14.

(98) المسائل الإسلامية للمؤلف (أعلى الله درجاته): المسالة 3.

(99) الكافي: ج1 ص36 ح3.

(100) راجع مجلة نهج الإسلام: عدد 35 ص184.

(101) سورة التوبة: 36.

(102) الخصال للصدوق: ج2 ص487 ح64.

(103) بحار الأنوار: ج52 ص272 ح165.

(104) وسائل الشيعة: ج11 ص356 ح15003.

(105) سورة الجمعة: 10.

(106) وسائل الشيعة: ج11 ص356 ح15004.

(107) وسائل الشيعة: ج11 ص357 ح15005.

(108) مستدرك الوسائل: ج8 ص119 ح9208.

(109) سورة البقرة: 183.

(110) قاموس الكتاب المقدس: ص427.

(111) راجع تفسير الأمثل: ج1 ص459، سورة البقرة: 183.

(112) علل الشرائع: ج2 ص378 ح1.

(113) مستدرك الوسائل: ج7 ص398 ح8519.

(114) سورة الصافات: 107.

(115) سورة البقرة: 31.

(116) الخصال للصدوق: ج1 ص208 ح30.

(117) ولد في 23رجب (1301ه_) وتوفي في 25شوال (1386ه__).

(118) بحار الأنوار: ج57 ص127 ح18.

(119) بحار الأنوار: ج57 ص122 ح13.

(120) بحار الأنوار: ج89 ص376 ح6.

(121) الإصحاح 35 من سفر التكوين.

(122) الكافي: ج2 ص45 ح1.

(123) المسائل الحديثة للمؤلف رحمة الله عليه: ص12، المسألة 8.

(124) المسائل الحديثة للمؤلف رحمة الله عليه: ص12- 13، المسألة 9.

(125) المسائل الحديثة للمؤلف رحمة الله عليه: ص14، المسألة 13.

(126) مجلة (طبيبك الخاص): العدد 12 ص25 كانون الأول عام (1974م).

(127) الكافي: ج6 ص488 ح2.

(128) سورة الأعراف: 31.

(129) الكافي: ج6 ص489 ح7.

(130) وسائل الشيعة: ج2 ص120 ح1670.

(131) وسائل الشيعة: ج2 ص125 ح1687.

(132) وسائل الشيعة: ج2 ص125 ح1689.

(133) وسائل الشيعة: ج2 ص121 ح1674.

(134) راجع حياة الحيوان الكبرى: ج1 ص32.

(135) وسائل الشيعة: ج24 ص109 ح30099.

(136) الكافي: ج6 ص246 ح14.

(137) مستدرك الوسائل: ج2 ص598 ح2839.

(138) مستدرك الوسائل: ج3 ص209 ح3384.

(139) تهذيب الأحكام: ج2 ص227 ح102.

(140) تهذيب الأحكام: ج2 ص372 ح80.

(141) وسائل الشيعة: ج4 ص415 ح5574.

(142) من

لا يحضره الفقيه: ج4 ص368 ح5762.

(143) الكافي: ج1 ص253 ح1.

(144) وسائل الشيعة: ج24 ص175 ح30275.

(145) سورة البقرة: 221.

(146) الكافي: ج5 ص346 ح1.

(147) سورة هود: 78.

(148) متشابه القرآن: ج1 ص229.

(149) وسائل الشيعة: ج2 ص479 ح2694.

(150) وسائل الشيعة: ج2 ص478 ح2692.

(151) تهذيب الأحكام: ج1 ص255 ح26.

(152) مستدرك الوسائل: ج3 ص196 ح3344.

(153) مستدرك الوسائل: ج2 ص565 ح7239.

(154) الكافي: ج3 ص143 ح4.

(155) تهذيب الأحكام: ج1 ص436 ح48.

(156) تهذيب الأحكام: ج1 ص307 ح59.

(157) تهذيب الأحكام: ج1 ص307 ح60.

(158) سورة البقرة: 55.

(159) سورة الأعراف: 155.

(160) وسائل الشيعة: ج16 ص197 ح21334.

(161) بحار الأنوار: ج13 ص226 ح22.

(162) الكافي: ج6 ص433 ح15.

(163) الكافي: ج6 ص433 ح23.

(164) الكافي: ج6 ص431 ح2.

(165) سورة لقمان: 6.

(166) الكافي: ج6 ص433 ح16.

(167) الكافي: ج6 ص434 ح19.

(168) راجع كتاب (الغناء في الإسلام) العسيلي العاملي.

(169) مستدرك الوسائل: ج17 ص320 ح21468.

(170) غرر الحكم ودرر الكلم: ص47 ح217.

(171) غرر الحكم ودرر الكلم: ص47 ح218.

(172) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص130 ح331.

(173) مستدرك الوسائل: ج1 ص406 ح1003.

(174) مستدرك الوسائل: ج1 ص406 ح1004.

(175) مستدرك الوسائل: ج1 ص407 ح1005.

(176) بحار الأنوار: ج73 ص111ح10.

(177) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص130 ح329.

(178) وسائل الشيعة: ج6 ص82 ح7406.

(179) جواهر الكلام: ج9 ص367.

(180) مستدرك الوسائل: ج4 ص193 ح4468.

(181) مستدرك الوسائل: ج4 ص484 ح5228.

(182) وسائل الشيعة: ج5 ص365 ح6806.

(183) وسائل الشيعة: ج5 ص366 ح6809.

(184) مستدرك الوسائل: ج4 ص12 ح4055.

(185) مستدرك الوسائل: ج4 ص13 ح4058.

(186) سورة الحج: 32.

(187) المناقب: ج4 ص267.

(188) سورة الأعراف: 31 و32.

(189) تهذيب الأحكام: ج6 ص22 ح7.

(190) مستدرك الوسائل: ج10 ص216 ح11889.

(191) الكافي: ج6 ص482 ح12.

(192) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص122 ح274.

(193) الكافي: ج6 ص480 ح2.

(194) الكافي: ج6 ص481 ح6.

(195) هو حسب المصطلح العلمي: من باب الاقتضاء لا

العلة التامة.

(196) مستدرك الوسائل: ج2 ص502 ح2564.

(197) مستدرك الوسائل: ج2 ص504 ح2568.

(198) مستدرك الوسائل: ج2 ص502 ح2570.

(199) مستدرك الوسائل: ج2 ص502 ح2562.

(200) وراجع أيضاً وفيات الأئمة: ص86.

(201) مستدرك الوسائل: ج3 ص210ح3387، ودعائم الإسلام: ج2 ص161 ح576.

(202) وسائل الشيعة: ج5 ص57 ح5895.

(203) وسائل الشيعة: ج3 ص238 ح3508.

(204) سورة الحج: 39.

(205) مستدرك الوسائل: ج3 ص328.

(206) كامل الزيارات: ص67 ح3.

(207) مستدرك الوسائل: ج3 ص327 ح3702.

(208) مستدرك الوسائل: ج3 ص327 ح3703.

(209) سورة الإسراء: 84.

(210) الكافي: ج2 ص85 ح5.

(211) وسائل الشيعة: ج15 ص49 ح19961.

(212) سورة التوبة: 111.

(213) الكافي: ج5 ص22 ح1.

(214) بحار الأنوار: ج97 ص23 ح18.

(215) بحار الأنوار: ج60 ص267.

(216) المحجة البيضاء: ج5 ص52 و71.

(217) بحار الأنوار: ج67 ص40.

(218) من فقه الزهراء عليها السلام للمؤلف رحمة الله عليه: ج1 ص53.

(219) سورة آل عمران: 19.

(220) راجع الكافي: ج1 ص160 ح13.

(221) الأشاعرة: هم أصحاب علي بن إسماعيل الأشعري المتوفى سنة (334ه_)، وكانوا يقولون بالجبر ويزعمون أن كل الأشياء تصدر عن الله جل وعلا.

(222) المعتزلة: هم أصحاب واصل بن عطاء المولود بالمدينة سنة (80ه_) والمتوفى سنة (131ه_)، وكانوا يقولون بالتفويض ويزعمون أن الله عزوجل فوَّض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

(223) التوحيد للصدوق: ص362 ح8.

(224) التوحيد للصدوق: ص360 ح4.

(225) التوحيد للصدوق: ص360 ح5.

(226) سورة الإسراء: 23.

(227) سورة القمر: 49.

(228) الكافي: ج1 ص149 ح2.

(229) سورة الأنبياء: 28.

(230) الخصال للصدوق: ص156 ح197.

(231) سورة الأنبياء: 28.

(232) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص136 ح35.

(233) بحار الأنوار: ج8 ص58 ح75.

(234) بحار الأنوار: ج8 ص29.

(235) بحار الأنوار: ج8 ص58.

(236) الكافي: ج7 ص157 ح3.

(237) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص326 ح5701.

(238) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص326 ح5702.

(239) سورة الجمعة: 9.

(240) من لا

يحضره الفقيه: ج1 ص414 الحاشية 2.

(241) لمزيد من التفصيل راجع موسوعة الفقه للمؤلف(أعلى الله درجاته): ج26 ص360 ط دار العلوم بيروت.

(242) جواهر الكلام: ج11 ص158.

(243) جواهر الكلام: ج11 ص158.

(244) مستدرك الوسائل: ج6 ص13 ح6306.

(245) مستدرك الوسائل: ج6 ص13 ح6306.

(246) جواهر الكلام: ج11 ص158.

(247) مستدرك الوسائل: ج17 ص305 ح21419.

(248) وسائل الشيعة: ج6 ص164 ح7635.

(249) سورة ص: 32.

(250) مستدرك الوسائل: ج17 ص305 ح21419.

(251) بحار الأنوار: ج31 ص310.

(252) وسائل الشيعة: ج27 ص197 ح33581.

(253) بحار الأنوار: ج90 ص97.

(254) المناقب: ج2 ص43.

(255) بحار الأنوار: ج31 ص208.

(256) راجع تفسير الصافي: ج1 ص51 ط مؤسسة الأعلمي بيروت.

(257) روضة الواعظين: ج1 ص31.

(258) سورة هود: 118 و119.

(259) بحار الأنوار: ج5 ص195 ح1.

(260) الكافي: ج5 ص352 ح1.

(261) مستدرك الوسائل: ج12 ص89 ح13598.

(262) سورة الحجرات: 13.

(263) بحار الأنوار: ج100 ص237 ح33.

(264) تهذيب الأحكام: ج7 ص399 ح1.

(265) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص180 ح5407.

(266) سورة التحريم: 10.

(267) الكافي: ج2 ص402 ح2.

(268) إن العلم الحديث لا يمنع من طول حياة الإنسان ما دامت خلايا البناء مستمرة في عملها وان عملية البناء أكبر من عملية الهدم وهذا ممكن الحدوث علمياً.

(269) سورة العنكبوت: 14.

(270) أعلام الورى: ص432.

(271) سورة عبس: 1و2.

(272) سورة القلم: 4.

(273) سورة عبس: 1و2.

(274) بحار الأنوار: ج30 ص175.

(275) سورة الأعراف: 199.

(276) سورة البقرة: 237.

(277) للتفصيل راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم): ص81-83 للإمام المؤلف(أعلى الله درجاته).

(278) بحار الأنوار: ج21 ص105.

(279) وسائل الشيعة: ج15 ص79 ح20022.

(280) وسائل الشيعة: ج15 ص77 ح20017.

(281) المناقب: ج1 ص237.

(282) هناك كتب كثيرة احتوت على بعض علوم الإمام عليه السلام ك_(نهج البلاغة) و(غرر الحكم ودرر الكلم) و(الديوان المنسوب إلى الإمام علي عليه السلام) كما أن كتب الحديث ممتلئة برواياته في مختلف العلوم من

الفقه والتفسير والكلام والنحو والقضاء والاقتصاد والسياسة والاجتماع… الخ.

(283) سورة الرعد: 39.

(284) الأمالي للصدوق: ص341 ح1.

(285) الاختصاص: ص248.

(286) بصائر الدرجات: ص266 ح1.

(287) بصائر الدرجات: ص299 ح12.

(288) غرر الحكم ودرر الكلم: ص119 ح2081.

(289) غرر الحكم ودرر الكلم: ص119 ح2082.

(290) خصائص الأئمة: ص62.

(291) علل الشرائع: ج1 ص171.

(292) الإقبال: ص295.

(293) سورة الإسراء: 1.

(294) سورة النجم: 8.

(295) سورة النجم: 17.

(296) سورة النجم: 13، وسورة التكوير: 23.

(297) انتهى ما نقلناه عن كتاب المعراج رحلة في عمق الفضاء والزمن للسيد هادي المدرسي.

(298) راجع الاحتجاج: ج1 ص231 ط النعمان، النجف الأشرف 1386ه_، وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله ... فليقل علي أمير المؤمنين» .

(299) راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم): ج2 تحت عنوان: من ذكريات الغدير.

(300) موسوعة الفقه للمؤلف رحمة الله عليه: كتاب الصلاة، ج19 ص331.

(301) سورة النساء: 96، 100، و152، وسورة الفرقان: 70، وسورة الأحزاب: 5، 24، 50، و73، وسورة

الفتح: 14.

(302) النحو الوافي: ج1 ص55 وص549.

(303) سورة الكهف: 99، وسورة يس: 51، وسورة الزمر: 68، وسورة ق: 20.

(304) سورة الأنعام: 73، وسورة طه: 102، وسورة النمل: 87، وسورة النبأ: 18.

(305) سورة الحج: 47.

(306) سورة السجدة: 5.

(307) سورة فصلت: 9.

(308) سورة فصلت: 10.

(308) سورة فصلت: 12.

(309) سورة الفرقان: 59.

(310) سورة فصلت: 9.

(311) مجمع البحرين: ج1 ص268 مادة (صلى).

(312) سورة الأعراف: 172.

(313) معاني الأخبار: ص116.

(314) راجع مستدرك الوسائل: ج2 ص125 ح1609 وفيه: عن النبي * قال: «لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله فمن قالها عند موته وجبت له الجنة» الخبر.

(315) راجع موسوعة الفقه للمؤلف رحمة الله عليه: ج15 ص110 ط دار العلوم بيروت.

(316) وسائل الشيعة: ج3 ص201 ح3403.

(317) وسائل الشيعة:

ج2 ص863 ب35 ح3.

(318) راجع جواهر الكلام: ج9 ص37 ط دار الكتب الإسلامية.

(319) سورة آل عمران: 133.

(320) سورة الإسراء: 78.

(321) سورة هود: 114.

(322) سورة الإسراء: 78.

(323) سورة طه: 130.

(324) سورة الروم: 17 و18.

(325) سورة ق: 39 و40.

(326) سورة الطور: 48 و49.

(327) سورة الإنسان: 25 و26.

(328) علل الشرائع: ص321 ح1.

(329) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص287 ح886.

(330) وسائل الشيعة: ج4 ص221 ح4974.

(331) الصراط المستقيم: ج3 ص291.

(332) الكافي: ج1 ص401 ح2.

(333) بحار الأنوار: ج18 ص19.

(334) بحار الأنوار: ج22 ص391.

(335) بحار الأنوار: ج22 ص350 ح72.

(336) بحار الأنوار: ج22 ص350 ح73.

(337) بحار الأنوار: ج22 ص353 ح83.

(338) بحار الأنوار: ج74 ص75 ح3.

(339) بحار الأنوار: ج22 ص420.

(340) بحار الأنوار: ج22 ص420.

(341) بحار الأنوار: ج22 ص421 ح31.

(342) بحار الأنوار: ج22 ص429 ح37.

(343) بحار الأنوار: ج22 ص431 ح40.

(344) مستدرك الوسائل: ج2 ص57 ح1398.

(345) سورة ق: 12.

(346) معاني الأخبار: ص48 ح1.

(347) تفسير الميزان: ج19 ص219 ط مؤسسة الأعلمي بيروت.

(348) سورة الجن: 26و27.

(349) الكافي: ج1 ص256 ح2.

(350) الكافي: ج1 ص256 ح1.

(351) الكافي: ج1 ص547 ح25.

(352) وسائل الشيعة: ج27 ص140 ح33424.

(353) راجع كتاب (الشباب) للإمام المؤلف(أعلى الله درجاته).

(354) بحار الأنوار: ج2 ص235 ح21.

(355) بحار الأنوار: ج52 ص123 ح7.

(356) بحار الأنوار: ج51 72 ح15.

(357) راجع موسوعة الفقه للمؤلف رحمة الله عليه: كتاب الحج: ج45 ص249 .

(358) سورة الحج: 29.

(359) وسائل الشيعة: ج13 ص299 ح17793.

(360) الكافي: ج4 ص513 ح3.

(361) بحار الأنوار: ج96 ص213 ح1.

(362) بحار الأنوار: ج96 ص213 ح2.

(363) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص76 ح171.

(364) تهذيب الأحكام: ج1 ص142 ح93.

(365) تهذيب الأحكام: ج1 ص303 ح49.

(366) مستدرك الوسائل: ج1 ص476 ح1201.

(367) مستدرك الوسائل: ج9 ص323 ح11010.

(368) وسائل الشيعة: ج13 ص208 ح17578.

(370) القصص للجزائري: ص362.

(371) مستدرك الوسائل: ج9 ص322

ح11008.

(372) مستدرك الوسائل: ج9 ص431 ح11270.

(373) مستدرك الوسائل: ج11 ص187ح12701.

(374) الكافي: ج2 ص240 ح32.

(375) الكافي: ج2 ص100 ح5.

(376) الكافي: ج2 ص100 ح6.

(377) وسائل الشيعة: ج12 ص153 ح15929، وأبو الحسن الأول محمد بن عبد الرحيم التستري وأبو الحسن الثاني علي بن أحمد البصري وأبو الحسن الثالث علي بن محمد الواقدي والحسن الأول الحسن بن عرفة العبدي والحسن الثاني الحسن البصري والحسن الثالث الحسن بن علي عليه السلام.

(378) للأستاذ الشيخ عبد الله الخنيزي.

(379) بحار الأنوار: ج19 ص3.

(380) بحار الأنوار: ج35 ص87.

(381) بحار الأنوار: ج22 ص261ح2.

(382) راجع كتاب (إيمان أبي طالب والشذرات الذهبية) وكتاب (شيخ الأبطح).

(383) راجع موسوعة الغدير للأميني: ج6 ص334.

(384) بحار الأنوار: ج35 ص64 ح14.

(385) كشف الغمة: ج1 ص66.

(386) سورة النبأ: 40.

(387) معاني الأخبار: ص120 ح1.

(388) بحار الأنوار: ج35 ص61.

(389) المناقب: ج3 ص112.

(390) كشف الغمة: ج2 ص442.

(391) سورة النبأ: 40.

(392) بحار الأنوار: ج24 ص262 ح19.

(393) بحار الأنوار: ج45 ص284.

(394) موسوعة الغدير للأميني: ج6 ص338.

(395) الاستبصار: ج1 ص318 ح1.

(396) تهذيب الأحكام: ج2 ص74 ح44.

(397) وسائل الشيعة: ج6 ص68 ح7365.

(398) مستدرك الوسائل: ج4 ص175 ح4418.

(399) مستدرك الوسائل: ج4 ص175 ح4416.

(400) بحار الأنوار: ج81 ص201 ح2.

(401) سورة المائدة: 44.

(402) سورة المائدة: 45.

(403) سورة المائدة: 47.

(404) الكافي: ج2 ص383 ح2.

(405) وسائل الشيعة: ج28 ص340 ح34907.

(406) الكافي: ج2 ص386 ح10.

(407) وسائل الشيعة: ج28 ص346 ح34928.

(408) وسائل الشيعة: ج28 ص347 ح34930.

(409) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص54 ح5092.

(410) الكافي: ج2 ص396 ح3.

(411) الكافي: ج2 ص300 ح1.

(412) الكافي: ج6 ص265 ح2.

(413) الكافي: ج6 ص431 ح2.

(414) الكافي: ج6 ص434 ح23.

(415) الكافي: ج2 ص396 ح6.

(416) وسائل الشيعة: ج16 ص263 ح21520.

(417) الكافي: ج1 ص373 ح4.

(418) الكافي: ج1 ص377 ح2.

(419) الكافي: ج8 ص18 ح4، أرمضني أي أحرقني.

(420)

مستدرك الوسائل: ج1 ص157 ح247.

(421) كشف الغمة: ج1 ص273.

(422) كشف الغمة: ج1 ص274.

(423) علل الشرائع: ج1 ص122 ح1.

(424) وسائل الشيعة: ج27 ص166 ح33502.

(425) بحار الأنوار: ج3 ص320 16.

(426) بحار الأنوار: ج15 ص260 ح11.

(427) وسائل الشيعة: ج17 ص143 ح22202.

(428) بحار الأنوار: ج60 ص21 ح14.

(429) سورة الواقعة: 10و11.

(430) شواهد التن_زيل: ج2 ص295 ح927.

(431) سورة البينة: 7.

(432) شواهد التن_زيل: ج2 ص472 ح1145.

(433) كن_ز العمال: ج11 ص323 ح31631.

(434) شواهد التن_زيل: ج2 ص459 ح1125.

(435) الدر المنثور: ج6 ص379.

(436) الدر المنثور: ج6 ص379.

(437) تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص332.

(438) شواهد التن_زيل: ج2 ص467 ح1139.

(439) الدر المنثور: ج6 ص379.

(440) تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص333.

(441) تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص371.

(442) الكافي: ج1 ص462 ح5.

(443) الكافي: ج1 ص509 ح11.

(444) الاختصاص: ص289.

(445) كشف الغمة: ج2 ص329.

(446) الخرائج والجرائح: ج1 ص312.

(447) الخرائج والجرائح: ج1 ص313.

(448) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص310 ح926.

(449) وسائل الشيعة: ج6 ص39 ح7285، خداج: أي نقص.

(450) وسائل الشيعة: ج6 ص127ح7522.

(451) مستدرك الوسائل: ج4 ص482 ح5224.

(452) عيون الأخبار: ج2 ص107.

(453) سورة الجمعة: 2.

(454) سورة الشورى: 7.

(455) بحار الأنوار: ج16 ص132 ح70.

(456) سورة عبس: 34.

(457) سورة العنكبوت: 48.

(458) المناقب: ج1 ص232.

(459) بحار الأنوار: ج16 ص134.

(460) علل الشرائع: ص593 ح44.

(461) سورة آل عمران: 96.

(462) بحار الأنوار: ج54 ص64 ح34.

(463) علل الشرائع: ج2 ص594 ح44.

(464) معجم البلدان: ج1 ص254 - 255.

(465) شرح البداية في علم الدراية: ص79 -156.

(466) سورة الأنعام: 74.

(467) سورة البقرة: 133.

(468) بحار الأنوار: ج12 ص47.

(469) مستدرك الوسائل: ج12 ص92 ح13605.

(470) سورة المائدة: 6.

(471) وسائل الشيعة: ج1 ص403 ح1048. الصدغ: أي جانب الوجه من العين إلى الأذن.

(472) وسائل الشيعة: ج1 ص404 ح1051.

(473) سورة المائدة: 6.

(474) الكافي: ج3 ص28 ح5.

(475) بحار الأنوار: ج77 ص239 ح13.

(476)

بحار الأنوار: ج77 ص243 ح13.

(477) سورة الإنسان: 6.

(478) سورة المائدة: 6.

(479) الكافي: ج3 ص30 ح4.

(480) كن_ز العمال: ج9 ص436 ح26863، وراجع كتاب المصنف لابن أبي شيبة الكوفي: ج1 ص18 ح3.

(481) مسند أحمد: ج1 ص67.

(482) سنن أبي داود: ج1 ص197 ح858.

(483) مسند أبي يعلى الموصلي: ج1 ص287 ح346.

(484) فقه القرآن: ج1 ص18.

(485) اللآلي الأخبار: ج5 ص29 و30.

(486) الكافي: ج3 ص241 ح17.

(487) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص423 ح1246.

(488) وسائل الشيعة: ج7 ص409 ح9714.

(489) وسائل الشيعة: ج8 ص180 ح10364.

(490) الكافي: ج4 ص258 ح26.

(491) وسائل الشيعة: ج3 ص163 ح3295.

(492) مستدرك الوسائل: ج2 ص310 ح2055.

(493) الكافي: ج4 ص543 ح14.

(494) الإقبال: ص467.

(495) بحار الأنوار ج39 ص2 ح1.

(496) مستدرك التن_زيل: ج2 ص14.

(497) راجع موسوعة الفقه للإمام المؤلف رحمة الله عليه: كتاب الطلاق: ج69 ص341.

(498) سورة البقرة: 230.

(499) سورة البقرة: 229.

(500) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص502 ح4764.

(501) وسائل الشيعة: ج22 ص6125 ح28177

(502) تهذيب الأحكام: ج8 ص33 ح20.

(503) وسائل الشيعة: ج22 ص132 ح28199.

(504) سورة المؤمنون: 100.

(505) بحار الأنوار: ج6 ص215.

(506) بحار الأنوار: ج6 ص215.

(507) بحار الأنوار: ج6 ص215.

(508) بحار الأنوار: ج7 ص105 ح19.

(509) تفسير تقريب القرآن للإمام المؤلف رحمة الله عليه: ج10 ص47 ط مؤسسة الوفاء بيروت (1400ه_).

(510) مستدرك الوسائل: ج4 ص229 ح4563.

(511) بحار الأنوار: ج82 ص53.

(512) سورة القصص: 5.

(513) سورة الإسراء: 81.

(514) راجع كتاب الصراط المستقيم: ج2 ص177-218.

(515) دعائم الإسلام: ج2 ص212 ح777.

(516) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص432 ح4494.

(517) الكافي: ج5 ص504 ح2.

(518) تهذيب الأحكام: ج7 ص417 ح43.

(519) جامع المقاصد: ج12 ص504.

(520) راجع موسوعة الفقه للمؤلف رحمة الله عليه: ج91 ص232-241 ط دار العلوم بيروت.

(521) سورة آل عمران: 85.

(522) نهج البلاغة: ص313 (فضل الإسلام).

(523) سورة التوبة: 33.

(524) سورة الأنفال:

39.

(525) سورة آل عمران: 19.

(526) سورة الحج: 78.

(527) سورة البقرة: 128.

(528) سورة يونس: 90.

(529) سورة النمل: 38.

(530) سورة النمل: 44.

(531) سورة آل عمران: 52.

(532) سورة آل عمران: 83.

(533) سورة الذاريات: 36.

(534) سورة البقرة: 136.

(535) سورة البقرة: 133.

(536) سورة الصف: 8.

(537) سورة التغابن: 8.

(538) سورة التوبة: 33.

(539) سورة الصف: 8.

(540) الكافي: ج1 ص432 ح91.

(541) راجع المسائل الإسلامية للمؤلف رحمة الله عليه: ص321.

(542) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص350 ح1021.

(543) الكافي: ج3 ص353 ح6.

(544) الكافي: ج3 ص353 ح9.

(545) الكافي: ج3 ص353 ح7.

(546) لسان العرب: ج9 ص12.

(547) لسان العرب: ج13 ص92.

(548) مجمع البحرين: ج5 ص56.

(549) بحار الأنوار: ج60 ص95 ح55.

(550) بحار الأنوار: ج60 ص95 ح53.

(551) بحار الأنوار: ج60 ص94 ح51.

(552) سورة طه: 115.

(553) علل الشرائع: ج1 ص15 ح1.

(554) معاني الأخبار: ص48 ح1.

(555) بحار الأنوار: ج57 ص265 ح4.

(556) المسائل الحديثة للإمام المؤلف رحمة الله عليه: ص780 المسألة: 28.

(557) المحبنطئ: العظيم البطن المنتفخ، وقيل في الطفل إنه محبنطئ: أي ممتنع. راجع لسان العرب: ج1 ص57 باب (حبطأ).

(558) تهذيب الأحكام: ج7 ص401 ح7.

(559) جامع الأخبار: ص101.

(560) مستدرك الوسائل: ج14 ص153 ح16348.

(561) مستدرك الوسائل: ج14 ص176 ح16430.

(562) الكافي: ج5 ص333 ح2.

(563) الاحتجاج: ج2 ص306، وفيه: «.. أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات إلى منى..» .

(564) بحار الأنوار: ج45 ص112.

(565) راجع كتاب: (الصائبة في عقيدتهم وشريعتهم) للإمام المؤلف رحمة الله عليه و(موسوعة الفقه للمؤلف رحمة الله عليه: ج48 ص27 ط دار العلوم بيروت).

(566) انظر كتاب المنية والأمل في شرح الملل والنحل: ط مؤسسة الكتاب والثقافة 1408ه_.

(567) رجال الكشي: ص518 ح997.

(568) سورة الذاريات: 56.

(569) بحار الأنوار: ج5 ص312 ح1.

(570) بحار الأنوار: ج5 ص313 ح2.

(571) الكافي: ج2

ص8 ح2.

(572) سورة الذاريات: 56.

(573) سورة هود: 18 و19.

(574) وسائل الشيعة: ج1 ص84 ح197.

(575) علل الشرائع: ج1 ص9 ح2.

(576) سورة الكهف: 94.

(577) بحار الأنوار: ج12 ص213.

(578) الكافي: ج8 ص220 ح274.

(579) الأمالي للطوسي: ص346 ح713.

(580) عدة الداعي: ص249.

(581) مصباح الكفعمي: ص172.

(582) مصباح الكفعمي: ص228.

(583) وسائل الشيعة: ج7 ص32 ح8634.

(584) وسائل الشيعة: ج7 ص145 ح8964.

(585) غوالي اللآلي: ج4 ص101 ح148.

(586) بحار الأنوار: ج4 ص320 ح1.

(587) بحار الأنوار: ج4 ص321 ح4.

(588) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص202 ح2.

(589) يقال: تفصى اللحم من العظم وانفصى: أي انفسخ. راجع لسان العرب: ج15 ص156 باب (فصي).

(590) الاحتجاج: ج2 ص344.

(591) الغدير: للعلامة الأميني، ويقع في 11 مجلداً.

(592) المراجعات: للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين، طبع عدة مرات.

(593) بحار الأنوار: ج7 ص179ح17.

(594) الغدير: ج2 ص301، وذكره الهيتمي في المجمع ج9 ص172، وابن حجر في الصواعق المحرقة، ومحمد سليمان محفوظ في (أعجب ما رأيت) ج1 ص8، والنبهاني في (الشرف المؤبد) ص96، والحضرمي في (رشفة الصادي) ص43.

(595) الغدير: ج2 ص301 ط دار الكتب الإسلامية طهران 1372ه_، وذكره القرشي في (شمس الأخبار) ص 40.

(596) المراجعات: ص17 ط مطبعة الكيلاني القاهرة 1399ه_، وأخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبي ذر ج3 ص151.

(597) المراجعات: ص17، وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد، وهو الحديث18 من الكتاب الأربعين حديثاً للنبهاني ص216.

(598) بحار الأنوار: ج6 ص218 مؤسسة الوفاء بيروت 1403ه_.

(599) سورة الواقعة: 88 و89.

(600) سورة الواقعة: 89.

(601) سورة الواقعة: 92 و93.

(602) سورة الواقعة: 95.

(603) بحار الأنوار: ج6 ص217 ح11.

(604) لسان العرب: ج12 ص84.

(605) سورة الصافات: 97.

(606) بحار الأنوار: ج3 ص32.

(607) تقرير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بتاريخ: 27/11/1978م.

(608) تقرير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بتاريخ: 27/11/1978م.

(609)Alcohol Related Disablities Who Offer

Publication No: 32 \1977.

(610) الإحصاءات التي نشرت أعوام (1959، 1963، 1966، و1970م) من منظمة الصحة العالمية.

(611) الإحصاء التي نشرت عام (1966م) من منظمة الصحة العالمية.

(612) الإحصاءات التي نشرت عام (1963، 1964، 1970، و1973).

(613) من دراسة قدمت كأطروحة نال عليها الدكتور عمر الباقر صالح شهادة الدكتوراه MD من كلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم (1979م).

(614) مجلة نيوزويك الأمريكية (12/1/1979م).

(615) أطروحة الدكتور عمر الباقر صالح عام (1979م).

(616) أطروحة الدكتور عمر الباقر صالح عام (1979م).

(617) أطروحة الدكتور عمر الباقر صالح عام (1979م).

(618) W.H.O. Chronicle Vol 33 No: 10\1979 Page 364.

(619) مجلة نيوزويك الأمريكية (12/1/1979م).

(620) جريدة الشرق الأوسط اليومية السعودية الصادرة في لندن عدد2 شهر أيلول (1979م).

(621) نقلاً عن كتاب الخمر والإدمان الكحولي مشكلة العصر الخطيرة ص71-87 ط مؤسسة الرسالة / بيروت (1400ه_).

(622) مجلة العربي: العدد 320 يوليو (1985م) ص120- 123.

(623) آية الله العظمى السيد محمد حسن الشيرازي، المشهور بالمجدد، عميد أُسرة الشيرازي، ولد في 15 جمادى الأولى (1230ه_)، هاج_ر إل_ى النجف الأشرف سنة (1259ه_) ثم إلى سامراء (1291ه_) تتلمذ عند العلماء الأعلام أمثال السيد حسن المدرس والمحقّق الكلباسي وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري.آلت إليه المرجعية سنة (1281ه_) بعد وفاة أستاذه الشيخ الأنصاري. قارع الاستعمار البريطاني في ثورته المعروفة «التنباك» والتي أيقظت العالم الإسلامي وأعطته الوعي السياسي في تاريخه الحديث، فقد تنبه المسلمون بفضلها إلى الأخطار التي يسببها النفوذ الأجنبي في بلادهم. ووقف كذلك بوجه الفتنة الطائفية التي أحدثها ملك أفغانستان عبد الرحمن خان حيث أخذ يقتل الشيعة ويجعل من رؤوسهم منائر في كل مكان. وقد تسالم المؤرخون على وصفه بقولهم: كان إماماً عالماً فقيها ماهراً محقّقا رئيساً دينياً عاماً وورعاً نقياً، ثاقب الفكر، بعيد النظر، مصيب الرأي، صائب الفراسة، يوقِّر

الكبير ويحنو على الصغير، ويرفق بالضعيف، أعجوبة في أحاديثه وسعة مادته وجودة قريحته.

(624) راجع كتاب الذريعة إلى تصنيف الشيعة: للميرزا أغا بزرك الطهراني، أو مآثر الكبار في تاريخ سامراء (عن حياة المرجع المجدد الشيرازي) للميرزا ذبيح الله محلاتي.

(625) سورة الأنفال: 72.

(626) سورة الأحزاب: 6.

(627) وسائل الشيعة: ج26 ص64 ح32497.

(628) دائرة معارف القرن العشرين: ج5 ص381 ط دار المعرفة بيروت (1971م).

(629) سورة النحل: 71.

(630) سورة الزخرف: 32.

(631) وسائل الشيعة: ج9 ص29 ح11444.

(632) الكافي: ج3 ص545 ح3.

(633) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص44 ح1658.

(634) سورة التوبة: 103.

(635) الكافي: ج1 ص537 ح1.

(636) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص39 ح1643.

(637) معراج النبي *: ص44 و45 ط مؤسسة البلاغ بيروت 1403ه_.

(638) سورة البقرة: 253.

(639) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص213 وما بعدها.

(640) سورة البقرة: 37.

(641) سورة الفتح: 2.

(642) سورة مريم: 57.

(643) سورة الشرح: 4.

(644) سورة النجم: 10.

(645) سورة نوح: 26.

(646) سورة الأنبياء: 107.

(647) سورة نوح: 28.

(648) سورة البقرة: 286.

(649) سورة الصافات: 77.

(650) سورة آل عمران: 34.

(651) سورة هود: 45.

(652) سورة هود: 46.

(653) سورة الذاريات: 41.

(654) سورة التوبة: 40.

(655) سورة الأحزاب: 9.

(656) سورة الأنعام: 75.

(657) سورة الفرقان: 45.

(658) سورة الصافات: 99.

(659) سورة الإسراء: 1.

(660) سورة الشعراء: 82.

(661) سورة الفتح: 2.

(662) سورة الشعراء: 87.

(663) سورة التحريم: 8.

(664) سورة الأنفال: 64.

(665) سورة الشعراء: 84.

(666) سورة الشرح: 4.

(667) سورة البقرة: 128.

(668) سورة الإسراء: 1.

(669) سورة الشعراء: 85.

(670) سورة الضحى: 4.

(671) سورة الشعراء: 79.

(672) سورة قريش: 4.

(673) سورة البقرة: 126.

(674) سورة الإسراء: 29.

(675) سورة الأنبياء: 57.

(676) سورة الحجر: 72.

(677) سورة البقرة: 125.

(678) سورة الأحزاب: 21.

(679) سورة البقرة: 130.

(680) سورة الحج: 75.

(681) سورة البقرة: 125.

(682) سورة الإسراء: 79.

(683) سورة الأنعام: 78.

(684) سورة يونس: 72، وسورة النمل:

91.

(685) سورة الحج: 27.

(686) سورة آل عمران: 193.

(687) سورة البقرة: 260.

(688) سورة البقرة: 285.

(689) سورة الشعراء: 67.

(690) سورة الصافات: 107.

(691) سورة البقرة: 127.

(692) سورة البقرة: 144.

(693) سورة البقرة: 124.

(694) سورة التوبة: 33، وسورة الفتح: 28، وسورة الصف: 9.

(695) سورة إبراهيم: 35.

(696) سورة الأحزاب: 33.

(697) سورة آل عمران: 31.

(698) سورة العنكبوت: 27.

(699) سورة النور: 35.

(700) سورة الحديد: 13.

(701) سورة الفتح: 27.

(702) سورة البقرة: 60.

(703) سورة الإسراء: 101.

(704) سورة القصص: 32.

(705) سورة القصص: 31.

(706) سورة الشعراء: 63.

(707) سورة الشعراء: 61.

(708) سورة الأعراف: 130.

(709) سورة الدخان: 10.

(710) سورة الدخان: 12.

(711) سورة الدخان: 15.

(712) سورة قريش: 3.

(713) سورة القمر: 45.

(714) سورة الشعراء: 63.

(715) سورة القمر: 1.

(716) سورة طه: 25.

(717) سورة الشرح: 1.

(718) سورة طه: 44.

(719) سورة التوبة: 73، وسورة التحريم: 9.

(720) سورة القلم: 10.

(721) سورة الأعراف: 160.

(722) سورة النساء: 164.

(723) سورة النجم: 14.

(724) سورة النجم: 10.

(725) سورة الأعراف: 155.

(726) سورة الأعراف: 143.

(727) سورة النجم: 18.

(728) سورة الأعراف: 143.

(729) سورة النجم: 10.

(730) سورة يونس: 87.

(731) سورة الأنعام: 38.

(732) سورة المائدة: 83.

(733) سورة المائدة: 67.

(734) سورة الفتح: 28-29.

(735) سورة سبأ: 10.

(736) سورة آل عمران: 159.

(737) سورة ص: 19.

(738) سورة ص: 20.

(739) سورة ص: 26.

(740) سورة النجم: 2.

(741) سورة سبأ: 12.

(742) سورة النمل: 16.

(743) سورة الجن: 1.

(744) سورة الأحقاف: 29.

(745) سورة ص: 35.

(746) سورة الضحى: 5.

(747) سورة ص: 39.

(748) سورة الحشر: 7.

(749) سورة مريم: 12.

(750) سورة طه: 1 و2.

(751) سورة آل عمران: 49.

(752) آل عمران: 49.

(753) سورة آل عمران: 49.

(754) سورة آل عمران: 48.

(755) راجع الكافي: ج1 ص34 ح4.

(756) العقائد الإسلامية للإمام المؤلف رحمة الله عليه: ص133 ط دار الجميع للنشر 1380ه_.

(757) الكافي: ج1 ص248.

(758) سورة البقرة: 35.

(759) سورة الشعراء: 12.

(760) سورة

النمل: 10.

(761) سورة القصص: 33.

(762) اللمعة البيضاء: ص220.

(763) وسائل الشيعة: ج27 ص18ح33094.

(764) وسائل الشيعة ج27 ص68 ح33220.

(765) هذا النص ورد في تسع وثمانين آية من آيات القرآن الكريم.

(766) بحار الأنوار: ج43 ص331 ح1.

(767) دائرة المعارف الكبيرة الفرنسية: ج23 ص4176.

(768) التوحيد للصدوق: ص230 ح2.

(769) معاني الأخبار: ص3 ح1.

(770) سورة الإسراء: 16.

(771) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف(أعلى الله درجاته): ج15 ص29 ط مؤسسة الوفاء بيروت (1400ه_).

(772) تفسير الميزان: ج15 ص60 الطبعة الثانية (1392 ه_).

(773) الكافي: ج1 ص109 ح3.

(774) سورة الزمر: 42.

(775) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج24 ص16.

(776) سورة الكهف: 17.

(777) بحار الأنوار: ج58 ص43 ح19.

(778) سورة الأنعام: 165.

(779) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج8 ص54.

(780) نهج البلاغة: ص495، من كلام له عليه السلام برقم 147.

(781) سورة التوبة: 51.

(782) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج10 ص100.

(783) الكافي: ج1 ص149ح1.

(784) الكافي: ج1 ص151 ح4.

(785) الكافي: ج1 ص152 ح6.

(786) الكافي: ج1 ص147 ح6.

(787) سورة الذاريات: 47.

(788) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج27 ص16.

(789) تفسير من هدي القرآن للمدرسي: ج14 ص62 ط إيران فم (1409ه_).

(790) سورة يوسف: 4.

(791) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج12 ص112.

(792) تفسير القمي: ج1 ص339.

(793) سورة الأحزاب: 72.

(794) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج22 ص51.

(795) مستدرك الوسائل: ج14 ص7 ح15941.

(796) مستدرك الوسائل: ج14 ص6 ح15939.

(797) بحار الأنوار: ج24 ص351 ح69.

(798) سورة البقرة: 1 و2.

(799) سورة الإسراء: 88.

(800) بحار الأنوار: ج9 ص173 ح1.

(801) سورة الأعراف: 1.

(802) سورة يونس: 1، وسورة هود: 1، وسورة يوسف: 1، وسورة إبراهيم: 1، وسورة الحجر: 1.

(803)

سورة الرعد: 1.

(804) سورة آل عمران: 7.

(805) سورة الأعراف: 3.

(806) بحار الأنوار: ج9 ص209 ح79.

(807) سورة البقرة: 1، آل عمران: 1، العنكبوت: 1، الروم: 1، لقمان: 1، السجدة: 1.

(808) سورة الأعراف: 1.

(809) سورة: يونس: 1، هود: 1، يوسف: 1، إبراهيم: 1، الحجر: 1.

(810) سورة الرعد: 1.

(811) سورة مريم: 1.

(812) سورة طه: 1.

(813) سورة النمل: 1.

(814) سورة الشعراء: 1، وسورة القصص: 1.

(815) سورة يس: 1.

(816) سورة ص: 1.

(817) سورة غافر: 1، وسورة فصلت: 1، وسورة الشورى: 1، وسورة الزخرف: 1، وسورة الدخان: 1، وسورة الجاثية: 1، وسورة: الأحقاف: 1.

(818) سورة الشورى: 1 و2.

(819) سورة ق: 1.

(820) سورة القلم: 1.

(821) بحار الأنوار: ج89 ص373 ح1.

(822) سورة الرعد: 39.

(823) سورة طه: 51 و52.

(824) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج13 ص119.

(825) سورة القمر: 1.

(826) بحار الأنوار: ج58 ص7.

(827) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج27 ص61.

(828) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج27 ص65.

(829) بحار الأنوار: ج17 ص347.

(830) بحار الأنوار: ج17ص353.

(831) سورة المائدة: 47.

(832) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج6 ص97.

(833) تهذيب الأحكام: ج6 ص300 ح46.

(834) بحار الأنوار: ج39 ص308 ح124.

(835) سورة غافر: 11.

(836) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج24 ص48.

(837) سورة البقرة: 269.

(838) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف (أعلى الله مقامه): ج3 ص27.

(839) الكافي: ج2 ص421 ح2.

(840) الكافي: ج1 ص185 ح11.

(841) بحار الأنوار: ج1 ص215 ح25.

(842) بحار الأنوار: ج1 ص215 ح26.

(843) غوى بالفتح غيّاً وغَوِيَ: ضلّ.

(844) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف (أعلى الله درجاته): ج19 ص77.

(845) الكافي: ج1 ص47 ح4.

(846) مستدرك الوسائل: ج11 ص321 ح13887.

(847) سورة الشعراء: 224.

(848)

سورة الشعراء: 227.

(849) وسائل الشيعة: ج27 ص132 ح33404.

(850) مستدرك الوسائل: ج17 ص310 ح21436.

(851) سورة النحل: 93.

(852) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف(أعلى الله درجاته): ج14 ص142.

(853) سورة الضحى: 7.

(854) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج30 ص171.

(855) بحار الأنوار: ج16 ص137 و138.

(856) سورة البقرة: 31.

(857) سورة البقرة: 33.

(858) بحار الأنوار: ج11 ص148 ح21.

(859) بحار الأنوار: ج11 ص147 ح19.

(860) بحار الأنوار: ج11 ص147 ح18.

(861) بحار الأنوار: ج11 ص147 ح20.

(862) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف(أعلى الله درجاته): ج1 ص57.

(863) سورة يس: 39. العرجون: العذق الذي اعوجَّ.

(864) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف (أعلى الله درجاته): ج23 ص16.

(865) مستدرك الوسائل: ج7 ص440 ح8615.

(866) سورة طه: 55.

(867) بحار الأنوار: ج57 ص368 ح71.

(868) بحار الأنوار: ج57 ص337 ح13.

(869) بحار الأنوار: ج57 ص358 ح45.

(870) سورة المؤمنون: 14.

(871) بحار الأنوار: ج57 ص369 ح73.

(872) سورة آل عمران: 133.

(873) بحار الأنوار: ج8 ص84.

(874) بحار الأنوار: ج10 ص58 ح3.

(875) سورة الفتح: 10.

(876) سورة الفجر: 22.

(877) تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمؤلف رحمة الله عليه: ج30 ص138.

(878) العقائد الإسلامية للإمام المؤلف رحمة الله عليه: ص57 ط دار الجميع للنشر بيوت 1380ه_.

(879) الكافي: ج1 ص142.

(880) الكافي: ج1 ص125 ح2.

(881) سورة النساء: 59.

(882) وسائل الشيعة: ج27 ص76 ح33243.

(883) كمال الدين: ج1 ص222 ح8.

(884) بحار الأنوار: ج23 ص289 ح16.

(885) تفسير العياشي: ج1 ص14.

(886) بحار الأنوار: ج23 ص286 ح3.

(887) بحار الأنوار: ج23 ص292 ح26.

(888) بحار الأنوار: ج23 ص293 ح27.

(889) سورة البقرة: 24.

(890) سورة الحج: 73.

(891) سورة العنكبوت: 41.

(892) يقول تعالى: *مثلهم كمثل الذي استوقد نارا*. سورة البقرة: 17.

(893) يقول تعالى: *أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت

والله محيط بالكافرين*. سورة البقرة: 19.

(894) بحار الأنوار: ج9 ص177 ح5.

(895) لقد وفق الله سبحانه وتعالى سماحة الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه أن يؤلف أكثر من (1250) كتاباً وكراساً في العراق والكويت وايران. وكان رحمة الله عليه لا يتوان_ى عن تأليف الكتب والكتيبات والكراريس، تماماً كما يؤلف الموسوعات الضخمة مثل موسوعة (الفقه) التي بلغ عدد مجلداتها (160 مجلدا) وتجاوز عدد صفحاتها (70 ألف صفحة) في مختلف مواضيع الفقه الإسلامي بدءً من الإجتهاد والتقليد: (مجلد واحد)، والطهارة: (15 مجلداً)، والصلاة: (11 مجلداً)، والزكاة: (ثلاث مجلدات)، وغيرها من مسائل الفقه مما لا يتسع المجال لذكرها. أما كتبه وكراريسه رحمة الله عليه فإنها بالمئات وفي مختلف المواضيع التي تحاول أن تهدي الناس إلى سواء السبيل لبناء إنسان ومجتمع إسلامي حقيقي. فضلا عن وجود عدد كبير من مؤلفات السيد رحمة الله عليه مما لم يزل مخطوطاً أو تحت الطبع.

وقد صدر مؤخراً كتاب (الإمام الشيرازي نادرة التأليف في التاريخ) وهو عبارة عن فهرسة إجمالية لمؤلفات الإمام السيد الشيرازي رحمة الله عليه.

(896) سورة الممتحنة: 1.

(897) بحار الأنوار: ج21 ص95.

(898) سورة النساء: 43.

(899) مستدرك الوسائل: ج3 ص274 ح3565.

(900) الكافي: ج1 ص536 ح2.

(901) أعلام الورى: ص461.

(902) مستدرك الوسائل: ج11 ص38 ح12376.

(903) سورة البقرة: 285.

(904) تأويل الآيات: ص104.

(905) سورة الأنعام: 158.

(906) كمال الدين: ج1 ص30.

(907) وسائل الشيعة: ج27 ص172ح3524.

(908) مستدرك الوسائل: ج9 ص153 ح10530.

(909) وسائل الشيعة: ج16 ص94 ح21073.

(910) مستدرك الوسائل: ج12 ص150 ح13753.

(911) غرر الحكم ودرر الكلم: ص149 ح2714.

(912) غرر الحكم ودرر الكلم: ص57 ح566.

(913) مستدرك الوسائل: ج12 ص148 ح13748.

(914) مستدرك الوسائل: ج12 ص148 ح13748.

(915) وسائل الشيعة: ج16 ص94 ح21072.

(916) مستدرك الوسائل: ج12 ص148 ح13749.

(917) غرر الحكم ودرر

الكلم: ص236 ح4750.

(918) الكافي: ج2 ص234 ح13.

(919) مستدرك الوسائل: ج8 ص208 ح9266

(920) الكافي: ج2 ص234 ح14.

(921) الكافي: ج2 ص235 ح17.

(922) الكافي: ج2 ص232 ح6.

(923) الكافي: ج2 ص231 ح3.

(924) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص406 ح5879.

(925) وسائل الشيعة: ج15 ص193 ح20255.

(926) الكافي: ج2 ص240 ح31.

(927) الأمالي للصدوق: ص513 ح10.

(928) كشف اليقين: ص141.

(929) الطرائف: ج2 ص519.

(930) المناقب: ج2 ص239.

(931) بحار الأنوار: ج36 ص212 ح14.

(932) سورة الجاثية: 29.

(933) بحار الأنوار: ج54 ص372 ح18.

(934) سورة القلم: 1.

(935) بحار الأنوار: ج54 ص366 ح3.

(936) الكافي: ج6 ص240 ح11.

(937) الكافي: ج2 ص650 ح12.

(938) وسائل الشيعة: ج3 ص420 ح4043.

(939) الكافي: ج2 ص650 ح10.

(940) مستدرك الوسائل: ج2 ص562 ح2728.

(941) الكافي: ج7 ص51 ح7.

(942) سورة البقرة: 216 و246.

(943) سورة التوبة: 122.

(944) سورة التوبة: 41.

(945) مستدرك الوسائل: ج11 ص14 ح12297.

(946) مستدرك الوسائل: ج11 ص14 ح12298.

(947) وسائل الشيعة: ج15 ص28 ح19941.

(948) وسائل الشيعة: ج15 ص49 ح19962.

(949) الكافي: ج5 ص9 ح1.

(950) سورة الأنعام: 158.

(951) سورة التوبة: 5.

(952) سورة البقرة: 83.

(953) سورة التوبة: 29.

(954) سورة محمد: 4.

(955) سورة الحجرات: 9.

(956) الكافي: ج5 ص9 ح1.

(957) وسائل الشيعة: ج25 ص388 ح32194.

(958) وسائل الشيعة: ج25 ص388 ح32195.

(959) وسائل الشيعة: ج25 ص386 ح32190.

(960) وسائل الشيعة: ج25 ص387 ح32192.

(961) الكافي: ج3 ص441 ح1.

(962) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص377 ح5775.

(963) غيبة النعماني: ص248 ح3.

(964) الكافي: ج5 ص147 ح12.

(965) الكافي: ج5 ص124 ح1.

(966) تهذيب الأحكام: ج6 ص368 ح185.

(967) الكافي: ج5 ص124 ح4.

(968) وسائل الشيعة: ج18 ص118 ح23273.

(969) سورة النجم: 42.

(970) إرشاد القلوب: ج1 ص87.

(971) مستدرك الوسائل: ج17 ص142 ح20985.

(972) وسائل الشيعة: ج26 ص14 ح32381.

(973) الكافي: ج5 ص340 ح1.

(974) الكافي: ج4 ص46 ح1.

(975) الكافي: ج5 ص312 ح37.

(976) وسائل الشيعة: ج16 ص140 ح21184.

(977) مستدرك الوسائل:

ج11 ص376 ح13302.

(978) غرر الحكم ودرر الكلم: ص111 ح1981.

(979) سورة الأحزاب: 62.

(980) تهذيب الأحكام: ج2 ص237 ح7.

(981) الكافي: ج2 ص498 ح8.

(982) مستدرك الوسائل: ج7 ص502 ح8744.

(983) سورة الحج: 28.

(984) وسائل الشيعة: ج11 ص12 ح14119.

(985) سورة الأنعام: 124.

(986) سورة النحل: 112.

(987) الكافي: ج8 ص124 ح95.

(988) بحار الأنوار: ج47 ص166 ح6.

(989) علل الشرائع: ج2 ص496 ح2.

(990) راجع بحار الأنوار: ج30 ص471.

(991) المناقب: ج3 ص113.

(992) كن_ز الفوائد: ج2 ص12.

(993) الأمالي للصدوق: ص11 ح6.

(994) بحار الأنوار: ج40 ص42.

(995) سورة آل عمران: 28.

(996) وسائل الشيعة: ج16 ص210 ح21379.

(997) سورة القصص: 54.

(998) سورة الرعد: 22.

(999) الكافي: ج1 ص217 ح1.

(1000) الكافي: ج1 ص220 ح23.

(1001) الكافي: ج2 ص217 ح2.

(1002) الكافي: ج2 ص218 ح5.

(1003 ) مستدرك الوسائل: ج14 ص364 ح16965.

(1004 ) سورة النساء: 1.

(1005) بحار الأنوار: ج11 ص226 ح6.

(1006) غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ح1520.

(1007) غرر الحكم ودرر الكلم: ص52 ح372.

(1008) غرر الحكم ودرر الكلم: ص266 ح5749.

(1009) غرر الحكم ودرر الكلم: ص460 ح10540.

(1010) غرر الحكم ودرر الكلم: ص461 ح10552.

(1011) غرر الحكم ودرر الكلم: ص461 ح10554.

(1012) غرر الحكم ودرر الكلم: ص461 ح10560.

(1013) غرر الحكم ودرر الكلم: ص461 ح10563.

(1014) سورة المائدة: 90.

(1015) الكافي: ج5 ص122 ح2.

(1016) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص59 ح5094.

(1017) سورة العاديات: 1.

(1018) الأمالي للصدوق: ص407 ح913، وراجع تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص97، وراجع أيضاً كن_ز العمال: ج10 ص463 ح30121.

(1019) مستدرك الوسائل: ج11 ص127 ح12616.

(1020) الكافي: ج4 ص32 ح4.

(1021) وسائل الشيعة: ج5 ص119 ح6088.

(1022) وسائل الشيعة: ج5 ص120 ح6091.

(1023) الإستبصار: ج2 ص59 ح6.

(1024) وسائل الشيعة: ج25 ص346 ح32089.

(1025) الكافي: ج6 ص414 ح4.

(1026) الكافي: ج6 ص414 ح8.

(1027) وسائل الشيعة: ج25 ص345 ح32086.

(1028) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص341 ح4208.

(1029) تهذيب الأحكام: ج9 ص127

ح283.

(1030) سورة الحج: 30.

(1031) الكافي: ج6 ص431 ح1.

(1032) وسائل الشيعة: ج17 ص306 ح22605.

(1033) الكافي: ج6 ص434 ح19.

(1034) الكافي: ج6 ص434 ح23.

(1035) وسائل الشيعة: ج17 ص303 ح22594.

(1036) سورة النساء: 48.

(1037) مستدرك الوسائل: ج11 ص361 ح13264.

(1038) سورة المائدة: 72.

(1039) وسائل الشيعة: ج15 ص318 ح20629.

(1040) من لا يحضره الفقيه: ج3 ص574 ح4966.

(1041) تهذيب الأحكام: ج8 ص218 ح15.

(1042) الكافي: ج2 ص158 ح2.

(1043) سورة الأنفال: 29.

(1044) غرر الحكم ودرر الكلم: ص100 ح1719.

(1045) غرر الحكم ودرر الكلم: ص200 ح3975.

(1046) وسائل الشيعة: ج15 ص322 ح20634.

(1047) وسائل الشيعة: ج3 ص53 ح3006.

(1048) مستدرك الوسائل: ج2 ص332 ح2115.

(1049) الكافي: ج6 ص263 ح1.

(1050) تهذيب الأحكام: ج9 ص65 ح10.

(1051) الكافي: ج6 ص264 ح5.

(1052) مستدرك الوسائل: ج23 ص149 ح19431.

(1053) مستدرك الوسائل: ج16 ص150 ح19433.

(1054) سورة التكوير: 4.

(1055) بحار الأنوار: ج8 ص195 ح180.

(1056) مستدرك الوسائل: ج8 ص303 ح9504.

(1057) بحار الأنوار: ج7 ص90.

(1058) الكافي: ج3 ص66 ح3.

(1059) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص105 ح214.

(1060) وسائل الشيعة: ج3 ص387 ح3943.

(1061) الصراط المستقيم: ج2 ص258.

(1062) الصراط المستقيم: ج2 ص258.

(1063) الإرشاد: ج2 ص371.

(1064) بحار الأنوار: ج52 ص211 ح59.

(1065) الإرشاد: ج2 ص373.

(1066) الكافي: ج8 ص212 ح258.

(1067) الإرشاد: ج2 ص374.

(1068) كشف الغمة: ج2 ص460.

(1069) سورة العنكبوت: 2.

(1070) الإرشاد: ج2 ص375.

(1071) كشف الغمة: ج2 ص461.

(1072) الإرشاد: ج2 ص376.

(1073) إعلام الورى: ص458.

(1074) الإرشاد: ج2 ص377.

(1075) سورة البقرة: 155.

(1076) الإرشاد: ج2 ص377.

(1077) كشف الغمة: ج2 ص462.

(1078) سورة الشورى: 36.

(1079) وسائل الشيعة: ج12 ص39 ح15582.

(1080) مستدرك الوسائل: ج8 ص342 ح9611.

(1081) غرر الحكم ودرر الكلم: ص441 ح10052.

(1082) نهج البلاغة: ص500 ح161.

(1083) وسائل الشيعة: ج12 ص40 ح15588.

(1084) غرر الحكم ودرر الكلم: ص442 ح10080.

(1085) غرر الحكم ودرر الكلم: ص441 ح10048.

(1086) غرر الحكم ودرر الكلم: ص442 ح10063.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.